أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار نوري - حقاً إنّ يوسف أدريس تشيخوف العرب















المزيد.....

حقاً إنّ يوسف أدريس تشيخوف العرب


عبد الجبار نوري
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6809 - 2021 / 2 / 8 - 13:42
المحور: الادب والفن
    


إن يوسف أدريس أكثر أقتراباً من القرية المصرية ، وبزغ نجمهُ في كتابة القصة القصيرة كما كان تشيخوف الكاتب الروسي والذي يعد من أبرز رواد القصة القصيرة ، قال : الكاتب الكبير "عبدالرحمن منيف " عن كتابات يوسف أدريس " أن عبقرية القاص يوسف أدريس بزغ من نظراته للأشياء العادية بنظرة غير عادية ولأن في كل عادي شيء غير عادي ، ومهمته الأساسية أكتشاف الغير عادي من العادي وتسليط الضوء عليه وصقله حتى تبرز دقته وقوّته وغير عاديته" ، وهنا تكمن براعة يوسف في تسليط الضوء على تفاصيل الحياة اليومية فيما يتعلق بالريف المصري والطبقة الوسطى المسحوقة ونقل صيرورة الحالة المعاشية المصرية إلى الواقع المتداول عملياً ، بذلك رسم ليوسف أدريس شخصنته الأدبية في الواقعية الشديدة والأسهاب بالوصف الدقيق ولحد التفاصيل الدقيقة ، ويبدو في مجمل قصصه تصحر الروح والبؤس والشقاء والمعاناة في صعوبة الحياة في أسلوب شيّق تمكن الغوص في أعماق النفس الآدمية لتنبيه المتلقي إلى حقيقة الأنسان من الداخل ، وبذلك حقاً تقارب مع الأديب الروسي الواقعي تشيخوف ، وقد جمعتُ من خلال قراءاتي للأديبين نقاط التقارب والتلاقي لاحقا عساي أتمكن من أقناع القارئ بأن يوسف أدريس تشيخوف العرب .
أنطون تشيخوف هو طبيب وكاتب مسرحي ومؤلف قصصي روسي ، ويُنظرْ أليه على أنهُ أفضل كتاب القصص القصيرة على مدى التأريخ ، ومن كبار أدباء الروس ، كتب المئات من القصص القصيرة التي تعتبر الكثير منها أبداعات فنية كلاسيكية ، كما أن مسرحياته كانت لها تأثير عظيم على دراما القرن العشرين ، بدأ تشيخوف بالكتابة عندما كان طالباً في كلية الطب جامعة موسكو ، ولم يترك الكتابة حتى أصبح من أعظم الأدباء وأستمر أيضاً في مهنة الطب وكان يقول فيها ( أن الطب هو زوجتي والأدب عشيقتي) ، وفي عام 1884 تخرج من كلية الطب التي أعتبرها مهنته الرئيسّة وقد أحرز القليل من المال من هذه الوظيفة ، وكان يعالج الفقراء مجاناً ، والذي حفزني ان أكتب في موضوع المقاربات الأدبية في القصة القصيرة خصوصاً بين القاصين العملاقين ، هو على الرغم من أن أحاديث يوسف لا تخلو من ذكر تشيخوف على أعتبار أنهُ المؤثر الأعلى في كتاباتهِ ألا أنهُ يحلم دوماً بتجاوزهِ وتقديم ما لم يقدمهُ ، وهو يرى أنهُ قرينهُ الأكثر حضوراً في العالم ، وكان يرى بأنّ أي كاتب قصة قصيرة في العالم لابدّ أن يكون قد تأثر بتشيخوف ، وهذه بعضٍ من المقاربات التحليلية والنقدية في الفكر والهدف :
-الأختصاص بالقصة القصيرة :أختص القاصان بكتابة القصة القصيرة ، لأعتقاد الكاتبين أن القصة القصيرة أختزال للزمكنة في أقتناص اللحظة الخارقة ، وأن كتابة القصة القصيرة أسهل شكل أدبي وأصعب تركيبة فنية في ترجمة واقع لحظة نفسية إلى التعبير عنها بكلمات ، ومفهوم يوسف أدريس عن فن القصة القصيرة يقول فيها : (هو فن أقتناص اللحظة والخاطرة والصورة فن لأقصى حدود الطواعية ، منوّع لا حدود لتنوعه ولا ضفاف ) ، كما ظهرتْ عند يوسف أدريس في بدايات كتابته للقصة القصيرة عام 1954 في ( أرخص ليالي ) التي أشتهر بها عالمياً لكون في نصها السردي تكمن الشفافية والمتعة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء ، وكانت أعمال " تشيخوف " في القصة القصيرة قد عرفت طريقها إلى المكتبة العربية منذ الأربعينات من القرن الماضي ، وأستمرتْ التراجم تتسع في الستينات والسبعينات لأزدياد أعداد قراء المكتبة العربية ، فأصدر تشيخوف مجموعتهُ الأولى في 1884 بعنوان حكايات ملبوميتا ، وثم الغسق والنورس والعم فانيا والأخوات الثلاثة وبستان الكرس ، ومسرحيات البجعة والدب وطلب زواج والزفاف وغابة الشيطان والسهوب وحورية البحر.
- تميّز كلٌ منهما بأسلوب السخرية اللاذعة ، فيوسف أدريس عايش العهد الملكي صاحب الحكم الشمولي المكمم للأفواه فكان من أدريس المشاكس والمقتحم بجسارة في أنتقاد الوضع السياسي والأجتماعي بشكلٍ ساخر مما شملهُ حجز حريته ، وكذلك تميز تشيخوف بكتاباته صفة السخرية والأستهزاء من نظام القياصرة الشمولي والمصادر للحريات والأشارة إلى عبدة المناصب والألقاب والمنافقين وذوي الطباع الفظة الذين يتلذذون بأهانة الضعفاء وربما سخر من الضحية لقبولهم بالعبودية والأستكانة ، وأبرع تشيخوف في قصصه في صرخة وجدانية حزينة حول بؤس البسطاء ومعاناتهم التي لا يشعر بها أحد ، وأكد تشيخوف على اللامبالاة وخطورتها على الروح الأنسانية في مسرحية ( السهوب ) 1888 ثم ( حكاية مملة ).
- تقارب الأثنان في النزعة الواقعية وكانت للثورة البلشفية 1917 عاملا آخر في ترويج الأدب السوفيتي خاصة والروسي عامة طلعت بصيغة قصصية عند مكسيم غوركي ووأسكندر بوشكين وأيفان تورجنيف وديستوفيسكي وعبقريات تشيخوف القصصية على العموم أنها الموجة الواقعية في الأدب العالمي والتي أنسحبتْ على الأدب العربي وحصرياً من خلال نافذتها مصر أم التراجم ، شاءت الأقدار أن تندلع في مصر ثورة 1952 التي دخلت كعاملٍ فعال في تأجيج الذات الكتابية عند كتاب كثيرين منهم بالخصوص " يوسف أدريس " أصبح يوسف أدريس أيقونة الفكر السياسي المصري في مراحل الأنفتاح وبالتحديد في خمسينيات القرن الماضي ، فأحدث يوسف طفرة فعلية في القصة القصيرة بتجاوز أشكالات كثيرة على مستوى الكتابة ، التي كانت تُغرق القصص في الرومانسية الفضفاضة التي تدفع بالمتلقي إلى الضجر والملل ، كذلك كان يوسف أدريس على رأس الدفعة الجديدة من كتاب القصة القصيرة منهم : عبدالرحمن الشرقاوي ويوسف شاروني ، فكانت قصة ( أرخص ليالي ) البوابة الكبرى التي دخل منها يوسف أدريس إلى ساحة المجد ، فيوسف أدريس ذو السبعة والعشرين عاماً أستطاع أن يهز عرش الثقافة في ضربة زمنية قياسية بحيث أثبت للواقع أن القصة قبلهُ كانت خاملة ورومانسية مملة وغير فنية وتقريرية ، وتمكن أن يهيل ويغطي على جميع نقاط العيوب والصفات الركيكة على ما كان يكتب ما قبلهُ ، وسحب واقعيتهُ ليس فقط على القصة بل على المسرح والرواية والكاتب الصحفي ، ربما تبني يوسف الفكر اليساري فهو في خطٍ متوازي مع أفكار " تشيخوف " في معانقة البطالة والأهمال والفقر والمرض والمعاناة وخروجهما من دائرة الشارع السياسي إلى الشارع الحقيقي في مواجهة هموم شعبيهما في العري والجوع والفاقة .
- البحث عن الحرية : وظهرت جلية عند تشيخوف في مجموعته القصصية في سنة 1884 بعنوان ( حكايات مليو ميتا ) و ( في الغسق ) نشر واقع النظام السياسي القيصري المتردي ولكن بأسماء مستعارة مثل : انطوشا شيخونتي ، وظهرت عند يوسف أدريس في روايته ( المخططين ) ناقش فيها الوضع الأنقلابي للعساكر من ثورة 1952 وبأسلوب خيالي فنتازي فيها الرمزية تكشف كيف تتحول الأفكار الثورية إلى نظم شمولية بعيدة عن الديمقراطية ، وقال في هذا الموضوع : (أني على أستعداد أن أفعل أي شيء ألا أن أمسك القلم مرّة أخرى وأتحمل مسؤولية تغيير عالم لا يتغيّر ، والأنسان يزداد في التغيير سوءاً ، وثورات ليت بعضها ما قام ).
- والتجربة المكانية في الشعر العربي على يد يوسف أدريس وتشيخوف ، بأستثمارهما المكان فنياً ، ويقدمان تجربتين حيتين تتمكنان من قراءة أسرار التأريخ والجغرافية ، أضافة إلى سعيهما الدائم إلى كسر رتابة العلاقات اللغوية القائمة من أجل الوصول إلى بنية تتلائم والتجربة المكانية الخاصة بالأنحياز والتزلف للأنظمة الشمولية لطالما أحترقنا بنارها !؟ .
- وتقارب القاص يوسف أدريس مع أدبيات تشيخوف في مسألة : الغوص العمودي لا الأفقي في طبقات الشعور واللاشعورالتي تنطوي عليها الحالات النفسية للشخصية ، بدل وصف الشخصيات من الخارج والحكاية عنها بمفردات الراوي العارف بكل شيء ، كان الميل الغالب هو أنطاق الشخصيات نفسها ما ينكشف عن أعماقها ، والغوص في أعماق الشعور واللاشعور في لحظة ضيّقة زمانية ومكانية كاشفاً الأزمات الشخصية الواقعة تحت مشرط قلم الطبيب يوسف أدريس .
- تجريب في القصة والمسرح : يوسف أدريس رفض تقبل أشكال القصة على نحو ما وجد عليه ، وتجربته على المسرح كانت مغايرة على ما موجود بالشكل التقليدي ، حيث أستهل شكلاً جديداً ، كما ظهر في مسرحية ( الفرافير ) و ( المهزلة الأرضية ) يخرج الكاتب المشاركة الجماهيرية مع الممثلين دون حواجز وهمية تفصل بين المشاهدين والمؤدين إلى الحد الذي يسقط فيه الحائط الرابع الذي يعزل الممثلين عن الجمهور ، وينقل المتلقي من أحوال التلقي السلبي إلى أفعال التلقي الأيجابي .
مراجع وهوامش/
فاروق عبدالقادر- البحث عن اليقين المراوغ – مصر /
رسائل إلى العائلة –أنطوان تشيخوف- ترجمة ياسر شعبان
يوسف أدريس تشيخوف العرب – الدكتور فالح عبدالجبار



#عبد_الجبار_نوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجيب محفوظ ----- ملك الرواية
- الأقتصاد العراقي إلى أين !؟
- الواقعية السحرية في رواية -بيت الأرواح - لأيزابيلا الليندي
- سايكولوجية البنية السردية لرواية ---- وكر السلمان - للروائي ...
- مشروع ميناء الفاو الكبير----- وأضطراب مؤشر البوصلة!؟
- ملحمة -الأنياذة - للشاعر فيرجيل
- بيوغرافيا الحكايات الفنتازية لكتاب أبن المقفع - كليلة ودمنه-
- الأدباء مهندسو النفوس البشرية----- مكسيم غوركي
- الخدمة القهرية ----هلوسة في زمن الأفلاس ؟!
- أمنح شعبك ثورة قبل أن يثور عليك - ماوسي تونغ ؟!
- أتفاقية خور عبدالله - المذلّة - --- تنازل جديد للأطماع الكوي ...
- ملحمة - أربعينية - الحسين ( ع) بُعدُها التربوي والعقائدي الس ...
- من مخرجات نظام التفاهة ----الأختفاء القسري
- المعطيات السلبية للشركات الأمنية الأجنبية في العراق
- أضواء على رواية - عصفور من الشرق - لتوفيق الحكيم
- لماذا يجب أن نقرأ للروائي الروسي - ديستوفيسكسي - ؟!
- القيامة العراقية ---- في تشغيل سد - أليسو - التركي !؟
- دانتي والمعري --- -- وجدلية الأدب المقارن ؟!
- حمى سرقة المال العام ----غثاثة سياسية ومخاض عسير للتغيير ؟!
- قراءة لكتاب - فيورباخ نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية- فر ...


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار نوري - حقاً إنّ يوسف أدريس تشيخوف العرب