|
الوطن ليس حدوداً مرسومة فوق صخرة
روزا سيناترا
الحوار المتمدن-العدد: 6794 - 2021 / 1 / 21 - 00:19
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ما هو الوطن بالنسبة لامرأة قلبها ساتان أبيض وعقلها شعلة أمل ؟ وطني هو البيت الذي يحافظ على خصلة شعري من السقوط وعلى نظرتي الجميلة كي لا تنكسر وعلى قلبي كي يغني أغنيته المفضلة دون خناجر في الحنجرة. أما أنتم فقد اقنعوكم بالثورة من أجل قضية يشربون فوقها الخمور ويتبادلون فيها النساء ويلعبون فوق دمكم كرة الطاولة ! أقنعوكم بالثورة من أجل كراسيهم ومصالحهم وتعمدوا ان تنسوا ان الوطن لقمة خبز كريمة وحياة مسالمة وامرأة تنتظر بفرح خلف النافذة كي تهدى بالورد لا بأجساد الشباب فوق الكفن باسم الشهادة والأوسمة والصور الحزينة المزركشة بالأشرطة السوداء فوق الجدران الباردة تاركة في القلوب ثقوباً لا يسكنها الا غراب الحزن والوحدة. أقنعوكم بأن هنالك وطن ينزف ويتأوه وأنه يحتاج أجسادكم وعزائمكم مستغلين طيبتكم وسذاجتكم في فهم النصوص وما وراء النصوص بينما يموت الحب ويموت الأب والأخ والصديق والحبيب ويموت الأمل. ما الذي جنته الشعوب من شعارات العواطف والزغاريد المكسورة في حناجر الأمهات ؟ هل عمرتم البنايات العالية؟ هل خرجتم من الفقر وازددتم ثراء ؟هل بنيتم جهازا صحياً واجتماعياً أم ان الأموال المنهوبة رقصت فوق اجساد الراقصات وغنت؟ ما الذي جناه الفلسطيني البسيط كي يحمل على أكتافه أشباح الماضي بينما لا يجد قوت أبنائه ؟ ولماذا هو مطالبٌ دوماً بدفع الفواتير الغالية باسم الشهادة المزعومة بدمه بعد غسيل دماغ دام أكثر من سبعين عاماً ؟ ثم ما هو الوطن ان لم يكن بيتاً دافئاً وأماناً في العيون؟ ما هو الوطن ان لم يكن سلاماً للخطوة وانفتاحاً للفكر وراحة للقلب؟ ما هو الوطن ان لم يكن حرية للعقل اولاً ؟ عن أي وطن نتحدث ؟ وطن لا أحد يعرف وجهته؟ مدنياً ؟ علمانياً ؟ دينياً ؟ وطن يتعامل مع الحب كتهمة ومع المرأة كذنب ومع المختلف كخائن ؟ أريد ان اتصور بتصوري الرومانسي الذي اشك انه سيتحقق يوماً، ان هنالك دولة فلسطينية ستقوم ،ما شكلها؟ ما تعريفها؟ هل ستبشرنا بقوانيننها المدنية التي تحمي حقوق الأقليات؟ هل ستحمي النساء؟ هل ستزرع في الأطفال السلام ؟ هل ستكون الوجهة نحو المستقبل أم ستظل تنبش في الذي مضى ؟هل ستمنح المثليين والمثليات حق الحياة ؟ هل ستمنح المواطن رغد العيش الكريم بتنظيم حياته اجتماعياً وثقافياً عبر المؤسسات ؟هل ستحرص على حقوق حرية الرأي والتعبير؟ أشك في ذلك ! لأن كل الظواهر التي شهدناها منذ سبعين عاماً لم تكن سوى ظواهر دينية متشددة ! في غزة مثلاً فرضت حماس حكمها الديني بالقوة وأجبرت النساء على العيش تحت ظلم الزيجات والأحكام العائلية القهرية ولم تكتفِ بذلك بل وصل الحد حتى بالتدخل في لباس الرجال وقصات شعرهم وهناك من سجن ومن نُفي ومن قُتل فقط لأنه مختلف هذا باستثناء غسيل الدماغ المستمر باسم المقاومة الوهمية والشهادة، الشهادة التي تقنع الإنسان بقتل نفس بريئة كي تنال رضا "الرب" ! الشهادة التي تضحي فيها الأم بدم ابنها بينما "أسياده يلعبون بالمليارات" فوق طاولات البوكر ! المليارات التي لو فعلاً تم استثمارها في بناء الانسان والمدن ومؤسسات الصحة والتعليم لقامت ألف فلسطين ! وفي الضفة الغربية ايضاً هل يسأل أحد ما عن الإنسان البسيط؟أحلامه ؟طموحاته؟أوجاعه؟ الدواء الذي لا يجد سعره؟ ويا للعجب نتفاجئ قبل أيام باعلان محمود عباس بعقد الانتخابات قريباً ، مع العلم انه تم انتخابه في ال2005 وانتهت مدة ولايته دستورياً في 2009 أي من ناحية قانونية هو غير مخول باتخاذ القرارات ! حتى لو مدد المجلس المركزي لمنظمة التحرير مدة ولايته ! كم هو مضحك ومبكي في الوقت ذاته استغباء الشعب، حركة تتسلم الحكم ومجلسها يقوم بتمديد المدة ! هل سأل أحد ما الشعب عن موافقته ؟ هل قاموا باجراء استفتاءات شعبية على الأقل لحفظ ماء الوجه؟ طبعاً لا أما عن المصالحة بين حماس وفتح فما هي سوى التقاء مصالح حتى لو انقاد الشعب الى سكين الذبح ! لماذا لا نسمع آراء الشعب الفلسطيني؟ أين هو؟ لماذا لا يُسمح له بالمعارضة ؟ هل سأل احدهم الشعب عن رأيه بكل ما يحدث؟ هل اهتم أحدهم بالفلسطينيين في الضفة وغزة وحتى المخيمات وسألهم أحدهم عن أوضاعهم المالية المتردية في أزمة الكورونا؟ هل يتم دفع مبلغ شهري من قبل السلطة للمتضررين؟ ومرضى السرطان الذين خرجت أمهاتهم قبل ايام يبكين حسرةً على أبنائهم والذين حصلوا على تصريح ليتعالجوا في المستشفيات الاسرائيلية بينما ترفض السلطة السماح لهم بذلك ! من يحس بوجع الأم الفلسطينية وهي تشاهد ابنها الذي يموت أمام عينيها ؟ أما عن العمال الفلسطينين فحدث ولا حرج، هل هنالك من يسأل عنهم من قبل السلطة او حماس؟ من بداية الكورونا وهنالك فوق الستين ألفاً من العمال الفلسطينيين العاملين داخل اسرائيل والذين يفترشون العراء او توقف عملهم بسبب الأزمة من قام برعاية أمورهم او اهتم لمصالحهم؟ أو لعائلاتهم ؟ هذا كله وآلاف الأزمات التي تواجه الفلسطيني كل يوم ثم يأتون ليحملونه شعارات القضية ! عن أي قضية نتحدث بينما يتجه العالم كله نحو الانفتاح على بعضه؟ عن أي قضية نتحدث بينما يموت الناس جوعاً او مرضاً بينما حكّامه يلعبون ويمرحون في قصورهم في قطر ! وماذا عن "زعامات الكيادة العربية" داخل اسرائيل ؟ في اسرائيل يعيش قرابة المليوني عربي ممن ظلوا في أراضيهم وبيوتهم منذ عام 1948 ويعيش معظمهم في قرى ومدن غير مختلطة مع اليهود ويحملون جواز السفر الإسرائيلي ويخضعون لقوانينها ويصوتون ايضاً في الانتخابات الديمقراطية الإسرائيلية ومعظمهم يصوت للأحزاب والقوائم العربية ! الأحزاب التي وحسب وجهة نظري اثبتت فشلها مرة بعد مرة على مدار كل السنين الماضية،الأحزاب التي تدعي الحرية والديمقراطية ولا تعرف شيئاً عنها سوى الالتصاق بالكراسي فبينما يغرق المجتمع العربي داخل الدولة بالجريمة والعنف وقتل النساء يتم زراعة الأوهام في رؤؤس الشباب والتغني بأمجاد الماضي وإنني اتساءل حقاً ماذا قدمت هذه الأحزاب أيضاً للإنسان البسيط؟ للمصالح التجارية التي انهارت؟ للعرب الذين في كل مرة من جديد يصدقون شعارات الحملات الانتخابية التي لا تظهر وعودها الا قبل أيام من الانتخابات وفي الأغلب لا يتحقق شيء منها ! الأحزاب التي تريد من المواطن صوته بينما يغرق هو وبيته بالفقر والدم والأمل المنهار صبح مساء ! أية أنظمة وأية أحزاب هذه التي لا تمثل الشباب، الشباب الذي هو أصلاً عماد المستقبل ! الشباب الذي صار كل همه فقط أن يعيش ويبني بيته بكرامة لا بالديون والقروض من السوق السوداء ! أية أنظمة وأحزاب لا تمثل حقوق النساء ولا الحريات ولا المثليين ولا حتى دعم ظهور وجوه وأحزاب جديدة؟ سيكون من الغباء انتخاب هذه "القيادات"من جديد برأيي ! لأنه بات واضحاً جداً أن كل ما يحدث ما هو سوى "بزنس" على حساب الشعب البسيط الغلبان. الوطن ليس حدوداً مرسومة فوق صخرة،الوطن هو ان يحصل الانسان على حقوقه كإنسان اولاً والبقية تأتي !
#روزا_سيناترا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب يحتاج صدراً شامخاً لا عضلات
-
الله لا يحتاج إلى قتلة
-
2020 لوين رايحين ؟ الحلقة الثانية
-
2020 لوين رايحين ؟
-
سنووايت الشرقية في رسالةٍ عاجلة إلى ابنتها
-
عمرو دياب ليس فتى أحلامي ( لكنه يتحب)
-
وهل يستوي بائعُ السّعادة وحفّار القلوب ؟
-
تباً للبكيني أبو القنابل والستيان أبو وردتين
-
من مختبرات الفحولة مع خالص حبي
-
أيوة أنا بطلة بورنو وبطلة حياتي بس أنتم الكومبارس
-
الإعلام العربي كلب أثر محشش-
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|