أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الساعدي - ديماغوجية الحمير..!














المزيد.....

ديماغوجية الحمير..!


سعد الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 17:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ذكّرني ذو القرنين الأمريكي بعد اقتحامه مع مجموعته بناية الكونكرس الأمريكي بحدث مختلف نهايات عقد التسعينيات من القرن العشرين جرى في بغداد كتب عنه زميل اعلامي أكاديمي بطريقة دعائية كونه متخصص بالدعاية ويدرِّسها لطلابه أقنع به الكثيرين بأسلوبه المتقن لأنه بالأصل مقتنع بالقصة من الأساس.
ملخص الحدث آنذاك كالتالي:
نال اعجاب المترفين افتتاح مطعم في إحدى مناطق بغداد الراقية، وتحديداً منطقة (الكرادة خارج) بعد عرصات الهندية مباشرة ليصبح المطعم رقم واحد حينها بما يقدمه من أكلات لذيذة؛ مشويات ومقبِّلات شهية مع الخبز الحار الطازج. بالفعل مثل هكذا مكان بمنطقة جميلة يثير فضول الاغنياء قبل الفقراء ليسارعوا متباهين بحجز مقاعدهم مع عوائلهم وأصدقائهم وخلانِّهم. ذاع صيت المطعم بشكل متسارع اضافة لما يحمل اسمه وعنوانه من جاذبية.
فجأة، انقلبت كل الموازين، وتشوَّهت الصور، وبدلاً عن المخلَّلات والمقبِّلات الممدوحة تناولت الصحف بمقالات مكررة رداءة أكلات المطعم رقم واحد (وليس هذا اسمه طبعاً) لتنتقل عدوى سريان الأخبار السريعة الى أفواه الجماهير بلا وعي ودراية دون علم بحقيقة الأمر، ولكن ما هو أسوأ خبر نشر عن المطعم؟
كتب زميلي الاعلامي قصته الخبرية نقلاً عما سمعه وقرأه أيضاً راوياً حكاية عن صديق له يتكرر باستمرار على (مطعم رقم واحد) لتناول أكلته المفضلة؛ الكباب العراقي الشهير على مستوى الوطن العربي، وقد يكون اليوم من المذمومات على مستوى العالم، لا أعرف بالضبط ما الانطباع الحالي عنه وعن بقية الأكلات المشهورة بها بغداد. على كل حال حكى الزميل قصة صديقه بعد انتشار أخبار المطعم:
بعد تناول وجبته المفضلة بساعات يشعر بنحول وصداع وآلام في المفاصل لم يعرف أنّ (الكباب) هو السبب إلاّ بعد انتشار النار بالهشيم؛ لكن هل كان صادقاً في دعواه، أم انتابته حالة نفسية بعد معرفة ما سمع جعلته يتخيل تلك المنغِّصات؟ الله أعلم بالحال.
ما نشر من أخبار كانت أن (المطعم رقم واحد) يصنع من لحوم الحمير أشهى مأكولاته ويقدمها لزبائنه الكرام. في نفسي حمدت الله وشكرته لأنني لم أحقق أمنية كنت أحلم بتحقيقها حين فكرت بتناول واحدة من وجبات الكباب الشهير؛ كباب مطعم رقم واحد المصنوع من أرقى لحوم الحمير المحلية وليس المستوردة!
بعد أيام قفَزَت الى مخيلتي أحداث المطعم ولحومه المشبوهة ورجعت أعيد ترتيب الوقائع متسائلاً: أغلب المطاعم الراقية في العراق وفي غيره يرتادها المشاهير ونجوم المجتمع والشخصيات المرموقة من تجار وأثرياء وغيرهم؛ فلماذا يجازف صاحب هذا المطعم بفعلته تلك؟ علماً أن الحمير بدأ يشحُّ وجودها لتصبح نادرة مثل الكبريت الاحمر تلك الأيام، عكس ما نراه الآن بكثرتها المتكاثرة تتقافز كالغزلان في كل مكان، هذا من جانب ومن جانب آخر لم تكن أسعار أطيب وأجود اللحوم حينها باهضة الثمن (لحوم الضأن بالذات) فما سبب السعي وراء الحمير المسالمة السارحة المارحة في أرض الله؟
بعد حين بدأت تسري بعض المعلومات المسرَّبة أنَّ للأمر علاقة وشيجة بين السياسة والاقتصاد؛ بمعنى تحول الثروة الربحية كعملية تجارية بيد صاحب السلطة الاقتصادية شبه المطلقة وقتذاك؛ عدي أبن رئيس الجمهورية الذي قاتل بكل ما أوتي من قوة للتحكم بالحركة الاقتصادية وحركة السلع الغذائية في الأسواق من دقيق وزيت وبيض وسكائر الى اللحوم والشحوم والفواكه والخضروات وبورصة العملات وغيرها وهو بحالته شبه مُقعد معاقاً بعد محاولة قتله في أحد تقاطعات مركز المنصور بقلب بغداد نتيجة أسباب متباينة فيها الكثير من الصدق والكذب؛ فالكل حاول أن يكون بطلاً بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، لكن الحقيقة المؤكدة أو شبه المؤكدة أن اغتياله بسبب خلافات عائلية؛ منها تحكمه بحركة السوق التجارية، وأنه طلب مراراً عبر وسطاء من صاحب المطعم شراء اللحوم المستوردة دون غيرها، ومع هذا فالمهم بالقضية لحوم الحمير وقصة المطعم والذكريات.
تبيَّن بشكل أكيد أن الكثير من الأخبار كانت تأتي من أفكار السيد نقيب الصحفيين يوم ذاك، وهو ذاته عدي صدام حسين أبن الرئيس القائد المنصور بالله عِز العرب كما بوّقت له حاشيته من الاعلاميين والصحفيين، ومن وعاظ السلاطين الناشرين سمومهم بين الجماهير المغلوبة على أمرها بالكثير من جهلها وعقليتها الديماغوجية المتحجرة الناقلة للشائعات كما لو انها أخبار حقيقة مسلَّمٌ بها الى ساعتنا هذه وفق مبدأ وضعه الطاغية (نفِّذ ثم ناقش) ليتحور الى مبدأ أكثر صرامة: نفِّذ ولا تناقش وإلاّ تكون "عاقبة الذين أساءوا السوأى أنْ كذَّبوا".. أمرَ ابن الرئيس بنشر خبر الحمير ليصدقها لاحقاً مَنْ الحمير أفضل منهم، ولتستمر دورة حياة الحمير تتجدد باستمرار الى يوم انقراضها البعيد حسب تقدير الخبراء بشؤونها..!



#سعد_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مِطرقةٌ خرساء
- Be Clear
- Seek
- وقفةُ تأمّلٍ مع الذات..
- نظرية التحليل والارتقاء النقدية.. ما الضرورة اليها اليوم؟
- القيم الأخلاقية والصورة الفنية في القصيدة الجاهلية.. مقاربة ...
- القيمة التجديدية الابداعية المضافة في عملية نقد النقد استناد ...
- ما هي نظرية التحليل والارتقاء النقدية التجديدية؟
- أستطيقيا اللون والتشكيل.. العراقية شفاء هادي أنموذجاً
- توظيف القصيدة النثرية الأفقية كقصة قصيرة
- النّاص بين قراءة الناقد ومرتكزات التحليل وفق نظرية التحليل و ...
- التآلف اللغوي في بناء النص حسب نظرية التحليل والارتقاء
- رواية حب عتيق تحصد المركز الثاني
- توظيف التساؤلات في تشكيل القصيدة التجديدية.. قراءة نقدية في ...
- حياة البائسين بين السوط، والجلاّد.. قراءة نقدية
- النص بين التهويل والتهميش، ودور الناقد
- شخصنة النقد الجدلي بين التجديدية والكلاسيكية موتٌ للإبداع أم ...
- اثر الفيسبوك في تنشيط الحركة الادبية
- هشيمٌ برذاذِ المرآيا..
- أهزوجةُ أوراقٍ قديمة


المزيد.....




- ترامب يختار سناتور أوهايو جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في ال ...
- ترامب يحصل على أصوات كافية ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ...
- زفاف أمباني -الحدث الأكبر على الكوكب- ونهاية مؤثرة لمحاكمة ب ...
- كيف تفاعل السوريون مع رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد م ...
- -جثث مقطعة ومحترقة ملقاة على الأرض-: نحو 80 قتيلاً فلسطينياً ...
- بطولتان مثيرتان للطائرات الورقية وركوب الأمواج في ساليناس بج ...
- جاؤوا لحضور مباراة كأس أمم أوروبا فكان الموت بانتظارهم.. مقت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
- عقوبات أوروبية على -مستوطنين متطرفين- وكيانات إسرائيلية
- أرمينيا.. انطلاق مناورات -إيغل بارتنر 2024- بالشراكة مع الول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الساعدي - ديماغوجية الحمير..!