محمد الطيب بدور
الحوار المتمدن-العدد: 6828 - 2021 / 3 / 1 - 22:03
المحور:
الادب والفن
و كأن لا شيء يمر من حوله ...العالقون في خطى مناجاتهم ...و الحالمون بساعات يختلسونها من صخب الحياة ...يرشونها ببريق لقاء فريد و عطر يتسلل لعزلته و ينعش ذاكرته الممتلئة ...من يهتم لهذا الجالس منفردا على يسار أريكة .؟..هي كل ما بقي من زمن غير كل شيء...الا ما يشده لهدهدة لحظات حانية ...مرتبة بمنتهى الدقة ...تحكي تفاصيل أمس لم يعد يذكر ان كان سيحسبه من الماضي ... بحث بعينيه غير بعيد عن ثوان عاشها بطعم الاجتياح ...عن تبعثر البصر في قامة هيفائه التي ما رآها تمشي ...فقد بدت له أنها تسبح أو تطير لتتركه متسمرا ...مغلولا بجاذبية الأرض ...لكنه كان مجذوبا بألقها ...يفلت من هذه الأريكة التي تشعره اليوم بالبرد ...تحسس مكانها ...كانت تجلس على يمينه...حرك أنامله في حركة لبعثرة شعرها فوق كتفها ...فبدت خصلاتها لامعة كضفيرة الحرير و مستقرة على نهدها الثائر...و بدت له مشاغبة تهذب خصلات الشعر الشاردة على جبينها ..تسكب البريق من عينيها ليمتزج بلهفته فيقطف في لحظات سكرى زهورا من القمر بلون وجنتيها ...و عقدا من النجوم يطوق به جيدها الذي يكاد يذهب بعقله ..أحس بتسارع دقات قلبه... نظر حوله كما لو أنه كان متلبسا بشيء ما...خيل اليه أن حشدا من المتفرجين يتابع في صمت حركاته و ربما استمعوا الى صوته الذي لم يسمعه ...اصطدمت عيناه بعيونهم...بدأوا في الانصراف ...في التفاتة بعضهم حيرة...و ربما شفقة ...و لكن شيئا حدث رغم كل شيء...آخر من انصرف ...ابتسامة امرأة لم يشهدها في زخم تفاصيله ...قال حينها ...و قد أدرك أنه كان لوحة...و أن كل تلك التفاصيل
هي ما نطق به المتفرجون...الذين تصوروا المشهد مكتملا ....هل كان علي أن أصبح لوحة لتدركوا أني كنت وحيدا ؟
#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟