أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حبش كنو - حينها أدركت بأنني كردي














المزيد.....

حينها أدركت بأنني كردي


محمد حبش كنو

الحوار المتمدن-العدد: 6847 - 2021 / 3 / 21 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


حينها أدركت بأنني كردي ..!!!!!

المشهد صباح ربيعي هادئ مشوب بالسكون ملبد بالغيوم ونفحات من برد الصباح .

وقفنا في باحة المدرسة الإبتدائية في الإجتماع الصباحي كعادة كل يوم ننفخ في أكفنا الصغيرة من البرد ونتمنى أن تطل الشمس برأسها من بين الغيوم فتبعث بعض الدفئ لكنني لاحظت حركة غريبة وجلبة غير معهودة .

من هؤلاء الرجال الأغراب الذين دخلوا المدرسة ..؟؟؟

مدرسة المحدثة الإبتدائية في الثمانينات لم يكن بها معلمون ذكور بل معلمات إناث فقط لكننا لمحنا بضعة رجال يحضرون لخطب غريب ..!!!!!

حضروا إلى الإجتماع ونظروا إلينا وقال أحدهم بأن من يذكر إسمه فعليه الخروج وبدأ بترتيل الأسماء وفجأة سمعت إسمي بين المدعوين فخرجت موجسا خيفة لكن لا أعلم هل هي جائزة أم عقوبة لشيئ ما .

كنا طابورا طويلا من التلاميذ ومن تبقى في الإجتماع ممن لم يظهر اسمه كانوا ينظرون إلينا .. ربما كانوا يحسدوننا لأننا سنحصل على جائزة أو يشفقون علينا من عقوبة على الأبواب .

نادى المنادي أنتم غبتم البارحة عن المدرسة وذهبتم إلى عيد النوروز وسيكون عقابكم عسيرا وسحبوا الطفل الأول إلى الفلقة عبر إمساك أحدهم برجليه والآخر كان يضرب بكل ما أوتي من قوة بعصا غليظة على قدميه .

كنا مصطفين كاليتامى أمام الحائط ننتظر دورنا ودوي صوت الأقدام يصل إلى الحارات المجاورة مع سكون الصباح .

ثلاثة رجال كانوا يقومون بالمهمة وقد قدموا من خارج المدرسة ( ربما كانوا من المخابرات ) ورجل رابع كان واقفا يتابع المشهد فقط .. كان رجلا طويلا بشوارب سوداء وقميص أسود و طقم أسود وقلب أسود .. كان يضع حزاما بنيا مرقطا كظهر سلحفاة برية ويلبس حذاء أسود يلمع كخنفساء تلطخت بالزيت وينظر بعيون جاحظة كأنها عيون سحلية قربت أن تموت من العطش ظهيرة صيف .

كان منظر جواربنا المرقعة أشد ألما من ضربات العصي وهو ما لحظته و أحسست به لدى جميع الأطفال فقد كنا نشعر وكأن عوراتنا انكشفت لدى الجميع فأن يرى صديقك أو معلمتك جواربك التي رقعتها أمك أشد مضاضة وخجلا وحزنا من ألم خلفته العصي وسيزول بعد حين .

كطفل في السابعة من عمره لم أكن أعرف ما هو عيد النوروز ولم يكن يهمنا منه إلا اللعب على جبل مشتنور بين المساحات الخضراء وشراء بوظة رديئة مصنوعة من السكر وملح الليمون وصبغة كانت تستخدم أساسا للنسيج لكنها كانت منتهى آمالنا وأحلامنا .

مثله مثل عيد الفطر وعيد الأضحى كان يهمنا اللعب وخرجية بسيطة وبضع سكاكر وحلويات ولحم مشوي في بيت جدتي دون أن ندرك ما هو الفطر وما هو الأضحى وما هو النوروز وما هو الدين وما هي القومية .

في ذلك الإجتماع الصباحي علمت أنني شيئ مختلف وأن هناك سببا لضربنا فأنظمة هذه الدول عبر قمع الكرد أشعروهم بكرديتهم وإلا لو كانت هناك دولة مواطنة متساوية فربما اضمحل الكرد في بوتقة تلك الدول فالعدل في الآخر أساس كل شيئ .

بضع رجال أتوا ليعاقبونا كأطفال لا يفهمون شيئا لأننا ذهبنا إلى نوروز .. لم يأتوا يوما لبناء مرحاض للمدرسة التي كانت بلا مراحيض وكنا نتبول على حوائط المدرسة ولا أتوا لحل مشكلة الفصول المكتظة و انعدام الخدمات بل كنا نردد فقط شعارات القومية والإشتراكية وفلسطين والأمة العربية الواحدة والرسالة الخالدة والوليد والرشيد والعربيد .

خيالات كثيرة كانت في رأسي وأنا في آخر الطابور أرتجف خوفا وبردا وعندما أتى دوري ناداني الرجل ( تعى ولاك ) وكانت أسنانه تصطك من الغل كأنني نكحت أمه وبدأت أول عصا تهبط على قدمي الغضتين من السماء .. حينها فقط أدركت أنني كردي .



#محمد_حبش_كنو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلا رسول الله كلمة حق يراد به باطل
- البرلمان هو الحل المنقذ لأكراد سوريا
- فلسفة الوجود واللاوجود
- عن كورونا والسياسة والقمح والشعير
- حرب المعابد
- الأزمة السورية وملاحم آخر الزمان
- معركة إدلب الكبرى بين الوهم والحقيقة
- حتى لا يتحول الكرد إلى السمكة الثالثة
- دراسة عن تنظيم القاعدة والعمال الكردستاني كنموذجين في الحرب ...
- تناقض الصراعات الداخلية الأمريكية تلقي بظلالها على مشاريعها ...
- وداوها بالتي كانت هي الداء .. عفرين وآخر أوراق الكرد
- ماذا وراء سقوط الطائرات في سوريا ..؟؟
- حين تلمع الفاتيكان وجه القاتل
- موناليزا الكرد بارين كوباني
- نواة الحماية الذاتية .. الإستراتيجية الرابعة لإقليم كردستان
- تصحيح مسار الإعلام .. الإستراتيجية الثالثة لإقليم كردستان
- إصلاح هيكلية البيشمركة .. الإستراتيجية الثانية لإقليم كردستا ...
- ليس للكردي إلا المكر والدهاء .. الإستراتيجية الأولى لإقليم ك ...
- حين سيطر الإخوان في غفلة من الزمن
- دراسة عن إستفتاء كردستان من وجهة نظر أعمق


المزيد.....




- مستوحى من فيلم -فورست غامب-.. توم هانكس يظهر في فيديو موسيقي ...
- بعد أن أسقطت اسمه من بيانها الأول.. أكاديمية الأوسكار تعتذر ...
- التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء.. ابن تيميّة وتراثه ال ...
- اسماء خاجه زاده مترجمة کتاب الشهيد يحيي السنوار
- أكاديمية السينما تعتذر لعدم ذكر اسم مخرج -لا أرض أخرى-
- أحمد داش ومايان السيد في فيلم -نجوم الساحل- بموسم العيد
- -مبني على قصة حقيقية-.. ويل سميث يتناول -صفعة الأوسكار- الشه ...
- الفنان ماجد المصري يحدد سبب نجاح -إش إش-
- ضد السياحة.. أيام في إسطنبول لحسونة المصباحي
- مهرجان سندانس السينمائي الأميركي ينتقل إلى كولورادو في 2027 ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حبش كنو - حينها أدركت بأنني كردي