أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد مسوح - ليس بالمال وحده يحيا لبنان














المزيد.....


ليس بالمال وحده يحيا لبنان


مفيد مسوح

الحوار المتمدن-العدد: 1628 - 2006 / 7 / 31 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس بالمال وحده يحيا لبنان
د. مفيد مسوح

هدئت قليلاً وأنا أصغي إلى خبر تخصيص العربية السعودية بأمر من ملكها مبلغ نصف مليار دولار أمريكي مساعدة نقدية لإعادة إعمار لبنان، الذي دمَّرت بيوته ومرافقه وهجَّرت من لم يقتل من أهله الغزوةُ الهمجية الإسرائيلية، والتي مازالت تصبُّ حقدها الأعمى على لبنان شعباً وحضارة. وطمأنني قليلاً الخبر الثاني الذي يفيد بتخصيص مبلغ مليار دولار أمريكي لدعم استقرار العملة اللبنانية بإيداعه في المصرف المركزي، فمبلغ كهذا من شأنه أن يقطع الطريق على تجار الحروب وسماسرة العملة في لبنان وما يجاورها وعلى شركائهم المراهنين على ورقة الاقتصاد اللبناني الضعيف وعلى الأحوال المعيشية المتدهورة لأبنائه عاملَ ضغطٍ يرمي بلبنان إلى حفرة الاستسلام للمخطط القذر الذي تديره أيادٍ خارجية متنوعة تقامر به دفعاً للأنظار الموجَّهة إلى سياساتها العدوانية والاستفزازية للمجتمع الدولي والقائمة على توتير الأجواء وتكريس القمع والإرهاب والاستهتار بأبسط المعايير الدولية لحقوق الإنسان والاستئثار بمقدَّرات البلدان وتسخيرها للمصالح الخاصة أو لدعم آيديولوجيات الانعزال والتخلف.
إننا نرى الآن هيئات إنسانية عالمية وقد هبَّت تنظم حملات لجمع التبرعات والمساعدات بأشكال مختلفة للمصابين والمهجَّرين من ديارهم وقراهم وللحكومة اللبنانية ومؤسساتها لإعادة بناء مادمَّرته الغارات الجوية والبحرية والبرية الإسرائيلية من مرافق تستحيل بدونها الحياة ويستحيل تقديم العون لمن هم بحاجة إليه. وسمعنا أيضاً عن مساعدات حكومية عاجلة قامت بها بعض الدول وعن برامج إعلامية مفتوحة للتبرع على الهواء مباشرة في خطة لتحفيز أصحاب الضمائر ممن لهم القدرة ولديهم القناعة بجدوى المساعدة وضرورتها.
وإذ تُثلج هذه المبادرات القلوبَ المحترقة حزناً وتُهدِّيء العقولَ الغاضبة من انعدام العدل ومن استمرار حالات الاضطهاد والقهر، فيدفع الأبرياء الفقراء على الدوام ثمن السياسات العدوانية والثقافات الرجعية والمغامرات الهوجاء وخطط تصفية الحسابات واستعراض العضلات، نجد أنه لا بدَّ من التفكير مليَّاً بما هو أبعد من الحاجة للمال ينتظره لبنان وشعب لبنان بفارغ الصبر.
دون أن نغفل حقيقة تضمُّن هذه المساعدات بعداً أخلاقيَّاً ومعنويَّاً يتمثل بالتعاطف والمؤازرة الأخوية والإنسانية، نرى أنفسنا أما قضية أعمق بكثير مما وصفه البعض مؤمِّلاً منكوبيَّ لبنان بمساعدة مَن هم وراءَنا مِن أصدقاء وحلفاء لا يتأخَّرون في دعمنا لإعادة إعمار ما تهدَّم بعد أن نحقِّق النَّصر المؤزَّر! إنها قضية الخسارة الحضارية والخطر من تكرار تعرُّض لبنان لأحداث جسام تفتته وتعيده إلى الوراء وتعطِّل إمكاناته فيجد نفسه خارج التاريخ والحضارة_ وهو البلد الذي صنعهما، وخائفاً مهمَّشاً_ وهو الذي كان رمز الحضور، ويائساً مكتئباً انعزالياً_ وهو ساحة التفاؤل التي لا حدود لانفتاحها طبيعةً رائعة وشعباً معطاءً وأدباً هو أدب الحياة السعيدة الحرَّة الكريمة المتطوِّرة.
إن ما يحتاجه لبنان ويحتاجه شعبه هو حريته الحقَّة وسيادته الفعلية والذي يتطلب كأول الشروط كفَّ الجهات الخارجية عن التدخُّل بمكوِّناته السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية والعبث بهذه المكونات عن طريق الاختراق الثقافي والأمني وشراء الذِّمم والولاءات ضماناً لاستمرار أقنية ووسائل التدخُّل والعبث. ولا بدَّ للمجتمع الدولي ولمن يبادل لبنان الصداقة النزيهة من تشديد الضَّغط على تلك الجهات للتوقف عن هذه الممارسات الأنانية والتي لا تقلُّ عدوانية وحقداً عن الغارات العسكرية الإسرائيلية، لأنها في نتيجتها تضعف لبنان وتحرمه من سيادته ومن فرص حماية أمنه واستقراره.
وما يحتاجه لبنان من أهله التضامن والوحدة والترفُّع عن مستويات الاختلاف التناحري وإلغاء أسبابه الدينية أو الطائفية أو العشائرية أو الولائية لآخرين، والتحالف من أجل إنقاذ الوطن وحماية شعبه وحضارته وإعلاء مصلحته فوق المصالح الذاتية أو التجمعية.
وكما يتوخَّى لبنان من أبنائه الصمودَ وصدَّ العدوان بكلِّ ما يستطيعون وعدم السَّماح لمشاعر الانكسار والتشاؤم من السيطرة عليهم، يطالبهم، حقَّاً، بالتحلِّي بالوعي الكامل لحقيقة ما يحيط بهم ومن يحيط بهم والانتباه إلى خطورة التشرذم والتبعية والولاء لجهات ذات برامج لا تصبُّ في مصلحة لبنان الوطنية. وإذا كانت لإسرائيل مطامع في لبنان، وهي لا تخفي حقدها التاريخي عليه شعباً وثقافة ومكانة حضارية، فإن لأصحاب الآيديولوجيات الرجعية الانعزالية القادرين، حتى الآن، على التأثير على أحداث لبنان ومصيره، مطامع ليست أقل خطورة وهي أيضاً مبنية على أساس من الحقد والشعور بالنقص والدونية مغطَّى بالتعالي والعنجهية.
لئن كان الخبز الذي حَرم العدوانُ الإسرائيلي أطفالَ لبنان منه، ومازال، قد أمَّنته مساعداتُ بعض الحكومات والهيئات والأشخاص، فإن لبنان الوطن .. لبنان الحضارة .. لبنان الشعب العنيد .. لا يحيا بالخبز وحده .. إن لبنان الحضاري لن يحيا إلا بالحرية .. التي دفع ثمنها دماً غالياً.





#مفيد_مسوح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امتزاج الفرح بالطبيعة في مسرح الأخوين رحباني
- كتاب جديد
- لو كنتُ عروبياً !
- تديين الأحزاب العلمانية عملٌ رجعيٌّ معادٍ للتطور
- تحزيب الأديان عملٌ رجعيٌّ معادٍ للتطور
- الياس الرحباني سوبر إيديوكيشين ستار
- موسم العـز
- صك إدانة لقناة الجزيرة؟!
- الجـلادون واللغـز
- صك براءة من الفكر الليبيرالي لقناة الجزيرة
- همـزة العفيف وسونيا وفستـان فيفي
- ماذا لو باعت صباح فساتينها ؟!
- نجيـب ســرور الفنـان الرقيـق .. المنــاضل العنيـد - ترتيــــ ...
- العقــل والديــن منفصلان !!
- الأصغر بيوم أفهم بسنة
- مقتطفــات من شعر جميــل صدقي الزهـــاوي في الفلسفة والمـــرأ ...
- شتم المرأة يشفي غليل المتخلفين
- 8 آذار (مارس) اليـــوم العالمــي للمــرأة
- الشبع باستنشاق رائحة الشواء
- استفتاءات قناة الجزيرة وآخر أبواق صدام


المزيد.....




- شاهد.. ركاب يقفون على جناح طائرة بعد اشتعال النيران بمحركها ...
- سوريا.. القلم الأخضر بيد أحمد الشرع عند توقيع الإعلان الدستو ...
- كالاس: وشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إلا ...
- الاتفاق بين دمشق والأكراد.. ماذا عن التفاصل والآثار المحتملة ...
- سوريا.. محافظ اللاذقية يعزي سيدة من الساحل في مقتل نجليها وح ...
- شيخ الموحدين الدروز الحناوي: لم نطلب الحماية من أحد ويجب إعط ...
- طهران: العقوبات الأمريكية الجديدة دليل على الخداع وخرق القا ...
- حريق ضخم في أحد مباني المعامل المركزية لوزارة الصحة المصرية ...
- محامو الطالب الفلسطيني محمود خليل يطالبون بالإفراج الفوري عن ...
- اكتشاف قد يحدث ثورة في علاج داء الثعلبة


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد مسوح - ليس بالمال وحده يحيا لبنان