أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين سليماني - كنا ثلاثة، اختار الموت أوّلنا














المزيد.....

كنا ثلاثة، اختار الموت أوّلنا


ياسين سليماني

الحوار المتمدن-العدد: 6888 - 2021 / 5 / 4 - 04:34
المحور: الادب والفن
    


للموت فلسفته الخاصة لا يمكن أن يعرفها أحد، قد يكون قريبا جدا منا، يأتي إلينا ونحن مجتمعين، يختار أحدنا ليرحل به إلى هناك، ويتركنا نحن منكوبين بالخبر.
كنا ثلاثة في المسرح، أنا وصديقي الحميم جيمي ورؤوف، عندما حان موعد العرض كان رؤوف يقف إلى جانبي فأشرت له بالمكان الذي أريد أن نجلس فيه فسبقني إليه ولحقني جيمي. جلس ثلاثتنا وكنت وسطهما. كان الموت واقفا يشير بأصبعه إلى أحدنا. شاهدنا العرض، كان مونودراما لطيفا.
قبلها بأيام كنت أشاهد مع جيمي ذاته عرض "لوحة الأحلام" وكان رؤوف ممثلا فيه، كانت المرة الأولى التي التقيه بعد آخر مرة كان فيها ضيفي في برنامجي الإذاعي "موعد مع الثقافة"، وكان آخر ضيف أستقبله بعد انشغالي بالتزامات أخرى، لنحو ساعة كنت أستعرض معه كل تجربته المسرحية وآماله، كان يحب المسرح. بعد العرض بيوم، وفي المسرح ذاته التقيته أمام مدخل قاعة العروض قال أنه كان يتصل بي ولكني لم أرد ففهم أني مشغول.
الموت كان وقتها يحك رأسه ويفكر فيمن سيختار.
هذا الفجر، بداية شهر ماي، وجدت جيمي ينشر خبر وفاة رؤوف، فاجأني الخبر، ثم أنهكني التعب بسبب السهر الطويل فأخذتني غفوة، وعندما نهضت تذكرت ما قرأته فشككت أن يكون مجرد حلم مزعج. عدت لصفحة جيمي فوجدت الخبر.
اتصلت بجيمي فأخبرني أن رؤوف كان في المسرح وزلّت قدمه فسقط في الدَرَج.
الموت لم يبق يحك رأسه، خطا خطوة جريئة، فَرَد سبابته واختار.
موت رؤوف ليس مفزعا فقط، إنه قاتل، رائحة الموت كانت بالقرب من أنوفنا لكن أنوفنا كانت مزكومة، لم يشمها أحدنا. أو قد تكون أعيننا مصابة بغشاوة ماـ الموت كان يوجه أصبعه إلى أحدنا، لكننا لم ننتبه.
قبل سنوات كتبت نصا مسرحيا عنوانه "أنا الملك أتيت" نُشر في سورية أول مرة ثم في الجزائر. قبل أيام كنت مع د محمد شرقي ود. خير حمر العين في لقاء علمي بقسم الفنون فجاء على سيرة "أنا الملك أتيت". ابتسمت لأنه تذكر نصا لي مضى عليه عشر سنوات ونشرت وترجمت بعده عدة نصوص وأخرجت عدة كتب.
كانت "أنا الملك أتيت" محاولة للشفاء من التاناتوفوبيا، لسنوات كان الموت يفزعني، شفيت منه بالكتابة عنه، تقول إحدى شخصيات المسرحية "الموت أطرش لا يسمع صوت المحبة ومن أراد راحة القلب عليه أن ينزع سهمة اللوعة والتفجع" (كتبت جزءا من المقولة من ذاكرتي واحتجت للعودة إلى الكتاب حتى أستعيد البقية)
هل نحن نكتب حتى نُعافر الموت؟
واقعيا أنا أفعل هذا. أيا كان الموت الذي يفهمه البعض رمزيا أو ماديا.
قبل أسبوعين توفيت جدتي، كنت أحبها، أحبها حقا، لكني لم ألتقها منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات، وفي كل مرة كانت والدتي تزورها كانت تطلب منها أن تدعوني لزيارتها قبل أن تموت. فكرت في أن أزورها مع أول أيام رمضان، قبله بيوم واحد أستيقظتُ فوجدت عدة اتصالات من أخي ورسالة قصيرة منه تقول أنها توفيت!!
الغريب أن عينيّ ظلتا جافتين، تكابران، تمنيت أن ينزل بعض الدمع، لكن لا شيء. شيء حاد مثل السكين يخزّ القلب، يحرّك الجرح لكنّ العينين تائهتان جامدتان.
وكما لم أحضر جنازة الجدة، لا أحضر جنازات غيرها. أكره حضور مجالس العزاء، وعندما اضطررت إليها في سنوات سابقة كنت أصل فلا أبقى لأكثر من دقيقتين، أعزّي وأغادر.
أفكّر في أصبع الموت، إلى من سيتجه بعد رؤوف؟
أفكّر وأشعر بالخضّة.
أظنني لم أُشف حقا من التاناتوفوبيا.
أظنني يجب أن أكتب نصا آخر!!



#ياسين_سليماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمنهم الجميل هل كان جميلا حقا؟
- الميديا وورقة التوت والمثقف البائس
- أمي...أنت حيوانة؟!
- محطات تلفزيونية أم دكاكين خردة؟ مقال في تعذّر صناعة دراما جز ...
- عيد ميلاد جديد: غابت الطرطة بسبب السيد كورونا
- جهالات عبد العزيز كحيل
- واحد -عيد- ناقص -ذبح- من فضلك
- إنه الفن يا كلاب الجحيم
- كاريكاتورية لافتات -أنا محمد-
- انتبهوا...أنهم يسرقون الله
- كلاب الله


المزيد.....




- طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا ...
- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
- قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا ...
- مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق 
- نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني ...
- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين سليماني - كنا ثلاثة، اختار الموت أوّلنا