أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحسن - قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا - هيبة - للقاص يحيى القيسي














المزيد.....

قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا - هيبة - للقاص يحيى القيسي


رائد الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6833 - 2021 / 3 / 6 - 12:43
المحور: الادب والفن
    


هيبة
في بيتنا العتيق هناك مسبحةٌ تتوسط جدار غرفة الضيوف، كلما أقصدُ لمسها؛ يحذّرني جدي. لازلت أتلفّت و أنا أدنو منها حتى بعد رحيله.
__________________________________________
العنوان هيبة، أتى بصيغة النكرة، فانه يلمّح ولا يفضح، وهو مصدر هابَ والهيبة تعني الجلال والوقار والاحترام بمخافة ورَوْعَة، ومن خلال الولوج للمتن سنعي ونعرف هذه ال - هيبة - صفة لأي شيء؟
المتن: في بيتنا العتيق، القديم ، وهو بيت الأجداد ، الذي سكن وعاش به الجد والأب والحفيد، كانت هناك مِسبحَةٌ معلقة تتوسط جدار غرفة الضيوف، دلالة على أهميتها وجمالها وقيمتها والمِسبحَةُ هي خرزات منظومة في خيط يعدّ بها المسبِّحُ أو المصلِّي مرّات التسبيح أو تستخدم للتسلية، وتسمى أيضًا بالسُبْحة وهي كلمة مشتقة من التسبيح كما في قوله تعالى ﴿إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [73:7]
للسبحة أهمية كبيرة لدى بعض الناس قد تصل إلى درجة التقديس وربطها بأمور دينية، يستخدمها ويحملها الكثير من المتدينين ومن مختلف الأديان وبعض الشرقيين ولكن أشكالها وعدد حباتها تختلف تبعًا للمعتقدات.
وتصنع حباتها من مواد مختلفة كالتربة المجففة التي تلوَّن بألوانِ مختلفة أو تصنع من مادة اليسر، الصدف ، خشب الأشجار ونواة الأثمار ويصنع بعضها من الأحجار الكريمة مثل الياقوت والمرجان واللؤلؤ والكهرب والفاتوران والمستكة والفضة والذهب وقائمة طويلة من نفائس الحجر والمواد الأخرى أو من العاج المنقوش والمحفور، كما قد تصنع من المواد البلاستيكية الرخيصة، وتصنع أحياناً من الحبال.
المسبحة هنا وضعها الجدُّ في مكانٍ مهم، فأهم مكان في البيت كان هو غرفة الضيوف، وعادة نُري ضيوفنا حاجياتنا النفيسة والمهمة والتي نفخر ونعتز بها، لكننا لا نعلم بالضبط أين تكمن أهمية هذه المسبحة، هل لندرتها أم لقيمتها المادية - بسبب أنها مصنوعة من حجر ثمين - أو لقيمتها المعنوية، كأن يكون الجد قد توارثها، أو أنها هدية من شخصٍ غالي أُهدَيتْ بمناسبةٍ مُهمة، أو أن موطنها الأصلي مكان مقدّس وله شأن روحي كبير؟!
على أية حال إن مسبحة قصتنا لها شأن مهم، حتى أن الجد كان يحذّر أحفاده بعدم لمسها حرصًا منه على عدم العبث بها أوقطعها وبالتالي يخسرها أو يفقدها.
زُرِعَ الخوفَ في قلوبِ الأطفال، وظلَّ هذا الخوف يلاحقهم مِن خلال وجود هالة التحذير والترهيب التي ظلت تحيط حول المسبحة، حتى بعد وفاة الجد.
ديمومة واستمرارية الخوف في ظل رحيل الجد، و بمجرد الاقتراب من المسبحة له دلالاته الكثيرة، قبل أن نلج بتفاصيلها نرى أن الكاتب اختار خاتمة مباغتة.
بقاء المسبحة حتى بعد رحيل الجد، ليس دلالة على الاهتمام بها فقط، بل هو احترام وتبجيل الجد، فالمسبحة أرث اكتسبَ - هنا - أهميته من مكانة الجد، هذه المكانة التي حافظ عليها الأب واستمر في قلوب الأحفاد ، من خلال الخوف والمهابة الأقرب للاحترام.
وهنا علمنا سبب اختيار الكاتب عنوان - هيبة - لنصّه الجميل.
النص يأخذنا لزمن ماضٍ أصيل يتصل بحاضرٍ يستمد جماله مِن أرثٍ يستند على تربية وعادات وتقاليد وقيم قد تبدو صارمة نوعاً ما، لكنها تعطي للجد والأب وكل رمز المكانة اللائقة، فالرمز يستمد هيبته وألقه وجماله وقوته من الذي أعطاه ومنحه هذه المكانة.
فالبيت الكبير كان يحيا به أكثر من عائلة، عوائل مكوّنة من الأبناء والأحفاد يعيشون بتآلف محبة وتعاون، الصغير يحترم الكبير، والكبير له مكانته وكلمته.
الفكرة والرسالة: إننا بحاجة اليوم لتلك القيم التي فقدناها وافتقدناها من خلال التغيير الذي أخذنا ونقلنا بعيدًا إلى عالم مُغاير مختلف، ليس بذات الشكل لكن بنفس الروحية، الاحترام والمحبة وإعطاء لكل ذي قيمة قيمته الحقيقية.
التلفّت ضروري، الخوف مهم إذا كان هو محرّك لقيمنا ومؤثر على صوت الضمير والحق، والمانع الذي يُعرقل ويوقف أقدامنا التي تسير نحو مواطن الخطأ.
وهناك أشياء، علينا أن نضعها في مكانها الصحيح، لننظر إليها بكل فخر واهتمام واعتزاز.
كم من الأشياء والرموز اليوم ، تركناها واستبدلناها بأمور غير ذات أهمية.
النص جميل، مكثف، محبوك ويحمل حكاية بكلمات ومعاني رسالة مهمة، تتصاعد أحداثه لينتهي بقفلة مناسبة.



#رائد_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحسن - قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا - هيبة - للقاص يحيى القيسي