الاعلام الفرنسي يعترف بجبهة البوليساريو

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 6833 - 2021 / 3 / 6 - 19:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

منذ يومين او ثلاثة أيام ، تصدر هذا العنوان كعنوان رئيسي ، العديد من الموقع ، للعديد مِنْ مَنْ مِنَ المفروض فيهم انهم صحفيين محترفين ، او يشتغلون بالصحافة ، او انهم قريبين من الجسم الصحافي ، دون ان يصلوا الى درجة الاحتراف الصحافي ...
وما يثير الدهشة ، انّ هذا العنوان الذي لا يحيل الى شيء جديد ، ركب عليه بعض الصحافيين المحترفين ، وبعض المشتغلين بالصحافة المعادين لأطروحة مغربية الصحراء ، لخلق فرجة ناقصة ، بل فرجة باهتة تؤكد لشيء غير موجود ، لإثبات واقع يدحض نفسه بنفسه ، سيما وانّ المتناولين للموضوع ، يقدمون نفسهم كخدام القضية الصحراوية ، وانهم جهابذة ومتخصصين بالشأن الصحراوي ..
انْ يتم الركب على ما اذاعته فرنسا 24 / France 24 بعنوان : " الصحراء الغربية " ، لمحاولة ترسيخ فكرة في ذهن المتلقي ، الذي قد لا تكون له دراية بالوضع القانوني للأقاليم المتنازع عليها ، ويجهل مكان والغاية من استعمال المصطلحات الدبلوماسية والسياسية ، لدفعه الناس للاعتقاد خطئا بشيء يعاكس حقيقته ، فتلك مناورة مضللة ، تفضح قصد أصحابها الذي يعاكس المدلول الحقيقي للمصطلحات عند استعمالها .. أي انه يبث التضليل والتسويف ، لبلوغ قصد لا علاقة له بالمعنى القانوني ، والسياسي للمصطلحات ..
فهل استعمال قناة France 24 ، لمصطلح " الصحراء الغربية " ، كما تتداول ذلك اللغة الدبلوماسية بين المعنيين بالنزاع ، وبين الأمم المتحدة ، هو اعتراف صريح من قبل فرنسا 24 بجبهة البوليساريو ؟
أولا انّ استعمال مصطلح الصحراء الغربية كعنوان ، لا يعني اعترافا بالجبهة ، او بالجمهورية الصحراوية ، لكنه لا يعني كذلك انّ الصحراء ليست مغربية ولا يعني انها مغربية .. لكن الغاية من الاستعمال للعنوان ، هو التزام موقف الحياد في نزاع هو بيد الأمم المتحدة منذ 1960 ، وبالضبط بيد مجلس الامن منذ 1975 ، يعالجه كل مرة في شهر ابريل من كل سنة ، ويديّل دائما اجتماعاته بقرار منسوخ عن بالقرارات السابقة ، دون ان تحدد بشكل جازم ، المغزى المقصود من القرار المتخذ الغامض ، الذي يعطي لأطراف النزاع التصرف في تفسيره ، حسب مصالحها الخاصة ، وهو تضبيب وتناقض مقصود ، حتى يبقى الصراع مفتوحا الى ان ترى الدول الكبرى صاحبة حق الفيتو ، انّ الوقت قد حان للبث القطعي في النزاع ...
لذا ، فليس المنظمات الدولية هي وحدها من تستعمل مصطلح الصحراء الغربية في مراسلاتها مع الأمم المتحدة ، او تستعمله دول الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية .... ، بل حتى النظام المغربي عند مراسلاته الأمم المتحدة ، فهو يستعمل مصطلح الصحراء الغربية ، ولا يستعمل مصطلح الصحراء المغربية الذي يستعمله مع الرعايا الفاقدين لعنصر التمييز ..
فلو كان القصد والمعنى من استعمال مصطلح الصحراء الغربية ، يعني الاعتراف بالبوليساريو ، او الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، هل كان للنظام المغربي في مراسلاته مع الأمم المتحدة ، انْ يستعمله ليصبح حجة عليه لا له ...
ان استعمال France 24 لمصطلح الصحراء الغربية ، يعني التزام الحياد في النزاع الدائر ، ولا يعني الاعتراف بجبهة البوليساريو كما ذهبت العديد من المواقع ، وللأسف بعضها اعتبره بمثابة نصر مبين ، لقضية لا تربطهم بها غير الانتهازية والسمسرة ..
الأمم المتحدة المعنية بالصراع ، وعلى رأسها مجلس الامن ، فكما انهم لا يعترفون بمغربية الصحراء ، كذلك فهم لا يعتبرونها جمهورية صحراوية مستقلة ، لان الذي سيحدد في الأخير جنسية الإقليم المتنازع عليه ، يبقى الاستفتاء وتقرير المصير .. وهنا ربما يمكن الفهم ، لماذا قيادة البوليساريو رغم وجود الجمهورية الصحراوية ، فهم لا يزالون يتشبثون بالاستفتاء وتقرير المصير ، مع العلم ان نتائج الاستفتاء هي التي ستقرر وجود الجمهورية اذا قرر المُستفتون ذلك .. وهنا الا يوجد تناقض بين التمسك بجمهورية اعترف بها ملك المغرب في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بجريدته الرسمية عدد 6539 ، وتعترف بها موريتانية ، والجزائر، والعديد من الدول في آسيا ، افريقيا ، أمريكا اللاتينية والجنوبية .. وبين المشاركة في استفتاء قد تكون نتيجته الدعوة للجمهورية .. أي امام هذه الاعترافات حتى من قبل الخصم ، الم يعد حل الاستفتاء متجاوزا لصالح الجمهورية الموجودة ؟
لكن ومن خلال التمعن في العديد من اللقاءات بين الاتحاد الأوربي ، وبين الاتحاد الافريقي ، وبين الاتحاد الافريقي ، وبين اليابان ، وروسيا الاتحادية ، والصين ... قد نستنتج اعترافا خجولا ، او بطريق غير مباشر بالجمهورية الصحراوية ، وليس فقط بالجبهة . وهنا لو لم تكن هناك إرادة يعبر عنها بالأفعال ( اللقاء بين الاتحاد الافريقي ، وبين غير ه من الاتحادات الدولية ) وليس فقط بالأقوال ( الاعتراف الرسمي ) ، هل كان للاتحاد الأوربي وغيره من الدول المعنية ، انْ تجلس مع الجمهورية الصحراوية كدولة ؟ . أي هل سبق لدولة انْ جلست مع دولة غير معترف بها في المنتديات الدولية .. وماذا حين يقف الرئيس إبراهيم غالي كرئيس للجمهورية الصحراوية ، الى جنب الرئيس الفرنسي ، والى جانب الملك محمد السادس .. اليس الوقوف واخذ الصور التذكارية ، اعتراف الدولة الفرنسة ، ودول الاتحاد الأوربي بالجمهورية الصحراوية ؟
وحتى نذلل اكثر شرحنا لمعنى وغاية مصطلح الصحراء الغربية ، كما هو متعارف عليه امميا ، وهو يعني الحياد ، ولا يعني تكريس وضع ضدا على القانون ، وتكريس حالة غير قانونية على شيء غير موجود أصلا .. ، فان الأصل القانوني الذي بنت عليه محكمة العدل الاوربية كل قراراتها ، التي طعنت في الاتفاقيات المبرمة بين النظام المغربي ، وبين الاتحاد الأوربي بخصوص الأقاليم المتنازع عليها ، فالإبطال الذي قضت به المحكمة ، لا يعني كما ذهب فهم البعض ، انه اعتراف بالجمهورية الصحراوية ، بل انّ اصل الابطال التي قضت به المحكمة ، بنت حجيتها على مقتضيات القرارات الشرعية الدولية التي هي قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لا تعترف بمغربية الصحراء ، ولا تعترف بالجمهورية الصحراوية .. ومن ثم فان محكمة العدل الاوربية عالجت طلب الإلغاء والنقض ، من منطلق القانون الدولي الذي لا يعترف بالجمهورية الصحراوية ، ولا يعترف بمغربية الصحراء ، فكانت قرارات المحكمة تتسم بالحيادية وبالموضوعية ..
كذلك فان اعتراف الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية ، وروسيا الاتحادية ، والصين ، وكندا ، وكل العالم باستثناء دول الخليج العربي ، بجبهة البوليساريو ، لا يعني ان هذا الاعتراف هو نكاية في النظام المغربي ، ولا يعني انحيازا للجزائر وللبوليساريو ، لكن الاتحاد الأوربي والعالم الغربي ....الذين يحترمون القانون ، ويحترمون القرارات الأممية ، التزموا بالقانون ، والتزموا بهده القرارات عندما اعترفوا بجبهة البوليساريو ، ولم يعترفوا صراحة بالجمهورية الصحراوية ... والاصل القانوني الذي بنى عليه هؤلاء اعترافهم بجبهة البوليساريو ، هو القرار الشهير 34/37 الصادر في سنة 1979 ، تعتبر فيه الجمعية العامة جبهة البوليساريو ، ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الصحراوي ، وتكون الجمعية العامة باستعمالها لكلمة الشعب الصحراوي ، اول اعتراف من الجمعية بهذا الشعب ، الذي اعترف به النظام المغربي عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بالجريدة الرسمية للدولة عدد 6539 ..
بل حتى الفضائيات العربية كالجزيرة عندما تنشر خريطة المغرب بدون الصحراء ، فهي لا تعترف بالجمهورية الصحراوية ، ولا تعترف بمغربية الصحراء ، لكنها تتمسك بالمشروعية الدولية ، التي هي القرارات الأممية التي تنص على الاستفتاء ، الذي نتيجته هي التي ستحدد جنسية الإقليم المتنازع عليه .. فالفضائيات العربية بهذا التصرف بفصل الصحراء عن المغرب بخيط ، فهي مثل الفضائيات الاوربية ، والأمريكية ... ، ومن بينها France 24 ، تستعمل مصطلح الصحراء الغربية كحياد وليس كانحياز .... والنظام المغربي الذي يستعمل مصطلح الصحراء الغربية عند مراسلاته الأمم المتحدة ، كان يرمي ولا يزال في السجون ، المغاربة الذين يدعون الى الاستفتاء ، او ينكرون مغربية الصحراء ، مع العلم ان النظام دعا الى الاستفتاء في الصحراء اكثر من مرة ، وطرح حل الحكم الذاتي الموسع الاختصاصات ، وانهاها بالاعتراف الصريح بالجمهورية الصحراوية ..
ولو لم تكن دول الاتحاد الأوربي ، والولايات المتحدة الامريكية ... تعترف بالجبهة وليس بالجمهورية ، هل كان لهذه الدول ان تقبل بفتح تمثيليات للجبهة بعواصمها وبمدنها ، وهل كان ان ترخص لها بالتظاهر والمسيرات بمختلف مدن دولها .. وهل كان ان يكون للجبهة مكتب بمقر الأمم المتحدة ؟
وللاختصار ، فان استعمال مصطلح الصحراء الغربية ، هو استعمال اممي ، لا يضفي اية صبغة قانونية دولية على الجبهة او الجمهورية ، كما انه مصطلح لا يعني مغربية الصحراء ، او عدم مغربيتها ... لكنه يعني الحياد الذي لن يبقى حيادا عندما ستتحدد الجنسية الأخيرة للأقاليم المتنازع عليها .. وقد اكد هذه الحقيقة مؤخرا الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الامريكية ، عندما ركز على مجلس الامن ، وعلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ويكون بذلك قد التزم الحياد ، وتجنب الانحياز عندما اسقط اعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات