|
بين بن لادن وبوش
اليزيد البركة
الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 11:09
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
11 سبتمبر ويوليوز بين بن لادن وبوش
ما وجه المقارنة بين ما وقع في11سبتمبرفي أمريكا وبين ما وقع وما زال يقع يوميا في فلسطين ولبنان؟ إنه استهداف المدنيين العزل والمسالمين . إن تاريخ إسرائيل في استهداف المدنيين والمنازل والقرى ووسائل العيش، تاريخ أسود، منذ حتى تاريخ نشأة الدولة ذات الطبيعة العنصرية. وقد حافظت إسرائيل على هذه السياسة وجعلتها طوال مسيرتها ركنا أساسيا من أركان العدوان على شعوب المنطقة، إلى درجة أنها تعتبرأي انتقاد من طرف العالم أجمع لهذه السياسة ، هو وقوف إلى جانب قوى الشر والإرهاب. وبالتالي فهي من هذا المنطلق ترى أنها لم تقم بأي شئ يمكن أن تؤخذ عليه أخلاقيا وإنسانيا،لأنها ببساطة تبني هذه السياسة على أسس عنصرية وفاشية ؛ وهي مستعدة أن تعطي ظهرها للعالم كله ،إذا ما حافظت إدارة بوش على سياستها المغالية في الإنحيازلها. كانت الإدارات الأمريكية تقف دائما إلى جانب إسرائيل وتدعمها عسكريا وتكنولوجيا واقتصاديا وسياسيا، غير أن هذه الإدارة الحالية بلغت في صلفها ووقاحتها حدا لم يسبق أن بلغته أي إدارة سابقة، حتى في فترات الحروب بين بعض الدول العربية وإسرائيل. وحاليا، بعد عقود طويلة من الزمن، برزت في المجتمع الإسرائيلي أصوات رزينة ومؤمنة بحقوق الإنسان وبضرورة خلق فرصة تاريخية للتعايش بين الشعبين في دولتين متجاورتين؛ غير أن الأصولية الجديدة في أمريكا ظلت مدعمة وبقوة لكل الاتجاهات العنصرية في المجتمع الإسرائيلي بل أكثر من هذا مصدرة له اتجاها إرهابيا.وهذا الدعم اللامحدود لم يترك أي فرصة ولو كانت ضئيلة لكي يتقوى داخل المجتمع الإسرائيلي صوت الحق والعدل؛ وهذا الدعم والاحتضان هو الشرط الذي فقدته بريطانيا وفرنسا واسبانيا والبرتغال وايطاليا...إبان استعمارها للشعوب. وحتى البيض في إفريقيا لم يذعنوا إلا عندما فقدوا دعم الدول الغربية وبداوا يحسون بوطأة العزلة التامة عن أي نصير. الأصولية الأمريكيةالأسرائلية لقد هندس الاتجاه الأصولي في أمريكا سيناريو اقتحام اليمين الإسرائيلي بقيادة شارون للمسجد الأقصى في خطة مدبرة لكي تتصاعد قوة اليمين الإسرائيلي على أنقاض توجهات السلام في المنطقة ولكي تلتف الأصولية الأمريكية داخل الحزب الجمهوري وخارجه حول بوش. ومنذ أن انتخب هذا الأخير على رأس الإدارة الأمريكية لم يتوان عن تطبيق سياسة عدائية ضد كل من سولت له نفسه أن يعارض أطماع إسرائيل وسياساتها وممارستها الهمجية. لقد بنت الإدارة الأمريكية سياستها على تكتيك استغلال شعاري حقوق الإنسان والديمقراطية وهو تكتيك قدم نتائج ملموسة في الحرب الباردة أيام إدارة ريغان .ولكن رفعت الشعارين فقط من أجل ضرب حقوق الإنسان وتأخير الديمقراطية إلى أجل غير مسمى حتى لا تكون ديمقراطية ذات مضمون اقتصادي واجتماعي وثقافي. الأصولية الدينية الجديدة في أمريكا بقيادة إدارتها في عداء تام لحقوق الإنسان والديمقراطية ونتائج ممارستها في العراق خير دليل على ذلك إذ لم تتورع عن تغذية الطائفية والمذهبية وغيرها.. ومدها بكل وسائل النمو والاستشراء؛ ونفس السياسة رسمتها للبنان في تزامن مع العدوان الإسرائيلي عليه . غير أن الأحزاب اللبنانية وكل القوى أدركت اللعبة وكانت في مستوى اللحظة بالرغم من أن العدو اختار الظرف المناسب وهو تزايد حدة التراشق السياسي بين الفر قاء اللبنانيين .
الأصولية الأمريكية والأصولية الدينية الإسلامية ما الفرق بين بن لادن وبوش؟ لا تختلف أصولية الإدارة الأمريكية عن الأصولية الدينية في البلدان العربية والإسلامية في معاداة حقوق الإنسان والديمقراطية. لقد استهدف بن لادن المدنيين الآمنين في أمريكا في 11 سبتمبر وهو عمل إجرامي بكل المقاييس. وطوال سنوات حكم بوش حرض ودعم إسرائيل على استهداف المدنيين العزل ووسائل عيشهم ومنازلهم في فلسطين لافرق بين رضيع ومسن . وأعيدت نفس الممارسة في لبنان لتبلغ ذروتها في مجزرة قانا . ومن نفس النزعة الأصولية المبنية على الصلف والوقاحة لم يحد بوش عن أسس الفاشية والعنصرية: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. الوقوف ضد إدانة إسرائيل. اعتبار كل من يرفع السلاح ضد الآلة العسكرية الإسرائيلية إرهابيا تضعه أمريكا في لائحتها السوداء إلى غير ذلك من الأسس التي تمجها المجتمعات في العالم. وهو يرفع شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان مثلما ترفعه بعض ألأصوليات الدينية في المنطقة ويتفقان معا على هدف تدميرا لسقف على الإنسان في المجتمعات العربية. غريب جدا أن يكون هناك في القرن الواحد والعشرين من ما يزال يجد مبررات وأعذار لقتل المدنيين وتدمير وحرق وسائل عيش الشعوب. خصوصا إذا كان على رأس دولة هي عضو في الأمم المتحدة ومطوقة بمواثيق ومعاهدات وبروتوكولات. وأكثر من هذا عضو في مجلس الأمن الذي يفترض فيه أن يسهر على استتباب السلم...في العالم . كيف يمكن للقوى الديمقراطية مواجهة الوضع؟ لا يمكن تغيير سياسة اسرئيل إلا بتغيير سياسة الإدارة الأمريكية ، ولهذا على القوى الديمقراطية في البلدان العربية أن تعيد النظر في تعاطيها السياسي والفكري مع الإدارة الأمريكية وكل الأجهزة والمؤسسات التابعة لها. ومن هذا المنطلق عليها أن تعتمد على نفسها أولا بدل مطالبة الحكومات باتخاذ إجراءات ما.فالإدارة الأمريكية لم تستطع أن تفعل ما فعلته في العراق إلا من خلال الاعتماد على قوى عراقية وكادت ان تنجح نفس السياسة في لبنان وفلسطين لولا الحذر الذي طبع دائما توجهات الحركة التقدمية في البلدين. إذ جعلت الإدارة الأمريكية من استمالة المجتمعات المدنية في البلدان العربية بشعاري عقوق الإنسان والديمقراطية أحد أهم أركان استراتحيتها ولهذا على الأحزاب الديمقراطية والنقابات وكل قوى المجتمع المدني الحقوقي والاجتماعي والثقافي مقاطعة الإدارة الأمريكية مقاطعة شاملة وشن حملة واسعة على سياستها العدوانيةالتي تمارسها ضد شعوب المنطقة بتوزيع الأدوار بينها وبين اسرائيل. فإذا لم تعمل القوى الديمقراطية على العودة بسياسة أمريكا إلى العزلة التي كانت فيها في الخمسينات والستينات لن يحدث أي تغيير في علاقتها مع شعوب المنطقة ولن يحدث أي تأثير أو تغيير في سياسة إسرائيل لأنها الآن تتصرف كأرعن أحمق يعرف أن هناك مارد قوي يحميه في كل الظروف والشروط. إذا ما استطاعت القوى الديمقراطية وبتضامن مع كل القوى الديمقراطية والمدافعة عن حقوق الإنسان وكرامته والمحبة للسلام في العالم بمافيه أصوات معادية لسياسة أمريكا وإسرائيل داخل المجتمع الإسرائيلي إذاك فقط يمكن الانتقال إلى مرحلة الضغط على الحكومات العربية لاتخاذ إجراءات سياسية وثقافية إن توحيد القوى الديمقراطية لمناهضة السياسة الأمريكية لا يمكن أن تقوم بها الأصولية الدينية حتى وإن كانت تناهض أمريكا لأن منطلقاتها وأهدافها منافية للديمقراطية ولحقوق الإنسان والعمل معها لبلوغ هذا الهدف لن ينفع القوى الديمقراطية ولن تحصد إلا التقوقع والدوران على الذات .
#اليزيد_البركة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقلية الانقلابية وخط النضال الديمقراطي 4/4
-
العقلية الانقلابية وخط النضال الديمقراطي 3/4
-
العقلية الانقلابية وخط النضال الديمقراطي 2/4
-
العقلية الانقلابية وخط النضال الديمقراطي 1/4
-
نزاع الصحراء بين الجزائر والمغرب يؤخر وحدة الشعوب المغاربية
...
-
نزاع الصحراء بين الجزائر والمغرب يؤخر وحدة الشعوب المغاربية
...
-
نزاع الصحراء بين المغرب والجزائر يؤخر وحدة الشعوب المغاربية
...
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|