ممدوح رزق
الحوار المتمدن-العدد: 1624 - 2006 / 7 / 27 - 11:14
المحور:
الادب والفن
ما الذي جاء بك إلى غرفتي الليلة ؟! .. المفترض أن تكون مشغولا بأمور أخرى .. كمضاجعة إحدى الحور العين مثلا ، أو الصراخ بأقصى قوة بينما تحترق ؟! .. لماذا تعود لتجلس أمامي هكذا بنفس طريقتك القديمة ؟! .. طريقة القرفصاء .. حيث يمكنك أن تشبك أصابعك القصيرة و السمينة ـ لهذا السبب كنت عاجزا دائما عن إطباقها جيدا ـ .. حيث يمكنك أن ترفع رأسك من حين لآخر وتحرك عينيك المرتعشتين ببطء في اتجاهات عشوائية ثم تعود لخفضهما ثانية .. بتوجس تائه و ثقيل .. هل لازلت ذلك الخائف الذي يجلس فوق أنقاض غريبة ويحاول استدعاء سكينة ليست ماكرة بدرجة ؟! .. الذي يحاول أن يثبت للفراغ والسكون أنه قادر على الاستيعاب واحتواء الذاكرة ؟! .. أنه مطمئن ويفهم ؟!
معقول ؟! .. كيف استطعت أن أبتلع ( أنت ابن وسخة ) خمسة وعشرين عاما واكتفيت فقط بمراقبتك في صمت مختنق وأنا عاجز في قرارة نفسي عن تصديق أنه يمكن لله أن يخلق شخصا بمثل قسوتك وغباءك وثقل دمك ؟!!
هل كنت تعلم أن تخبئة أطباق البيض وقطع الصابون تحت سريرك وتقطيع الجبن الأبيض لأجزاء صغيرة جدا هو بداية عادية لألا تتذكر اسمك و اسماءنا و اسماء الآخرين واسم كل شيء ؟!
( لقد أصبحت كبيرا جدا ) ..
قلتها لي كثيرا خوفا و حسرة على نفسك وأنت تفكر في خمسة وستين عاما جعلتك قريبا من الموت .. من ملاقاة ربك الذي كنت تقرأ كلامه كل ليلة و لم تتخلف أبدا عن موعد الصلاة إليه وتنهال على وجهي بالصفعات من أجله .
ما الذي جاء بك إلى غرفتي الليلة ؟! لم يكن الأمر يستحق أن تترك ما كنت فيه لتأتي هكذا .. كل ما حدث أنني استيقظت اليوم بشكل عادي جدا ثم اكتشفت أنني أصبحت في التاسعة والعشرين ، وأنني لم أصلي أو أقرأ القرآن منذ تسعة أعوام تقريبا ، وأنني متزوج من امرأة لم أعد أرغب في مضاجعتها ، وأنني بلا أبناء ولا أصدقاء ، وأن أسرتي لم يتبق منها سوى شخصين فقط على قيد الحياة ، وأنني عاطل عن العمل والدوار يلازمني منذ سنوات طويلة كما أنني حاولت اليوم أن أمارس العادة السرية فرحت أحك رأسي طويلا .
#ممدوح_رزق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟