أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - اللغة المقعرة














المزيد.....


اللغة المقعرة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6822 - 2021 / 2 / 23 - 20:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
١٨ - اللغة المقلوبة

ولكن ما أن نخرج من مأزق لغة القضاء والقدر ومنطق "إنشاء الله" و "الله أعلم" و" ولاحول ولا قوة إلا بالله "، حتى نسقط في كمين آخر، حفرة سحيقة وربما أكثر عمقا من الهاوية الإلهية، نجد أنفسنا في مواجهة هذه اللغة الجديدة التي تحدث عنها جورج أورويل في منتصف القرن الماضي، هذه اللغة التي تنقلب فيها المفاهيم ونسمي فيها الفحم "بياض"، والأعمى يسمى "بصيرا"، وحيث حرية الإستثمار والإستغلال وسرقة عرق العمال ومجهودهم يسمى "حرية"، وحيث التبعية للرأسمالية الأمريكية تسمى "ديموقراطية"، وحيث سلطة مالكي أجهزة الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وإنترنت تسمى دون خجل "حرية التعبير"، وإرادة الدولة بكل مؤسساتها للتحكم في حياة المواطنين وحماية الأغنياء منهم ضد غضب الفقراء تسمى" القانون " والعدالة وتكافؤ الفرص، وحيث سلطة الأمراء والعائلات الثرية تسمى " التمثيل البرلماني"، وإعطاء الشرعية لمحترفي السياسة من رجال الأعمال لحماية مصالحهم يسمى "الإنتخابات النزيهة"، وحيث وكر الذئاب يسمى "البرلمان". ولكي لا يصاب الإنسان بالإنفصام أو بالجنون، لا بد من تعلم هذه اللغة، وتقشير الكلمات من الغلاف السميك الذي يغطيها، وتعلم المفردات والقواعد الجديدة التي تحكمها، وإلا فإننا لن نفهم مطلقا ما تعنيه مفاهيم بسيطة مثل "أسلحة الدمار الشامل"، "الحرب الوقائية"، "القنابل الملوثة"، أو كلمات أكثر بساطة مثل "السلام"، "الحرية"، "الديموقراطية"، "العنف والإرهاب". الإشكالية إذا ليست في الكلمات وحدها، وإنما في الذي يستعمل هذه الكلمات وفي متلقى هذه الكلمات، مشكلة اللغة بكامل مستوياتها وتركيباتها الإجتماعية والسياسية والنفسية والتي تتطور وتتغير من لحظة لأخرى حسب المواقف وحسب طبيعة الأحداث، وحسب صراع القوى والمصالح المتحكمة في قواميس اللغة. إن كلمة "حرية" في فم رئيس أمريكي أو أوربي أو من دول العالم الثالث أو الرابع، ليس لها نفس المعنى ولا تغطي نفس الفضاء الرمزي والمادي ككلمة "حرية" على لسان طفل فلسطيني أو فلاح من البرازيل، وكلمة "أمن" بدورها ليس لها نفس المعنى في ذهن رجل الأعمال أو في فم متشرد بلا مأوى في إحدى العواصم الأوربية أو في القرى العشوائية في العالم الفقير. هناك إذا لغة خاصة وعالمية يمارسها رجال السياسة ورجال الدين ورجال رأس المال فيما بينهم، وبواسطة أجهزة الإعلام المختلفة، ويلعب الصحفي والمثقف والمحلل السياسي وغيرهم، دور المترجم لشرح مضمون الرسالة للمواطن العادي، حتى تتطابق مع المعنى المقصود، فتشبه اللغة في هذه الحالة وعاء فارغا يملأه هؤلاء المتخصصون بما يشاؤون من الروث.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيض الكينونة
- من الكلام ما يقتل
- ليبيا والإختيار الإجباري
- تجري السمكة من محطة لمحطة
- ليبيا : كارثة فبراير المجيدة
- الدال والمدلول وما بينهما
- علاقة اللغة بالأشياء
- هل كلمة -كلب- تنبح ؟
- الحرف الأول
- الحرب ضد العدم
- الآلة والدولار والزمن
- إصطياد الزمن
- طعم الكارثة
- العدمية والثورة
- العدمية وأخلاق العبيد
- الرجل والملح
- الجهادية ليست حركة عدمية
- ضجيج الأشياء
- ميلانكوليا
- السلطة والمال والكينونة


المزيد.....




- شاهد التسلسل الزمني للحظات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ف ...
- لماذا يتعجل الشرع الزمن نحو الرئاسة؟
- الادعاء الألماني يوجّه اتهامات ضد مشتبهين بالانتماء إلى داعش ...
- ما أهمية إعلان الجيش السوداني تحرير الخرطوم بحري؟
- شهيد بنابلس ومقتل جندي إسرائيلي وإصابة 5 بجنين
- السعودية تهنئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
- شاهد ما كشفته صور حطام طائرة ركاب ومروحية في نهر شبه متجمد ب ...
- حماس تعلن مقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف ونائبه مروان ع ...
- ترامب: -لا ناجين- من حادث اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية ف ...
- أبو عبيدة يُعلن مقتل محمد الضيف وعدد من القيادات العسكرية لـ ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - اللغة المقعرة