أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سماح هدايا - -حتّى لا تيبسُ عروقُ الكبرياء-















المزيد.....

-حتّى لا تيبسُ عروقُ الكبرياء-


سماح هدايا

الحوار المتمدن-العدد: 6892 - 2021 / 5 / 8 - 10:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يقتصر الموضوع على إعادة تأهيل نظامٍ ساقط. الانتخاباتُ الرئاسيّة في سوريا لأيار 2021 تجلٍّ من تجليّات الدّكتاتورية المتوحّشة، ودليلٌ بليغ على الفشل الأخلاقيّ والسّياسي العام. ليست جزئيّة من المشهد السّوري، بل حلقة من سلسلة مأساويّة هزليّة تشهد على تغوّل الاستبداد واستهزائه بعقول الناس واحتقاره لمصائرها. وهي صورة قاسية عن المهانة التي أصابت الكرامة الوطنيّة والإنسانيّة نتيجة غياب الدّيمقراطيّة، كحلٍّ وأسلوب للعمل السّياسي والاجتماعيّ والفكريّ يضمن الحقوق والمصالح ويحمي التّنوعات الثقافيّة، ويتصدّى للاستئثار بالسّلطة والتحكّم بالشأن العام.
إذا أراد شعبٌ أنْ يحيا وينجز مشروعاً وطنيّاً تحرّريّا ديمقراطيّاً؛ فعليه الاستناد إلى مباديء وطنيّة، نابعة من أغلبيّة مجتمعيّة ولأجل مصالحها وبما ينسجم مع ثقافتها الأخلاقيّة الإنسانيّة. معركة التّحرّر طريق الكرامة والسّيادة، لا تبتُّها الأهواءُ والأوهامُ العصبيّة، ولا تَتثبتُ باستقواءٍ عنصريّ فئويّ. أساسُ نجاحِ المشروع الوطنيّ هو المواطنون العقلاء الذين يتعاونون مع بعضهم ضمن الشّروط والمعايير التي يضعونها أو يقبلون بها.
ما يدورُ في سوريا من حرب الطّاغية وشبيحته وحلفائه، وسعي بعض قوى المعارضة المتطرّفة والانتهازيّة للتسلّط عسكريّاً أو ثقافيّاً، لا يجلب إلا ثقلاً جديداً من الدّمار والذّل والاحتقار. ولا منتصر فيه سوى حفنةٍ من ظالمين. قد يكون البطش السلّطويّ العسكريّ الأشد خطرا، لكنْ، هناك خطرٌ آخرٌ كبير، وربّما أعمق تأثيراً، لأنّه يؤسّس لاحتلال العقل، وهو خطر التّسلّط الثّقافيّ الفئويّ وعنفه ضد خيار الأغلبيّة الاجتماعيّة والثّقافيّة. خطره يكمن في سعيه لتصنيع شعب مدجّن مروّض على مزاجه وبأيديولوجيته ونظرته السّياسيّة وفرضها على نحو شموليّ وقهري إقصائيّ او تكفيريّ.
معركةُ السّوريين غايتُها تحرّرٌ إنسانيّ اجتماعيّ وطنيّ من الاستعمار و الطائفيّة والاستبداد والقهر والفساد والجهل. ليست معركةً ضدّ الإسلام والعروبة، أو ضد العلمانيّة كما يدور وينتشر سياسيّاً وإعلاميّاً. وحتى تنتصر لابدّ من جامعٍ ثقافيّ واجتماعيّ واع ومرن ومتعاون، لا بتغلّب جماعة صغيرة أو أقليّة على المجتمع وتستقوي عليه، ولا بأغلبيّة عدديّة صامتة وضعها الفكريّ والثّقافي مهترىء، تتحصّن بكونها المكوّن الأكبر والحامل الشرعي، ونمطُ تصوّراتها السّياسيّة للحقوق والعدالة المرتبط بمرجعياتها الدينيّة يحتاجُ تطويراً ومعاصرةً وحوارأ ثقافيّاً وإجماعاً من داخلها.

كيف تترسّخ فكرة وطنٍ واحدٍ بالأغلبيّة؟
بلوغ الغاية الوطنيّة من الحريّة والعدالة والكرامة، يبدأ من فكرة التّشاركيّة الوطنيّة في تنوّعها ونقدها التّطويري للأفكار والرّؤى بعقولٍ منيرةٍ تتجادل بمنطقٍ، وتعمل لبلورة هوية متكاملة تستند على أرضيّة قيمٍ وطنيّة مصيريّة واحدة.. الهجوم العنصريّ الحاصل على الهوية التّاريخيّة للسّوريين بشقيها العربي والإسلامي وعلى شرعيّة هذه الأغلبيّة، هو اعتداء تجاوز موضوع النّقد من أقليّات معتقديّة متعصّبة، ومن متطرفي اليسار والعلمانيّة ومتطرفي الإسلامويّة تدعمهم قوى ومؤسّسات سياسيّة وثقافيّة دوليّة معادية، وصار نهشاً في الهويّة الوطنيّة والثّقافيّة للأغلبيّة السوريّة وكسراً في كبريائها التّاريخيّ. وعملا لا ينسجم مع الضمير الجمعي الوطنيّ وذهنيّة الأغلبيّة الاجتماعيّة والثقافيّة.
لم تتمكّن الأغلبيّة الثّقافيّة الاجتماعيّة، من القيام بدورِها في التّغيير وهي أساسُه؛ لأنّها ليستْ على قلبٍ معرفيّ وقيمي واحد؛ لا تنتمي لتشكيلٍ سياسيٍّ واحد ولا لتشكيلٍ معتقديٍّ واحد، ولا لتشكيلٍ اجتماعيٍّ واحد. ولأنّ الحرب جمعّت ضدها، بدعمٍ دوليّ، كلّ النّخب العنصريّة لإقصائها وقهرها وفرض تشكيلاتٍ ثقافيّةٍ بديلة ضيّقة على مقاس الأقلّيات وأيديولوجياتها. لكنْ، لا يمكنُ إزاحة الأغلبيّة الثّقافيّة الاجتماعيّة فهي الجذر الاجتماعيّ لسوريا، وتستطيع أن تقوى وتتحرك سياسيّاً واجتماعيّاً بتطوير منظومتِها الثّقافيّة وتنظيم عملها السّياسيّ وتمتين الثّقة بالذّات والتّواصل والتّعاون مع المكونات الأخرى الوطنيّة. ومقابل ذلك لم تنجح الأقليّات ببناء فكرٍ أو إنجاز مشروعٍ وطنيٍّ، على الرغم من الدّعم الخارجيّ والإعلاميّ والثقافيّ الذي تتلقاه من الخارج، وما تثيره من ضجيجٍ إعلاميّ واجتماعيّ وفكريّ وفتنة.

إحرازُ النّجاح في المشروع الوطنيّ التّحرّريّ مرتبطٌ بجدارة الأكثريّة الاجتماعيّة وكفاءتها الفكريّة وحسن إدارتها وتنظيمها وتعاونها مع الأقليّات. المساواة هدف الدّيمقراطيّة، لكن، لا تكون المساواة واحترام التّعدّديّة والتّنوّع بسرقة حقوق الأكثريّة وحرمانها من القوّة وإقصائها وإلغاء مقولاتها المعقولة سياسيّاً لمجرد الاختلاف معها اعتقاديّاً، بل بربط الفهم الثّقافي بالمبادىء السّياسيّة للعدالة والحرية والحقوق والتّفاهم المتبادل بين الجماعات الثقافيّة المختلفة عبر فتح الفضاء الثّقافي للحوار والمشاركة النّقدية. لا يمكن التّخلص من نظام قمعيّ طائفيّ بنظام قمعيّ آخر ولا التخلّص من نظامٍ شموليّ قمعيّ بفرض جديد شمولي دينيّ أو علمانيّ أو قوميّ. الحل المعقول يكون بنظامٍ ديمقراطيّ عادلٍ وتشاورٍ للوصول الى أرضيّةٍ مشتركة كمجتمعٍ كامل.
مزاعمُ امتلاكِ الحقيقة بيد فئةٍ واحدةٍ من معتقد معيّن، لا يمكن فرضها سياسيّاً وفكريّاً على أكثريّة. المبادىء الأساسيّة هي جمعية وطويلة الأمد والفائدة ، وتعمل بعدلٍ وإنصافٍ مع الجميع ضمن الديمقراطية والحرية والمساواة، لا لمصلحة سيطرة عرقٍ أو مذهب أو شيعة، حتى لو تعارض أحيانا مع معتقد خاص وجزئيّ لا يمثّل إجماعاً.

معنىً موّحّد يعمل عليه السوريون
قد آن الآوان بعد تجربة عشر سنواتٍ من حدث الثورة واندلاع الحرب لانبثاقِ إرادةٍ جديدة تعمل بمعقوليّةٍ وعلمٍ ومنهجيّة نقديّة.
لا يمكنُ إنكار أهميّة ما عملت عليه بعض النّخب السياسية والثقافية من أقليّات وأغلبيّة، لكنها لم تستطيع أن تغادر اللحظات القديمة أو المعتقديّة، التي نما فيها فكرها ونخبويتها. وفشلت في مواكبة عصر جديد صعب يتطلّب فكرا وثقافة جديدين لاستقطاب الشعب العادي وتنويره ودعمه؛ لذلك وجب التّفكير بمخرجات جديدةٍ وقراءةٍ نقديةٍ للتّجربة السّورية التّاريخيّة سياسيّاً وثقافيّاً. فمسار العمل الوطنيّ للكرامة والحرية والحقوق، يتطلب عملاً طويلاً وصبراً و تأملاً نقدياً فردياً وجمعيّاً وجماعيّاً. التّوازن بين الأقليّات والأغلبيّة أمرٌ مصيريّ يتطلب الاعتراف بالآخر الأكبر والأصغر المتديّن وغير المتدين، العلمانيّ وغير العلماني، والاعتراف بحقوقه وعلى رأسها الثقافيّة من دون وصاية أو إقصاء مادام الجامع عدالة سياسية.

ولأنّ المجتمع السّوري في حربٍ، وتغييره مرتبطٌ بالتّغيير العالميّ وصراعاته وأزماته؛ فّإنّ الشّيء الواحد الممكن في وسط هذه الظروف هو أن يتحاورَ الجميع ويتشاورون ويتفاهمون بشأن المسائل المشتركة والقضايا السّياسيّة الأساسيّة المتعلقة بالعدالة والحرية والمساواة ويتعاونون كشركاء وطن ومصير، ويعملون بخطةٍ متكاملةٍ وتكامليّة لمجتمع بنظامٍ سياسيّ اجتماعيّ عادل بالرّجوع إلى القيم العامة الثّقافيّة والمعايير المتفق عليها. مجتمعات الحوار الوطنيّة الصّغيرة النشيطة ستكبر وتصبح جمهوراً واسعاً، لذلك يجب تفعيلها لتشكيل رأي عام متوازن يلبي مفاهيم دولة معاصرة ذات سيادة ونظام عدل وإنصاف.



#سماح_هدايا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للسوريين عبرة في مأساة فلسطسن
- سوريا التّضليل والتّقسيم
- ثورات معلقة
- المهجر..بين تحديات وخيارات
- هل يتأثر التعلّم وتحصيل المعرفة باستخدام اللغة؟
- بين دولة وثورة عقيدة
- لماذا انفجر الشعب السوري بهذا الشكل؟
- والشعب إذا حكى...
- فرائس وفخاخ وقناصّة
- صرخة ضد الهزيمة
- الحل السحري
- سوريا من قضة وطنية محقّة لقضية صراع دولي
- ثورة -سنوات الدم-..لا -شهر عسل-
- تحديات الذات في هيجان الثورات
- نظرة في الخطاب ما بعد الثورة
- آن للربيع السوري أن يزهر مشروعا
- مآل النهضة
- معركة حلب منعطف في مسير الحرب الدائرة في سوريا
- حرب ذات..بين غرب وعرب
- بين التّشوّه والاستقامة


المزيد.....




- فيضانات مدمرة تجتاح المنازل وتقتل العشرات في جنوب الصين
- -ظلال السافانا-..لقطات عجيبة للحياة البرية من قلب إفريقيا
- ??مباشر: غالانت في واشنطن ومخاوف متزايدة من صراع أوسع بين حز ...
- مصدر مصري: القاهرة تجدد شرطها بشأن إعادة تشغيل معبر رفح لدخو ...
- سودانيون يروون تفاصيل رحلة الهروب غير الشرعية إلى مصر
- مستشار ترامب السابق يدعو إلى تشديد العقوبات على روسيا دعما ل ...
- روسيا.. ابتكار -أنبوب هوائي- يحاكي ظروف الانفجارات والحرائق ...
- روسيا تختبر درونات -بيرون- المجهزة بصواريخ مضادة للدبابات (ف ...
- لأول مرة.. الحكومة ترد على أزمة قطع الأشجار وتوجه اتهاما
- ارتفاع قتلى هجمات القوقاز إلى 15 شرطيا و4 مدنيين بينهم كاهن ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سماح هدايا - -حتّى لا تيبسُ عروقُ الكبرياء-