أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - ضحايا براقع الأدلجة














المزيد.....


ضحايا براقع الأدلجة


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6798 - 2021 / 1 / 25 - 20:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كانت خلفية معظم الاختراقات الأمنية التي تحصل في الشمال السوري حسب المدنيين فيها لها علاقة مباشرة بانتشار ظاهرة الفساد بين صفوف المسلحين، فإن الاختراقات في مناطق نفوذ قوات "قسد" إلى جانب الفساد فإن الكثير منها لها علاقة مباشرة بالمظاهِر والأردية الأيديولوجية، أي أن المُخترِق يقوم بتغيير هندامه ليتوافق مع شكل وفلسفة الذين يستهدفهم بعملياته المسلحة، حيث وقبل الهجوم بالأسلحة الفتاكة يتسلح المهاجِم ببضعة شعارات ويافطات توحي بأنه من أتباع أصحاب الأيديولوجية التي تسيطر على المنطقة، فعندها وبدون أي سؤال عن كنهه، وبدون أي تدقيق في هويته، يتم السماح للمهاجِم بأن يدخل المنطقة، ويقوم على إثرها بتنفيذ جريمته بكل هدوء ويخرج منها سالم غانم.
ومن كل بد أن ضحايا البراقع والأغلفة الأيديولوجية هم ليسوا دائماً مَن يفتدون بأراحهم زعيماً ما أو منظومة سياسية أو دينية لا على التعيين، ولا هم الذين يقدمهم التنظيم العسكري أو السياسي رغماً عنهم كقرابين بشرية كرمى دوام اشتعال موقد تلك العقيدة، إنما قد يكون الموظف العادي الذي لا تعنيه الأديولوجيا بشيء، أو المدني البسيط الذي ليس له علاقة بالطبخات السياسية إلاّ في حدود العيش رغماً عنه في ظلال الجهة التي تجتر الأدلجة وتتلحف بها ليل نهار هو الضحية المباشرة للكائنات المؤدلجة من حوله، حيث يكون ضحية بلاهة من يدّعون حمايته بشعارات وصور وطلاسم الأدلجة.
عموماً فإن الناظر إلى حالة المؤدلج قد يظن بأن الأفكار التي حُشيَ بها قد وصلت إلى حالة من التجذر والإنغماس نحو الأعماق، وبالتالي غدا محصناً ولا يمكن اقتحام عالمه بسهولة، إلاّ أن واقعياً الأمر ليس كذلك دائماً، إذ قد تراه عن قُرب وعند التجريب العملي سطحي جداً إلى درجة البلاهة الصرفة، بما أن هذه النماذج البشرية التي تتربى على الشعارات وعلى الحفظ بدون أدنى إشغال للفكر فيما تردده من تمجيدات وتتحمله من يافطات هي سريعة الاختراق، وبإمكان أي جهاز استخباراتي أو حتى عصابة ما تجيد فن المحاكاة وتتقن تقليد ما حفظه المؤدلج غيباً بأن تدخل بين صفوف الكائنات المؤدلجة وتفعل فعلها وتخرج من دون أن ينتبه إليها ذلك الحشد البشري، وهذا الأمر ينسحب على أصحاب الأيديولوجيات الوضعية والدينية على حدٍ سواء، وفي سورية بوجه خاص بإمكان مَن يجيد فن المحاكاة، الانتقال بين مناطق نفوذ كل من تنظيم داعش ونظام الأسد وجبهة النصرة والفصائل المسلحة وقسد بكل يسر، طالما أن جميع الفئات المذكورة تأخذ بالشكل والمنطوق الشفاهي أكثر من السيرة والسلوك، وتتكل على مزايدة الشخص أكثر من تاريخه وممارسة ما يتبجح به، هذا عدا عن الفساد الذي ينخر بجسد الجميع، ولكن بما أن الواقعة الأخيرة وقعت في مناطق نفوذ "قسد" فيبقى الحديث عنهم، علماً أن ما يقال عنهم ينسحب على غيرهم من الكائنات المؤدلجة على طول الأراضي السورية وعرضها.
وآخر ضحايا مناطق نفوذ السلطات المأخوذة بالشكل والصورة والهتافات السطحية، ضحيتين من ريف الحسكة، حيث ذكرت وسائل إعلام محلية أن مجموعة إرهابية من عناصر تنظيم "داعش" وهي متنكرة باللباس الرسمي لقوات "قسد" قامت بمداهمة بلدة "تل الشاير" في ريف الحسكة، واختطفوا رئيسة مجلس البلدة "سعدة الدرماس" ورئيسة مكتب الاقتصاد في المجلس "هند الخضر"، من دون أيّة مقاومة منهن، أو من أهاليهن لاعتقاد الأهالي أن المجموعة تابعة لـ"قسد"، إلى أن تفاجأوا بعثورهم على جثتيهن مقطوعتيّ الرأس بالقرب من الطريق العام للبلدة، إذ تم فصل رأسهن عن جسدهن وفقاً للثقافة الدموية للدواعش، وحسب الأهالي فإن الضحيتين كانتا قد تعرضتا في وقتٍ سابق لتهديدات بالقتل من قبل عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، وكان التنظيم قد اغتال قبل ذلك منسق برنامج الخدمات الأساسية لدى مجلس ديرالزور المدني التابع لـ"قسد" عبود المحيميد بريف محافظة ديرالزور.
والحادثة الجديدة التي جرت في ريف الحسكة تعيد إلى أذهاننا ما فعله التنظيم الفتاك في حزيران 2015 بمدينة كوباني، وكيف أن عناصر داعش تسللوا إلى المدينة وقتها بلباس المقاتلين التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي المعروفين باسم وحدات الحماية الشعبية، قبل أن يباشروا بالمذبحة في المدينة، حيث كانت مدينة كوباني قد تعرضت حينها لهجوم مدروس ومركّز، تمثل بتسلل عناصر داعش إلى داخل المدينة من الجهتين الشرقية والغربية، وكانوا يرتدون لباس وحدات الحماية الشعبية، ولذلك لم يشعر الناس بالخطر عند مشاهدتهم، وبما أن بعض المهاجمين الدواعش كانوا يتحدثون الكردية ويتلفظون بنفس الكلمات والشعارات التي يحفظها غيباً جمهور الاتحاد الديمقراطي ومسلحوه، لذا فُتحت أمامهم الحواجز والطرق بكل يسر، وبعد أن وصل الدواعش إلى قلب المدينة بكامل أسلحتهم، قاموا حينها بقرع الأبواب طالبين من الناس الخروج من بيوتهم، وعندما خرج الأهالي بادر المسلحون بإمطار المدنيين بالرصاص وقتلهم بالجملة.
على كل حال بما أن الأدلجات أقرب إلى التكلس كما أنها تحث على التحجر الفكري، لذا فبالرغم من مضي سنوات على مجازر الدواعش (فايكنغ العصر) في كوباني، إلاّ أن الحادثة الجديدة تؤكد بأن وحدات الحماية الشعبية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" لم تستفد من واقعة قتل المئات من أبناء كوباني عبر ارتداء الدواعش لزيهم وإطلاق شعاراتهم السياسية الفارغة من أجل التسلل وقتل الناس، والحادثة الجديدة تؤكد بأن الهوس الأيديولوجي عبر الهتافات الركيكة التي تعظم الزعيم أو شهداء الحزب أو تطلق عبارات خاصة بحشد الحزب ما تزال على حالها، وما يزال بمقدور أي مجرم أو أي عصابة اختراق أي منطقة من مناطق نفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي أو مناطق نفوذ "قسد" من خلال إطلاق بضعة شعارات فارغة تعظم الزعيم ومقاتلي الحزب حتى يُسمح لهم بالدخول إلى أي مكان يريدونه، طالما أن الشكل والمظهر والمشافهات التمجيدية السطحية والسقيمة هي بمثابة جواز سفر دائم لأي جهة تريد اقتحام المجال الحيوي لمريدي تلك الأيديولوجية، والمأخوذين بشعارات ذلك التنظيم السياعسكري الذي يحكم تلك المنطقة.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علوم الدفن
- اللصوصية وفضيلة التذكر
- صحوة ضمير المُعدي
- حقيرٌ يذل الجبابرة
- جشع المستعطي
- حلبة الحياة
- العودة إلى السفينة
- قراءة في ديوان الشاعر إدريس سالم -جحيم حي-
- بين زيتون فلسطين وعفرين
- مئتا مُصحَف
- لن يمر
- ‏ إيكولوجي يجهل البيئة
- ضرعُ الكراهية
- الأهل بين الوهمِ والخيبة
- من جعبة المفارقات
- إمام العواهر
- فضيلة الأحزاب الكردية على علاتها
- محاربة الشيء شوقاً لمحاكاته
- الأنستغرام بين المزايا والمعايِب
- إنسانية آلا طالباني والدستور


المزيد.....




- أمريكا.. السجن 11 عاما للسيناتور السابق مينينديز جراء إدانته ...
- الرئيس السوري أحمد الشرع يطلب من روسيا تسليم الأسد
- إصابة 24 شخصا بغارتين إسرائيليتين على النبطية.. -لم يستطيعوا ...
- إعلام: المراحل المقبلة من وقف إطلاق النار في غزة تواجه عقبات ...
- المحكمة الإدارية الفرنسية تؤكد صحة قرار الجزائر في قضية المؤ ...
- عباس يرسل برقية للسيسي بشأن تهجير الفلسطينيين.. ماذا فيها؟
- إدانة عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق بوب مينينديز بالسجن 11 ...
- باكستاني يقتل ابنته لنشرها فيديوهات على -تيك توك-
- طبيب نفسي: يوجد في سوريا من 1 إلى 3 ملايين مريض نفسي
- الولايات المتحدة: أوامر بترحيل المئات من مواطني الدول المغار ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - ضحايا براقع الأدلجة