أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الأطماع التركية في سورية (الخفية والمعلنة)















المزيد.....


الأطماع التركية في سورية (الخفية والمعلنة)


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6806 - 2021 / 2 / 4 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تنويه: نستخدم في هذه الدراسة تسميات لبعض الأقاليم والمدن السورية المحتلة من قبل الأتراك أو الأمريكيين أو الانفصاليين أو المجموعات الإرهابية لا نوافق عليها ولكن حرصا منا على الدقة والأمانة تركت كما هي على حالها (مثل هاتاي وكوبانيي) ، واقتضى الأمر التنويه.
مع دخول الحرب على الدولة السورية عامها العاشر وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابية إلى حد كبير والمجموعات الإرهابية وحصرها في أماكن جغرافية محدودة في سورية ، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 13 كانون الثاني 2018 أن تركيا ستبدأ في الأيام التالية لهذا التاريخ "عملية عسكرية في منطقة عفرين السورية ضد "الانفصاليين الأكراد" و"المنظمات الإرهابية الكردية" مثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي PYD وجناحه العسكري ، وحدات حماية الشعب الكردي YPG، من أجل" تطهير الإرهاب من حدودنا الجنوبية ".

يسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي / وحدات حماية الشعب على عفرين ، المتاخمة لمحافظتي هاتاي وكلس في جنوب تركيا ، منذ عام 2012 عندما اضطرت القوات الحكومية السورية ، خلال المرحلة الأولى من الحرب عليها ، إلى الانسحاب من المنطقة. وباشر حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب إجراءات انفصالية من جانب واحد عن الوطن الأم سورية . صرح الرئيس أردوغان أن وحدات حماية الشعب الكردية كانت تحاول إنشاء "ممر إرهابي" على الحدود الجنوبية لتركيا يهدف إلى زعزعة الاستقرار داخل الأراضي التركية .
لقد كان استيلاء وحدات حماية الشعب على المدينة وريفها والخطوات الانفصالية الواضحة السبب المباشر الذي شجع تركيا على دخول الأراضي السورية بحجة حماية حدودها الجنوبية من الأكراد.
ويجدر بالذكر أن تركيا من آب 2016 إلى آذار 2017 ، نفذت "عملية درع الفرات" ، وهي عملية عسكرية في شمال سوريا هدفها المعلن هو دعم الجماعات المتمردة فيما يسمى الجيش السوري الحر لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بعيدًا عن حدودها ومنع انتشار حزب الاتحاد الديمقراطي المستمر في مناطق تسيطر عليها وحدات حماية الشعب YPG على طول الحدود التركية السورية. بينما كان الهدف الحقيقي هو توسيع سيطرة حلفاء تركيا جنوبا وضم المزيد من الأراضي والثروات السورية وفي إشارة إلى هذه العملية ، قال الرئيس أردوغان:
"بعملية درع الفرات قطعنا ممر الإرهاب في المنتصف. ضربناهم فجأة. بعملية إدلب [عفرين] نحن نسقط الجناح الغربي للإرهابيين . وإذا لم يستسلم الإرهابيون في عفرين فسوف ندمرهم تماما . نحن ندمر الجناح الغربي لهذا الممر بعملية إدلب ".
وفي إشارة إلى التعاون العسكري للولايات المتحدة مع وحدات حماية الشعب في محاربة داعش ، قال الرئيس أردوغان:
"في منبج ، إذا لم يتم الوفاء بوعود (الولايات المتحدة) بشأن انسحاب وحدات حماية الشعب، فسوف نعالج الوضع بأيدينا وعلى عاتقنا ، وسوف يرون ما سنفعله خلال أسبوع. إذا لم يستسلم الإرهابيون في عفرين فسوف نقطع رؤوسهم. هذا ليس تحالفا ، ستعطي الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب أسلحة وتتحدث عن شراكة استراتيجية معنا ولن نهضم هذه المسألة . الولايات المتحدة متورطة في خداع الذات، معتقدة أن التعاون مع الإرهابيين لن يضر بمصالحهم الوطنية. ومن يضع ثعبانًا في سريره سيواجه العواقب ".
ودعا الرئيس التركي حلفاء تركيا إلى "التصرف وفقًا لروح علاقتنا العميقة الجذور خلال هذه العملية". يتحدث الرئيس التركي هنا بلغة الواثق المصمم على تنفيذ عملية درع الفرات رغم التواجد الأمريكي وسط قوات حماية الشعب الكردية ويهاجم الولايات المتحدة علنا في حين أنه أخذ الضوء الأخضر من حليفه الأمريكي لتنفيذ عملية تتفق عليها الولايات المتحدة مع تركيا سرا في لعبة توزيع الأدوار بين الحليفين التاريخيين.
واعتبرت تركيا حزب الاتحاد الديمقراطي و وحدات حماية الشعب على أنه الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي الذي كان يقاتل من أجل دولة كردية مستقلة منذ الثمانينيات وأدرجته تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية. ومع ذلك ، قامت الولايات المتحدة بتدريب وتجهيز وحدات حماية الشعب في سورية ليس محبة بهم وإنما نكاية بدمشق ، واعتبرتها قوة فعالة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وأداة تستخدمها واشنطن متى شاءت. في أوائل كانون الثاني 2018 ، أعلنت وحدات حماية الشعب عن إنشاء "قوة أمن الحدود" قوامها 30 ألف جندي ، تتألف بشكل كبير من قوات حماية الشعب ومهمتها الدفاع عن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سورية. كانت هذه الخطة هي التي أدت إلى إعلان الرئيس أردوغان عن عملية عسكرية وشيكة ضد حزب الاتحاد الديمقراطي YPG ووحدات حماية الشعب PYD في عفرين. يستغل الأكراد الظروف المحيطة بهم لتأسيس وطن خاص بهم وكان اعلان تأسيس وحدات حماية الحدود سببا مباشرا أخر للتدخل التركي في شمال سورية في حين أن الهدف الخفي يكمن في رغبة أنقرة العارمة في التمدد جنوبا .
في يوم إعلان الرئيس أردوغان عن العملية ، بدأت تركيا قصف مواقع الميليشيات الكردية في عفرين. وسط أنباء عن عملية عسكرية برية تركية وشيكة في عفرين ، وأعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية في 19 كانون الثاني 2018:
"بالطبع ، نحن نراقب عن كثب الوضع في شمال سورية وقد لاحظنا تصريحات تركيا الأخيرة. نأمل ونتوقع أن تستمر تركيا في ضبط النفس السياسي والعسكري. وفي الوقت نفسه ، من الواضح أن لتركيا مصالح أمنية مشروعة على طول حدودها مع سورية ذات أهمية قصوى لتركيا. وينبغي بالطبع أن تؤخذ هذه المصالح الأمنية في الاعتبار في هذا السياق ".
يجب أن ننوه إلى أن ألمانيا تستضيف جالية كردية كبيرة هاربة من السلطات التركية ويشكل معظمها أفرادا ناشطين في حزب العمال الكردستاني . ويجدر بنا أن ننوه إلى أن ألمانيا وتركيا أعضاء في منظمة حلف الأطلسي، ولا يمكن في يوم من الأيام أن تعارض السياسة التركية في قضايا المصالح المشتركة .
في 20 كانون الثاني 2018 ، في الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت جرينتش) ، شنت تركيا عدوانا على سورية تحت مسمى "عملية غصن الزيتون" هدفه المعلن موجها ضد حزب الاتحاد الديمقراطي و وحدات حماية الشعب في منطقة عفرين السورية. في رسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، أعلنت تركيا زورا وبهتانا بيانا مفاده :
"يتعرض الأمن القومي لتركيا لتهديد مباشر من قبل المنظمات الإرهابية التي تتخذ من سوريا مقراً لها ، ومن بينها تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني و حزب العمال الكردستاني في سورية و حزب الاتحاد الديمقراطي و وحدات حماية الشعب على رأس القائمة.(.....) وتهديد الإرهاب من سورية الذي يستهدف حدودنا لم ينته. أدت الزيادة الأخيرة في الهجمات الصاروخية ونيران المضايقات الموجهة إلى محافظتي هاتاي وكلس في تركيا من منطقة عفرين في سورية ، الخاضعة لسيطرة منظمات PKK / KCK / PYD / YPG الإرهابية ، إلى مقتل العديد من المدنيين وخلف العديد من الجرحى. كما تزداد مخاطر تسلل عناصر داعش إلى تركيا عبر هذه المنطقة واستهداف أمن تركيا والدول الأوروبية بسبب التحركات الأخيرة لإرهابيي داعش القادمين إلى منطقة عفرين من أجزاء أخرى من سوريا.
ولمواجهة هذا التهديد الإرهابي ، بدأت تركيا في 20 كانون الثاني 2018 عملية عسكرية ضد هذه العناصر الإرهابية. وتهدف العملية إلى ضمان أمن حدودنا وتحييد الإرهابيين في عفرين وإنقاذ الأشقاء السوريين. وعليه فإن العملية لن تستهدف إلا الإرهابيين ومخابئهم وملاجئهم ومواقعهم وأسلحتهم ومركباتهم ومعداتهم. وتم اتخاذ جميع الاحتياطات لتجنب الأضرار الجانبية.
كان هذا الإجراء ضروريًا لضمان أمن حدود تركيا وأمننا القومي على أساس حقنا في الدفاع عن النفس ، كما هو محدد في المادة 51 من الميثاق ، ولكن أيضًا في سياق المسؤولية المنسوبة إلى الدول الأعضاء في الحرب ضد الإرهاب ، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن 1373 (2001) و 1624 (2005) و 2170 (2014) و2178 (2014).
أود أن أؤكد أن تركيا ، الملتزمة بشكل لا لبس فيه بوحدة أراضي سوريا ووحدتها السياسية ، تتخذ هذا الإجراء بهدف المساهمة في هذه المبادئ الأساسية وتعزيزها.(...). "
لقد تضمن البيان التركي كل ما أرادته تركيا لتبرير غزوها للأراضي السورية بحجة مكافحة الإرهاب في الشمال والذي يدعمه حلف الناتو وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية . لقد أعلنت تركيا السبب المباشر لحملتها وأخفت السبب الحقيقي للحملة والذي تطمح تركيا لتحقيقه منذ تفكك السلطنة العثمانية .
وبصرف النظر عن الخطاب حول التزام تركيا "بوحدة أراضي سوريا ووحدتها السياسية" ، فإن العمليات العسكرية التركية ضد "المنظمات الإرهابية التي تتخذ من سوريا مقراً لها" في عفرين دون موافقة الحكومة السورية شكلت استخداماً للقوة ضد وحدة أراضي سورية ووحدتها السياسية و استقلال سورية ، وبالتالي ، من حيث المبدأ ، تعد الحملة التركية انتهاكا لحظر استخدام القوة في المادة 2 ، الفقرة 4 ، من ميثاق الأمم المتحدة. قدمت تركيا في رسالتها إلى مجلس الأمن مبررين قانونيين لعمليتها العسكرية في سوريا: (1) المسؤولية المنسوبة إلى الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب ، و (2) حق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من القانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة. يمكن التخلص من السبب الأول بسرعة كبيرة. لا الحرب التركية موجهة ضد "تهديد الإرهاب" ولا قرارات مجلس الأمن المشار إليها في رسالة تركيا توفر أساسًا قانونيًا لاستخدام القوة عبر الحدود باتجاه سورية . يشكل حق الدفاع عن النفس أحد الاستثناءات المقبولة من حظر استخدام القوة و يتطلب "وقوع هجوم مسلح". وبالنسبة لوجود هجوم مسلح مستمر أو وشيك ، تتحمل تركيا عبء الإثبات كيف ومتى وقع هذا الهجوم ومن أي جهة أتى الهجوم . لقد ألمحت تركيا في رسالتها إلى هذا المطلب بالإشارة إلى "الزيادة الأخيرة في الهجمات الصاروخية ونيران المضايقات الموجهة إلى مقاطعتي هاتاي وكلس في تركيا من منطقة عفرين في سوريا". ومع ذلك ، لم يتم الإبلاغ عن مثل هذه الهجمات الصاروخية على المقاطعات التركية في وسائل الإعلام قبل إطلاق عملية غصن الزيتون. ربما كان الأمر أكثر من مصادفة أنه مع إطلاق عملية غصن الزيتون في 20 كانون الثاني 2018 ظهرت تقارير عن "هجمات صاروخية انطلقت من مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب في عفرين السورية" في وسائل الإعلام التركية فقط . في ضوء هذه الحقائق ، يبدو من المشكوك فيه إلى حد ما ، ما إذا كانت متطلبات الدفاع عن النفس قد تم الوفاء بها. ولم تستطع تركيا أن تبرر عملياتها أو سقوط رشقات صاروخية على الأراضي التركية . على أي حال ، يجب أن تكون أي إجراءات يتم اتخاذها للدفاع عن النفس متناسبة. حتى لو كانت هناك هجمات صاروخية مع عدد محدود من الضحايا ، فإن الغزو الشامل لدولة أجنبية مع ما يترتب على ذلك من خسائر في صفوف المدنيين وتهجير واسع النطاق للمدنيين يبدو غير متناسب ، وبالتالي غير قانوني بموجب القانون الدولي. يبدو أنه من المشكوك فيه إلى حد ما فيما إذا كانت متطلبات الدفاع عن النفس قد تم الوفاء بها.
واستنكرت سوريا بشدة "العدوان التركي السافر على مدينة عفرين التي تشكل جزءا لا يتجزأ من الأراضي السورية" ، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف العدوان فورا.
في 21 كانون الثاني 2018 ، حدد مكتب الدبلوماسية العامة التابع لرئيس الوزراء التركي الأهداف التالية لـ "عملية غصن الزيتون":
• لضمان سيطرة ما يسمى الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا على مساحة 10000 كيلومتر مربع.
• متابعة لعملية درع الفرات والعملية في إدلب لمنع حزب العمال الكردستاني المحظور بشكل كامل من الوصول إلى شرق المتوسط.
• القضاء على احتمال فقدان الاتصال الجغرافي لتركيا مع العالم العربي.
• لضمان أمن حدودنا مع سوريا.
• لمنع تسلل حزب الاتحاد السوري الديمقراطي PYD وحزب العمال الكردستاني إلى تركيا عبر جبال الأمانوس.
• لمنع منظمة إرهابية من الانفتاح على البحر الأبيض المتوسط والعالم من هنا.
• ضمان أمن واستمرار منطقة عمليات درع الفرات.
• السيطرة على منطقة تل رفعت وضمان عودة المدنيين إلى أوطانهم.
• لمواجهة الدعم الأمريكي لمنظمات إرهابية .
كما أوضح مكتب رئيس الوزراء التركي سبب أهمية عفرين لتركيا ، قائلاً:
• عفرين مهمة للغاية في الحفاظ على أمن المحافظات الحدودية لتركيا وضمان أمن منطقة عملية درع الفرات.
• وجود التنظيمات الإرهابية في عفرين يعني أن محافظة كلس جنوب تركيا ومعظم محافظة هاتاي تقع في مرمى التنظيمات الإرهابية.
• وتعتبر تركيا دمج منطقة كوباني مع عفرين أهم ركائز مشروع "الممر الكردي".
وهكذا ذهبت أهداف التدخل العسكري التركي في سورية إلى أبعد من الدفاع عن النفس ضد الهجمات الإرهابية أو مكافحة الإرهاب بشكل عام. يبدو أن الهدف الجغرافي الاستراتيجي الحقيقي وراء العملية هو منع إنشاء و / أو توطيد دولة كردية مستقلة بحكم الأمر الواقع في شمال سورية ، مما يخلق منطقة كردية مستمرة من العراق حتى البحر الأبيض المتوسط. إن البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء التركي يوضح بما لا يقبل الشك أن تركيا تريد التوغل في الأراضي السورية للبقاء على تماس جغرافي مع العالم العربي كما تبيت ترحيل الأكراد من قراهم ومناطقهم التاريخية ونزوحهم إلى مناطق أخرى غير متصلة جغرافيا عبر توطين عائلات المجموعات الإرهابية والجيش السوري الحر مكانهم وهي قوى حليفة لتركيا وساهمت إلى حد بعيد في تدمير سورية
كما أصدر وزير الخارجية الألماني سيغمار غبراييل ، في 21 كانون الثاني 2018 ، البيان التالي بشأن الأوضاع في شمال سوريا:
نحن قلقون بشأن الوضع في شمال سورية. تجلب المواجهة العسكرية بين تركيا والوحدات الكردية مخاطر لا تُحصى. لقد بذل الطرفان اللذان يقاتلان بعضهما البعض الآن جهودًا ضخمة في محاربة إرهاب داعش ، وقدموا تضحيات كبيرة في هذه العملية. بعد نجاح القتال ضد داعش ، تحتاج سورية إلى مزيد من الخطوات نحو الاستقرار والسلام. إن آخر ما تحتاجه سورية هو المزيد من المواجهة العسكرية. يعاني الناس في سورية بالفعل بما فيه الكفاية. ويجب على الجميع التركيز بعد طول انتظار على محاولة إحراز تقدم على المستوى السياسي. ستكون هناك فرصة أخرى للقيام بذلك في الجولة القادمة من محادثات جنيف في فيينا الأسبوع المقبل ".
في المؤتمر الصحفي العادي للحكومة يوم 22 يناير 2018 ، سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية عما إذا كان الهجوم التركي على سورية يتوافق مع القانون الدولي العام لكنه رفض المتحدث الرد على السؤال ، قائلاً بدلاً من ذلك: "من جانبها ، أوضحت الحكومة التركية ، برسالة مماثلة مؤرخة 20 كانون الثاني إلى رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة [...] والأمين العام للأمم المتحدة [...] خلفية عملها ودوافعها. في هذه الرسالة ، تستند تركيا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. هذا هو رأي تركيا. وبالنسبة للحكومة الفيدرالية ، الوضع متقلب. في الوقت الحالي ، لا يمكن تقييم الوضع من منظور القانون الدولي لأن صورتنا لهذا الوضع المعقد والمرن ببساطة ليست كاملة حتى يمكن إجراء تقييم. لهذا السبب لن تحصل على مثل هذا التقييم من وزارة الخارجية اليوم ".
يبدو أن المتحدث باسم الخارجية الألمانية لا يريد أن ينطق بالحقائق الدامغة والقناعات الراسخة لدى المسؤولين في ألمانيا .
وفي اتصال هاتفي مع نظيره التركي مساء اليوم نفسه ، أكد وزير الخارجية غبراييل "قلقه من تصعيد الوضع في سورية وما يترتب على ذلك من تداعيات إنسانية". وكانت الأمم المتحدة قد أشارت إلى وجود نحو 324 ألف رجل وامرأة وطفل ، بينهم 126 ألف نازح بالفعل ، يعيشون في منطقة عفرين. وهكذا كان الخطر الذي تشكله العملية العسكرية التركية على المدنيين كبيرًا. في الواقع ، كان 60 في المائة من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية ويعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وبينما اعتبر العديد من السياسيين والأكاديميين الألمان العملية العسكرية التركية في سورية انتهاكًا للقانون الدولي واعتداءا سافرا على سيادة بلد جار ، لكن وزارة الخارجية الألمانية واصلت تجنب أي تقييم للتدخل التركي بموجب القانون الدولي. وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة الاتحادية تعتبر التدخل التركي في سوريا مخالفًا للقانون الدولي ، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية في 24 كانون الثاني 2018:
ربما يمكنني أن أوضح مرة أخرى من حيث المبدأ أنه لا يمكن إجراء تقييم قانوني دولي بشكل قاطع إلا إذا كان المرء يعرف كل الحقائق. والسبب في ذلك هو أن القانون الدولي هو قانون يستخدم مصطلحات قانونية عامة مثل التناسب وما إلى ذلك. القانون الدولي هو قانون يجب أن يأخذ في الاعتبار مفاهيم مثل السيطرة الفعالة وأنشطة المنظمات الإرهابية والهجمات التي يمكن أن تؤدي إلى لمثل هذه الأشياء [مثل الحق في الدفاع عن النفس]. في هذا الصدد ، لا يمكن إجراء تقييم قانوني دولي إلا إذا كان المرء يعرف بالضبط جميع الحقائق التي تسمح له بالدخول في تقييم. أعتقد أن هذا ليس هو الحال في الوقت الحالي في الوضع السيئ الذي نراه الآن. [...]
كما أن الأمر كذلك - وأود أن أكرر هذا - أن هذه المسألة ، وهي الإجراء التركي بأكمله في سورية ، هي بالطبع قيد المناقشة أيضًا في مداولات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (ب) التي ندعمها (ب) وأن مجلس الأمن الدولي هي الهيئة المهمة بموجب القانون الدولي والتي قد تتوصل إلى تقييم لهذا الوضع. [...] لإجراء تقييم قانوني ، يحتاج المرء إلى صورة شاملة ومعرفة بجميع الحقائق حتى يتمكن من تفسير المصطلحات القانونية للقانون الدولي المفتوحة للتفسير. من وجهة نظر الحكومة الفيدرالية ، هذا ليس هو الحال في الوقت الحالي ".
كانت إشارة المتحدث باسم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لافتة للنظر إلى حد ما بالنظر إلى أنه لم يحدث شيء في نيويورك. بعد التوغل التركي في عفرين شمال سورية ، أعلنت فرنسا في 21 كانون الثاني 2018 أنها دعت إلى اجتماع طارئ للمجلس بشأن سورية . ومع ذلك ، لم يعقد أي اجتماع طارئ على الإطلاق. وبدلاً من ذلك ، اجتمع مجلس الأمن في 22 كانون الثاني 2018 لإجراء مشاورات مغلقة منتظمة بكامل هيئته. خلال تلك المشاورات ، تلقى المجلس ، تحت عنوان "أي عمل آخر" ، إحاطة مغلقة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية ، جيفري فيلتمان ، حول "الوضع في سورية " بشكل عام. ولم يصدر أي بيان في نهاية الاجتماع ورفض رئيس مجلس الأمن الرد على أي سؤال حول ما قاله وكيل الأمين العام فيلتمان للمجلس أو ما هي الآراء التي أعرب عنها أعضاء المجلس بشأن العمليات العسكرية التركية. لم يكن رئيس المجلس مستعدًا حتى للتعليق على مسألة عدد الوفود التي أثارت مسألة العمليات العسكرية التركية حيث لم تكن هناك "صيغة متفق عليها" بشأن ما تمت مناقشته.
الغريب أن الغرب ومجلس الأمن يدعم تركيا ويطمس الحقائق وينتقد النظام التركي ولا يستطيع تقييم وضع واضح للعيان بينما يدين دمشق للاشتباه بالغازات السامة .
وزير الحكومة الوحيد الذي قدم بعض الانتقادات الخفية للعمليات العسكرية التركية كان وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين ، التي صرحت في مقابلة في 24 كانون الثاني 2018: "من المفهوم أن تركيا تريد حماية شعبها من الهجمات الإرهابية المروعة لحزب العمال الكردستاني ، لكن هذا لا يبرر رد فعل غير متناسب ، وبالتالي يمكنني فقط الانضمام إلى الأمم المتحدة في الدعوة إلى الاعتدال من جميع الأطراف."
ومن المثير للاهتمام أن الأمم المتحدة لم تصدر مثل هذه الدعوة. أشارت وزيرة الدفاع في بيانها إلى أنه حتى لو كانت هناك هجمات إرهابية مسلحة مستمرة من قبل حزب العمال الكردستاني ، فإن التوغل العسكري التركي في منطقة عفرين السورية يجب أن يُعتبر غير متناسب وبالتالي غير قانوني بموجب القانون الدولي.
في 25 كانون الثاني 2018 ، أصدر وزير الخارجية غابرييل بيانًا بشأن الوضع في تركيا معلناً أن "الحكومة الألمانية لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء النزاع العسكري في شمال سوريا" لكنها تلتزم الصمت بشأن أي مسألة تتعلق بالقانون الدولي.
في اليوم التالي ، عند سؤاله عن تقييم قانوني للعملية العسكرية التركية في سوريا ، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية ، مرة أخرى ، الموقف القائل بأن "تقييم الوضع من منظور القانون الدولي يتطلب معرفة الظروف الدقيقة". وأن وزارة الخارجية الألمانية "ليس لديها علم بالظروف الدقيقة". تكررت هذه الإجابة مثل شعار في المؤتمرات الصحفية الحكومية اللاحقة.

في 7 شباط 2018 ، اتخذ نهج وزارة الخارجية الفيدرالية نهج " المشي على قشر البيض " تطورًا جديدًا. ولدى سؤاله عن تقييم القانون الدولي العام للعملية التركية في عفرين ، أجاب المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية: بالمناسبة ، أود أيضًا أن أشير إلى أننا بالطبع نقوم بتقييم الوضع مع شركائنا الدوليين. [...] هناك بطبيعة الحال تبادل للآراء بين أعضاء المجتمع الدولي للدول لأن القانون الدولي ، بالطبع ، قانون للمجتمع الدولي. [...]
القانون الدولي هو قانون المجتمع الدولي. ليس فقط موقف الحكومة الاتحادية هو المهم لتقييم القانون الدولي وتطويره التدريجي ، ولكن قبل كل شيء ، موقف المجتمع الدولي. هذا هو بالضبط الحوار الذي نشارك فيه بشكل طبيعي في الوقت الحالي. [...] من حيث المبدأ ، فإن تقييم الوضع والسلم والأمن الدوليين من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة له أهمية خاصة بالطبع. [...] بالطبع ، نحن نتبادل وجهات النظر مع شركائنا الأوروبيين ، وبالطبع نحن نتطلع أيضًا إلى تبادل مكثف للآراء مع فرنسا في هذا الشأن ".
يذكرنا الموقف الألماني والأمريكي والأوروبي والأممي بالمواقف التي اتخذتها تلك الدول حيال الغزو الاسرائيلي للبنان وسيناء والجولان السوري. ينتهي التقييم بعد تلقي الحقائق التي لن تصل أبدا .
من الناحية السياسية ، قد يكون مفهوماً أن ألمانيا لم ترغب في التنديد صراحة بالعملية العسكرية لدولة زميلة في الناتو باعتبارها انتهاكًا للقانون الدولي. ومن الناحية القانونية ، فإن الحجج مثل "القانون الدولي هو قانون يستخدم المصطلحات القانونية العامة" أو "الشروط القانونية للقانون الدولي [عرضة] للتفسير" حد العبث. في مناسبات أخرى ، لم يمنع "الوضع المعقد والمتقلب" الحكومة الألمانية من الخروج بسرعة بتقييم قانوني. على سبيل المثال ، في 2 أذار 2014 ، عندما استولى جنود يرتدون زيًا رسميًا غير مميز على شبه جزيرة القرم ، نددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، في نفس اليوم ، بالتدخل الروسي غير المقبول باعتباره "انتهاكًا للقانون الدولي". وبالمثل ، بعد يوم واحد من هجوم الغاز السام في منطقة خان شيخون شمال سوريا وقبل وقت طويل من التقييم النهائي من قبل هيئة دولية مختصة ، استطاع وزير الخارجية غابرييل أن يصرح ( والتعبير له ) بأن "عناصر نظام الأسد هم المسؤولون عن هذه [جريمة الحرب الهمجية] ] ويجب أن يحاسبوا ". و من خلال اللجوء إلى الأعذار الواهية وازدواجية المعايير لتجنب التقييم القانوني للوضع في شمال سوريا ، قوضت ألمانيا مصداقية القانون الدولي. من خلال عدم تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية بشكل واضح ، كما ساهمت ألمانيا أيضًا في زيادة تآكل حظر استخدام القوة بين الدول من خلال اللجوء إلى الأعذار الواهية وازدواجية المعايير .
تطمع تركيا إلى تغيير الخارطة الجيوسياسية في منطقة الشريط الحدودي بين سورية وتركيا في سياسة موغلة في القدم في التاريخ العثماني والقائمة على تبرير الاحتلال باسم الدين والجرائم بحق الانسانية من قتل متعمد وترحيل ونزوح ومن يراجع النهج العثماني القديم يجد أنه متأصل في السياسة التركية بإدارة أردوغان وحزب العدالة والتنمية .



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموانئ في سياسة موسكو الخارجية
- أزمة الشباب التركي في ظل حكم الرئيس أرودغان
- الشرق الأوسط في المفكرة الصينية
- رسالة الميتروبوليتان فيليب صليبا إلى الرئيس باراك أوباما حول ...
- دعوة روسية للحذر
- كيف تصبحين أسطورة للشاعرة البريطانية نيكيتا جيل
- أغنية إلى جميلة للشاعر بودلير
- مفاهيم في الاقتصاد السياسي
- الصين والشرق الأوسط
- الطاقة والصراعات الجيوسياسية في شرق المتوسط
- مبادرة الحزام والطريق الصينية
- الايمان والخوف
- الليالي العشر...روح للمستقبل والمرح والخير
- شيطان ثم ملاك
- الاقتصاد بعد عقد من الزمن العقد
- العناق تجربة وأي تجربة
- سورية وأولويات الإدارة الأمريكية الجديدة
- التعليم عن بعد بين الايجابيات والسلبيات
- طريق الحرير و استراتيجية البحار الأربعة في سورية
- على طريق الغفران


المزيد.....




- جين من فرقة -BTS- شارك في حمل شعلة أولمبياد باريس 2024
- العثور على أندر سلالات الحيتان في العالم
- الجمهوريون يرشحون ترامب رسميا لخوض الانتخابات والأخير يختار ...
- ليبرمان: نتنياهو يعتزم حل الكنيست في وقت مبكر من نوفمبر
- هل تنهي أوروبا أزمة أوكرانيا دون واشنطن؟
- موسكو: لا يوجد أي تهديد كيميائي لأوكرانيا من قبل روسيا
- الولايات المتحدة تؤيد دعوة روسيا لحضور -قمة السلام المقبلة- ...
- غروزني.. منتدى القوقاز الاستثماري
- شاهد.. احتفالات زفاف العام الفاخرة لابن أغنى رجل في آسيا تتو ...
- انتعاش الموسم السياحي في تونس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الأطماع التركية في سورية (الخفية والمعلنة)