|
الطائفية وأمراضها
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 17:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لدينا في العراق طائفية مذهبية ( دينية ) وآخرى سياسية ، الأولى أكثر تجذرا في نفوس غالبية العراقيين ، ماعدا الجيل الجديد ( شباب ثورة تشرين ) وقليل ممن طهروا أنفسهم من أمراض الطائفية ، وهي عند الطرفين السنة والشيعة ، وأساسها دين المذاهب الإسلامية التي صمم على الكراهية والتفرقة وخندقة وعسكرة الناس ، على أسس ثأرية ماضوية ، وماهي علاقتنا بقضية حدثت أم لم تحدث قبل قرون من الزمن ؟. فمن يجهد نفسه ، يكتب ويغوص في بطون الكتب التراثية ، الموضوعة أو المنحولة ، ليخرج لنا بنظرية جديدة ، ليؤكد صحة أو كذب رواية أو حدث ما ، عليه أن يبذل الجهد لإيجاد الحلول لأمراض الناس الطائفية ، وبدل الخوض في الماضي ، عليه أن يفكر للحاضر والمستقبل ، لكن وهذه أداة الإستثناء القاتلة ، نتوصل إلى أن عدة أسباب تدفع بهؤلاء للكتابة والبحث في عفونة الماضي ، وإظهار كل ما فيه من معتم ومظلم ، عجزهم عن نقد الحاضر والخوف من التصدي لرجال الدين ، وفضح أكاذيبهم ، وإنهاء وظائفهم الطائفية التي من خلالها يعتاشون على التفرقة ، وعلى دماء وآهات البسطاء ، ومنها : خوف ما يسمى الكاتب على مكانته الإجتماعية ، إذا كشف زيف طائفية اليوم ورموزها ، والأشد خوفا عند الكتاب الباحثين هو هجوم العامة الدهماء التي يحركها رجال الدين ، وأهم شيء هو رضا الناس ، لا رضا الله ولا رضا الضمير . تابعت ما يسمى الكتاب ( طبعا لا أقصد الطائفيين ) بل ( المثقفين ) يساريين وغيرهم ، كانوا في حرج ، ومأزقهم كبير ، غير قادرين على قول كلمة أو كتابة سطر واحد ، ضد القتلة الذين مزقوا أجساد شباب ثورة تشرين ، الذين خرجوا عن سلطة الكنيسة في النجف ، لاذوا بالصمت خوفا من سلطة الدين ، وخوفا من أن يشمت بهم النواصب من سنة وبعثيين ، هذا حال اليسار ، أما الطائفي الحقيقي فهو محرض ، وينادي من شاشات الطائفية : إقتلوهم لإنهم أعداء المذهب . اليساري ومن هم على شاكلته ، هم طائفيون شيعة ، حتى وإن غسلهم ماركس ولينين وبوتين بكل أنهار وبحار روسيا ، فضلوا الوقوف مع المذهب ورجال دين غرباء ، على حساب الوطن ، ولديهم طائفية آخرى أشد من طائفيتهم المذهبية ، وهي الطائفية السياسية ، يكرهون كل بعثي حتى وإن أجبره النظام البعثي على الإنتماء أو يفقد وظيفته ، وكذلك البعثي طائفي يكره كل شيوعي ، يعتاشون على إحياء الطائفية المذهبية والسياسية ، مكانتهم الإجتماعية أهم من مشروع دولة مدنية ، ومن ينشأ على ثقافة منذ صغره ويؤثر فيه الخطاب الديني والروزخوني ، ليس سهلا أن يتخلص من الترسبات الدينية والعشائرية ، ويعالج الامراض النفسية التي سببها المحمول والموروث الإجتماعي والعشائري والديني القديم . الطرف الأخر ( السني ) لا يختلف عن نقيضه أو ضده النوعي ( الشيعي ) فهما تغطى الطرفان بغطاء ( الوطنية ) أو ( الثقافة ) يعود إلى أصله في أي حدث يهز الساحة العراقية ، ومهما تظاهر بكرهه ورفضه للطائفية ، يعود إليها ، مثلا : شيعي إتخذ موقفا وطنيا وغادر خندق المرجعية الدينية ، فمن هم حوله من ( السنة ) يستخدمونه وطنيا لمرحلة ما ، وفي جلساتهم الخاصة يعتبرونه شيعيا طائفيا ، وربما بعضهم يشك في وجوده بينهم ويتهمه بالجاسوسة والتقية ، والعكس صحيح ، لا نعول على الجيل القديم ، تعويلنا على الجيل الجديد ، الذي نشأ في زمن حكم الطائفية ، وإكتوى بنارها ، وأفلت من سلطة رجال الدين سنة وشيعة ، وذهب ليعرف نفسه بتعريف الحياة والانسانية والوطنية . الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو ما قرأته من كتابات غالبية ( كتاب اليسار ) على مواقع التواصل الإجتماعي ، بعد أن فجر ( إنتحاري ) نفسه في وسط عراقيين فقراء ، وقتلهم وجاء آخر ليكمل بتفجير أعد له في غرف مظلمة ، فذهب ( الأساتذة ) الذين يعانون من عقدة نقص ، وكانوا يتوارون عن انظار الناس ، بسبب عدم وقوفهم مع ثوار تشرين ، ولم يكتبوا بجرأة ضد التقلة الذين أوغلوا بدماء شباب ثورة تشرين ، فهم يبحثون عما يسد النقص في شخصياتهم ويغطي على تخاذلهم ، وعدم تسجيلهم لموقف مشرف في ثورة تشرين . حركهم نوري المالكي ، وفتح شهيتهم للكتابة الطائفية ، عندما ذهب إلى مستشفى المجانين ، وأخرج إثنين منه ، وكتب لهما شهادة وفاة ، فخخ كل منهما في دائرة من دوائر المخابرات الايرانية في العراق ، وأرسل كل منهما على إنفراد إلى ساحة الطيران ، وفجرهما عن بعد ، وتضاربت روايات ( حكومة ) فاسدة ، حتى كشفت لنا الكاميرات ، أن الانتحاري كان مريضا ، وزلة لسان من الناطق بإسم وزارة الداخلية ، أنه كان يراقب الانتحاري ، ولم يتعامل معه . المهم جاءت فرصة ذهبية للكتاب والمثفقين والباحثين ، لينتهزوها ويكتبوا عن فكر إبن تيمية ، تحولوا إلى رجال دين طائفين ، عن قصد وعمد ، أو أوقعهم مخرج المشهد في الفخ ، ولم يكلف أحد من مثقفي هذا الزمان ، ويبحث عن أكاذيب حكومة مليشيات طائفية ، تقتل ليل نهار ، ومن يوغل في دماء أبناء طائفته ، هل تصدق رواياته ، وهل هو طائفي ؟. نحن أمام كتاب إما يبحثون عن مخرج لمأزقهم وتخاذلهم عن نصرة ثورة تشرين ، لأسباب تتعلق بطائفيتهم ، وآخرى بمصالحهم ( الراتب وزيارة العراق ) وإما جهلهم ، وأن الاعلام يوجههم حيث تشاء سلطة الاحتلال الايراني والامريكي .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهاية إحتكار الخطاب الديني والثقافي
-
الدور الإيراني في العراق
-
سياسة الركض خلف السراب
-
تقليد مراجع الشيعة وعد بلفور الأول
-
العتبات واجهات الحرس الثوري الإيراني في العراق
-
فرق الموت الإيرانية في العراق
-
ما بين اللمبجي والتمثال المقدس
-
زيارة مصطفى كازمي للبيت الابيض
-
المشروع الوطني العراقي
-
نسألكم الدعاء مولاي ودعاؤكم أحوج
-
التدخلات الامريكية في الشأن العراقي
-
للعراقيين فقط : سري للغاية
-
من هم مراجع الدين ؟
-
نقد المرجعية الدينية في النجف
-
حكومة 9 نيسان الإستفزازية
-
الحديث عن حرب عالمية ثالثة
-
إغتيال النساء في العراق
-
الجهاد في زمن الاحتلال
-
صناعة داعش وأخواتها
-
إستبدال الدين بالتكنلوجيا
المزيد.....
-
بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
-
الجيش الاسرائيلي: رشقات صاروخية من لبنان اجتازت الحدود نحو
...
-
ليبيا.. اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في سرت (صور)
-
صحيفة هنغارية: التقارير المتداولة حول محاولة اغتيال أوربان م
...
-
نتنياهو متحدثا عن محاولة اغتيال ترامب: أخشى أن يحدث مثله في
...
-
بايدن وترامب.. من القصف المتبادل للوحدة
-
الجيش الروسي يدمر المدفعية البريطانية ذاتية الدفع -إيه أس 90
...
-
-اختراق شارع فيصل-.. بداية حراك شعبي في مصر أم حالة غضب فردي
...
-
بعد إطلاق النار على ترامب.. بايدن يوضح ما قصده في -بؤرة الهد
...
-
ترامب يختار السيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|