عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6866 - 2021 / 4 / 11 - 00:01
المحور:
الادب والفن
الهجاء ضرب من ضروب الشعر العربي برز فيه شعراء فحول كالفرزدق وجرير، ومنهم من تخصص فيه ولم يبرع في أي ضرب آخر كالفخر والحماسة والرثاء والمديح والغزل، وشعر الهجاء هو الأدنى قيمة أدبية، والأقرب الى الهزل والصبيانية. وكما شعراء المديح يتكسب شعراء الهجاء بشعرهم، ولآن الشعر ديوان العرب كما كان يطلق عليه، والقصيدة أسهل أنتشارا وربما أبقى في الذاكرة، فقد كان أصحاب السلطة من حكام وأثرياء يغدقون الهبات والأموال على الشعراء ليهجوا خصومهم، وربما كانت عطاياهم لمرتزقة الشعر في هذا الميدان، أعظم مما كانو يغدقوه على المادحين، فالجميع يعلم أن المديح باب إرتزاق معروف، لكن الهجاء يستعير ملامح الجرأة الزائفة في معظم الأحيان. حتى درر المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني، وغيرها من لآلئ الحكمة التي تفوق فيها على من سبقه ومن أعقبه، لم تعرف شهرة أبيات الهجاء التي قالها في كافور، مع ما فيها من عنصرية مقيتة.
ولكون ذلك الشعر نال الأعتراف به كباب من أبواب الأدب فانه ترك تأثيره في الثقافة العربية المكتوبة والشفهية، وربما في البناء النفسي لحامل هذه الثقافة، وبتأثيره نشأت ثقافة الردح التي تبرع فيها نساء الحارات الشعبية. ومنهن ورث بعض المتعلمين الأدعياء ((مقدرة)) الردح، الذي يستهدفون به أي رأي أو فكرة لا تتوافق مع ضحالتهم، وينهالون على أصحاب الرأي والفكر بشتائم تكشف زيف الألقاب الأكاديمية التي ينتحلوها.
أغلب هؤلاء أعجز من أن يصيغوا فكرة أو رأي، ويجدون متعتهم ((الفكرية)) في ترصد ما ينشر في مواقع يختارونها، ليوجهوا الشتائم والأهانات لكتاب لم يسيئوا اليهم ولا لغيرهم. فيمتلئون رضا عن أنفسهم، ويشعرون بأنهم قد تساووا مع أصحاب الرأي والفكر، ويستحقون فعلا الألقاب الأكاديمية التي أنتحلوها.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟