أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - الإنسان بين عالمين














المزيد.....


الإنسان بين عالمين


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 6835 - 2021 / 3 / 8 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


لو زرنا التاريخ ودخلنا صرح الفلسفة العظيم لفتح لنا باب المعرفة أفلاطون صاحب نظرية المثل التي تتلخص بوجود عالمين وهما العالم المادي وعالم المثل وأن العالم المادي يتآكل بفعل المؤثرات الخارجية أما عالم المثل فتمتاز الأشياء فيه بالكمال وتتعالى فوق الزمان والمكان كما أن النفس كانت عارفة بالحقائق الكلية في ذلك العالم، وأما المعرفة الحاصلة في هذا العالم فهي استذكار لتلك المعارف في النشأة السابقة فالعالم المادي هو ظل للأشكال السرمدية في عالم المُثل وبذلك تنتهي نظرية المثل الأفلاطونية التي تحتقر الحواس كوسيلة في ادراك الحقائق الكلية المطلقة بمعزل عن العقل والتأمل.
ويسير على نفس الخط الفيلسوف الكبير ابن سينا الذي يرى بأن النفس العاقلة كانت في عالم القدس والألوهية وبأنها من طبيعة غير طبيعة هذا العالم ولا يعرف الحقائق المطلقة إلا العارف الفطن الذي تخلص من أسر الحس والحواس فعندها سيرى الحقيقة دون برقع جليلة الحضور حيث وصف ذلك في قصيدته الشهيرة ذات المطلع البراق بقوله:
هَبَطَتْ إِلَيْكَ مِنَ المَحَلِّ الأَرْفَعِ
وَرْقَاءُ ذَاتُ تَعَزُّزٍ وَتَمَنُّـــع
مَحْجُوبَةٌ عَنْ مُقْلَةِ كُلِّ عَارِفٍ
وَهْيَ الَّتِي سَفَرَتْ وَلَمْ تَتَبَرْقَـعِ
وأما القرآن الكريم فهو يشير إلى وجود الإنسان في عالم يسبق الدنيا في مواطن عديدة منها قوله تعالى (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ) فالخزائن الإلهية تشتمل على الأشياء قبل تنزيلها في جسد الاقدار وهذا الحکم والأمر لا يختص بالإنسان، بل يشترك فيه القرآن والموجودات جميعا حيث الوجود الأول في خزائن الأزل.
وفي مشهد آخر يسلط القرآن الأضواء على هذه الحقيقة قائلا: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) ومن الجلي بأن ذلك الاشهاد على النفس لم يكن في الدنيا قطعا بل في مرتبة وجودية سابقة لها قوانينها التي تختلف ولا تنسجم مع هذا العالم فمشاهدة النفس في عالم الملكوت مقترنة بمعرفة الله والعلاقة بينهما بنحو المرآتية فمن عرف نفسه فقد عرف ربه كما جاء في الأثر.
وقد ذهب بعض الحكماء بالقول بأن أول نفس سبقت للإجابة بكلمة بلى في الآية الكريمة بعد السؤال الإلهي ( ألست بربكم) هي نفس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثم نفوس الأنبياء فبعثه الله نبيا لأرواح الأنبياء في عالم الغيب فأخذ الله منهم ميثاق التوحيد والاقرار بالربوبية (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا) . وهنا يتضح قول النبي(ص) (كنت نبيا وآدم بين الماء).
ومن حضرة الملكوت يصور القرآن العالم الباطن قبل هذه النشأة الظاهرة في الحياة الدنيا بقوله جل شأنه (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هؤلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) .
ومن الواضح بأن آدم هنا هو الانسان الكامل في عالم الملكوت الذي سبق الخلائق أجمعين في الإقرار بالتوحيد وهو نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي علمه الله الأسماء كلها حتى أقرت المخلوقات العقلية وملائكة الرب بعدم العلم وبذلك استحق مقام الخلافة الإلهية دونهم (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) . وهذا الجواب الملائكي متقدم رتبة عن الدنيا وليس فيها بل في عالم سبق عالم الأرحام.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمع الرماد
- قراءة أدبية في قصيدة ( أورورا) للشاعر فراس الوائلي بقلم الشا ...
- قراءة أدبية في قصيدة (( أورورا)) للشاعر المبدع فراس الوائلي ...
- دراسة نقدية / بقلم الناقدة الفذة د . رشا السيد أحمد / الرمزي ...
- دم الحسين
- نصان سرديان/ قصة الخراب/ غربة الناي
- قمر الأحلام
- نصان سرديان/ مرمر السماء / أظافر الشيطان
- قراءة تحليلية أولية للناقدة المبدعة مرشدة جاويش في نص أغصان ...
- قراءة تحليلية نقدية للناقد المبدع هشام صيام في نص متاحف العق ...
- شمس سومر
- هضاب الذاكرة
- بكى الطين
- قناديل الألم
- سيدة البوبجي
- متاحف العقل
- أغصان الفجر
- البلابل السوداء
- هذيان
- سرد تعبيري


المزيد.....




- مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك ...
- مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
- مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب ...
- انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني- ...
- الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج ...
- -شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
- مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا ...
- هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
- الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - الإنسان بين عالمين