أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد هاشم - المؤسسات التعليمية والتفكير النقدي














المزيد.....

المؤسسات التعليمية والتفكير النقدي


أحمد محمد هاشم
باحث في اللسانيات النفسية

(Ahmed M. Hashim)


الحوار المتمدن-العدد: 6839 - 2021 / 3 / 13 - 22:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تلعب المؤسسات التعليمية دوراً حيوياً في تغذية عقول افرادها بالمعلومات والاشعار والاقاويل تحت مسمى "التعليم" او "التعلم" او "العلم". وغالباً ما تتخذ عملية التعليم هذه _وخصوصاً في البلدان "النامية"_ من التلقين والحفظ أداة رئيسية لبث الأفكار التي تريدها السلطة ان تتغلغل في ادمغة المتعلمين. فقد اثبتت طريقة الحفظ والتلقين جدارتها وعلى مرور السنين في تغلغل الأفكار المنتقاة بعناية فائقة من قبل السلطة في اذهان المثقفين وفي منعها لكل محاولة شك او تفكير في تلك الأفكار والمعلومات والذي سينتج عنه "الشك" في شرعية الحاكم _لا سامح الله_.
ونادراً جدا ما نجد ان نتاج تلك المؤسسات يكون قادراً على التفكير النقدي الانتقائي السليم والذي يُخضع كل شيء للشك والمساءلة بحثاً عن الحقيقة المجردة والخالية من الموروثات الاجتماعية والعادات والتقاليد. اذ ان نتاج تلك المؤسسات لا يعدو عن كونه مجموعة من أدوات التسجيل البشري والتي تحول النصوص المرسومة الى أصوات مسموعة من خلال استرجاع المعلومات الملقنة من الدماغ شفوياً ثم تنتهي تلك المهزلة "العلمية جداً" باختبارات لقياس سعة تخزين ذاكرة المتعلم وان اثبت المتعلم المسكين جدارة ذاكرته وسعتها العالية في تكديس المعلومات واسترجاعها على الورق يمنح بعد ذلك شهادة تؤهله لعمل ما او لوظيفة ما او لتنقيها في الماء والخل.
ان هذه العملية تحدث باستمرار وبلا ملل او كلل وتنتهي تلك المهزلة بحفلات صاخبة يرقص فيها رواد تلك المؤسسات وذاكراتهم من فرح الانتهاء من تلك المهمة العسيرة والالتحاق اخيراً بأفواج الروبوتات البشرية المكدسة التي صنعتها تلك المؤسسات وشهدت بها وكل هذا يتم تحت غطاء العلم والتعليم والثقافة والوعي...!!
ان تلك المؤسسات وبدل ان تشجع روادها وطلبتها على التفكير الدائم في المعلومات والتحقق منها وعدم تصديق أي شيء لمجرد انه موجود في الكتب والبحث الدائم والمطلق عن الحقيقة، تتجه وبشكل سخيف ومخزي نحو التلقين والحفظ والاسترجاع جاعلة من طلبتها جمهور بليد لا هم له سوى حفظ النصوص والاشعار والاقوال ومحاولة تذكرها لاغية بذلك دورهم في تمحيص الحقائق و استخدام ملكاتهم العقلية والفكرية..!
ان هذا النوع من التعليم، والذي تتبناه تلك المؤسسات المتعالية بلا مجد، هو الأسوأ على الاطلاق، اذ انه يجرد المتعلمين من ادوارهم كمتلقين واعين بالغين قادرين على التفكير والتحميص والاختيار ويجعلهم مجرد دمى في مسرحية التعليم هذه لا دور لهم سوى الحفظ والاسترجاع وهز الرؤوس بالموافقة على كل ما يقوله قائد العملية التعليمية والسلطة من بعده.
يرتبط هذا النوع دائماً بالبلدان ذات الحكم الشمولي القائم على سلطة الفرد الواحد الاحد او البلدان الجاهلة والتي تعتقد انها وبتلك الطريقة ستجعل من مجتمعها مجتمع واعي ومثقف في فترة قصيرة من الزمن وتجبر طلبتها المساكين على حفظ الصفحات تلو الصفحات متناسية الحقيقة الصارخة انهم سينسون على الأرجح كل ما تعلموه بعد انتهاء الاختبار مباشرة..!!
واما عن البلدان ذات الحكم الشمولي، فان استخدام طريقة التلقين والحفظ تمكن السلطة من بث كل سمومها واجنداتها كما قلنا في عقول الافراد والناشئة قاتلة بذلك دورهم في التفكير والتمحيص ومشركة في تلك الجريمة النكراء _ جريمة قتل العقول_ قواد التعليم من المثقفين والمتعلمين جاعلة إياهم السلطة المطلقة في الصف الدراسي والذي غالباً ما يدار بمزاج المعلم المثقف العظيم.
ان في هذا الصف ستتعلم يا عزيزي بأن أي شك او مساءلة في صحة تلك المعلومات سيعرضك للتسخيف والتحقير والاذلال والطرد: ومن تكون انت حتى تشكك بالمعلومات التي تقول السلطة بصحتها!!
ان على تلك المؤسسات إذا ادعت بانها تسعى لنشر العلم والتعليم، ان تحرص على نبذ تلك الطريقة القبيحة التي تقصي اختيار وفكر الافراد وتعتمد في تعليمها على فتح المجال لطلبتها للتفكير والمسائلة والتحميص في كمية المعلومات التي يتلقونها وفي التشكيك بصحة كل شيء للوصول الى الحقيقة والعلم وان تسعى جاهدة الى تغيير نظام الاختبارات بالكامل اذ انه وبصورته الحالية لا يمثل الا قياساً لمدى وسعة ذاكرة المتعلمين بدلا من قياس قدراتهم على التفكير الإبداعي وحل المشاكل والتفكير النقدي السليم. وكنتيجة لاستخدام تلك الطرائق التي اكل عليها الدهر وشرب، يتخرج الاكاديمي من اكاديميته ولا يملك ادنى معرفة عما سيفعله في حياته العملية او في كيفية مواجهة المشاكل اليومية.. اذ انه امضى قرابه العشرين سنة في الحفظ والاسترجاع...!!
ان على نظام الاختبارات ان يركز وبشكل أساسي على تحفيز ملكة التفكير وعلى تشجيع حل المشكلات واتباع القواعد الصحيحة للبحث العلمي الرصين والموضوعية العلمية الخالية من تأثير الموروثات والعادات، لا على تكرار الأفكار المتهالكة وترديدها وكتابتها وحفظها ونطقها..!!
ان التغيير مكلف ومتعب واشك في محاولات المؤسسات تلك على التغيير وعلى تشجيع افرادها على التفكير النقدي الخلاق لأنها مترعة براحة الجهل والخرافة فهي لا تريد ان تتعب او تتكبد عناء البحث والتفكير فما تقوله "المناهج" هو الاصح والصحيح ومالم تقوله لا يعلم به الا الله.. وما غير ذلك لا يعدو عن كونه هرطقة او مجرد لغو.
انهم فرحون بما لديهم من "علم" و "معرفة", لا بل انهم يعلمون كل شيء فلا داعي اذن لأرهاق النفس وتحمل مشقة البحث والتفكير اذ ان كل ما يتخيله العقل البشري موجود في تلك الكتب الهزيلة.. لا عليك يا عزيزي سوى ان تحفظ وتسترجع وتسترجع وتحفظ!!



#أحمد_محمد_هاشم (هاشتاغ)       Ahmed_M._Hashim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهرمية السلطوية في المؤسسات التعليمية
- جدلية الأعلام العربي وواقع المشهد العراقي


المزيد.....




- ترامب يختار سناتور أوهايو جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في ال ...
- ترامب يحصل على أصوات كافية ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ...
- زفاف أمباني -الحدث الأكبر على الكوكب- ونهاية مؤثرة لمحاكمة ب ...
- كيف تفاعل السوريون مع رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد م ...
- -جثث مقطعة ومحترقة ملقاة على الأرض-: نحو 80 قتيلاً فلسطينياً ...
- بطولتان مثيرتان للطائرات الورقية وركوب الأمواج في ساليناس بج ...
- جاؤوا لحضور مباراة كأس أمم أوروبا فكان الموت بانتظارهم.. مقت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
- عقوبات أوروبية على -مستوطنين متطرفين- وكيانات إسرائيلية
- أرمينيا.. انطلاق مناورات -إيغل بارتنر 2024- بالشراكة مع الول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد هاشم - المؤسسات التعليمية والتفكير النقدي