أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهى نعيم الطوباسي - العشوائبات ومواجهة خطط التطهير العرقي في القدس















المزيد.....

العشوائبات ومواجهة خطط التطهير العرقي في القدس


نهى نعيم الطوباسي

الحوار المتمدن-العدد: 6797 - 2021 / 1 / 24 - 20:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عند الإطلاع على واقع العشوائيات المنتشرة في العالم، نجد أن فلسطين لا تخلو منها أيضا، الفارق أنها لم تنشأ هنا نتيجة الثورة الصناعية، أو بسبب الهجرة من الريف للمدينة، بل نتيجة سياسة الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى تهويد مدينة القدس، والتطهير العرقي للوجود الفلسطيني، بالهدم ومصادرة الأراضي، وبناء جدار الفصل العنصري.
سياسات الإسكان الإسرائيلية العنصرية ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية، لم تخصص للمنشآت الفلسطينية سوى 12% فقط، بالمقابل خصصت 35% من أراضي القدس الشرقية لبناء المستعمرات الإسرائيلية، بالإضافة إلى وضع العراقيل أمام إصدار تصاريح البناء للمقدسيين، مما يضطرهم للهجرة خارج الأحياء المركزية في القدس الشرقية، بسبب زيادة الكثافة السكانية. وحسب تصنيـف النظـام المتكامـل الفلسـطيني المـادي، هنـاك 44 تجمعا فلسطينيا فـي محافظـة القـدس، مقسـمة إلـى 38 منطقـة إداريـة، منهـا 10 تجمعـات تقـع ضمـن المناطق التي ضمتها إسرائيل بصورة غير شرعية وهي المناطق المعروفة ب(J1)، بينمـا تقـع بقيـة التجمعـات وهـي 28 تجمعا فـي مناطـق الضفـة الغربيـة (J2).
أشار مكتب تنسيق المساعدات التابع للامم المتحدة (اوتشا)، في تقريره لعام 2020 إلى أنه ورغم جائحة كورونا شهد عام 2020 أكبر عملية هدم منذ عام 2016، حيث تم هدم 689 مبنى في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما تسبب بتشريد وتهجير 869 مواطنا فلسطينيا، وتقدر منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن هناك نحو 90 ألف فلسطيني في القدس الشرقية يعيشون حالياً في مباني مهددة بالهدم. وهذا ما يثير القلق حول مستقبل الوجود الفلسطيني في القدس.
وعلى الرغم من المعاناة الإنسانية والتنموية الصعبة في تلك التجمعات، تعتبر قصة صمود العشوائيات في القدس وضواحيها، قصة استثنائية وفريدة من نوعها وليس لها مثيل في العالم، هناك حكاية عن الصبر الذي لا ينفذ، وأياد قابضة على الجمر، والقصة لا تنتهي عند هدم البيت والتهجير، بل هناك فصل آخر من المعاناة ممزوجة بالتحدي والنضال، لذلك ارتبط وجود تلك التجمعات بالصمود والهوية الوطنية، كالمخيمات الفلسطينية، والتجمعات البدوية وغيرها. ولا بد من تسليط الضوء على التحديات التي تواجه تعزيز الصمود في تلك المناطق، أولها حالة العزلة التي تعيشها تلك التجمعات عن سائر المدن الفلسطينية، وعزلتها عن المجتمع الفلسطيني، ومن جهة أخرى نجد غياب الانسجام بين تلك التجمعات وباقي أحياء المدن الفلسطينية، مثلما تبدو الصورة عند الخروج من مدينة رام الله مرورا بكفر عقب ثم مخيم قلنديا، فهذا التباين العمراني والمادي، والاكتظاظ وغياب التنظيم، وصعوبة الحصول على الخدمات، وضعف البنية التحتية، ومشاكل الكهرباء والمواصلات والمياه النظيفة، في تلك التجمعات مقارنة بالمدن الأخرى، قد تساهم في توليد مشاعر الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد. إن غياب سيادة القانون أسفر عن انتشار الفوضى والجريمة والأعمال غير المشروعة، وغيرها من الآفات الاجتماعية، مما أدى إلى غياب الأمن المجتمعي.
كيف لجيل كامل أن ينشأ في بيئة يغيب عنها القانون وتسودها الفوضى بكل مناحي الحياة؟ العالم النرويجي يوهان غالتونغ، وهو من أبرز المنظرين لعلم دراسات السلام والصراع، يعتبر أن الصراع هو عملية تفاعلية، تقوم على ثلاثة عناصر هي الاتجاهات والتناقضات البنيوية، والأهداف، والحقيقة أن تلك التناقضات البنيوية، والتنموية، والهيكلية كفيلة بإشعال أي نزاع بين سكان تلك التجمعات، وإذا لم تتم معالجة تداعيات هذا الخلل فنحن أمام قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في وجه المجتمع بأكمله.
لقد أظهر جاكوب ريس وهو صحفي ومصلح اجتماعي أمريكي، بدقة طبيعة الازدحام والمشقة في الأحياء التي تنتشر فيها العشوائيات في نيويورك، ونشر في كتابه “كيف يعيش النصف الآخر” الصادر عام 1890، صورا لواقع العشوائيات المأساوي، وبالمقابل أجبرت تلك الصور السلطات الأمريكية حينها، على العمل على تحسين واقع تلك العشوائيات.
إن تسليط الضوء على تفاصيل المعاناة اليومية للتجمعات العشوائية في فلسطين، وعلى التحديات التي تواجهها، ستساهم في تحديد الأولويات والاحتياجات لسكانها، وستخفف من حجم المعاناة اليومية لتلك التجمعات، التي دفعت ثمن هدم البيوت والتهجير وثمن الصمود.
نحن أحوج ما نكون إلى استرجاع الشخصية الفلسطينية المتماسكة والموحدة على بوصلة واحدة، الشخصية التي تذوب أمامها كل الفوارق. عندما يحاول الاحتلال كسر أبناء شعبنا بهدم بيوتهم واقتلاعهم من أرضهم، يجب أن يشعروا أن شعبنا الفلسطيني هو الظهر والملاذ والجدار الذي يستندون عليه. إن تماسكنا الإجتماعي يبقى العامل الأهم الذي يجعلنا أكثر قدرة على الثبات والصمود، وقلعتنا المنيعة في وجه المخططات الإسرئيلية مهما طال الزمن، حتى في ظل أقسى الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة. لذلك لا بد من توحيد كافة الجهود للنهوض بواقع تلك التجمعات، وجدير بالذكر أن خطة عنقود العاصمة التنموي، التي أعلنها رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، نموذج لتوحيد الجهود والقدرات، لكسر القيود والعمل في القدس رغم كل المعيقات، والإصرار على حماية الوجود الفلسطيني في العاصمة، حيث تمثل هذه الخطة تحديا حقيقيا لسياسة الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى تهويد القدس بالكامل. إن توحيد الجهود للعمل في كافة التجمعات الفلسطينية، والتي نتجت عن التهجير القسري، أو المهددة بالهدم والاستيطان، هو بمثابة تحد حقيقي للاحتلال، وهذه الخطة كفيلة بإبطال مخططات الاحتلال، وقادرة على تمكين أبناء شعبنا في تلك التجمعات، إنهم أبناء شعبنا الصامدين المعذبين، الذين يدركون أنه على مسافة ليست بعيدة، هناك فرصة للعيش برفاهية، ولكنهم فضلوا العيش في بيوت من الصفيح، وفي مخيمات مقهورة، حفاظا على الهوية، ومازالوا مرابطين ومؤمنين، أنه مازال للحكاية فصل أجمل سيتحقق عاجلا ام آجلا، أنه الحلم الذي لم تصهره حراراة الصيف، ولم تغرقه أمطار الشتاء، ولم تتمكن منه وحشية الاحتلال.
أخيرا، ستبقى التنمية تحت الاحتلال تحديا كبيرا وعملية معقدة، خصوصا في المناطق التي يصعب وصول الحكومة الفلسطينية إليها كونها خاضعة للسيطرة الإسرائيلية أو محاصرة، ولكن أية جهود تقوي النسيج الإجتماعي الفلسطيني، وتعزز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه ستكون لصالح تنمية متوازنة من جهة، وستحمي المشروع الوطني الفلسطيني من جهة أخرى.
*ماجستير في التنمية وحل الصراعات



#نهى_نعيم_الطوباسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملح هذه الأرض: عن الوجود المسيحي الأصيل في فلسطين
- وفاء للمتقاعدين وكبار السن
- كورونا بنظرة تفاؤل
- في يوم الطفل العالمي: العدالة لأطفال فلسطين
- ماذا بعد الانتخابات الأميركية
- الجريمة في ظل انعدام تقدير الذات العربية


المزيد.....




- النيجر.. إطلاق سراح وزراء سابقين في الحكومة التي أطيح بها عا ...
- روسيا تشهد انخفاضا قياسيا في عدد المدخنين الشرهين
- واشنطن تدرس قانونا بشأن مقاضاة السلطات الفلسطينية بسبب هجمات ...
- هل يمكن للسلطة الجديدة في سوريا إعادة ترتيب العلاقات مع بكين ...
- الرفيق جمال كريمي بنشقرون يناقش غلاء الأسعار وتسييس القفة ال ...
- إسرائيل تعدل إجراءات الإنذار استعدادا لهجمات صاروخية كبيرة و ...
- القضاء الأمريكي يرفض نقل قضية ترحيل الطالب محمود خليل المؤيد ...
- باراغواي تستدعي السفير البرازيلي لديها وتطالبه بتوضيحات حول ...
- موسكو: سنطور الحوار مع دول -بريكس- ومنظمات أخرى لبناء الأمن ...
- تبديد أسطورة فائدة أحد مكونات النبيذ


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهى نعيم الطوباسي - العشوائبات ومواجهة خطط التطهير العرقي في القدس