أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مروة - العالم .. بين التفسير والتغيير














المزيد.....

العالم .. بين التفسير والتغيير


حسين مروة

الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 20:15
المحور: الادب والفن
    




في الكلمات القليلة العميقة التي قدّم بها الشاعر "أدونيس" لحديثٍ لي مع المندوب الأدبي لجريدة "لسان الحال" ( العدد 20268 ، 9 كانون الثاني ـ "يناير" 1966 ) بشأن النقد الواقعي والواقعية في الأدب والفن ، تفضّلَ الشاعر بتقديرٍ مشكور لكتابي " دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي" ، ثم ناقش منهجي للواقعية بمعنى الواقع في الإبداع الشعري والفن بوجهٍ عام ، كما ظهر له هذا الفهم خلال الفصول التي عقدتُها في الكتاب لنقد الشعر.


تتضمّنُ مناقشة الشاعر "أدونيس" هذه ، عدةَ قضايا في باب الأدب والفن والإيديولوجيا والمنهجية ، هي من الدقّة والتعقّد وتعدّد الزوايا والجوانب بحيث ترتفعُ عن مستوى المعالجةِ العابرة في مجالٍ قصيرٍ كهذا. غير أنّ قضيةً واحدةً من تلك القضايا يمكنُ الاكتفاءُ بمعالجتها بذاتها في هذه الزاوية، دون النظر إلى الملابسةِ بينها وبين المفهوم الصحيح وغير الصحيح من الواقعية في الأدبِ والفن .. أعني بها قضية كوننا صرنا في مرحلةٍ من التطوّر التاريخي " لم تبقَ (فيها) المسألة أنْ تفسّرَالعالم ، بل أن تغيّر" كما قال ماركس ..
نفهمُ من وضع الشاعر "أدونيس" هذه القضية في مجرى النقاش حول مفهوم الشعر الواقعي أو مفهوم الواقع الشعري ، أنه يرى كلمة ماركس تعني ضرورةَ الانصراف في عصرنا عن تفسير العالَم وحصر الجهد في تغيير العالَم.
وبناءً على رؤية الشاعر "أدونيس" للقضيةِ على هذا الوجه ، وجّه إلينا قوْلَه بأنّ "الشعرَ الواقعي ليس الشعرَ الذي يكرِّرُ الواقع ، أو يصِفُه ، أو يمجِّدُه .. فهذا عملٌ يدخل في مجال تفسير العالَم " ..
في جوابنا على ذلك القوْل:
أولاً : إنّ الشعرَ الذي يكرِّرُ الواقع ليس هو ـ في رأينا ـ الشعر الواقعي من جهة ، وليس هو مما يدخلُ في مجال تفسير العالَم من جهةٍ ثانية. أمّا الذي يصفُ الواقعَ أو يمجِّدُه ، فقد يكون وصفُه أو تمجيدُه خارجياً مسطَّحاً لا يدخلُ في أعماق الواقع ولا يستكشفُ أبعادَه ، ولا ينفذُ إلى جوهرِ معناه وحركتِه وتطوّره .. فهذا أيضاً ليس ـ في رأينا ـ بالشعر الواقعي ، وليس هو كذلك مما يدخل في تفسير العالَم ..
أما ثانياً، فإنّ صيرورتَنا إلى مرحلةِ " لم تبقَ ( فيها) المسألة أن نفسِّرَ العالَم بل أن نغيِّرَه " ليست تعني أنَّ مهمةَ تفسيرَ العالَم قد انتهت وأُلقيتْ عن عاتقنا ولم تبق علينا سوى مهمة تفسير العالَم ..
أعتقد أنّ هذا المعنى بعيدٌ جداً عن قصدِ ماركس ، لأنّ ماركس نفسَه اكتشف تفسيراً جديداً للعالَم ، ولأنّ فلسفتَه بمجملها قائمةٌ على هذا الاكتشاف التفسيري .. ولكنّ الفرقَ بين التفسير الماركسي وغيرِه، هو الفرق بين تفسيرٍ يكون وسيلةً للتغيير وإنارةً لطريق العاملين للتغيير، وبين تفسيرٍ يقصد لذاته ، فهو غايةٌ لا وسيلة ، كما هو شأنُ الفلسفة القديمة بمختلف أصنافها ومدارسها ونزعاتها ، أو تفسيرٍ يقصدُ لإبقاءِ القديم على قِدَمه ، ولتخليد الأنظمة الاستقلالية الطبقية ، كما هو شأنُ الفلسفة المثالية المحدَثة التي يقومُ على رعايتها مفكِّرو الإيديولوجيا الرأسمالية المتطوّرة ..
فالمسألةُ ، إذن ، ليست هي أن نفسِّر العالَم ليصبحَ أمراً مفروغاً منه ، وأنّ كلَّ أثرٍ فنّي يحومُ على الواقع بنحوٍ من التفسير ، وإنْ كان تفسيراً ثورياً يمارسُ التغيير، لا يستحقُ أن يكونَ فناً ذا قيمةٍ إنسانية ، كما نفهم من كلمة الشاعر الأستاذ "أدونيس" .. بل المسألةُ على العكس . فإنّ ممارسةَ التغيير ليستْ شيئاً إذا لم تتضمّنْ في ذاتها، تفسيراً أي كشفاُ لما في الواقع من زوايا وعلاماتٍ تُلحُّ في طلبِ التغيير ..
ولعلّ الشعرَ بالخصوص، من أحبِّ الفنون أنْ تُؤدّيَ هذه المهمةَ الثورية بما في طاقاته الإيحائية من قدرةٍ على النفاذِ إلى أخفى تلك الزوايا وأدقّ تلك العلاقات ..
هكذا نرجو أن تكونَ مفهومةً " قضيةُ تفسير العالَمِ وتغييره " ..

* كتب هذه المقالة المفكر الشهيد حسين مروة في جريدة " الأخبار" ( جريدة الحزب الشيوعي اللبناني آنذاك) ـ زاوية " قضية " بتاريخ 16/1/1966.



#حسين_مروة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيغضبهم محو -إسرائيل- من -لاروس-.. ولا يغضبهم محو المعرفة وا ...
- لقاء مع -النداء- - 26 تشرين الأول 1980
- في ذكرى الشهيد الخالد فرج الله الحلو .. ما ليس يمحوه الأسيد ...
- الحماسة الصامتة *
- شعوبية، وشعوبيون...
- ليس بالخبز وحده... - تحية إلى ذكرى ثورة 7 أوكتوبر –
- الفَرِحون في العيد ...*
- من قلب، شيكاغو!.
- مقتطفات بمناسبة عيد العمال العالمي
- الموقف والفكر -مهدي عامل-
- ميلاد ... وميلاد
- هذه الشعوب المزعومة ...
- مقتطفات عن -وعد بلفور- المشؤوم
- مجانين ... القدس
- لمن هذه...؟
- الرحلة إلى لبنان الجديد..
- أطفالنا وشكل الوطن!*
- كلمات بسيطة... إلى أمهات المقاتلين


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مروة - العالم .. بين التفسير والتغيير