الجزء الثاني
(نص مفتوح)
...... ...... ......
سئمت اشراقة الصباح
مللتُ من الإنزلاقات في بُرَكِ الحزنِ
تحشرجَ الشهيق في سماء الألم
أوجاعٌ من كلِّ الجهات
جيوشٌ جرّارة تتربّص أطفالاً مرضى
تتربَّص شيوخاً أكلهم الأنين والقنوط
تتربَّص نساءً مصابات بجفاف العمر
تتربَّص شباباً كرهوا اليوم الّذي وُلدوا فيه
تتربَّص أرضاً موغلة
في أعماق الحضارات
تريد أن تسحق جماجمَ آشور
الجنائن المعلقّة
سور بابل
تريد أن تعفِّر عذوبة المياه
تريد أن تقتلع وردة الربيع
تحرق الاقاحي
آهٍ ..
ماذنبي يا أبتي أن أُوْلَدَ
في أرضِ الحضارات؟
ما ذنبي يا أبتي أن أكون أوّل المشرّعين
كتبتُ دساتيري على الطين
ها هم ثعالب الصحارى
يريدون أن يكسروا ألواح الطين
دساتيري
اِبَقَيْ يا دساتيري صامدة
في حنايا الطين!
إيّاكِ أن تستسلمي لثعالب
هذا الزمان
إيّاكِ أن تحني رأسكِ
لهراطقة العصرِ
أينَ أنتَ يا جلجامش
هل ماتزال نبتة الخلود
خالدة في وهاد سومر وأكّاد؟
لا تقلقي يا بابل
ثعالب هذا الزمان غير قادرة
على طمس جنائنكِ
غير قادرة على زحزحة
وجهكِ الشامخ
في برج الحضارة
حضارات تأتي وتزول
تبقى أنقى الحضارات .. لا تزول
وحدها الكلمة الحق
تبقى ساطعة بين أضلاعِ التاريخ
شامخة فوق قبة الحياة
وحدها المحبّة باقية
فوق أجنحة الحضارة
كلّ معارك الكون
تنتهي في مهاوى الريح
تنتهي في ظلمة ظالمة
عالقة
في
هوامشِ
التاريخ
..... ..... ..... يُتبَع
لا يجوز ترجمة هذا النص إلى لغاتٍ أخرى إلا باتفاق خطي مع الكاتب.
ستوكهولم: آذار 2003
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]