علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا
(Ali M.alyousif)
الحوار المتمدن-العدد: 6887 - 2021 / 5 / 3 - 09:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الزمان الفيزيائي
الزمان بالمنظور الفلسفي المجرد من الإدراك ماهويا يقاس بدلالة مقدار حركة موجوداته يمكننا تّمثله بمنحيين جوهريين :
- زمان أرضي كتحقيب وتوقيت زماني معا يشمل الماضي كتاريخ ناجز والحاضر والمستقبل كتحقيبين تصنيعيين بإرادة ذاتية تدرك زمن موجودات الطبيعة فيه بدلالة حركة الاجسام داخله.
- الزمان كمطلق كوني لامتناهي أزلي لا يمكن إدراك لامتناهيه بمحدودية مستحيلة على الصعيد الفلسفي خارج مدركات العقل له, وتبقى نسبية ومطلق الزمان الكوني من إختصاص قوانين علوم الفيزياء خارج الفهم الفلسفي المجرد.
حين نقول الزمان تحقيبا على صعيد موجودات الطبيعة وحركة كوكب الارض حول نفسها وحول الشمس, هنا يتحول مفهوم الزمان من مطلق لانهائي أزلي غير محدود لا بالصفات المجردة ولا بالجوهر الماهوي له الى تحقيب زمني أرضي ندركه بدلالة الموجودات التي يحتويها, فالزمان الارضي يدرك بدلالة ملازمته إدراكنا المكان ثابتا ومتحركا أوضمن حالة من سيرورة انتقالية دائمة في حركة الاشياء.
الزمان الارضي المنقسم إفتراضيا الى ماض وحاضر ومستقبل يكون على مستوى تحقيب زماني لتاريخ يدرك بمحدودية وقائعه, ويكون الزمان الارضي توقيتا تتوزعه الثانية فالدقيقة والساعة واليوم والاسبوع والشهر والسنة وصولا الى الفصول الاربعة, فهذه القطوعات الزمنية الافتراضية الوهمية من حيث أن الزمن واحد لا يمكن تجزئته فهو وحدة واحدة من المجانسة الماهوية التي يتصف بها الزمن ولا يدركها الانسان كتجريد منفصل عن المكان., وهذه القطوعات الزمنية نعرفها بدلالة قوانين الفيزياء التي تنّظم حركة الارض حول نفسها وحول الشمس, وعلاقة تلك الحركة بحركة الجاذبية الارضية والجاذبية الكوكبية الكونية حول مركز الشمس والجاذبية المتعالقة بين الكواكب في السديم الكوني.
ونلاحظ هذه العلاقة ازدواجية الزمن تحقيبا وتوقيتا ارضيا من جهة وكونيا من جهة اخرى يمكننا بها تفريق الزمان أن يكون تحقيبا لتاريخ ندركه بدلالة وقائعه الثابتة في الماضي ليصبح توقيتا لزمان دائب الحركة التغييرية حاضرا ومستقبلا.
الماضي زمان نسبي بدلالة تغيرات الحاضر وتصنيع المستقبل لنفسه ذاتيا على حساب معطيات الحاضر المتحركة المتغيرة على الدوام. ونسبي ايضا لأننا ما زلنا لا نستطيع الجزم القاطع أننا أصبحنا نعرف كل شيء عن الماضي لسببين الاول لم يعد كل شيء يخص الماضي دراسة علمية تاريخية متاحا امام المؤرخين في اكتشافاتهم الاركيولوجية الاثارية وفي اللقى والعثور على بعض الكتابات التدوينية كافية توصلهم لحقائق يقينية موثوقة عن الماضي كزمن تاريخي.
والسبب الثاني انه في محاولتنا إستذكار الماضي كتحقيب وقائعي تاريخي تكون الذاكرة قد نالت منها آفة النسيان كثيرا من جهة, وتداخل الاستذكار مع منتج المخيلة الخيال الذي لا يعتد الاخذ به كونه امتلاء من الاساطير والخرافات وحكايات السحر والاكاذيب وهكذا.
برجسون والزمان الفلسفي
برجسون وعلى لسان باشلار يعتمد ربط الزمان بإعتباره قرينة نفسية معرفية يحدّها سلوك عاطفي وجداني وإنفعالي يحتويه الشعور واللاشعور على السواء حسب المفهوم الكلاسيكي لعلم النفس الفرويدي. والنفس بفلسفة برجسون ليست هي النفس التي أشرنا قبل اسطرالى صفاتها بضوء قوانين الفيزياء ومفهوم علم النفس الحديث. الذي يشتمل إدراكها إفصاحا سلوكيا خاصا بالانسان وحده كنوع يمارس سلوكه المنفرد في الحياة ضمن محددات قوانين مجتمعية.
تجريد النفس من خواصها الفيزيائية الواقعية كسلوك متعدد التمظهرات الحياتية, ومن الغرائز المنسوبة لها والاحاسيس الداخلية المعبّرة عنها, يعمد برجسون إخراجها من هذا الحّيز المعرفي الكلاسيكي, ليجعل منها ظاهرة زمانية لا علاقة لها بسلوك يحتويه مجتمع, ولا علاقة لها بتوكيد إثبات ذاتي في إدراك موجودات الطبيعة ودلالات الزمن المطلق في قوانين فيزيائية بعضها من إختراع الانسان إعتمادا على القوانين الطبيعية الفيزيائية التي تحكم الفضاء الكوني من ضمنه الطبيعة.
باشلار في تماهيه مع برجسون يجد " في علم النفس البرجسوني – حسب تعبيره - يفسح الزمان الممتليء, العميق, المتواصل, الغني, ليكون (مكانا) للجوهر الروحي, وفي كل الظروف لا تستطيع النفس الانفصال عن الزمان " 1
يلاحظ في العبارات السابقة إنتقالات اللغة في تحولات بلا معنى متماسك , إن النفس بفعل ملازمتها الزمان المطلق الذي هو في حقيقته (الجوهر) الازلي اللامتناهي غير المدرك, والذي يعتبره برجسون (الروح) ليس بدلالة ميتافيزيقية ,بل هو الروحي حين يتحول من زمان نفسي الى موجود مكاني مدرك وجودا حسب تعبير برجسون.
في هذا المعنى الإعتسافي يصبح أمامنا تحصيل حاصل تجريد النفس المزامن غير المفارق لتجريد الزمان عن النفس المشترك المتعاشق معها إدراكيا, لتكون النفس جوهرا روحيا متعاليا (لمكان) إدراكي نفسي مصدر كل الصفات الخيرية الايجابية في الإفصاح عن نفسها سلوكيا.
ثمة عدة تساؤلات تبقى عالقة لا نجد لها تفسيرا بضوء هذه الترابطات الإعتسافية والإنتقالات من معنى الى تفسير لاحق له بلا معنى ندرج بعضها:
- كيف يتحوّل الزمان النفسي الى روح مدرك (مكانا) حسب تعبير برجسون؟, في حين كل الدلائل الموثوقة تثبت أن النفس والروح ليستا لفظتين تعبران عن معنى دلالي واحد لا فرق بينهما في الاستعمال السردي المنطقي الفلسفي.
وكلاهما النفس والروح جوهران تجريديان لاماديان يختلفان في الافصاح التعبيري عن مكنوناتهما في مفارقة إنفرادية أحداهما عن الآخرفي العديد من الإختلافات أبسطها النفس منتج نفسي- عقلي والروح مفهوم ميتافيزيقي لا تدرك ملامحه ولا ماهيته ولا جوهره ولا صفاته. الروح مفهوم ميتافيزيقي وليس مصطلحا متفقا عليه.
- الروحي الذي يقصده برجسون هوالزمان النفسي الذي يتعالى على كل مدرك سلوكي مادي أو لا مادي . برجسون يعتبر الروحي هو مدرك الزمان النفسي مكانا. وليس الروحي هو اللازماني الذي يخرق قوانين الطبيعة ويعلو إدراك العقل في ماهيته الميتافيزيقية بأزليته ولاتناهيه غير المحدود غير المدرك.
- بريجسون يعتبر على لسان باشلار النفس تملك زمانها, ولا ضير في ذلك فكل شيء في الوجود يطاله الزمن بالدلالة عليه أدركناه أم لم ندركه, وتكون هذه النفس ممتلئة بكل ما هو إيجابي متفائل بالحياة, والنفس ليست وعاءا إحتوائيا فارغا. والزمان القرين الملازم للنفس بلا إنفكاك عنها هي مملوكة للزمان غير مالكة هي له حسب برجسون. وهذه الملكية الزمانية للنفس ليس تلبية لوعي نزوعي إدراكي في توكيد الذات نفسيا. بل النفس ترتبط بوعي روحي زماني يربط الماضي بالحاضر والمستقبل زمكانيا.
- هذا الربط البرجسوني الفلسفي بين النفس ومالكها المهيمن عليها الزمان, هو مبعث ذكريات الماضي أن تكون حضورا في حاضر زمني يتمّثلها نفسيا, مملوءة بكل ما هو سعيد يغني عن أهمية أن يعيش الانسان الحياة بكل صعوباتها ومنغصّاتها. وهذا تعبير برجسوني على لسان باشلار في مطابقة فلسفية وجدانية لا تبتعد كثيرا عن تأثير جمالية المكان على الروح والنفس.
- في حال إضطرارنا الإستمرار بمناقشة أفكار برجسون الباشلارية الخالية من كل معنى هادف فلسفيا حتى لو كان على مستوى تعبير اللغة, لكان الى جانبنا ما يسوّغ لنا دخول المناقشة العقيمة هذه بالتالي:
- على صعيد النفس كمصدر لتخيّلات الذاكرة أو بالعكس كمخزون الذاكرة يحدد إفصاحات النفس عن كوامنها, يمكننا تمرير أن مخيلة النفس في إستقدامها الماضي ليكون حضوريا في آنية زمانية هي الحاضر لا غبار عليه شرط أن لا يقتصر فهم الماضي حضوريا هو اولا واخيرا مبعث ذكريات نفسية لا قيمة لها كتحقيب تاريخي زماني يتجاوز إستثارة نزعات النفس العاطفية والسايكولوجية الفردية المتلاشيّة. الماضي وقائع تاريخية لا تكون جميعها مصدر إغناء الذاكرة والمخيلة بالذكريات الجميلة التي ترغبها النفس.فالماضي كتاريخ زماني وقائعي مثقل بما لا يستطيع حمله من أحزان وآلام ومآسي وحروب وفقر ومجاعات وأوبئة الخ.
- والحقيقة الاخرى التي لا يستطيع برجسون عبورها والقفز من فوقها, هي أن الماضي تحقيب زماني ثابت محكوم بثبات وقائعه التاريخية. والحاضر زمان يدرك حضوره بدلالة إستذكاره الماضي من جهة وتصنيعه المستقبل كسيرورة تاريخية من جهة أخرى مقابلة للماضي.
فكيف يتسنى للزمان النفسي الإلمام التحكمّي بكل هذه المستويات الزمانية وما تحتويه من موضوعات ووقائع وتغيرات وسيرورة وتوقعات وعلاقات وهكذا ما لا حدود له.؟ ملازمة النفس للزمان لا يمنح النفس الإمكانية الإحتوائية للزمان كمطلق لا متناهي بذريعة الزمان يحتويها ولا تحتوي هي الزمان ولا تنوب عنه.
الطاقة النفسية في الإدراك الاستذكاري للزمن الماضي محدودة بالنسبة لمطلق الزمان. وحين يربط برجسون ملكية النفس للزمان ليس معنى هذا إمتلكت النفس الطاقة اللامحدودة للزمان وذابت وتلاشت الفروقات بينهما. الزمن فضاء إحتوائي مطلق أزلي والنفس جوهر محتواة محدودة يطالها التغيير والتبديل وحتى التلاشي والإضمحلال كمحتوى للعواطف والانفعالات والاحساسات .
- ولو نحن أجرينا مقارنة بين الماضي كزمن تحقيبي تاريخي مع الحاضر الذي هو تمّوجات من الحركة الدائبة التغييرالمستمر وعدم الإستقرار نتيجة ملاحقة ما يطرأ على الحاضر من مستجّدات يحاول الزمن المستقبلي دوما تجييرها لحسابه لا للحاضر ولا للماضي. الزمان المستقبلي تصنيع مصدره تداخل الماضي بالحاضر.
حينها لا يمكننا أن نجيز للنفس إمتلاكها التحكم بالزمن بالإستذكارت لا ماضيا ولا حاضرا ولا مستقبلا. ونعود الى حقيقة أن الزمن جوهر يمتلك كل شيئ ولا يملكه شيء أبدا. حتى الانسان جوهر مملوك للزمن ولا يقدر هو إمتلاكه الزمن أو السيطرة عليه.
باشلار وجوهر النفس
في تقصّي باشلار خطى برجسون حول الزمن النفسي العابر للسايكولوجيا يرى " الفلسفة النفسية لم تعد سوى فلسفة زمنية, ولم يعد التواصل هو تواصل الجوهر المفكر سوى تواصل الجوهر الزماني, إن الزمان حي والحياة زمانية, ولم يحدث هذا أبدا قبل برجسون أن تم وضع التعادل بين الوجود والصيرورة على هذا النحو " 2
هل هذا الفتح التمجيدي لبرجسون يستحق مثل هذا الإطراء من باشلار الذي ليس في مكانه من الناحية الفكرية الفلسفية وليس من ناحية فيلسوف ينفخ في قربة فيلسوف آخر مثقوبة. عن آراء فكرية تحمل كل معوقات الإدانة في دحضها؟
لو نحن عدنا لما كنا أشرنا له سابقا في إعتبارنا حقيقة الزمان جوهرا كليّا مطلقا لا متناهيا متحررا من ملازمته النفس التي هي جوهر فيزيائي تدرك تمظهراتها الإفصاحية النفسية المرتبطة إرتباطا وثيقا مع الوعي القصدي السلوكي تحت رقابة العقل, وترتبط بسايكلوجيا الشعور واللاشعور سواء في التعامل السلوكي خارجيا في جدلية تبادلية مع العالم الخارجي أو داخل جسم الانسان في الاستجابة تلبية رغائب الاحاسيس التي تستشعرها النفس داخليا وتنقلها للدماغ في وجوب الايعازات الاجرائية في إشباعها.
بهذه الوظيفة البايولوجية للنفس التي هي تملك تجريد زماني وتملك تجريد إدراكي وتملك ايضا تجريد تعبيري عن كل ما يعزز وجودها على صعيدي الواقع خارج جسم الانسان كسلوك وعلى صعيد الواقع الاستبطاني داخليا في تلبية إشباع غرائز الجسم.
النفس كوجود مادي وليس كتجريد نفسي خارج محدودية السلوك الواقعي المترتب وظيفيا على النفس بإعتبارها وعيا قصديا ماهيته الجوهرية هو السلوك ضمن مجتمع, ومخرجات النفس السلوكية والأخلاقية والعاطفية هي تداعيات من شعور يمتلك وعيه القصدي ممتزجا مع لاشعور لا يحدّه منطق فلسفي تجريدي إلا من خلال التعبير عن نفسه سلوكيا أو تفكيرا خياليا, والنفس ليست سايكولوجيا تدرك إفصاحاتها عقليا قبل ترجمة ما تملكه في تعاملها مع الواقع. هذا التحقق الاصيل لجوهر النفس هو زمان فلسفي نفسي خارج معاملة الزمان بمنطق رياضي صارم يماليء منطق التفلسف في طواعية على حساب سيولة مخرجات النفس السلوكية قاطبة.
برجسون والعدم
" يرى باشلار أن فكرة العدم هي في نهاية المطاف أغنى من فكرة الوجود للسبب التالي – والكلام لباشلار - هو أن فكرة العدم لا تتدخل ولا تتبلور إلا بزيادة وظيفة إضافية للإعدام على شتى الوظائف التي نطرح الوجود بواسطته ونصنّفه ."3
ويضيف ايضا " وفكرة العدم البرجسوني تعتبر وظيفيا أغنى من فكرة الوجود.". في تعريف سابق لي منشور عن العدم أن العدم لا يتقدمه وجود ولا يعقبه وجود ولا يتوسط موجودين لا بالفراغ ولا بالامتلاء, بل هو عملية إفناء يلازم كل موجود في الوجود. عليه برأيي الشخصي كلمات باشلار لا تمتلك حجّة الإقناع الفلسفي خاصّة إعتباره العدم أغنى من الوجود قيمة وظيفية ولا نعرف ماهيّة هذه الوظيفة خارج حقيقة العدم أنه لاشيء...
العدم بإجماع فلسفي هو ليس جوهرا مدركا لا ممتلئا ولا فارغا, العدم هو مطلق بلا محدودية ولا تعريف أنه اللاشيء. ولا يحدّه إدراك زمكاني, فكيف يرغب باشلار على لسان بريجسون تحميل العدم بما لا يستطيع الوجود حمله من إمتلاء غني؟ كيف يصبح العدم حمولة مكتنزة موجودية وظائفية هي في نهاية المطاف عند برجسون وباشلار هي أكثر بقاءا وغنى بالقياس لحمولة أي موجود مادي عياني؟ الوجود هو ما نعيشه وليس ما نتخيله, والوجود يكتنز بموجوداته المحتواة فيه ماديا وهو ما لا يتوفر للعدم أن يكون أكثر حمولة موجودية في التعبير عن الحياة بمصادرة حقيقة الوجود الجوهرية.
كل تصور فلسفي يعتبر العدم (فراغا) قابلا للاحتواء فيه يمكن إدراكه بحمولة امتلاءاته هو كلام فارغ لا معنى له بل وسذاجة فلسفية. فالعدم ليس فراغا وجوديا قابلا لتحديده أنطولوجيا ليكون مستودعا خزنيا لإمتلاءات موجودية مادية وخيالية, وليس عدما يركب ظهر كل موجود ويحكمه بحتمية الموت والفناء.
العدم هو اللاشيء الذي يمكننا إدراك نتائجه الإفنائية للاحياء فقط, ونعجز عن إدراكه لا ماديا ولا تجريدا ولا نفسيا, ولا يتّخلق عن العدم وجود محدود ولا وجود مطلق.العدم ليس وجودا بل هو فائض وجود سلبي طاريء على كل موجود حي لوصول حتمية إفنائه.العدم دلالة عن وجود وهمي غير موجود لا في الحياة ولا في مطلق الكون.
واذا ما كان العدم حسب برجسون أو باشلار لا فرق بينهما (جوهرا) ممتلئا بأكثر مما يحتويه الوجود, فبأي منطق فلسفي يتاح لنا تصويب هذا الإدعاء؟ وإذا ما كان العدم جوهرا ممتلئا بأكثر من حمولة الوجود, فأين نضع فذلكة هيدجر متسائلا حين وضع العربة أمام الحصان قوله : لماذا كان الوجود ولم يكن العدم؟ بهذا التساؤل الهيدجري يلمّح الالتقاء بنفس الفهم الذي عبّر عنه باشلار من بعده. لماذا كان الوجود ولم يكن العدم ؟ تساؤل هيدجر هذا هو هروب الى أمام من مواجهة الاجابة وتوضيحه على شكل تساؤل مراوغ لا يعرف خلاص عدم قدرة الاجابة عنه. هذا الافتراض غير المنطقي الذي يقاطع منهج الفلسفة قبل حقيقة رفض العقل التفتيش عن إجابة مقنعة لفرضية إفتعالية لا معنى لها.
لنتخيّل هذه الفرضية التي بلا معنى التي أثارها فاتح الفتوحات الفلسفية هيدجر أن العدم يحضر بدلا من الوجود فبأي معنى يكون وجود الطبيعة والانسان في جميع تعالقاتهما بالحياة؟
أنا ليس عجبي طرح عبارة ساذجة صادرة عن فيلسوف لخبط كثيرا بالفلسفة في كتابه (الكينونة والعدم) في محاولته مزاحمة كتاب سارتر (الوجود والعدم). وتلقى هيدجر الاجلال والتبجيل العربي وغير العربي الأحمق في كتابة الاطاريح الجامعية في تحميل الكتاب ماليس به من فوضى مصطلحية وفوضى مفاهيمية, بل ما أعجب له هو معاملة هذه السخافات الهيدجرية عندنا عربيا على طريقة ملابس الامبراطور الجديدة ولم نسمع طفلا يصرخ ببراءة وسط حمقى لا يسمعون أن الامبراطور عاريا. أليس من السذاجة تمرير أن العدم إمتلاء أكثر مما يمتليء به الوجود, وكأنما حالنا يوجب علينا الاهتمام إحصاء عدد قتلانا بمعركة طاحنة ونتبّرك بعدد الناجين القلائل السالمين من الموت.
نكمل مع الحاصل على جائزة نوبل الفيلسوف برجسون عن الجوهر هذه المرة قائلا :" الجوهر المنظور اليه بوصفه جملة إمكانات يعتبر غير قابل للنفاد, فالممكن لا يفشل أبدا من حيث هو ممكن لأنه يظل ممكنا, والمرجّح بصرف النظر عن النكسات أو النجاحات, فإن المرجّح الموزون جيدا من حيث هو مرجّح إنما يحتفظ دائما بقيمته الصحيحة " ص 18
اذا كان المقصود بهذه الاجترارات في تقيوءاتها الهضمية المعبّر عنها بتهويمات لغوية لا يلجمها عائق عن الهذيان ويوقفها, فمتى وكيف يمكننا الجزم أن الجوهر بوصفه جملة إمكانات غير قابل للنفاد, وكيف لنا إثبات الجوهر يمتلك طاقة لا محدودة لا تنفد, فهل المقصود بالجوهر هو كل عصّي على التصّور الإدراكي منه سواء ماكان ماديا أو كان تصورّيا خياليا تجريديا؟ ومتى كانت النفس أو العدم أو أي مصطلح فلسفي غيرهما يخص الانسان والطبيعة يقاس بمعيارية الجوهر الذي لا يدركه العقل؟ كما ولا تدركه النفس ايضا. الجوهر كمحتوى وجودي إفتراضي في الاشباء لم تتم البرهنة على وجوده إدراكيا, كذلك الجوهر ميتافيزيقا بدلالتها نفهم الوجود لم تثبت هي الاخرى صحتها فعن أي جوهر يتحدثون؟
متى كان الجوهر يسبق الوجود الإدراكي لكينونة الموجود ويملأ الفراغات؟ ومتى كان الجوهر هو ماليء الفراغات في الوجود ؟الجوهر يكون أو لا يكون وفي كل الافتراضين هو مقولة لم يتحقق توضيح ما هو المعني بها تحديدا كمصطلح ولا كمفهوم..
الجوهر يستبق الوجود الطبيعي والكوني معا حينما يكون جوهرا ازليا يمتلكه الله وحده كما ذهب له اسبينوزا معتبرا الوجود يعرف بدلالة الجوهر وليس العكس أن نعرف الجوهر بدلالة الوجود ونفتش عنه إبرة ضائعة وسط جبل من القش..
على صعيد الانسان والطبيعة, فالانسان وحده يمتلك جوهرا إستثنائيا كنوع عن جميع موجودات الطبيعة, وجوهر الانسان لا يسبق موجوديته الانطولوجية. الجوهر الذي يسبق الوجود كما في مذهب وحدة الوجود لدى اسبينوزا, هو جوهر إلهي إيماني غير موزّع جوهره ولا صفاته على موجودات الطبيعة كما يردد بعض أصحاب مذهب وحدة الوجود.
كل موجود بالطبيعة يحمل جوهرا دلاليا عن وجود الله. عندما نقول الله لا يوزع بعضا من صفاته ولا بعضا من ماهيته أو جوهره على موجودات الطبيعة للبرهنة الاستدلالية على وجوده الايماني, فهو لسبب نعقله لا يحتاج البرهنة على خطئه.
من حيث أن الجوهر الإلهي الازلي لا يجانس ماهويا الجواهر المادية التي يمكن للعقل الانساني إدراكها في حال التاكد من وجودها وراء صفات الموجودات في الطبيعة. حسب إعتقادي لا يوجد كائن من مخلوقات ومكوّنات الطبيعة يمتلك جوهرا هو غير صفاته الخارجية ما عدا الانسان الذي يمتلك قابلية تصنيع جوهره الخاص ولا صفاته الخارجية هي تعبير عن جوهره تمتلكه داخلها.
الانسان يمتلك جوهرا وصفات بخلاف كل موجودات الطبيعة من حيوان ونبات وجماد لا يمتلكون غير الصفات الخارجية التي يدركها الانسان. والشيء الذي سبق لي ذكره في غير هذا المقال أن اسبينوزا إعتبر إدراك الوجود بموجوداته لا يسبق الجوهر الأزلي الذي بدلالته غير الحسّية الإدراكية نعرف الوجود بحمولته من الموجودات.
لا يوجد على مستوى الطبيعة والكون والخالق سوى جوهران أحدهما يمتلكه الخالق وحده ولا يشاركه به أي موجود لا في الطبيعة ولا في غيرها والثاني يمتلكه الانسان فقط دون جميع كائنات الطبيعة من الاحياء كونه جوهرا يصنعه الانسان ذاتيا لنفسه وهو غير مدرك للعقل من غيره لأنه جوهر فردي إختلافي مصنوع على مستوى النوع.
الطبيعة في وجودها المستقل إنما يتم إدراكها بدلالة جوهر ألهي أزلي لا يدرك هذا الجوهر في موجوداته ولكن موجودات الطبيعة والانسان تدرك بدلالته.. وهذا حين يكون الجوهر مطلقا خالقا لموجوداته وبدلالة جوهره تعرف تلك الموجودات وهذا منهج منطقي ميتافيزيقي صرف في ازلية الجوهر إعتمده كما ذكرنا اسبينوزا في مذهب وحدة الوجود...
عجز الانسان إدراك بعضا من الجوهر الالهي موزعا موجوديا في الطبيعة أو مختزنا نورانيا يقف على حافة إدراكه المتصوف يعتبر معجزة دينية قائمة بذاتها, لأن إدراك جزءا من جوهر إلهي في الطبيعة يقود الى إدراك ميزات جوهرية وصفات توصل لماهية وجود الخالق وإتاحة امكانية إدراكه بكماله الالهي وهو محال.
ما هو الجوهرالفلسفي؟
الجوهر هو الماهيّة التي تجعل من الموجود كينونة مدركة بكمالها, الكينونة موجود بلا ماهية تطال كائنات الطبيعة ما عدا الانسان. كل مدرك وجودي مادي وغير مادي ندركه من حولنا بصفاته الخارجية فقط وتبقى مسألة الجوهر فرضية لم يستطع أحدا البرهان عليها.
لا بد لنا الاجابة عن تساؤل مشروع هو لماذا يمتلك الانسان جوهرا هي غير صفاته الخارجية؟ جواب هذا التساؤل كان سبقنا به سارتر معتبرا الجوهر ليس معطى جاهزا يرثه الانسان بالفطرة الولادية, ويحتجب خلف الصفات الخارجية للانسان, بل الجوهر هو عملية تصنيع ذاتي غائي يقوم على تراكمات من التجارب والخبرات المكتسبة من الحياة والمحيط التي تختلف من شخص لآخر, فلا يوجد شخصان يمتلكان جوهرين متشابهين حتى لو كانا توأم بالولادة الفكرية يمتلكان نفس الملامح الخارجية لكنما كل واحد منهما يصنع ماهيته الشخصية به..
وجوهر أي فرد هو جوهر لا يدركه ولا يعيه شخصا آخر غير صاحبه. لذا ما ندركه بالانسان (كينونة) موجودية هي صفاته الخارجية ودواخله النفسية التي إتخذت حالة السلوك الفردي أو المجتمعي. وما عدا ذلك يدخل ضمن جوهر الانسان المتفرّد به وحده. مثل إمتلاك الضمير, حب نزعة الخير, العواطف والوجدانات, الاخلاق الخ من تجليّات نفسية ندركها بسلوك الشخص وتصرفاته بالحياة.
سؤال إشكالي آخر هو مالفرق بين الجوهر في مذهب وحدة الوجود لدى الصوفية وبعض الفرق الدينية من جهة, والجوهر الذي يمتلكه الانسان غير المحتاج البرهنة الايمانية الدينية ليمتلك جوهره الماهوي؟ الجواب نلخصه بالتالي:
- إنتهينا في أسطر سابقة أن جوهر الانسان خاصية إنفرادية ليس على مستوى الاختلاف مع الكائنات الحية بالطبيعة التي لا تمتلك جوهرا أبعد من صفاتها الخارجية. لكن هل يلتقي جوهر الانسان بجوهر الخالق الذي يعتبره اسبينوزا وصوفية مذهب وحدة الوجود, مستمدا من جوهرالخالق الخالد الازلي الله.؟ الجواب قطعا بالنفي ولماذا ؟ جوهر الانسان تكوين خبراتي مادي مكتسب من مدركات الطبيعة والمحيط والحياة, فهو جوهرمصدر خلقته الطبيعة والحياة في تصنيع الانسان له, لذا فهو لا رابط روحي ولا صفاتي ولا ماهوي له مع الجوهر الازلي الخالق لكل موجود.
- الله لا يوزع صفاته على موجودات الطبيعة التي يمكن للانسان أن يدركها بعقليته المحدودة. وكذا لا يوزّع بعضا من جوهره الالهي على الانسان أو كائنات وموجودات في الطبيعة لأن إدراك تلك الجواهر من قبل الانسان تبيح الطريق له معرفة ألاكثر من جوهر الخالق وهو محال .
فالعقل الانساني مبرمج على قدرة إستيعاب إدراكية لا تتعدى حدود ما يمكن ومسموح به إدراكه من الطبيعة وقوانين فيزيائية لا أكثر من ذلك. بمعزل تام عن الجوهر الالهي وتجريد الجوهر عن الموجود محال معرفته قبل محال إمكانية فصله.
- حسب طرح اسبينوزا حول الجوهر, لم يقل أن كل شيء بالطبيعة يحمل جوهر خالقه, فجوهر الخالق إستدلال شمولي مطلق لامتناهي لا يدرك وبدلالة هذا الجوهر نعرف وندرك الوجود بموجوداته.
سابقا كان الفلاسفة يبحثون عن جواهر الاشياء الدفينة خلف صفاتها ولم يجدوا شيئا, لذا اسبينوزا قلب المعادلة قوله بدلالة الجوهر ندرك الوجود. بمعنى نسف كل الفلسفات المادية التي ترى الوجود سابق على الجوهر, والاولية للوجود قبل الماهية لم تعد تقنع اسبينوزا الذي زرع بذرته بدلالة الجوهر ندرك الوجود قبل ظهور مبدأ الوجودية الانسان يوجد اولا ومن ثم تتكون ماهيته الجوهرية..
- أما إذا كان برجسون وباشلار يريان الجوهر يزامن النفس ويلازمها لدى الانسان فهو رأي مقبول بإشتراط ملزم يفرض نفسه, هو أن يكون جوهر الانسان مدركا بدلالة إدراك النفس لذاتها قبل إدراك العقل للجوهر.
وفي كلا الافتراضين محال معرفي إدراكي عقلي. الوجود يعرف بدلالة جوهر(لامادي) يبقى طرحا ميتافيزيقيا ومادة نقاشية يطول حسمها. علما أن اسبينوزا كما مر بنا يؤمن بهذا المبدأ في حال معرفة تبعية إدراك الوجود بدلالة جوهر الهي لا يدرك جوهر خالق الوجود ولم يخلق جوهره ولا وجوده أحد.
- أما أن الجوهر يكون إستدلالا عن نفس تعي ذاتها كنوع – الانسان فقط - فهذا ليس له علاقة إستنساخ من غيره على إفتراض مشكوك به هو أن يكون لموجودات الطبيعة جواهرا هي غير صفاتها الخارجية. كل موجودات الطبيعة هي صفات خارجية لا تمتلك جواهر مستقلة عن صفاتها باستثناء الانسان فهو يمتلك صفات خارجية مدركة لا تمثل ماهيته.
الجوهر الزماني النفسي
حسب تعبير باشلار على لسان برجسون يرى مخزون الجوهر القيمي هو أسمى في التعالي وأكثر بألامكانيات من الوجود, كلام مسؤول البرهنة على صدقيته.
تعبير باشلار هذا وتعبيرات فلاسفة عديدين لا يحصى عددهم المليئة كتبهم ومقالاتهم الفلسفة بتهويمات لا معنى لها يلجأنا بالضرورة العودة الى مرجعية فلسفة اللغة والتحول اللغوي ونظرية فائض المعنى ومباحث علوم اللغة واللسانيات, رغم كل السلبيات والإحباطات التي اصابتها في مفاصل قاتلة, إلا أننا مع كل ذلك نعتبرها قارب النجاة لتخليصنا من طلاسم لغوية المفروض بها أن تتسم بالوضوح الكافي وتعبّر عن معرفة رصينة يدعمها إدراك العقل.
وكان فلاسفة اللغة غير المتطرفين في منتهى العبقرية حين رفضوا أن تبقى الفلسفة كما هي عبر قرون طويلة تجريدا فلسفيا عصّيا على الإستقبال في إنغلاق لغة التعبير الفلسفي على نفسها بغموض تجريدي يخلط الاخضر واليابس.
باشلار الذي عرفناه فيلسوفا ذي نزعة علمية في الفلسفة ودعوته الى تكامل يخدم العلم والفلسفة نجده يقع في كتابة تعابير فلسفية غريبة متهالكة المعنى مثل " لن نفهم جيدا دلالة ومدى النقد البرجسوني الدقيق إلا إذا وقفنا بعناية في المضمار المثالي لمعرفة الوجود الانطولوجي " ومضيفا " وعلى هذا النحو يحضر الحوار المتصل أبدا بين الروح والاشياء. وهكذا تكون القاطرة المتواصلة التي تجعلنا نشعر بالجوهر في ذاتنا على مستوى الحدس الحميم, رغم تناقضات الإختبار الخارجي "4.
هذه التعبيرات وغيرها التي تجد حوارا بين الروح والاشياء بعيدا عن البعد الانطولوجي الذي هو حقيقة ألاشياء في وجودها, وكذلك في إنزال الروح من حقيقة اللاجوهرالتي لا يمكننا إدراك تلك الروح أنها تقود القاطرة التي تجعلنا نشعر بالجوهر في ذاتنا على مستوى الحدس الحميم رغم تناقضات الاختبار الخارجي.
أي أن هذه العلاقة بين الروح والاشياء التي تشعرنا بجوهرنا لا نقول خاطئة تماما حيث علاقة المكان بالنفس تخلق تداعيات غير مسبوقة وتستدعي تداعيات أخرى من الذاكرة بما يجعل النفس حالة من الانتشاء المريح للنفس ولا يبعث حقيقة جوهرنا المبالغ به. إستقدام الروح بدل الشعور النفسي الدخول في حوار مع الاشياء غير موفق, الروح لا تتعامل مع المادي بل تتعامل مع ما هو متعالي على الوجود والمادة, لذا تدخل النفس بعلاقة حميمية مؤنسة مع الاشياء وارد جدا ولا ينطبق على الروح ولا يمنحنا حقيقة الشعور بجوهرنا..الجوهر يختلف عن الروح أنه صفات مدركة من صاحبها, بينما الروح هي غير النفس اولا , وثانيا الروح جوهر غير مدرك حتى بعد موت الجسم وفنائه, ومقولة الروح تغادر الجسم حال وفاته تحتاج دليل برهاني لا يمكن تعويضه بمشاعر نفسية انطباعية تجريدية وسلوكية.
وعندما ربط باشلار بين حوار الروح والاشياء سرعان ما استدرك قوله " هذا الحوار يجعلنا التسليم بحدس حميم متناقض على مستوى الإختبار الواقعي المادي الخارجي".
لا أعتقد نحتاج تفنيد أكثر ما موجود في عبارة باشلار نفسه من حيث أن حوار الروح مع الاشياء لا يمنحنا جوهرنا الذي يناقضه الواقع الخارجي. وتحقيق الإفتراض أن يكون للنفس وليس للروح جوهرا يعبر عن نفسه بمنأى تقاطعه مع الواقع المادي الخارجي الذي يدحضه أمر مفروغ التسليم به يقرّه باشلار نفسه بعبارته الإستدركية التي اشرنا لها...
يقول باشلار" عندما لا أعترف بالواقع فذلك لأني مستغرق في الذكريات التي طبعها الواقع ذاته في نفسي, ولأنني إستدرت نحو ذاتي " 5
هنا ينزلنا باشلار من التحليق الروحي النفسي معه الى حوار مشترك مع الاشياء. إلا أن الواقع هو مصدر إنطباعات الذكريات ما يغني عن الواقع ذاته الذي لا يعترف به باشلار, الذي تفرض الاستعاضة عنه إستدارة فيلسوفنا باشلار نحو الذات التي إنطبعت كل ذكريات الواقع عليه.
إذا كانت أفكار باشلار التي مررنا بها تقود الى تحقق علاقة روحية بين النفس والذات كمستودع إحتواء لذكريات جميلة بديلا عن الواقع لكنها المستمّدة منه . هذه العلاقة إنما تكون في تعالق النفس مع الخيال والذاكرة وليس مع الجوهر الذي هو تراكم خبرة معرفية.
وكل توجه وتفكير مثالي في التعبير عنه, مقولات , موجودات, علاقات, سيرورة في الواقع المادي للاشياء لا قيمة حقيقية لها لا على مستوى التفكير الفلسفي, ولا على مستوى علم النفس التقليدي. وتبقى الذكريات التي يستعيدها مخزون الذات بشكل نوازع ورغبات نفسية تحاول تطويع تناقضها الخيالي مع تصادمها بالواقع, ومدركات العقل المادية الى مشاعر وعواطف وإنفعالات في مرجعية النفس لها وليس في مرجعية العقل لها.
الهوامش: 1, 2, 3, 4, 5, جاستون باشلار /ترجمة خليل احمد خليل/ ص16 – ص18.
#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)
Ali_M.alyousif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟