|
الثّرثرة
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6879 - 2021 / 4 / 25 - 10:48
المحور:
الادب والفن
قد يكون القيل و القال، أو مايسمى الثرثرة هي غذاء يومي لنا سواء في الحياة العادية، أو الافتراضية ، عندما يكون هناك شيء نفعله جميعاً علينا أن نتساءل إن كان هناك بعض الفوائد من الثرثرة، أو من النميمة؟ هل هالأمر جيد أم سيئ ؟ نثرثر ونحن نحتسي قهوتنا ، أو في جلسة مع أصدقاءنا ، نمنح شهادات حسن السلوك ، و نتّهم بالخيانة من لا يوافقنا ، جميعنا نثرثر ، لكن حتى للثرثرة حدود ، فإن كرّرنا ثرثرتنا عن نفس الأشياء وفي كل يوم تصبح نوعاً من اللت الفارغ المضمون , كانت الثرثرة تُستخدم لوصف شخص يخبر عن أخبار الأسرة وتطوراتها. في زمن شكسبير ، كانت هناك امرأة تجلس مع المرأة أثناء الولادة ، وتثرثر ، ربما لمساعدتها على قضاء الوقت. ينظر اليوم إلى الثرثار على أنه فضولي ، ومتطفل ، مع تسارع تقنيات الاتصال لدينا ، وكذلك انتشار الثرثرة بشكل أكبر ، فبعض المقالات الصحفية لا تتجاوز عتبة الثرثرة ، ومحطات اليوتيوب السّورية التي تحلل الوضع السياسي ماهي إلا ثرثرة ، طبعاً عدا المقالات العلمية . تنتشر الرسائل السريعة حولنا طوال اليوم حول هذا الشخص أو ذاك ، هذا الشهير أو ذاك السياسي، و إذا كانت الكلمة تنتقل عبر الكلام الشفهي الذي قد يستغرق ساعات أو حتى أيام للوصول إلى المستمع ، فإنها تنتقل الآن في ثوان على مواقع التواصل . يحب البشر الاستماع والتحدث عن البشر الآخرين، و فق فرانك تي ماكندرو أستاذ في علم النفس ، الذي اكتسب شعبية بناءً على عمله في استكشاف آلية الساعة المعقدة للتفاعلات البشرية وإيجاد بعض الأنماط والأسباب المحتملة للشائعات. نشر مقالاً علمياً يلخص النظريات حول سبب النميمة، و القيل و القال وشرح بعض نتائج بحثه الذي يشير إلى أن التحدث والاستماع ومشاركة الأسرار والقصص - يربطنا ببعضنا البعض ويساعدنا على تكوين صداقات وهويات جماعية مميزة. على الرغم من أن النساء يكتسبن في كثير من الأحيان لقب "الثرثرة " ، فإن كلا الجنسين يشاركان في العادة بحماسة متساويةحسب الدراسة التي أجراها ماكندرو التي تظهر أننا جميعًا حريصون على سماع ونقل أي أخبار سيئة عن منافسينا أو أي أخبار جيدة عن أصدقائنا. القيل والقال هو شكل من أشكال سرد القصص ، وهو فولكلور شخصي، بدلاً من أن تقول كان هناك في إحدى المرات شخصاً ما ، تتحدث مباشرة عن فلان من الناس ، من خلال الاستماع إلى هذه القصص ومشاركتها ، نتعرف على الأعراف والتقاليد الاجتماعية لمن حولنا. نتعلم كيف نتصرف - وكيف لا نتصرف - في مواقف معينة. لذلك ، لا ينبغي أن نفكر في القيل و القال على أنه مجرد عادة مبتذلة ومضيعة للوقت. يمكن أن يكون في الواقع أداة اجتماعية قيمة لمساعدتنا على فهم والتعامل بشكل أفضل مع من حولنا. لكن لماذا نثرثر عن أشخاص ليسوا من معارفنا ؟ مثل براد وأنجيلينا وبريتني ، ونجوم السياسة و الرياضة، وغيرهم . نرى وجوه المشاهير والنجوم والسياسيين بشكل متكرر. نرى بعضهم في كثير من الأحيان أكثر مما نرى أصدقائنا وأفراد عائلاتنا. يمكننا أن نبدأ في الشعور بالعلاقة الحميمة معهم ، وهذه الألفة تجعل من الصعب علينا التمييز بين الوجوه التي نعرفها شخصياً . يمكن أن نشعر المشاهير وكأنهم أصدقائنا. لكن هذه "العلاقات الزائفة" قد لا تكون سيئة . قد تكون الثرثرة حول المشاهير هي اللغة االتي يتحدث بها الحلاق أو الطبيب أو غيره معك و تساعد مواكبة آخر أخبار المشاهير على كونك بارعاً اجتماعياً أثناء التعامل مع الغرباء، لكن بعض الناس يبالغ في الإعجاب بالمشاهير إلى الرغبة بالتواصل معهم وعبادتهم ، ومطاردتهم ، مع هذا يمكننا إسقاط أحلامنا ومخاوفنا وآمالنا على المشاهير. عندما نثرثر حولهم ، نحصل على فرصة لأحلام اليقظة أو التخيل أو النقد أو التعبير عن حسدنا أو نفورنا من أنماط حياتهم وخياراتهم. كثير من الناس يثرثرون عبر الإنترنت هذه الأيام . أكثر البرامج الحوارية ، وبرامج الواقع على التلفزيون ليست أكثر من ثرثرة ، وربما كانت ثرثرة سلبية تتسبب لنا بالإحباط ، وبخاصة عندما تتم بنوع من الاستعراض التهريجي الكوميدي ، ولا جديد فيها سوى الضيوف . تلك الثرثرة السطحية تتساوى مع تكرار الكلام و اللت ، وكأننا نمضغ الصوف . قد تكون الثرثرة بين صديقين ، أو بين قريبين تساعد على تفريف الشحنات السلبية، وتجديد النّشاط الذهني ، فلنثرثر من خلال مجموعة ، أو ونحن نشرب قهوتنا بحدود أن لا نكرّر الكلام إلى حد الملل.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق الهاوية -7-
-
مساهمة المرأة في صنع المجتمع الذّكوري
-
يموت المعارضون ، ويبقى الدكتاتور
-
طريق الهاوية 6
-
هبّات إسلامية
-
عن البوذية
-
جنون عظمة سوري
-
طريق الهاوية -5-
-
موسم أزهار الكرز
-
معاناة الغجر مع النّازية
-
طريق الهاوية -4*
-
عندما يموت الإله
-
كزانية
-
طريق الهاوية -3-
-
التحرش الجنسي بالأطفال
-
سقوط المرحلة
-
150 عاماً مضى على كومونة باريس
-
غاندي و النساء العاريات في سريره
-
البطل ، وسكين المطبخ
-
لا أعرف الشّام
المزيد.....
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
-
إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|