حازم شحادة
كاتب سوري
الحوار المتمدن-العدد: 6815 - 2021 / 2 / 16 - 09:37
المحور:
الادب والفن
كانت أوّلُ صدمةٍ لي فيما يتعلقُ بلهجتي (الساحلية) عندما سألني واحدٌ من الأكرادِ مع بدايةِ دراستي في كلية الإعلام بدمشق
ـ لماذا تتكلمُ كرجل المخابرات؟
لا أخفيكم سراً، دُهشتُ من السؤالِ الفظِّ فأنا قبل الانتقال إلى العاصمة كي أواصلَ تعليمي لم تكن عندي درايةٌ بالطريقةِ التي ينظر (أخوتنا في الوطن) من خلالها إلينا.
أذكرُ يومها أنني أشعلتُ سيجارة بارتباكٍ ثمّ بعد تنهيدةٍ قلت:
- ما الذي تقصدهُ بسؤالك؟
راوده شيءٌ من الخجل تجلّى في إجابته:
ـ صدقاً لا شيء لكن اللهجة التي تتحدثُها تشبهُ تلك التي نسمعُ رجالَ الأمن والمخابرات يتحدثونها في المسلسلات السورية للإشارة إلى هذه الفئة من المجتمع.
ـ اللعنة على المسلسلات وعلى المجتمع.
حاولت أن أتمالكَ أعصابي قدر المستطاع ثمّ قلت:
- صديقي، هل استمعتَ قبلاً إلى الشاعرِ والفيلسوف أدونيس وهو يتكلم؟
ـ بصراحة، لم أستمع بيدَ أنّي أدركُ حقيقة كونهِ من أعظمِ مفكري العرب خلال العصر الحديث كما أنه السوري الوحيد الذي رشح لنيل جائزة نوبل أكثر من مرة.
أخرجتُ من علبة التبغ سيجارة جديدة وأشعلتها ثم أضفت:
- هل أنصتّ يوماً لممدوح عدوان وهو يتحدّث؟
ـ صدقاً لم أفعل لكني أعرفُ أنه من كتبَ مسلسل الزير سالم وقد قرأت شيئاً من كتابه حيونة الإنسان.
كان وقت المحاضرة قد أزف حين نهضنا واتجهنا إليها وخلال مشينا قلت:
- هل قرأت أو استمعت يوماً للكاتب حيدر حيدر؟
أجاب صديقي بابتسامةٍ صفراء:
ـ لم أصغ ولكن أعرف أنهم منعوا روايته ( وليمة لأعشاب البحر ) في العديد من البلاد العربية ولا أريد أن أكذب، لم أقرأها.
أمام باب المدرج في الطابق الثالث توقفنا قليلاً وحينها وضعت يدي بقوة على كتفه وقلت:
- هل استمعت لسعد الله ونوس وهو يقرأ من إحدى مسرحياته أو يُناقِشُ في حوار؟
ـ أكد صديقي يومها أنه لم يستمع لصوته مباشرة ولكن سبق له أن قرأ مسرحية (الفيل يا صاحب الزمان) وأعجب بها كثيراً..
حينها دخلنا إلى قاعةِ المحاضرة وما أن اتخذنا مكانينا ختمت قائلاً:
ـ صديقي، لو أنك استمعت لواحد من هؤلاء وهو يتحدث لعرفت أنني أتكلمُ أيضاً بلهجة الشعراء والأدباء والمُفكرين.
#حازم_شحادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟