محمد الطيب بدور
الحوار المتمدن-العدد: 6828 - 2021 / 3 / 1 - 22:38
المحور:
الادب والفن
من ذلك المكان تناثرت على الرصيف آخر حشرجات معاناتها . تفور روحها شغفا للاستلقاء على سطح القمر...بعيدا عن همس العابرين و أدغال أحاديثهم و تأملاتهم الزئبقية حول خرقة بالية تفترش الأرض و تلتحف السماء.. تحت جدار عال يرسل ظله ملاذا لبعض المتعبين...و لكنها اتخذته أكثر من ذلك بكثير...بكثير ...
هنا ظل ثابت تفترشه و تتكىء على الجدار البارد فتسري في روحها فيوض الأمان...هي من احدودب قوامها و ألهبت ثقوب الحاضر بقايا نعومة الأنثى الساكنة فيها .مازال رحيق صوتها يلون ثغور الكلمات بنبرة حزن أنيق و يلامس سفوح القفر الذي يعانق ملامح المتعبات مثلها و يزف جموح الروح نحو الانعتاق من ظل متحرك أخطبوطي الملامح. توغل في أوصالها و أسكنها ركود الأوحال .قيل لها قبل أن يينع صمتها و تفتك بها الأيادي الغليظة و كوابيس الاستعباد .. في ظله سترفلين في الموج الغافي و تغرقين في أنفاس الخزامى و تهطلين سعادة على جباه الأقمار...و باختصار شديد قيل لها ( ظل راجل و لا ظل حيطه) .
صمتها الرخيم يغص باندهاش العيون و ذهول من تطفل على استكانتها في ظل غربتها . لسان حالها امتطى وحشة ذكرى التفاصيل ونثر على ملامحهم الحائرة ما لم يدركوه ... و ما لا طاقة لهم على تصوره أن يحدث لامرأة التحفت يوما بظل "سي السيد" هذا المارد الذي يطوقها بأذرع الرعب و بيد غليظة تمتد اليها و تبعثر في حلكة الليل أحلامها وتبعث بها الى أتون الوجع الذي يكسر الروح ... تفاصيل غابة تعج بالنمور ... و مرجل ينتظرها وينشب في رقتها وخز السيوف ...تلك التي علم جسدها الخنوع و روحها الانكسار ...كانت في يوم ما...قبل أن ترتعب من ظله الأخطبوطي ..فاكهة تتقاذفها أمواج الروح ...لا يعتريها الذبول ...أبدية الدهشة ... لا تقف على نوافذ الجفاف و لا العبور الفاتر على شرفات الانتظار ...وحدها تتنفس حفيف الزهر على روابي القلب ...و لا تعبأ بموروث وأد الكرامة و عزة النفس... تلك التي ألقت بعناقيد الانهيار ...عزفت من روحها أسطورة الأمل ... و قلبت المثل فأصبح " ( ظل حيطه و لا ظل راجل) طبعا ذاك الرجل الذي فقد ظله ..عندما أشرقت الشمس ....شمسها ...و ظل انسانية لم يكتمل بعد ....
#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟