حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 6869 - 2021 / 4 / 14 - 11:23
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
تفاوتت ردود الفعل على إعلان الصين، قبل أسابيع، عن انتصارها في القضاء على الفقر. والحقّ أن الرئيس الصيني شي جين بينج، كان دقيقاً في تعبيره حين قال: إن ما انتصرت الصين عليه هو «الفقر المدقع» الذي استثمرت في مكافحته على مدار السنوات الثماني الماضية ما يعادل 246 مليار دولار.
هناك من رأوا في ذلك نجاحاً جديداً ل«المعجزة الصينية» في العقود الماضية، التي جعلتها منافساً قوياً جدياً لأكبر اقتصاد عالمي، الاقتصاد الأمريكي، وتستعد الصين لتبوؤ الموقع الأول بين الاقتصادات العالمية قريباً، وتقترن نجاحاتها في خريطة الاقتصاد العالمي بنجاحاتها الداخلية، فوفق البيانات المعلنة فإن 98.99 مليون من سكان الريف عبروا خط الفقر، وجرى انتشال 832 محافظة و 128 ألف قرية من عداد المناطق الفقيرة.
وهناك، في المقابل، من شكّك في الإعلان الصيني، وهو أمر متوقع في إطار المنافسة الدولية الراهنة، في المجالين الاقتصادي والسياسي، وحتى الأيديولوجي، والرامية للتقليل من نجاحات البلدان غير الداخلة في دائرة الاقتصاد الغربي، والصين في مقدمتها، ومن ذلك القول إن الحد الأدنى الرسمي البالغ 2.3 دولار في اليوم متدنٍ مقارنة مع الحد الذي يوصي به البنك الدولي للبلدان المتوسطة الدخل مثل الصين، والبالغ 5.5 دولار.
ما يجري إغفاله هو أن متوسط الدخل ليس هو المعيار الوحيد في تحديد مستوى الفقر، فهناك معايير لا تقل أهمية بينها وضع المسكن، والتغطية الصحية وتعليم الأطفال، وغيرها، حيث بات كل الأطفال الصينيين يكملون تعليمهم الإلزامي من دون أن يضطروا للعمل لمساعدة أهلهم، ويذكر مارتن رايزر، مدير البنك الدولي في الصين، «بالنسبة للأغلبية العظمى من الصينيين، تحسّن مستوى الحياة بشكل كبير في غضون جيل كامل».
يعيدنا هذا إلى انطباعات الكاتب الإيطالي الشهير، ألبرتو مورافيا (1907 – 1990)، عن زيارة قام بها إلى الصين، لم نتيقن من تاريخها بالضبط، حيث قال يومها إن أكثر ما أثرّ فيه هو الفقر، لكنه استدرك قائلاً: إنه فقر «بحسب الفكرة التي يُكوّنها الناس في الغرب فقط»، مضيفاً: «إن الولايات المتحدة فيها فقراء وأغنياء، والفقراء فقراء بسبب وجود الأغنياء، فلولاهم لما كان هناك فقراء».
ودعا مورافيا أيضاً إلى البحث عن مفردة أخرى غير الفقر لوصف أحوال الناس في الصين، مقترحاً أن يكون هذا الوصف: «عدم وجود الغنى»، لأن ما وراء ذلك يبدأ الثراء، من حيث هو كماليات لا تجعل من الإنسان إنساناً أكثر مما هو فعلاً، بل إن بعض الثراء «غير إنساني».
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟