عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6834 - 2021 / 3 / 7 - 20:40
المحور:
الادب والفن
غادرتي يا أمي الحياة قبل أن أبلغ شهري السادس، ولهذا لم تحتفظ ذاكرتي بصورة لك، ولم أشعر بطعم اليتم لفقدانك، إلا بعد أن فقدت أبي في مقتبل شبابي، قبل أتمام عامي الحادي والعشرين.
لكن طيفك زارني بعد فترة قصيرة من رحيل الوالد، حيث خطرت في ذهني صورتك على فراش المرض، وخيل لي انك في تلك اللحظات التي كانت تصارعين فيها الألم ورعب مخاطر الموت، كان يثقل عليك القلق على مصير الطفل الرضيع الذي ستتركيه بلا أم ترعاه.
خطر ببالي أني أضفت لك، دون أرادة مني ولا قرار، ثقلا وألما. فأنثالت دموعي أشفاقا على الأم التي لم أسعد برؤيتها، أو أتذوق حنانها، ولم أنتش بعبير ما تحمله من حب لأصغر الأبناء.
ذلك الصغير الذي أقلقك مصيره يا أمي، وأنت في محنتك الكبرى، يقطع حاليا مراحل الشيخوخة، التي لم تعيشيها، يبلغك محبته واعتذاره، لأن شطرا طويلا من حياته تصرم دون أن تستعيدك ذاكرته أو يتحسس معاناتك من أجله. أعذريه أيتها الحبيبة. وأقبلي منه شمعة أوقدها لك في بلاد المنفى التي أصبحت له وطنا.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟