أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - الاندماج














المزيد.....

الاندماج


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6884 - 2021 / 4 / 30 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بينما تملآ العلمانية البيوت السورية،كما تملؤها الإسلامية تماماً، فالرجل العلماني يفضل أن تكون زوجته محجبة و إسلامية إلا إذا كان من الأقليات الإسلامية التي لا تتحجب سابقاً ، و التي هي في طريقها للبس جلابية الإسلام السّني تحت اسم اسلام علماني .
يمكنني القول أنّنا شعب مندمج ، فرغم تقديسنا للفقر واعتباره قيمة اجتماعية لكنّنا ننفي صفة الفقر عنّا ، وقد لا حظت ذلك في حديث الكثير من الرجال الذين التقيت معهم في كامب اللجوء ، فقد كان أحدهم يشرح لي عن دعمه للطبقة المسحوقة، وكيف كان يملك ثلاثة معامل ، بينما كنا نبحث أنا وهو عن أحذية في الصليب الأحمر نستطيع السير فيها على الثلج، وفقت بحذاء رجل استعملته لأكثر من عام فأنا لا أفرّق في الأحذية بالجندر، لكن صاحبي صاحب المعامل وضع في كيس أكثر من خمسة أزواج من الأحذية . نظرت إليه وقلت: من المؤكد أنك تكذب ، فلو كان لديك هذا العدد من المعامل لم تكن تعيش معنا في ذلك المكان!
عندما استأجرت منزلي ، وفي المدينة التي أقيم فيها التقيت بابن بلدي، ومدينتي، ففرحت ، أملت أن نبني علاقات أسرية. قال لي: أعمل دكتور في جامعة لندن، و أذهب خمسة عشر يوماً إلى هناك ثم أعود لأعمل بالجامعة هنا. طبعاً نظرت بعين الريب إليه ، فيما بعد عرفت أنه يعيش على المعونة الاجتماعية ، و أنه تخلى عن زوجته و أولاده.
نحن مندمجون ، نقبل الواقع، نتحدّث عنه بجرأة فبينما يعرض لنا أحدهم رحلة طريقه إلى دمشق ، يستعرض أسعار المواد ، ثم يقول: " الله يعين الفقير" ، فالفقر صفة لا تقربه ، والبعض يهاجم من ترك" الوطن" بينما يعيش على ما يرسله له البعض. نحن مندمجون لدرجة أن تعبير " الله يرحم البطل" أصبح شعارنا، و البطل هو كل من هبّ ودب حتى من سجننا ، وأخذ المفتاح معه، ثم مشى بسلام إلى مكان آمن، و أصبح منظراً لنا، فمات من التّخمة التي أعطاه أياها التنظير ، فصلينا جماعة و أفراداً على جثمانه الطاهر ، ونسينا مفتاح السجن معه. في أحيان كثيرة أسأل نفسي: هل نحن منافقون ؟ أتراجع عن السّؤال ، وبعد حين أجيب: نعم إننا منافقون ، يكون ذلك بعد أن أرى سجيناً سياسياً-بغض النظر عن انتمائه-يكتب قصيدة مديح في ثائر كان بيده مفاتيح السجن.
ليس نحن هكذا فقط بل ربما أغلب الفارين من بلادهم ، فقد كنت أتحاور مع طالب صومالي كان يدرس معي اللغة السويدية ، و أشرح له سبب لجوء السوريين إلى الغرب، و أن أحد أسبابها الفقر، سألته: هل أنتم في الصومال كذلك؟ فضحك حتى كاد يقلب على قفاه ، وقال: " الصومال غنية، فيها ذهب ، ونحن أيضاً أغنياء ، فقط هربنا من النظام وتركنا خلفنا ثرواتنا" .
بالنسبة لي لم أشعر بالاندماج في أيّ مكان أقمت فيه ، حتى في مسقط رأسي ، وكنت أشعر بالخوف من شبح الفقر حيث أغلب الأشياء الضرورية للحياة مفقودة ، وطوابير الخبز موجودة. إنني لا أرى في الوضع حالياً أمراً مختلفاً عن الماضي سوى ذوبان الطبقة " المستورة" في الطبقة الفقيرة .
إنّني أندمج في كل الأمكنة، لكنّني ملولة ، أكتشف بعد فترة أنّني أرغب في التّجديد إلى مكان جديد، و أدفن الأمكنة القديمة ، وكوني أعيش اليوم بين مرضى السّرطان ، وحتى الآن أنا مندمجة كثيراً ، لكنّني قد أغادر إلى مكان آخر!



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 80 دولة حول العالم تحتفل بالأول من أيار
- الحركات النسوية العربية، ومي تو
- طريق الهاوية- 8-
- الثّرثرة
- طريق الهاوية -7-
- مساهمة المرأة في صنع المجتمع الذّكوري
- يموت المعارضون ، ويبقى الدكتاتور
- طريق الهاوية 6
- هبّات إسلامية
- عن البوذية
- جنون عظمة سوري
- طريق الهاوية -5-
- موسم أزهار الكرز
- معاناة الغجر مع النّازية
- طريق الهاوية -4*
- عندما يموت الإله
- كزانية
- طريق الهاوية -3-
- التحرش الجنسي بالأطفال
- سقوط المرحلة


المزيد.....




- إسرائيل تلغي جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية قبي ...
- -البنتاغون- لـCNN: إرسال طائرات إضافية إلى الشرق الأوسط
- موسكو لواشنطن.. قوات كييف تقصف محطات الطاقة الروسية
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة في رفح
- تصعيد روسي في خاركيف: هجمات جديدة تخلّف إصابات ودمارًا واسعً ...
- -صدمة الأربعاء-.. ترقب عالمي لرسوم ترامب الجمركية
- بيليفيلد يطيح بباير ليفركوزن من نصف نهائي كأس ألمانيا
- نتنياهو يعيد النظر بمرشحه لرئاسة الشاباك
- لوبان: الحكم الصادر بحقي مسيس
- خطة أوروبية لمواجهة الرسوم الجمركية


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية خلوف - الاندماج