عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).
الحوار المتمدن-العدد: 6846 - 2021 / 3 / 20 - 23:37
المحور:
الادب والفن
(ساعاتُه الأيامُ, أيامُه الأعوامُ ,والعام نير.) السيّاب .
إنْ حاولَ واحدٌ من الذين أدمنوه أن يتفوّه به ، يضعُ الآخرُ يدَه على فمه ليمنعَه من التحدّث ,ولو أنه منقرضٌ ومغلقٌ منذ أكثر من ستين عاماً من قبل شيخ عُرف بتقواه ، لأنه كان للدرك الفرنسي ، وربما حين يتلقى المبغى الشتائمَ الحالية ، وكأنّ الشتائمَ ضده لا للمبغى وكفى ، بل لِمَنْ بنوه : "الاحتلال الفرنسي "الذي لم ينعم وحده بالمبغى ، حيث كان الجنودُ يقيمون في طريق قريب منه "القشلة "المنقرضة الآن أيضا .
الأهمُّ في سيرة المبغى أنّ البعضَ يتشنّجُ من الحديث عنه ويرفض سيرته ويفنّد و يصغر وجوده بل يحقره ، ويرفض أن يكون له وجود أصلا ، وهو نفسُه الذي رآه و ربّما دخله و تعرّف على عالم المبغى والبغايا .
فكان المبغى الطريق المباح لِمَنْ أرادَ دخوله ولمن يقصد الجهة التي يرتاح فيها - و طالما تمناها -, فإنْ لم يدخل المبغى ذاك فسيخلق في داخله مبغى وهميّاً و بغايا أوهام ويستدرجهن إلى أحلامه و أحلام يقظته . فكأنّ وجودَ المبغى يتناسب ووجود شباب تستفزهم دواخلُهم لمعرفة عالم غريب بحاجة إلى كشف , وهم الغريبون عنه , فكانَ لا بدّ أن يقتحموه و يتنفسوه بأية طرق كانت , و مهما كانت صعبة و ملتوية , وما أن يُنهي (شغله) عليه أن يغتسلَ - أنْ يُبعدَ النجاسة عنه , فيغطس – مجرد غطس فحسب – في النهر القريب الذي كان كفيلا أنْ يبعد عنه آثام الدنيا . لم يكن على زبون المبغى أن يختار الطريق الأقرب ليوصله إليه خوفَ أن تراه عينٌ متلصصة تبيح فضيحته , عليه أنْ يختار طريقا ليظن به أنّ له عملا ما في ذاك الطريق , و كأن الطريق ذاك ممنوع , و كأنه ملغوم برقابة داخلية ,وإن كان سالكه لا بدّ مار فيه لعمل هام يقضيه . حتى ذاك المار الإجباري كان يحسُّ أنّهُ ذاهبٌ إلى المبغى لحرب العيون التي تترصّد الطريق وتحسسه أنّ العيون تلك تراقبه هو و تتربص به لا بالطريق .
عبداللطيف الحسيني.:شاعر سوري مقيم في مدينة هانوفر الألمانيّة.حيّةٌ لها .
#عبداللطيف_الحسيني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟