أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الفلسفة المعادلاتية و تحليل الحرية















المزيد.....

الفلسفة المعادلاتية و تحليل الحرية


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 02:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تُعرِّف الفلسفة المعادلاتية الحرية على أنها معادلة رياضية على النحو التالي : الحرية = كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة ÷ السلوكيات اللاأخلاقية. هذا يعني أنَّ الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة رياضياً على السلوكيات اللاأخلاقية. تملك هذه المعادلة فضائل عديدة منها أنها تنجح في التعبير عن أنَّ البشر أحرار رغم أنَّ الكون محكوم بالعلاقات السببية و القوانين الطبيعية.

إحدى المشاكل الفلسفية الأساسية هي : كيف من الممكن لنا أن نكون أحراراً رغم أنَّ الكون بكل ظواهره محكوم بالعلاقات السببية و القوانين الطبيعية؟ فإن كان الكون محكوماً بالقوانين الطبيعية كقوانين الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا و بالعلاقات السببية بحيث الأسباب تُحتِّم نتائجها و يستحيل أن توجد ظاهرة بلا سبب يُسبِّبها فحينئذٍ أفعالنا أيضاً محكومة بالعلاقات السببية والقوانين الطبيعية ما يدلّ على أننا لسنا أحراراً. لكن، من جهة أخرى، لدينا اعتقاد راسخ بأننا أحرار و إن لم نكن أحراراً فلن نكون مسؤولين عما نفعل لكننا مسؤولون عما نفعل. هكذا نقع في معضلة فلسفية كبرى فثمة أدلة على أننا لسنا أحراراً و ثمة أدلة أخرى على أننا أحرار كدليل أننا أحرار و إلا لم نكن مسؤولين عن أفعالنا. المشكلة الفلسفية هي : كيف من الممكن الجمع بين حقيقة أنَّ الكون محكوم بالقوانين الطبيعية والعلاقات السببية من جهة و أننا أحرار بالفعل من جهة أخرى؟

تحلّ معادلة الحرية هذه المشكلة الفلسفية على النحو التالي : بما أنَّ الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية ، و علماً بأننا نتمكّن من فعل السلوكيات الأخلاقية الممكنة و إن كنا محكومين بالعلاقات السببية والقوانين الطبيعية لكونها سلوكيات ممكنة ضمن القوانين الطبيعية والعلاقات السببية ، إذن نحن أحرار. وبذلك لا يوجد تعارض بين حقيقة أنَّ الكون محكوم بالقوانين الطبيعية والعلاقات السببية من جهة و حقيقة أننا أحرار من جهة أخرى. فالسلوكيات الأخلاقية متاحة لنا بينما الحرية ليست سوى القيام بتلك السلوكيات الأخلاقية و لذلك نملك الحرية بالفعل رغم محكومية الكون بالقوانين الطبيعية والعلاقات السببية. بكلامٍ آخر ، بما أنَّ الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية ، إذن الحرية كامنة في ممارسة الأخلاق والسلوكيات الأخلاقية. و من الممكن لنا ممارسة الأخلاق والقيام بالسلوكيات الأخلاقية. وبذلك نحن أحرار. هكذا تنجح معادلة الحرية في حلّ المشكلة الفلسفية السابقة ما يشير بقوة إلى مقبوليتها و صدقها بفضل نجاحها.

تنجح معادلة الحرية في التعبير عن أنَّ الحرية لا توجد خارج حقل الأخلاق و احترام حقوق الآخرين فلا حرية بلا أخلاق و ممارسة للسلوكيات الأخلاقية. فبما أنَّ الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية، إذن على الفرد أن يكون أخلاقياً لكي يكون حُرّاً. وبذلك من دون ممارسة السلوكيات الأخلاقية يخسر الفرد حريته الحقيقية فالحرية لا توجد سوى ضمن الأخلاق و ممارسة السلوكيات الأخلاقية ما يضمن احترام حقوق الآخرين و عدم الاعتداء عليهم. من هنا الإنسان حُرّ فيما يفعل شرط احترام حقوق الآخرين و عدم الاعتداء عليهم. وبذلك تنجح معادلة الحرية في التعبير عن أنَّ الحرية مشروطة باحترام حقوق الآخرين ما يُمكِّنها من اكتساب هذه الفضيلة.

كما بما أنَّ الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية ، و علماً بأنه من الممكن للسلوكيات الأخلاقية أن تتطوّر ، إذن من الممكن للحرية أن تتطوّر. بكلامٍ آخر ، إن كانت الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية فحينئذٍ الحرية قابلة للتطوّر من خلال تطوير الأخلاق. هكذا تنجح معادلة الحرية أيضاً في التعبير عن أنَّ الحرية قابلة للتطوّر ما يجعلها تكتسب هذه الفضيلة الأخرى.

ليست الحرية قابلة للتطوّر فقط بل الحرية أيضاً كامنة في التطوّر. فبما أنَّ الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية، و من السلوكيات الأخلاقية اكتساب العِلم والمعرفة والتفكير العلمي والعقلاني والتصرّف على ضوء المعلومات العلمية والموضوعية والمنطقية الصادقة والمفيدة نظرياً و عملياً التي تُحتِّم تطوّر الفرد اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً ، إذن الحرية كامنة أيضاً في تطوّر كل فرد اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً. هكذا تنجح معادلة الحرية في التعبير عن أنَّ الحرية قائمة على التطوّر وتتضمن بالضرورة التطوّر ما يشير إلى نجاح هذه المعادلة و تفوّقها. فالذي لا يتطوّر سجين ما هو عليه و لذلك لا حرية بلا تطوّر ما يستلزم تعريف الحرية على أنها تطوّر الأفراد اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً. و هذا ما تنجح معادلة الحرية في القيام به لكونها تتضمن أنَّ الحرية هي أيضاً التطوّر. و لذا الشعوب المتطوّرة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً تتمتع بحرية أكبر بينما الشعوب غير المتطوّرة باقتصادها ومجتمعها وثقافتها فاقدة للحرية أو تمتلك حريات أقل.

بالإضافة إلى ذلك ، تنجح معادلة الحرية في التعبير عن أنَّ الحرية تتضمن بالضرورة المسؤولية. فبما أنَّ الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية ، إذن الحرية كامنة في امتلاك الأخلاق و ممارسة السلوكيات الأخلاقية. وبذلك تكمن الحرية في المسؤولية الأخلاقية تجاه ذواتنا و الآخرين. هكذا تتضمن معادلة الحرية أنَّ الحرية كامنة في المسؤولية الأخلاقية التي تلزمنا بممارسة السلوك الأخلاقي تجاه ذواتنا و الآخرين. من هنا تنجح معادلة الحرية في التعبير عن أنَّ الحرية تتضمن بالضرورة المسؤولية ما يجعلها تكتسب هذه الفضيلة الإضافية.

تنجح معادلة الحرية أيضاً في التعبير عن أنَّ الحرية كامنة في فعل ما نريد على ضوء معتقداتنا شرط أن لا نعتدي على حقوق الآخرين و حرياتهم. فبما أنَّ معادلة الحرية تتضمن أنَّ الحرية ممارسة للسلوكيات الأخلاقية ، و السبيل الوحيد لممارسة السلوكيات الأخلاقية هو التصرّف على ضوء معتقداتنا و قِيَمنا الأخلاقية بلا اعتداء على الآخرين ، إذن الحرية كامنة في التصرّف على أساس قِيَمنا و معتقداتنا الأخلاقية شرط عدم الاعتداء على الآخر. لكن يستحيل التصرّف على أساس قِيَمنا و معتقداتنا بلا فعل ما نشاء على أساس تلك القِيَم و المعتقدات. وبذلك تكمن الحرية في فعل ما نشاء على ضوء معتقداتنا و قِيَمنا الأخلاقية و أن لا نعتدي على الآخرين. هكذا تنجح معادلة الحرية في التعبير عن أنَّ الحرية هي فعل ما نريد على أساس قِيَمنا و معتقداتنا شرط عدم الاعتداء على الآخر. و كل هذا النجاح دلالة على صدق معادلة الحرية و مقبوليتها.

الحرية مسألة درجات فمن الممكن امتلاك حرية أكثر أو أقل. لذا النظرية الصادقة حيال تحليل الحرية لا بدّ أن تنجح في التعبير عن أنَّ الحرية قد تزداد أو تتناقص. و معادلة الحرية ناجحة في التعبير عن أنَّ الحرية مسألة درجات ما يدلّ على صدقها. فبما أنَّ ، بالنسبة إلى معادلة الحرية ، الحرية تساوي كل السلوكيات الأخلاقية الممكنة مقسومة على السلوكيات اللاأخلاقية ، إذن تزداد الحرية بازدياد السلوكيات الأخلاقية و تناقص السلوكيات اللاأخلاقية و تتناقص الحرية بتناقص السلوكيات الأخلاقية و ازدياد السلوكيات اللاأخلاقية. وبذلك الحرية مسألة درجات. هكذا تتمكّن معادلة الحرية من التعبير عن أنَّ الحرية مسألة درجات ما يدعم صدقها.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الجمال
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الفن
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الأدب
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل اللغة
- الفلسفة المعادلاتية والأخلاق والعقلانية
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل العِلم
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل المعنى
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الحضارة
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الحقيقة
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الوجود
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل المعرفة
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل العدالة
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الكون
- في مواجهة العقل الكوروني
- الدين قرار إنسانوي مستقبلي
- الله مفهوم إنسانوي
- كلّ عقيدة إرهاب
- الإنسان فن الثورة على المعاني
- الثورة الحقيقية هي الثورة العلمية
- ثورة السوبر حداثة في مواجهة ديكتاتورية السوبر تخلّف


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الفلسفة المعادلاتية و تحليل الحرية