|
سفر الفقراء
شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي
(Shakir Kitab)
الحوار المتمدن-العدد: 6847 - 2021 / 3 / 21 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفقير والمال: يكذب كل من يقول أن الفقير هو فقير العقل والمعرفة والجاه. إنها عبارة للتخدير والقبول بالأمر الواقع الذي يفرضه الأغنياء علينا. بل أن الفقير هو فقير المال أولا. عاطل عن العمل أو يعمل لكن مردوده الشهري قليل لا يكفي سد رمقه وعياله. يستغله الأغنياء فيبنون قصورهم وجمهورياتهم به وبجهوده ولا يقوى على أن يرفضهم لأن سوق العمل في بلادنا فقير أيضا. الفقير: لا يحمل شهادة جامعية تؤهله للعمل كموظف وإن حملها فلن يجد عملا لأنه ليس ابناً لهذا الحزب أو ذاك. بل هو سليل الفقراء أبا عن جد. تعاقب الأغنياء على استغلال أهله وحان الآن دوره فها هو بين أيديهم كما هي الحاجات الأخرى العديدة التي يمتلكونها. الفقير: أساس كل الثورات ( الكومونة - أكتوبر روسيا – ربيع تونس – ربيع مصر- أكتوبر العراق) . الغضب يسكن في أعماقه .يتفاعل بهدوء. ويتراكم يتراكم كل يوم ، كل حين وكل ساعة، لينفجر في لحظات الغضب. إذا انفجر غضب الفقير فلن يتوقف إلا أن ينتصر أو ينتقم. وله الحق في الاثنتين. الفقير: شهم صاحب أصول يجير الجار والمستجير ويجيب دعوة الناس إذا دعوه وهو أقرب إلى الناس من غيره في سرائهم وضرائهم. كريم لا يخشى أن يفقد شيئا ليس لأنه لا يملك شيئا بل لأنه تعلم في مدرسة الفقر أن يتقاسم الخبز مع أقرانه ويفضلهم على نفسه. الفقير: لا يخون وطنه لا مع أمريكا ولا مع إيران ولا إسرائيل من أجل حفنة دولارات بل يلتف بالعلم علم العراق ويصرخ أريد وطنا لا دولارات. الفقير: شجاع يقول الحق بوجه الظالم وصريح ومباشر لا يلف ولا يدور. يعجب العجب في المفاوضات مع الخصوم يحفظ رواية العقب الحديدة عن ظهر قلب لأنها كتبت بلسانه فهو ابن الثورة البار. الفقير: أمين على أموال الناس والمؤسسات ويعرف قاعدة أما السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما لا خوفا على يده من البتر بل يعلم علم اليقين أن اليد التي تسرق اليوم وتتسبب في دمار البلاد والعباد ستسرق مرة ثانية وثالثة وسوف تأتي على كل خيرات العراق وسوف تكون مثالا لضعاف النفوس فيتسابقون على العمل الفاحش كما هم اليوم في بلادنا. الفقير: عفيف يرفض المكرمات والأعطيات وما ليس من حقه ومن عرق جبينه ونتاج يده الكريمة. يخجل أن يعود لبيته بكيس الخبز والطعام لأطفاله من غيرعمله هو وعرق جبينه. ماذا يقول لزوجته وأطفاله؟؟ لو سألوه من أين لنا هذا؟؟؟؟ ماذا يقول أطفاله لزملائهم في الشارع وفي المدرسة وماذا تقول زوجته لأهلها وجاراتها؟؟ إنه عفيف ويشعر بشعور أهله وأحاسيسهم ويبقى مفخرة. الفقير: مثقف مفكر علمه الفقر والواقع والتعامل المباشر مع أدوات عمله ومع أبناء طبقته وآلامهم. له الحواس الخمس تعمل بنشاط وبفعلها تفتحت حواس عقلية وفكرية وروحية ونفسية أخرى عديدة عززت لديه حاسة الشعور بالظلم والفوارق والباطل وحاسة الرفض الفطري لكل ما هو غير الحق. الله عليك أبتي العزيز. الفقير: إنسان عاشق يعشق الغناء المواويل والمقامات والأبوذية والبستات والجوبي والهوسات ويعشق أغاني العراق في زمنها الجميل ويطرب لرضا علي ورضا الخياط وليمعة توفيق وناظم الغزالي ووحيدة خليل وسعدون جابر وياس خضر وحضيري أبوعزيز وحسن نعمة فاضل عواد وقحطان العطار وأمل خضر وسعدي الحلي. كنت أجلس في مقاه لا يرتادها الأغنياء أبدا وأستمع إلى دندنات الفقراء وهم يلعبون الدومنة والطاولي وعندما يقترب أحدهم من الفوز ينظر بوجه صاحبه ويدندن له مبتسما: هذا منو الدك الباب .. فينادي صاحبه: عمو ناجي الجايات عليَّ.... مرة تدخلت لأصحح أغنية رددها أحد الفائزين قال لصاحبه: يا حلو كللي شورطك كللي دكللي ... قلت له كللي شزعلك كللي دكللي. انفجر ضاحكا التفت لي وقال أسال عمك وهو يشير الى زميله الخسران شورطك لو شزعلك؟؟؟ الفقير: مدرسة قائمة بذاتها: فهو شاعر فنان ممثل مطرب مخرج ملحن ولولاهم والله ما اصبح العراق من أغنى دول العالم بالفن والأدب: السياب سعدي يوسف عبد الأمير الحصري حسب الشيخ جعفر الجواهري معروف الرصافي الزهاوي يوسف الصائغ عادل كاظم فاطمة الربيعي طه سالم فوزي كريم سامي عبد الحميد يوسف العاني ناهدة الرماح ميمون الخالدي الفريد سمعان محسن فرحان. الإبداع عند هؤلاء أساسه الشعور بالغبن والحاجة إلى التعبيرعنه وإيصاله للناس, الفقر إذن مدرسة. أغلب هؤلاء عاشوا وماتوا وهم إلى الفقر أقرب ومنهم من احتوت جثامينهم بلدان غريبة ومنهم من مات قهرا على بلاد ضاعت ومنهم من ينتظر.
الفقير: فيلسوف. اغلب الفلاسفة الكبار ماتوا وهم فقراء: افلاطون لم يكن غنيا ولا ارسطو وقبلهم سقراط الذي دفع حياته ثمنا لفكره وصدقه وإصراره على موقفه. فلاسفة وحدة الوجود كلهم كانوا فقراء الحلاج ابن عربي سبينوزا ابو العلاء الكندي ابن رشد ديكارت كانت وكارل ماركس الذي اصطف لجانب الفقراء لأنه اكتشف مقدار الظلم الذي يدفعون حياتهم بسببه واكتشف ان سر التاريخ هو هذا الشعور بالظلم الذي يدفع بالثورة للتحقق والذي يشكل سر التطور من بعد أن كشف عن قوانين الصراع الاجتماعي الذي جوهره هم الفقراء.. الفقير: نبي. الأنبياء كلهم كانوا فقراء ما عدا الكهنة. والغريب أن الأنبياء حذرونا من الكهنة ورفضوا منصبهم الاجتماعي وموقعهم الاستغلالي للفقراء فطالبوا بالعلم والتعلم والتفكر والعقل والتحرر. قصص الأنبياء التاريخيين نماذج كبرى لما أقول: محمد وعيسى وموسى وصولاً إلى لقمان وإدريس, أما يوسف وتربعه القصر بعد مسيرة عذابات وسجن فقد كان فقيرا أيضا وعندما انتصر رفع أبويه وأهله لتنتصر صورة الفقراء على صورتهم وهم في فاقة القحط والجوع. الفقير: سياسي نزيه وأمين ووطني مخلص لوطنه ومحيطه وأهله. الفقراء في بلادي هم الذين أسسوا الأحزاب الطبقية التاريخية الكبرى: الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث والوطني الديمقراطي وحركة القوميين العرب والحركة الكردية والبعض من القوى الدينية. كثير منهم لم ينحرف إلا بعد أن سيطر عليه الأغنياء وأصحاب السلطات والقصور والأرصدة. لكننا نتكلم عن الفقراء في هذه الأحزاب: حافظوا على شرفهم ومبادئهم وانحداراتهم الطبقية وبقوا أمناء دائما لمعايير النزاهة والعفة. تشهد على ذلك فترات توليهم المناصب الوزارية. أسس الفقراء الأحزاب وانفتحوا على أبناء الطبقات الكادحة ورسخوا بذلك إرثا ثوريا وطنيا عالي المقام ورفيع القيم ونشروا عقائد الفكر السياسي الذي يشكل مدرسة تاريخية للأجيال والدارسين والباحثين. الفقير: غني النفس متسامٍ. أيها الناس انتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد. بمعنى أن الناس لا يحتاجون الأغنياء بل يحتاجون الذي خلقهم جميعا. ودونما التوقف عند معنى الخالق فهذه إشكالية من طراز آخر تناولها الفلاسفة في علم اللاهوت وعلم الطبيعة ومختلف الأنظمة الفلسفية لكننا نلمس هنا التسامي لدى الفقراء بأن مطالبهم عالية جدا كونية سماوية إنسانية عامة شاملة لكل البشر يعني أممية واسعة الآفاق. الفقير: قائد نحو الخير والتحرر الناجز للإنسان والأوطان.. ننتظر الفقراء أن يقودوا بلادنا في الفترات القادمة ليبنوها بسواعدهم القوية المصممة والمتطلعة نحو الحضارة والتقدم والسلام التام والعدالة الاجتماعية.
#شاكر_كتاب (هاشتاغ)
Shakir_Kitab#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقدكم السياسي مرفوض أيها السادة!!!.
-
من أسس الأحداث
-
التظاهرات بين أنياب التخريب ( 2 )
-
التظاهرات بين أنياب التخريب
-
المدنية الوطنية في العراق اليوم
-
العقيدة الوطنية تنتصر في العراق,
-
الفساد السياسي أساس كل فساد.
-
الحصار من جرائم الإبادة الجماعية
-
مؤتمرنا البديل
-
إجراءات فورية لحكومة الإنقاذ القادمة
-
الوطنية بين ركام الخراب
-
بين إرادتين
-
دلالات دعوة العبادي للحوار
-
الدولة البديلة ( دعوة لأحلام وطنية )
-
هذا ما تبقى لكم
-
القلم
-
متى نعيد الاعتبار لكلمة - سياسي -؟؟
-
الدولة أولاً...
-
تغريدة عن استشهاد الحسين ع
-
الحزب السياسي بالمختصر المفيد
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|