أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - التَكْيَة و الخيمة و الخيزرانة















المزيد.....

التَكْيَة و الخيمة و الخيزرانة


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 6871 - 2021 / 4 / 17 - 17:36
المحور: الادب والفن
    


كان ياما كان في قديم الزمان بسهل الشاطيّة اليانع ، الفلاح الشاب : عيسى . كان عيسى ماهراً في زراعة دونم الأرض الذي ورثه من المرحوم والده بالرُز العنبر الفاخر ، و يعيش وحيداً في كوخ مع زوجته الشابة الجميلة الوفيّة مريم التي كانت تعاونه بكل جد و اخلاص في أعمال الحرث و الشتل و السقي و الحصاد ؛ علاوة على ايفائها حق الوفاء بأشغال البيت التي لا تحصى و لا تعد في الطبخ و النفخ و العجن و الخبز و التنظيف و الغسل و ترتيب مضيف الخطار و العناية بالدواجن و ما إلى ذلك .
في مساء يوم خميس ربيعي رائق ، استقبل عيسى زائره شيخ الدين الكهل السيّد موسى ألملقب بأبي خيزرانة الرمان . بعد سرطه لكامل صينية الديك الرومي بالرز العنبر الذي أعدته له مريم بسرعة مذهلة – أهدى السيد موسى لعيسى سجادة و مسبحة ، و دعاه للصلاة خلفه .
- أعذرني يا مولاي ، فقد تركت الصلاة .
- سوّد الله وجهك . إن مأواك النار و غضب الله الجبار . كم هو عمرك ؟
- 21 سنة .
- ويل لك أيها الشقي . أنت مدين لله العلي القدير بعشرة سنوات صلاةً و صياماً و زكاة . و زوجتك ، هل تصلي و تصوم ؟
- نعم .
- نِعْم الزوجة التقية . لقد حَرُمَت عليك الآن ، فهي مسلمة و أنت الكافر العاصي .
- ماذا تقول ؟
- نعم ، و رب الكعبة ! لا يجوز للمسلمة الزواج بكافر و إلا حُشرت معه في جهنم و بئس المهاد !
- و لكنني مسلم !
- هل تريد الضحك على الله علام القلوب ؟ لا إسلام يرضي رب العباد بدون أداء فروض الله المنتقم الجبار الذي سيمسخك في الآخرة خنزيراً أو قرداً أو جرذاً لملايين السنين . هل تعرف كيف تصلي ؟
- نعم ، فقد عَلّمني المرحوم أبي الصلاة مذ كنت في العاشرة من العمر ؛ و لكنني تركتها بعد المرض الذي توفي به المرحومان أبي و أمي و اضطراري للتفرغ للزراعة طول النهار .
- كيف لا تصلي و تصوم و قد كان المرحومان أبوك و أمك من عباد الله الأتقياء الصالحين ؟ هل تقبل أن يحشرا في سعير نار جهنم المرعبة الرهيبة بسبب كفرك بالله و جحودك لوالديك الطيِّبَين الطاهرين ؟
- لا . و لكن ما ذنبهما لكي يحشرا في جهنم و هما العبدان التقيان ؟
- لأنهما راعيان لك ، و كل راع مسؤول عن رعيته !
- و ما العمل ؟
- عليك أن تتوب من هذه اللحظة توبةً نصوحة إلى الأبد لرب القدرة العظيم ، و أن تتفرغ في تَكْية خاصة بك للصلاة و الصيام عشر سنين متواصلة لتكفِّر عن جرائمك المرعبة بحق الله القوي الأمين ، فتحل زوجتك عليك و أعيد تزويجك بها على سنة الله و رسوله ، و ينجو أبوك و أمك من عذابات القبر و يرفل قلباهما الكبيران السعيدان المطئنان في عز نعيم جنان الخلود !
- و من الذي سيشتغل في الحقل ؟
- أنا الكفيل بذلك ، و حق جدي ، سيد المرسلين ! ما ذا أعمل ؟ هذا هو قدري المكتوب على الجبين في الجهاد ابتغاء مرضاة الله و حفظ بيضة دينه و لو بشق الأنفس ! سأتفرغ لك عشرة سنين أنصب لنفسي خيمتي التي لا ترافقني في حِلّي و ترحالي ، و أقيم هنا لأرعى مصالحك ليل نهار بما يرضي الله عز وجل عملاً بوصاياه لعباده المتقين . أسرع لمساعدتي في نصب الخيمة الآن ، لكي أساعدك في بناء تَكْية التوبة و الخشوع لك من حصران المضيف هذه الجالسين عليها فلا تفوتك صلاة الفجر ففيها أعظم الثواب و البركة !

و هكذا كان !

إثر الفراغ من نصب الخيمة ، و من بعدها التكية ، و اعتكاف عيسى للتعبّد فيها بعد وداعه لزوجته عند الفجر ، استدعى موسى مريمَ لخيمته ، و قال لها و هو يلوّح لها بخيزرانته الغليظة :
- إسمعيني زين ، يا بنت الأصول . لقد اعترف زوجك لي بعظمة لسانه بأنه قد عصى أوامر رب العالمين ، و ترك الصلاة و الصيام عشرة سنين متواصلة بالتمام و الكمال ، و ها هو معتكف الآن في تَكْيَته الجديدة ليكفّر عن جرائمه و ذنوبه بحق سيد الأكوان . و لقد بَطُل زواجه بك لكونك مسلمة تقية نقية زكية صالحة تخاف الله ـ و هو شقي أشر ! فما بُني على باطل فهو باطل . و لقد أوكلني عيسى كفيلاً و ولياً له على كل شيء في هذه المزرعة . أنا الآن ولي نعمتك و عليك طاعتي طاعة عمياء في كل صغيرة و كبيرة لكي لا يتنزل عليك غضب رب العالمين الرهيب . معلوم ؟
- معلوم ، سيّد .
- أنتِ واجبك هو العمل في المزرعة بكل جد و اخلاص و ما إلى ذلك لأن العمل عبادة فيزيد أجرك عند الله العلي العظيم ، و أنا الكفيل بالإدارة و تسويق الناتج و هما من أعوص الأمور مثلما تعلمين . صار معلوم ؟
- صار معلوم ، سيدنا .
- قولي : سمعاً و طاعة سيدي !
- سمعاً و طاعة ، سيدي !
- و لما كان زواجك من هذا المرتد عن دينه عيسى باطلاً ، لذا فقد حكمت بالتفريق بينكما من الآن فصاعداً حسب مقتضى كتاب الله و سنة رسوله جدّي ، فلا يجوز لك قطعاً و بتاتاً السماح بالتلامس معه من الآن و حتى عشرة سنين قادمة لكيلا يرميك الله في مراجل نيران جهنم الرهيبة بسبب الزنا ! هل ترضين لنفسك أن يشتوي جسدك الوردي الجميل هذا بعذاب النار الحريق فينقلب فحماً متجمراً بسبب الزنى و هو من أكبر الكبائر عند الله الشديد الانتقام ؟
- أوووه ! كلا ، يا سيدي ، أرجوك !
- و لا تجوز لك الخلوة به إلا بعد عشرة سنين عندما تحلّي عليه ، فأزوجكما من جديد بشرط أن أتأكد تماماً تماماً من توبته النصوحة لله جل و على . صار معلوم ؟
- صار معلوم ، سيدنا الجليل .
- قولي : سمعاً و طاعة يا سيدي و وليّي .
- سمعاً و طاعةً يا سيدي و وليّي .
- بارك الله بك . و لأنني أصبحتُ الآن وليك ، فقد قضى الشرع الرباني أن أنكحك فوراً على المهر المعلوم ، و مهرك هو هذه الخيزرانة الفاخرة . قولي : زوَّجتك نفسي على المهر المعلوم لعشرة سنين قادمة .
- زوَّجتك نفسي على المهر المعلوم لعشرة سنين قادمة .
- بارك الله بك يأ أمة الله الصالحة و أدخلك جنان الخلد التي تجري من تحتها الأنهار من أوسع أبوابها . لقد فُزتي الأن بطاعتك لي أعظم قصر لك من قصور الجنة . و الأن : اخلعي كل ملابسك ، و جنّحي جُمّار زرورك لمرضاة الله و جدّي الرسول الأمين .

بعد مضي سنة ، شهدت مزارع سهل الشاطيّة اليانعة نَصْبَ سبع خيم و تكايا و خيزرانات جديدة للسيد موسى .

بعد مضي سنتين ، غزا الذباب و البعوض و البراغيث سهل الشاطيّة ، فنصب الغزاة الجدد السيد موسى رئيساً للوزراء باعتباره من "أصحاب الأيادي المتوضئة" ، فعَيَّن أبناءه و بناته الخمسين مستشارين و سفراء له بدرجة وزير ، و زادت خيزراناته - المتاحة لفيلق رجال حمايته - على السبعين .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة -طوبى للصِدّيقين- لعمّار العراقي
- دريّة شفيق و نوال السعداوي : مجد البطولة الفريدة لنساء مصر ا ...
- -الرسالة الأخيرة من الثور المجنح- للشاعر الثائر منتظر هادي ا ...
- نيني المهووس بكريّات الشموس
- تشويهات عبد الحسين سلمان (3-3)
- تشويهات عبد الحسين سلمان (2-3)
- تشويهات عبد الحسين سلمان (1-3)
- إبن خلدون الصائغ الأول لقانوني القيمة وفائض القيمة 5-5
- إبن خلدون الصائغ الأول لقانوني القيمة وفائض القيمة 4-5
- إبن خلدون الصائغ الأول لقانوني القيمة وفائض القيمة 3-5
- إبن خلدون الصائغ الأول لقانوني القيمة وفائض القيمة 2-5
- إبن خلدون الصائغ الأول لقانوني القيمة وفائض القيمة 1-5
- جميلة و جميل
- نظريات طبيعة نظام الاتحاد السوفياتي في ضوء انهياره (نحو نفي ...
- ضرورة رأسمالية العصابات (نحو نفي نظرية -رأسمالية الدولة- الس ...
- قصيدة -المُهلوسون- للشاعر الثائر منتظر هادي العقابي
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 16- ...
- الشيوعية العمالية : هَوَس التفتت و تفتيت الحركة الشيوعية 15- ...
- ترجمة كتاب الطاو (طريق العقل)
- سلطانُ الكلاوات


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - التَكْيَة و الخيمة و الخيزرانة