أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الحاج عبدالكريم فرمان: أنموذج رجل استثنائي!















المزيد.....

الحاج عبدالكريم فرمان: أنموذج رجل استثنائي!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6836 - 2021 / 3 / 10 - 00:21
المحور: الادب والفن
    


لم أتخيل، أن أكون في مثل هذا المقام، وأكتب يوماً ما، عن عبدالكريم مجيد"فرمان" من موقع الراثي، وذلك نظراً لما يربطنا من علاقة توأمية، منذ أربعة عقود ونيف، إذ وجدت فيه خصال الصدق والتضحية والوفاء، فظللنا جد قريبين، وقبل ذلك: الشجاعة. الشهامة. الالتزام بالموقف الذي يؤمن به، بعيداً عن أية أحقاد على الآخرين. ثمة بوصلة لاتخطىء كانت لديه، وهي الابتعاد عن كل ذي سلطة. كل مستبد، والوقوف مع أي ضعيف، ناهيك عن فائض كرمه الذي دعا طبيبه الدمشقي الذي بات يعالجه منذ خمس سنوات يقول عنه: حاتم الكرد، وقال: دعوا أمورعلاجه علي، سأعامله كما أبي!
لطالما حدثني عبدالكريم عن نشأته الأولى. عن طفولته. دراسته. ظروف الحياة التي عاشها، من دون أن ينسى بين الفينة والأخرى أن يسرد على مسامعي مقاطع من قصائد قومية، أو غزلية،عن البارزاني الخالد وثورته، أو عن حلم الكردي في وطن، أو حتى عن حبيبته، وإن كانت قصائده تنوس بغنائيتها الطاغية وإصرارها على القافية بين- الشعر الكلاسيكي" المباشر" وبين - الشعر الشعبي- ومن بينها قصيدته التي ارتجلها في أول أيام عزاء الشاعرجكرخوين، وكتبها مع وفد من أصدقائه على لوحة كبيرة مؤطرة لتظل َّ في حرم البيت، أو البيت إلى وقت طويل!
تشرَّب عبدالكريم، بالروح القومية، ورأى في الملا مصطفى بارزاني رمزاً، في فتوته وانتسب إلى-البارتي- ليظل في صفوفه إلى حوالي العام 1980، وكان من بين رفاقه: دحام يوسف حيدر- يونس إسماعيل- أحمد سيد فخري-- وكان من بين المشرفين علي هيئته، كما سأعلم هنا: عبدالقادرخليل، وكان سكرتيرالحزب كمال درويش الشهيد الراحل يزوره كما أ. إسماعيل عمر، بالرغم من نقده لقيادة الحزب في موقف يعرفه رفاقه، ذات مرة، كما روى لي، وقال: هذا النقد قرب الرفيق فلان نفسه مني أكثر، ولاأدري تفاصيل تركه للحزب، إلا أنه ناضل فيما بعد في صفوف الحزب الشيوعي السوري قبل أن يتركه لأسباب أعرفها، تتعلق بمواقفه من بعض سياسات هذا الحزب، ولطالما قال لي:
هذا أنا أحب قوميتي وأنا اشتراكي وسأظل أنقد نمطاً من- الإقطاع- و-الأغوات- كما توضح ذلك قصائده ذات النفس اليساري، وإن كانت له علاقات مع وجوه اجتماعية لها موقفها النضالي، ولم تؤذ الفقراء، وهذا ماحدثني عنه طويلاً. بعد هذه المحطة، وجد الحاج عبدالكريم، في عالم حقوق الإنسان والمجتمع المدني ما يقارب رؤيته، بعد أن اتخذ موقفاً من العمل الحزبي، ولكن، مع الحفاظ على احترامه لكل من يعمل- بإخلاص- في عمله الحزبي، لا يبخل بتقديم المساعدات المالية، ضمن ظروف إمكاناته لمن يطرق بابه، وكنت على علم ببعض ذلك، كما كنت على علم بما قدمه من مساعدات، ومن جيبه الخاص للاجئين في- تركيا- ومؤازرة من رآهم، بحاجة إلى المساعدة، خلال أشهررحلته في الطريق إلى-ألمانيا، إذ نال الإقامة، في زمن قياسي، من نوع الإقامة المائزة، لما قدمه من وثائق، في إطار نشاطه في لجان المصالحات الاجتماعية- إذ كان يتكبد مبالغ مالية كبيرة من أجل قطع دابرالفتن، ولعلي على علم بأنه دفع من جيبه الخاص، على سبيل المثال نصف- دية- مقتل طفل عن طريق الخطأ، ليصالح بين عائلتين!
وما إن حط الرحال في ألمانيا، وكان بيننا تواصل مستمر، حاول الحصول على رخصة- جمعية خيرية- لتقديم المساعدات للأهل، ومن حساب عمل- أبنائه- وراح يرسل بانتظام، مساعدات إلى مدن الوطن، إلا إن المرض عاجله، وباتت دورة المرض: فمن إجراء عملية ديسك، إلى إجراء عملية قلب مفتوح، إلى سرطان البروستات، إلى مرض رفيقة دربه، ما دفعه لإلغاء رخصة الجمعية التي أوصى بتفعيلها، لاحقاً، من دون أن يتخلى عن مؤازرة كل محتاج في الوطن، وذلك ضمن حدود المستطاع، وعلى نحو دوري، على حد علمي!
أتذكر، أن طبيبه المشرف، أجرى الترتيبات لأخذ- خزعة منه- وبينما، نحن. نحن المقربين الذين من حوله في اقصى درجات القلق على وضعه الصحي، فاجأنا بقرار إقامة وليمة كبيرة لحوالي مئتي شخص، ما بين رجال ونساء وأطفال، أقامها في إحدى الحدائق، ودعا إليها: كرداً، وسوريين، وعرباً، وألمان، ومن جنسيات أخرى، فانبهر المدعوون للترتيبات التي قام بها، وكنت وأقرباء لنا في أقصى درجات الفرح لأنه تعافى، كي يهمس أحد بنيه في أذني" عمو، أتعلم، أنه أقام هذا الحفل الكبير، قبل أن تظهر نتائج تحاليل الخزعة، وليعرف النتيجة، ويتكتم عليها، ونلتقي، ونخرج معاً إلى المناسبات، من دون أن يعلمنا بما به، إلى أن هده المرض تدريجياً، منذ سنتين تقريباً، ليبتعد عن صفحته الفيسبوكية، ويقفل هاتفه إلى اللحظة، ويتواصل معنا عن طريق أبنائه، أنى أراد زيارتنا، أو اللقاء، ليطول ذلك شهراً، أو شهرين، أو حتى أكثر. كنت على علم ببعض وضعه الصحي، إلا أنه كان يوصي أسرته، ألا يعلموني بمعاناته، وأن يبقى التواصل بيننا، عبرالهاتف، كما اتصاله قبل أسبوعين، إذ تحدث إليَّ بصوت جهوري، وكأننا في أحد مطاعم قامشلي، أو وكأننا فوق سطح بيته، أو دكة البيت، في حي الهلالية، وكأننا في بيتنا يتحدث إلى أصدقائي، يسألني عن أحوالي، والأسرة. الأهل. بعض الأصدقاء، واحداً واحداً. يحدثني عن آلامه:
آلامي، فوق التصور. أستخدم اللصقات. أستخدم الحبوب المسكنة. آخذ كذا حبة!
أحاول أن أشجعه، أنت بخير. المشاريع التي قررنا أن نقوم بها في قامشلي. في الوطن تنتظرنا، سنكون معاً هناك!
أشعر أن منسوب التفاؤل يرتفع لديه:
هوما أريده. إن شاء الله، ثم يحدثني وهو الكتوم، عن أثرألم يهد الجبل. ألم صدع عظم كتفه، وتم تجبيره عن طريق الليزر، وانفتح بعض جسده. أتمنى أن تظل الآلام، في هذه الحدود. كنت أرحب بالآلام فيما قبل. الآن، ماعدت أتحمل. طبيبي لايقصر. المشفى. المشافي لاتقصر. إنهم يقدمون لي أغلى أنواع الأدوية. إنني خجل من رعايتهم الصحية. معالجتي تكبدهم سنوياً كذا ألف يورو!
لاتنس.الطبيب صارحني، وقال: السرطان انتشر. لقد وصل الرأس!
يخطر في بالي، بعيد رأس السنة، بأيام، أن أزوره، بعد أن عايدني ليلة رأس السنة، يرد علي:
أنا وأم درغام وإبراهيم مصابون بكورونا!!!!
بعد أيام، تظهرنتيجة التحاليل أنهم شفيوا من كورونا، وإبراهيم الذي أطلق عليه: اسمي، لم يشعربه. يضحك. أمهم. ادع لها، لأطمئن بعد أيام أنها بخير
ياإلهي: وكأن السرطان لم يكفه فابتليته بكورونا أيضاً
أزوره، في بيته. أضع الكماة. يواصل وضع الكمامة. أنت واحد من قلة زاروني. أولادي يضعوني الأدوية واللوازم، في الشرفة ولانستقبلهم!

يتبع....!

الموت في زمن"كورونا"



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسماء ووجوه تقرع باب الذاكرة!
- حفيظ عبدالرحمن: حمداً على سلامتك
- في اختلال المعايير: الخارج داخلاً والداخل خارجاً
- من أطفأ هذا الضوء؟! إلى دهام حسن
- الرواية السورية في مواجهة الاستبداد- أثرنا في مواجهة الزوال: ...
- المفكرإبراهيم محمود أحد أغزر الكتاب المعاصرين يصدر ثلاثين كت ...
- بعد تحويل وتحريف بوصلة الثورة محاولات- وأد- رئاتها الثقافية ...
- صاحب نظرية «تأريض الإسلام» فيروس كورونا يضع حداً لحياته ومشر ...
- في مواجهة شبح كوفيد التاسع عشر: كرسي فارغ في مجلس العزاء
- من وراءهذا التناقض في ثنائية الموقف من الكردي؟ اعترافات أنشر ...
- واحد وستون*- حكيماً -سورياً شهداء مواجهة كورونا النظام الحاك ...
- التدرؤ وراء اسم نورالدن ظاظا من جديد! تعالوا نتحاور من دون ا ...
- أطباء الوطن في مواجهة حربين كبريين! جاء دور رفع التحية لكم!
- قانون الغاب
- في لباس النقد ذلك الوباء الكريه!
- حذار من انتهاكات الأرض والعرض! رسالة إلى- الإدارة- اللاذاتية ...
- فن اصطياد الهفوات العابرة.. والإعدام الثأري
- نحو تأسيس نقدي مقوم ومواز للنص السياسي استقراء أول في تجربة- ...
- مصطلح «صديق الشعب» المرتبة والاسترتاب
- ثنائية الكراهية و التسامح الواقع ومقاربات تدقيق المصطلح


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الحاج عبدالكريم فرمان: أنموذج رجل استثنائي!