أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - الغلاسنوست والبيروسترويكا














المزيد.....

الغلاسنوست والبيروسترويكا


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 6798 - 2021 / 1 / 25 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مطلع عام 1987 وفي عزّ "تألّق" غورباتشوف، ذهبتُ ضمن وفدٍ من منظمة اللاذقية للحزب الشيوعي السوري إلى مدينة حلب لزيارة القنصلية السوفيتية، لنسمع منها شروحات عمّا يجري في الاتحاد السوفييتي من أحداث ووقائع متسارعة كانت مثار دهشتنا جميعاً جعلتنا حَيرى، مصدومين، قلقين.. فقد تمزّقت الهالة المقدّسة التي كانت تحيط بسمعة الاتحاد السوفييتي وشقيقاته. إذ لم يكن يصل إلى مسامعنا وأبصارنا آنذاك إلّا ما يُبهج النفس ويسرّ الفؤاد. وأيّ نقد، وبغضّ النظر عن قائله، حتى لو كان بمنتهى الصدق مع ذاته بحكم معايشته للتجربة الاشتراكية، كان ينعته الرفاق فوراً بـ«العميل، والخائن، والمأجور.. الذي يعمل لصالح السي آي أيه الأمريكي والموساد الإسرائيلي».
ولدى لقائنا مع القنصل السيد «أندريه» الذي يجيد التحدث باللغة العربية جيداً، استفاض بالشرح عن "الثورة" التي تشهدها بلادهم وعلى كافة الصعد. وتحدّث مطوّلاً عن المصطلحات الجديدة التي انتشرت بسرعة الريح في كافة وسائل الإعلام وفي مقدمتها «البيروسترويكا – إعادة الهيكلة والبناء» و «الغلاسنوست – الشفافية والعلنية». واسترسل بالحديث عن الأخطاء الجسيمة التي ارتُكِبت في العهد السوفييتي، وأنها سوف تتم معالجتها لتغدو البلاد قبلة الثوار في العالم والأنموذج الذي يُحتذى به. وأذكر يومها أنني سألته:
- رفيق أندريه، ألم تتأخّروا بمعالجة المشاكل والأزمات التي كانت بادية للقاصي والداني؟ وهل يُعقل أن الحزب بقياداته المختلفة والتي استمرأت الحال لسنين طويلة، واغتنت وتمتّعت بامتيازات ومكاسب جمّة، هي نفسها سوف تباشر بالإصلاح؟
وأذكر أنه أجابني قائلاً:
- لديكم مثل معروف تذكرونه دائماً في أحاديثكم وهو "وصولك متأخراً خير من أن لا تصل أبداً". نعم لقد تأخرنا كثيراً بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية وغيرها.. ولكن ها نحن قد بدأنا، ولا أخفيكم سرّاً أنه على الرغم من حالة الاستياء العام وعدم التفاؤل التي تجتاح شرائح واسعة من مجتمعنا، نتيجة التراكمات الهائلة من الأخطاء التي بقيت دون معالجة، إلى أن وصلنا إلى حالة السخط والغضب المكتوم الذي تحدثت عنه منذ لحظات.. إلّا أن غالبية الشعب تؤيّد خطواتنا.
لدى عودتنا بالقطار بذات اليوم إلى اللاذقية، تناقشتُ طويلاً مع رفاقنا في الوفد، وأبديتُ تفاؤلي الحذر مما سمعناه. ونقلتُ بعض العبارات التي كنت قد سمعتها من الراحل الكبير «الطيب تيزيني» في محاضرة له عن البيروسترويكا في المركز الثقافي باللاذقية حيث قال: «أشبّه غورباتشوف بذلك الحاوي الذي فتح غطاء طنجرة تعجّ بالأفاعي، والتي سرعان ما اشرأبّت بأعناقها للدغه، واحتار الحاوي كيف سيسيطر عليها؛ فلا هو قادر على قتلها، ولا هو قادر على إرجاعها إلى الطنجرة وإغلاقها». بمعنى أن غورباتشوف حتى لوكان صادقاً في مساعيه، فقد سبق السيف العذل. وأذكر أن أحد الرفاق المعروف بتعصّبه، ردَّ سريعاً من أن غورباتشوف عميل أمريكي ينفّذ مخطّطاً حاكته الدوائر الإمبريالية، وأن هذه المؤامرة لن تمرّ، وسوف ينتفض عليها الحزب الشيوعي السوفييتي العظيم لوأدها في مهدها.
ومرّت السنوات القليلة وانهار الاتحاد السوفييتي وأغلب البلدان الاشتراكية. وسط ذهول ودهشة العالم بشرقه وغربه وفي مقدمتهم، أولئك الحالمين أمثالنا الذين بحثوا وما زالوا يبحثون عن أسباب ما جرى وكيفية معالجة الأخطاء قبل استفحالها. وما يثلج الصدر نسبياً، أن الكثير من الرفاق اقتنعوا بأن التجربة الاشتراكية على عظمتها في الإنجازات الضخمة التي قدّمتها لشعوبها وعلى كافة الصعد، إلّا أن أخطاءها كانت فادحة، بل قاتلة؛ بسبب غياب الديمقراطية السياسية والحريات، والجمود العقائدي، واستبداد الحزب الواحد، والاعتقال السياسي، وغياب المنافسة الشريفة في مختلف الميادين، وانتشار ظاهرة عبادة الحزب والزعيم وتقديسه وغيرها كثيرٌ كثير..
الإنسان كائن متحرك يبغي التطور والتغيير بما يحقق سعادته. وهذا الفهم مفهوم ماركسي أصيل. والتجربة الإنسانية في تقصّيها عمّا هو أفضل لم ولن تتوقّف. فهل نتّعظ ونستفيد من إيجابيات وسلبيات أصدقائنا وخصومنا في تجاربنا المقبلة؟



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنّا نُحِبُّ الوردَ، لكنّا..
- شهامة طفل
- كراج مستعمل، ممنوع الوقوف!
- هل الشيوعيّون قِلّة في مجتمعاتهم؟
- أين أختبئ يا ناس؟!
- ما أمرّ قهوة الجنرال!
- حاضر معالي الوزير!
- طائر البلشون
- كاسة قهوة ومحرمة وطابور..
- هل يكمن الحلّ بقتْلِ كِبار الفاسدين؟
- أرجوك لا تقاطعني!
- «ماذا وراء هذه الجدران؟»
- جدل بيزنطي
- دلال
- ما مصلحة الغرب في فرض العقوبات على سورية؟
- من يقف وراء الحرائق في البلاد؟
- طفولة غير سعيدة
- جمعيّة دفن الموتى
- الأستاذ محمد الأفصع(*)
- الحُبُّ في زمنِ الكِمامة


المزيد.....




- مديرة جهاز الخدمة السرية الأمريكي: لن أستقيل من منصبي
- ماسك يتعهد بـ 45 مليون دولار شهريا لدعم ترامب
- باكستان.. مقتل 4 جنود و5 متمردين في هجوم مسلح على منشأة عسك ...
- مسيرة أوكرانية تستهدف مصنعا بمقاطعة كورسك غربي روسيا (فيديو) ...
- جندي فرنسي يتعرض لعملية طعن بسكين في العاصمة باريس (فيديو + ...
- هاريس تدعو مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس للمناظرة التلفزيونية ...
- ماسك يعلق على قرار ترامب ترشيح السيناتور جي دي فانس لمنصب نا ...
- ترشيح ترامب للسيناتور فانس لمنصب نائب الرئيس يتصدر عناوين ا ...
- انقلاب ناقلة نفط قبالة سواحل سلطنة عمان
- الحزب الجمهوري يتعهد بإقامة -القبة الحديدية- فوق الولايات ال ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - الغلاسنوست والبيروسترويكا