أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات..ويختصر المسافات بينه وبين القصيدة














المزيد.....

حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات..ويختصر المسافات بينه وبين القصيدة


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6871 - 2021 / 4 / 17 - 04:53
المحور: الادب والفن
    


يزخر النص الأدبي بعناصر لغوية وفكرية وخيالية،تسهم مجتمعةً في تشكيل بنائه الفني والذي يتمخض عن رؤيا شعرية،لذا لابد من البحث فيها جميعاً إذا ما أردنا مقاربة ما تنطوي عليه هذه التجربة.
والقصيدة عمل فني،مادته اللغة توظف فيه على نحو متميز،لذا علينا أن نولي اهتماماً خاصاً للوحدة اللغوية للعمل الشعري،من المعجم اللغوي،والتركيب،والنحو،والتصوير وما إلى ذلك.
وهذا ما سنحاول فعله عبر مقاربة لاحقة مع قصيدة (ثلاثون حكاية من مدينة القلب) للشاعر التونسي القدير جلال باباي والتي يقول فيها:

"ثلاثون حكاية من مدينة القلب "

مللت الكتابة عن "كورونا"
ساحرق رائحتها
بوقود تقواي هذا الشهر
تلك طيور مهاجرة
تحلق تحت سمائنا
ذات غروب أوٌل
ثمٌة وطن جديد
يتوالد مع كلٌ مَغرِب
بؤساء المدينة
ينتظرون هلال الشهر
حتى يستجمعوا
بريد أحلامهم الباقية
لا ينتظرون شفقة الميسورين
هي عناقيد ضوء تنساب
مع آذان الصٌبح
فجر مخاتل
ينبجس بين ليلة تشبه الرماد
وقمر دموي يجري
في مفاصل الطريق وضفاف الطين
يطلع من بين الرماد
ألف زهرة وزهرة،
هي براءة مطر أفريل
تغازل سنابل الربيع القصيرة
في كل حين
تهمس لي أمٌي بصوت
الملائكة
حكايات رمضان
أقرب إلى عناق الروح
كانت تتسارع تلك النبضات
إلى شرفة الوجد،
عبير ناره هذا الشوق كان يلفحني،
مللت الكتابة عن "كورونا"
أتوق للحظة عناق،تطفئ ظمأ الحجرِ،
مريرة جذوة حب وتنهيدة عشق،
يعتري القلب انين
أرغب في اغتراف لمسة.من يديك،
بها الروح تستكين،
تحترق أوهام ويبقى حبك
وحده يقين،
تلبسني جذوة اللقاء
ينتعش الصٌدر الصٌدأ
ويصير الجسد أفيون.

جلال باباي (ذات رمضان2021)
رغم الجدل المستمر حول قصيدة النثر،كصورة من صور الابداع الادبي،فإن تأثيرها المميز في المشهد الثقافي،لا يمكن تجاهله ولا يمكن للشعر إلا ان يكون روح عصره صحيح أن الشعر يتحدث عن نفسه،ولكن،وراء بوحه شخص يكتب في إطار تجربة ما.يريد ان يتواصل عبر ما يقول،مع متلق يقصده.لذا لا يمكن لنا ألا نخلط بين الشاعر وشعره ومقاصده.
وهنا أقول وأرجو أن لا أجانب الصواب:
مشكلة فهم النصوص الادبية أشد تعقيدا مما نعتقد. فالعوائق الخارجية في الفهم،تتمها معوقات داخلية كثيرة،تستحوذ على المبدع ويتورط فيها.ويتسرب الكثير منها الى ملامح نصوصه.ولا تدرك تلك السيرورة الجدلية،إلا من خلال ما يعلن المبدع صراحةً في نصه،او في ثنايا ما يبطن،أو يصمت عن قوله.
نصوص ادبية كثيرة تكتب وتضخ يوميا في المشهد العام للثقافه.بعضها لا أهل له ولا نسب، يتباهى به.قليلها مؤهل للبقاء حيا.
انسيابية هذا النص "ثلاثون حكاية من مدينة القلب " ”لجلال باباي" جذبت إنتباهي مؤخرا. فذهبت إليه متعمدا،برؤية المتبصر ورويَّتِه.
فهو نص أدبي حقيقي،مكثف مشدود الى الواقع،الذي لم يحضر كوقائع مثبتة،بل كتدفق منطقي، يطرح اسئلة مختزلة في ذهن المتلقي،من أجل اعادة قراءة فكرة متوهجة بالمجاز،ذات بعد فني ولغوي عميق،محملة بالشعر المبني على مشاهد موحية منتشلة من الحياة،تجسد درجة عالية من الواقع المعيش ومتوازياته من ألم وأمل.
أديبنا الفذ (جلال باباي) ليس من محترفي الشعر.بل مثقف مسكون بالشعر وهواجسه.وطّد علاقاته بملكاته وقدراته.وتمرّس بأدوات الابداع.وصقل مهاراته فيه.مما مكنه من الموازنة باقتدار،بين الشكل والمضمون فيما يحاول قوله.وهو مؤهل لان يرفع الخاص منه الى مستوى العام.
تتميز هذه المجاهرة،بمعان كبيرة كاشفة،مصاغة في جمل قليلة وكلمات وديعة،وايقاعات مختلطه،تطل على المتلقي وهو اعزل،إلا من رغبته في المتابعة والتأمل،فتفتح له نوافذ على أحزانه وأشواقه.وتضعه في أرجوحة اوجاعه،عله وهو جالس على حوافها أو في فضاءاتها،يستطيع بحذر تفكيكها،والتعالي على تسلطها،وان يضيء ما يلوح من أحلامه في الأفق.
وهنا أضيف:
كم تبدو أبيات هذه القصيدة شبيهة بنا ونحن نعيش تضاريسها المألوفة وباء،مآسي،اشتياق، هذا ما ذهب إليه الشاعر الأمريكي ريتشارد ويلبور الراحل عن دنيانا عام 2017 حينما كتب يقول :" إذا كنت سعيدا فستظل صفحتك أيها الشاعر فارغة،يجب أن يكون هناك بعض الاحتكاك للكلمات للقبض على النار وإلا فستكون القصيدة اشبه برماد خامد لا حرارة فيها "،وكأن كل ما كتبه جلال باباي في قصائده الشعرية التي اطلعت على الكثير منها محض ارتداد لصوت واحد هو الألم والأمل وكذا الوجد والشوق، :"تلبسني جذوة اللقاء /ينتعش الصٌدر الصٌدأ /ويصير الجسد أفيون.."
ختاما أقول:
هذه القصيدة لجلال باباي صفحة من دفتر الحنين الوَجد والقلق،ولوحة فنية تجمع ما بين عناصر اللون والحركة والصوت والصورة التعبيرية،وتتسم بالوحدة العضوية حيث الترابط بين وحدة الموضوع ووحدة الجو النفسي والعاطفة والإحساس الحنيني والشفافية الجميلة، وعزفت أبياتها بموسيقى عذبة وايقاع لحني جميل.
فشكرًا لك صديقنا وشاعرناجلال باباي على روعة النص وجمال اللفظ والتعبير والمحسنات البلاغية ورقي الابداع،وبانتظار المزيد مما يجود به القلم وتتفتق به القريحة والخيال الشعري الخصب،مع خالص التحايا.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معا لإحياء الذكرى 33 لإستشهاد القائد البطل خليل الوزير-أبو ج ...
- رحل إبني باكرًا..وتركني على ناصية الحزن ..
- وقفة تأملية في إبداعات الشاعر والكاتب التونسي الكبير د-طاهر ...
- تجليات النصر والإنتصار..في شهر رمضان
- قراءة في قصيدة (الكل تحالف ضدّي !) للشاعرة التونسية الفذة صب ...
- هنا تونس: مملكة النقد الأدبي للوجدانيات :رائدة الفكر والثقاف ...
- كلام عابر-حول أزمة الواقع السياسي العربي-
- حين يصبح النظام العربي- مطالب- بتكوين كتلة دولية تتعاطف مع ف ...
- حوار مع الكاتبة التونسية المتميزة : سميرة بنصر
- حين تتحوّل الكلمات..إلى لوحة فنية بأنامل شاعر كبير بحجم هذا ...
- رؤية الفكر..نمذجة الفن : قراءة-متعجلة- في قصيدة ومضات عشقية. ...
- أي دور يجب أن يلعبه المثقف العربي إبان هذه المرحلة التاريخية ...
- دموع غزيرة بحجم المطر..تنسكب على خد نحاسي هرم
- قراءة تأملية في قصيدة : يحتشد فوق ناصية الرصيف...حداد أقدامن ...
- جدلية العلاقة..بين الإبداع والمعاناة..!
- حين يومض برق القصيدة..ننخرط مع الشاعر التونسي القدير جلال با ...
- الكاتب التونسي القديرد-طاهر مشي..يبحر عبر الكلمات (حين ...
- قراءة متعجلة في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي (حيث ...
- اشراقات الأحاسيس الوطنية في قصيدة :- أيها العابرون - للشاعر ...
- على هامش الانتخابات البرلمانية في إسرائيل


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات..ويختصر المسافات بينه وبين القصيدة