أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل صوما - فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (3)















المزيد.....

فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (3)


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 6874 - 2021 / 4 / 20 - 08:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك أشخاص مغلفون بالغموض في التاريخ لا تستطيع فهمهم سوى بعد وقوع انتصار كبير أو خراب عظيم بسببهم. فخامة الرئيس الدستوري اللبناني ميشال عون أحد هذه الشخصيات التي أسست دورها على انفعال الضائعين مع الشعارات القوية فارغة المضمون، والالتفاف حول مبتكرها على أنه رجل الساعة والحلول لمشاكلهم المستعصية، لدرجة أن قسماً كبيراً من اللبنانيين آمنوا به، وهو الوحيد الذي قال أتباعه له "إمشي على أجسادنا بس خلصنّا"، وقد ساعدته شخصيته العسكرية بين رجال مدنيين أسسوا ميليشات وقسموّا لبنان لإقطاعيات تحت نفوذهم، على الايمان به كمُنقذ البلد الذي سيعيد هيبة الدولة ويحطم إقطاعيات الميليشيات ونفوذ أمراء الحرب.
فهل كان ميشال عون فعلا ما أعتقده الناس أو كان رأس حربة لمخطط ما في المنطقة؟ حواره الأخير مع قناة "الجديد اللبنانية" يحتاج لقراءة لبنانية لا غرض من ورائها، ولم تملها شخصية نافذة أو مصادر سياسية.
ما حدث في لبنان منذ سنة 1975 يشير بوضوح تام إلى نية إسقاطه كدولة رسالتها التعايش ومنفتحة على الغرب يرأسها مسيحي ماروني. تم هذا بدءاً من الاشتباكات بين حزب الكتائب والفلسطينيين بكافة أطيافهم، الذين أراد قادتهم جعل لبنان وطناً بديلا كما حاولوا في الأردن وفشلوا سنة 1970، ثم اختفاء الإمام موسى الصدر، وحلول المقاومة الشيعية بمرجعية إيرانية بدلا من المقاومة الفلسطينية بعد خروجهم من لبنان، حتى ظهور ميشال عون الماروني القادم من الجيش إلى خريطة السياسيين في لبنان.
أعرب الرئيس الدستوري اللبناني ميشال عون في حديثه التلفزيوني عن خشيته من وقوع لبنان في "الفوضى"، وتناسى تماماً أنه زرع شتلة الفوضى الحالية منذ سنة 1988 بعدما اختاره الرئيس أمين الجمّيل رئيساً للوزراء بسبب عدم امكانية انتخاب رئيس بعده، وفي أوائل سنة 1989 خاض معارك عبيثة بالمدفعية ضد الجيش السوري الذي دخل إلى لبنان لإدارة الصراع فيه وتحجيم الوجود الفلسطيني، وكان دخول الجيش السوري بطلب لبناني موّثق وغطائين عربي ودولي.
بدأ ميشال عون معاركه العبيثة الدموية بإعلان الحرب على الجيش السوري "المحتل"، ما جعل الشارع اللبناني والعرب ضمناً يتعاطفون معه، وبدأ الطرفان القصف بمدافع الميدان الثقيلة على رؤوس المدنيين وممتلكاتهم، ولم يحرك ميشال عون قواته باتجاه الجيش السوري لتحرير لبنان كما أعلن بكل ثقة، ولم يحرك حافظ الأسد قواته لإسقاط عون، لأن كل منهما لم يكن لديه آنذاك ورقة عربية أو دولية لعمل ذلك.
ثم خرج من هذه المعارك التي كلفت المسيحيين المدنيين أرواحا وتهجيراً وهجرة إلى خارج لبنان وخسائر قُدرت بأكثر من خمسة ملايين دولار بحساب هذه السنوات، بإعلانه بين ليلة وضحاها أن ميليشيا "القوات اللبنانية" يجب أن تسلّم أسلحتها للجيش اللبناني.
تجاهل ميشال عون جميع المرتزقة والميليشات على الأراضي اللبنانية وقرر إنهاء وجود الميليشا المسيحية فقط، التي حاربت معه ضد "الجيش السوري المحتل"، وتسبب في حربه العبثية الثانية ضد "القوات اللبنانية" بتهجير أكثر من 250 ألف أسرة مسيحية من لبنان، وهو عدد كبير جدا نسبة إلى نسبة سكانه المسيحيين آنذاك، وانتهت المواجهة الدموية العبيثة تلك بانعقاد مؤتمر "الطائف" الذي وصل قِصر النظر السياسي فيه بين كل الأطراف المجتمعة إلى التمهيد لحالة "فشل الدولة" التي يعاني منها لبنان اليوم قبل سقوطه.
وافق الطرف السعودي راعي المؤتمر على حل كل الميليشيات وبقاء ميليشيا "حزب الله" فقط لتقاوم إسرائيل، وبَصَمَ نواب لبنان على القرار السُني لأنهم قبضوا ثمن ذلك، وكان النائب الوحيد الذي ترك الطائف قبل التوقيع ولم يتقبل أي هدية حتى قلم مُذّهب هو بيار حلو، ووافق سمير جعجع قائد "القوات اللبنانية" على حّل ميليشيته كثمن باهظ جدا، لإزاحة عون خصمه اللدود من قصر الرئاسة بعملية عسكرية سورية.
كان نتيجة قِصر النظر السياسي هذه إزالة عون من قصره بعملية عسكرية سورية خاطفة، ودخول سمير جعجع السجن لأنه أصبح صيدا سهلا لا حول له ولا قوة، وفقدان السعودية ودول الخليج كافة لدورهم السُني الريادي في لبنان، وصعود نجم "حزب الله"، وتقلصت سلطة رئيس الجمهورية الماروني، بناء على قرارات الطائف، فأصبح رئيسا دستورياً مهمته شرطي مرور ينظم المناورات السياسية، ويوّقع قرارات السلطات التنفيذية والتشريعية ولا سلطة فعلية له.
عندما عاد عون من منفاه في فرنسا كان واضحاً أنه سيؤدي دوراً ما، لأن النظام السوري رغم عداوة عون ومعاركه السابقة سمح له بالعودة إلى لبنان، وتعطلت الانتخابات الرئاسية لأكثر من سنتين بواسطة نواب حزب الله، حتى وصل عون إلى الرئاسة بتوافقات أقليمية ووعود كاذبة منه بأنه سيكون رئيس كل اللبنانيين.
لماذا وافق النظام السوري على عودة عون وتحضيره ليكون رئيس لبنان؟ وهل كان لإيران دور في اقناع بشار الأسد؟
أشار عون في حديثه إياه إلى أنه "يتمنى لو أنه ورث بستان جده، مقابل عمله كرئيس جمهورية"، ويبدو أنه بات يخشى ما بعد الموت لما فعله بعد تحمل المسؤولية، التي ستُسقط لبنان أمام المد الإيراني الذي يهيمن على العراق وأراضي "حماس" ولبنان وسورية، وقال مُتكاذباً على نفسه ليبرر ما فعله: "ما كنت أتخيل أن أكون مكبّلا هكذا، لم أكن أتوقع أن تكون المنظومة إلى هذه الدرجة مطوقة ومحصنة".... "حتى القضاء وهو المرجع الذي اعتمدناه لخوض معاركنا، تبين أنه في شكل حلقات، لو تجاوزنا حلقة واحدة، نصطدم بعقبات وحلقات كثيرة".
كلامه غير صحيح تماماً فهو ليس مراهقاً لا يعرف كيف يُدار لبنان منذ ما قبل الاستقلال، ومسألة الاستعانة بالقضاء لخوض معاركه مجرد جملة مُفرغة من كل معنى، فمُخطط اغتيال رفيق الحريري لا تستطيع السلطة القضائية ولا جهازها التنفيذي في لبنان القبض عليه، ولا يملك القضاء اصدار مذكرة اعتقال لتنفيذ ما نطقت به المحكمة الدولية، لأن القضاء مُسيس دائماً في لبنان لصالح الأقوى.
ثم ارتجل الرئيس عون حماسية كعادته: "عندما عدت 2005 قالوا عني تسونامي.. صحيح.. وقدرت أقضي على جزء كبير من الإقطاع السياسي، وما بقى إلا كم واحد".
ميشال عون وضع زوج ابنته ضمن منظومة الاقطاع السياسي بموافقة وسماح الاقطاع السياسي اللبناني، الذي وافق شيعته الأقوى نفوذاً حالياً أن يأكل زوج ابنة عون قطعة من "جبنة الحكم"، مازالت رياح عون تأتي بما تشتيه سفنهم.
بلغ تنمّر الفساد الشامل الذي وصل إلى التغطية وتضليل التحقيقات في انفجار هزّ بيروت في عهد الرئيس ميشال عون درجة تدّخل دول أجنبية لوقفه، في بلد يعاني أسوأ أزمة سياسية ومالية واقتصادية واخلاقية وعسكرية وقضائية لم يشهدها من قبل، وهو يغرق في بلايين الدولارات من ديون وفوائد متراكمة ذهبت إلى جيوب الاقطاع السياسي، بعد عقود من الحكم المترهل الخاضع للخارج ولا يهمه مصلحة اللبناني بل جيوبه أولاً.
الرئيس الدستوري ميشال عون يستقوي بحزب الله ويرفض حكومة اختصاصيين ويتمسك بالثلث المعطل، لصالح "حزب الله" بشكل لا مواربة فيه، لأن الشيخ حسن نصرالله أعلن رفضه حكومة اختصاصيين وطالب بحكومة "تكنوسياسية"، في انقلاب واضح على المبادرة الفرنسية، الأمر الذي أثار غضب باريس التي دعت الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة زيادة الضغوط على الطبقة السياسية في لبنان، وكأنه تلويح ضمني بإمكانية استخدام سلاح العقوبات، التي ستقع فعلياً على الشعب لأن الاقطاع السياسي في لبنان يضع أمواله خارجه، وما هو موجود منها في البلد يُستثمر لأشعال يعمل اللبنانيون فيها عن يد وهم صاغرون، وإلا واجهوا البطالة حتى في وظائف الاعلام الذي تديره أجهزة مخابراتهم واستخبارات أجنبية.
وبينما تتفاقم الأزمة لدرجة أن الناس المحافظين بدأووا يكفرون ويقولون ألفاظا بذيئة في أحاديثهم اليومية بسبب أهوال مطارق الضغوط الحياتية التي تضرب رؤوسهم، قال الرئيس الدستوري عون في المقابلة إياها" أنا سأسلم بلدا أفضل من الذي استلمته"، لكنه "يخشى أن الكلفة ستكون مرتفعة جدا ربما الفوضى قبل ذلك".
لم يسأله المحاور إلى مَنْ سيسلمه وما هي هذه الكلفة لأن الأمر واضح لأي لبناني!
ميشال عون هو إمام الفوضى الشاملة التي تعصف بلبنان منذ عودته من منفاه الفرنسي، ويتحمل كرئيس مع زوج ابنته والحزب الذي يقوده والاقطاعيين السياسيين علاوة على "حزب الله" حالة الهوان التي تسبق سقوط البلد المؤكد، قبل اعلانه محافظة إيرانية ضمن الاراضي التي تقع تحت حكم الولي الفقيه.
الشيخ حسن نصرالله يعلم تماماً أن لبنان وصل إلى حالة اليأس، وهي وقت حصاده فقد قال بإيجاز بليغ: "الكل يجب أن يعلم أن البلد استنفد وقته وحاله وروحه". أعلن الشيخ نصر الله إفلاس لبنان ونهايته لأن هويته ضاعت، ورسالته كبلد للتعايش ماتت.
يعتقد البعض بحدوث حرب أهلية لبنانية، لكن الأمر لا يعدو سوى أوهام مرضى السرطان المميت بالصمود والعيش، لأن ميليشيا "حزب الله" تملك سلاحا أقوى مما يملكه الجيش اللبناني، وقد سقطت بيروت ومناطق كثيرة من لبنان في يومين منذ سنوات تحت سيطرة هذه الميليشيا تماماً وحيادية الجيش، لكن الظروف لم تتح آنذاك إعلان لبنان كأراض تقع تحت ولاية حكم الفقيه، فهل يسمح التعاون الصيني/الإيراني والتغيرات السريعة العميقة التي تحدث في دول العالم كافة بتلاشي لبنان كدولة فاشلة من الوجود؟



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرشيف برنامج -رحلة في الذاكرة-
- قانون صامويل باتي وأعراف العشائر
- تجديد الخطاب الديني أم السياسي؟
- نائب ما قبل عصر البرلمانات
- الباقي من الزمن ثمانون سنة
- شكراً يا يسوع المسيح
- موقف سياسي أم خلفية دينية؟
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (2)
- الليبرالية المطلوبة من البابا فرنسيس
- خلية ثانية في منظومة الشيزوفرانيا
- خلية في منظومة الشيزوفرانيا
- فخامة الرئيس الدستوري اللبناني
- رفيق الحريري راح ضحية جريمة شرف!
- الضحك دواء بدون أعراض جانبية
- أخي الإنسان: أنت أهم عندي مما لا أراه
- إسلام القرآن وإسلام العصر الأموي
- رواية إحداثيات خطوط الكف
- سلامة المجتمعات من الانهيار
- رسالة إلى الرئيس ترمب
- الناجحون في الفشل


المزيد.....




- -لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة ...
- الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
- الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا ...
- رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل صوما - فخامة الرئيس الدستوري اللبناني (3)