أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قفاز














المزيد.....


قفاز


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 6836 - 2021 / 3 / 10 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


قدري قادني قادها لا يهم، هكذا دون حسابات، صدفة تعجز هوليود عن ان تأتي بمثلها .ذات مساء بارد وبينما قدماي تقوداني الى مكاني المعتاد ،الذي اتنفس به مفرغا همومي وتعبي بأقداح القهوة التي اشربها. مقهى قديم في احدى شوارع بغداد الغاصة بالسيارات والضجيج، المكان الذي اجدني كل مرة اقرر بيني وبين نفسي بان لا اعود اليه لبعده اضافة لذالك يتعب جيبي الفارغ دوما على الرغم من اعتدال أسعاره، لكن دون جدوى تجرني رغبتي اليه من حيث لا اشعر. قبل وصولي بقليل لفحني هواء بارد تغلغل الى عظامي بقوة وبدأت السماء ترسل صيحاتها منذرة امثالي الراجلين بان المطر نازلا لا محال،وبالفعل نزلت اولى القطرات بقوة، اسرعت بالخطى وقع بصري على مكان طالما كرهته ،كوفي شوب ذات نزعة برجوازية عالية رواده من المتخمين بالمال والأفكار الخاوية ،التي لا تناسب مزاجي هكذا اتصوره دوما.
- ياله من مساء تعيس، دخلت بعد ان دفعت الباب دون رغبة ، راسلا نظري بحثا عن طاولة فارغة ، وقع بصري على مكان تجلس فيه امراة اربعينية ترتدي ملابس حدادٍ، امامها كرسيا فارغا، تقدمت سحبت الكرسي بعد اخذ موافقتها بالجلوس .
- تفضل
- شكرا
مددت يدي بجيب سترتي ابحث عن منديلي لأمسح بللي لم اجده بحثت بجيب البنطلون دون جدوى، ارتبكت.
وبهدوء اخرجت منديلا من حقيبتها بعد ان وضعت على الطاولة قفازها الذي كانت ترتديه، كان قفازا بلون أزرق مطرزا عليه حرف (اي) بالإنكليزية .لا ادري انذاك عما حصل لي في التفكير جراء هذا القفاز وهو يغادر يدها الملائكية. راودني لحظتها عندما دفعت بمنديلها لي ان التهم أصابعها، ولم اتمالك منع نفسي عن رفع القفاز مندهشا بخفته ، بدا لي انه سيمسح عن بللي وتعبي .
قالت :تفضل المنديل.
لم تمضي لحظة حتى انتبهت لحالي واعدت نسق اتزاني ، اخذت المنديل وبدأت امسح وجهي، تغلغلت الى مساماتي رائحة منديلها . انها المرة الاولى التي اشم عطر امرأة ،تيقنت مما كنت اقوله باستمرار بان رائحة النساء هي رائحة لورد الجنة، وان عطر المرأة عطر كوني . لقد كان كل شيء يبدو لي حلما، ان تجلس امامي امرأة طالما تمنيتها. بوجهها الطفولي، بياضه الممزوج بحمرة دافئة، العينان فيهما ذبول على الرغم من تباعد الحاجبان المنفردان بالطول عنهما، هما النوع الذي افضله . وتمنيت ان يطول حلمي، لكنها لم تدع لي الوقت الكافي بان استلذ بلحظتي عندما وقفت تهم بالخروج.
عندها وللمرة الاولى سرت بروحي وثبة الانطلاق ولم اشعر بالخوف او التردد ، وهو ما لم اتوقعه من نفسي ، مستجيبا الى مسعى قلبي وأدركت بأنني أمارس موهبة غريبة اعرفها منذ زمن طويل، موهبة الاقناع ،جعلتني اتظاهر بالغموض، لم يشق عليّ اقناعها وبشكل سريع ان تبقى، وجدتها بالغة الغرابة والحيرة من موقفي، عندما رفعت عيناها باتجاهي ، كان عليّ ان اجدد روح المغامرة .
قلت :- انا اعترف بضعفي ازاء ملابس الحداد حد الانزعاج لما في اعماقي من ألم تزدحم مخيلتي به.
قالت منزعجة
- ماذا؟
للحظة ادركت ان موقفي هذا من بين كل المواقف التي مررت بها، قد يكون من المحتمل اكثر فشلا . لم استسلم لان عينيها لن تحيدا عن عيني.
قلت :بسبب غربة روحي وموقد جمرها احقد على السواد لأنه يسلبنا ويجردنا من الفرح والسعادة .
لاحت على محياها ابتسامة عطف،
- حسنا سأجلس .
هذا اللحظة تؤكد لي بأنني اسير نحو الجنون واضعا الحجر الاول كما يقال ،لتجربة ليس بوسعكم ان تتخيلوها، معترفا بان في اخر الامر شيء لا يروق لكم جميعا عندما اعلن نهاية القصة بعد قليل . لقد حدث لي ان تفاعلت مع ما سردت من احداث فيها، تفاصيل شكلت بؤسي بسبب حرماني من النساء في الحياة التي اعيشها .لهذا احب كثيرا من يمتلكون روح المغامرة ولي اصدقاء كثير منهم، استمع اليهم بشغف عند حديثهم عن تجاربهم مع النساء، وابرر لهم نزقِهم بان المرأة هي المخلوقة التي تملك حتمية موحية بأنها هي الحياة كلها بتفاصيلها، هي الهبة الاعظم من بين كل الموجودات . لقد بكيت لفكرة ان ابقى وحيدا دون امرأة، وفي اللحظة ذاتها ندمت لأنني ملكت النساء كلهن من خلال احساسي بهن، ولم التقي المرأة التي اريد . لهذا دوما اخطها وارسمها وأتخيلها فقط في كتاباتي. سيكون انطباعكم بعد القراءة بأنني مختلف وفاقد للتفكير احاول واهما ان استعرض قُدرتي على الكتابة وهذا شأنا عائدا اليكم . وفي النهاية نتفق او لا نتفق، بان الوقائع محزنة لأننا كلنا سنغادر الحياة ولم يستطع اي منا ان يفهم المرأة .
- سيدي تفضل قهوتك
- شكر
- اخبرني سيدي لمن الكوب الثاني
- ضعه هنا قرب القفاز.



#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجدت كوتاني
- قرض الفئران وقرض الانسان
- قصة قصيرة
- قصيدة نبي الصمت
- ابدا ما راهنت عليك
- التعامل مع التراث ومتغيرات الواقع
- السينما والتعامل مع الحقيقة
- تيوس التطهير والخلاص
- هشيم مرايا
- سهر الليالي هل اعادة للسينما العربية عافيتها
- الواقع السياسي وحال العراق
- قصيدة خارج حدود المرايا
- كتبتها كي تقراني
- التحديات وتنظيم المجتمع المدني
- ست حالات
- ازمة السينما المصرية
- السينما والترحيب بالجديد
- السينما لغة انسانية راقية
- الواقع العربي بين الركود والتغير
- ديون العراق وصندوق النقد الدولي


المزيد.....




- بمشاركة روسية.. فيلم -أنورا- يحظى بجائزة -أوسكار- لأفضل فيلم ...
- -لا أرض أخرى-.. فيلم فلسطيني-إسرائيلي يظفر بأوسكار أفضل وثائ ...
- كيف سقينا الفولاذ.. الرواية الأكثر مبيعا والتي حققت حلم كاتب ...
- “الأحداث تشتعل”.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 183 كام ...
- أين ومتى ستشاهدون حفل الأوسكار الـ97؟.. ومن أبرز المرشحين لل ...
- الكويت.. وزير الداخلية يعلق على سحب الجنسية الكويتية من الفن ...
- هل تتربع أفلام الموسيقى على عرش جوائز أوسكار 2025؟
- وزير الداخلية: ما -العمل الجليل- الذي قدمه الفنانون للكويت؟ ...
- في العاصمة السنغالية دكار.. المتحف الدولي للسيرة النبوية في ...
- مصر.. إيقاف فنان شهير عن العمل لتعديه على لقاء سويدان


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - قفاز