|
الانتخابات الفلسطينية: تقارب المأزومين وفرصة البديل
حمادة جبر
(Hamada Jaber)
الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 15:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعيداً عن مدى جدية وإمكانية أجراء الانتخابات التي تأخرت أو أُخّرت لمدة أكثر من عشر سنوات، والتي تم تُجرى أيضاً رغم قرار "المحكمة الدستورية" في كانون أول (ديسمبر) 2018 بحل المجلس التشريعي المُنتخب عام 2006 والذي عطّل عن عمله منذ الانقسام عام 2007، حيث أن ذات القرار قد قضى بضرورة إجراء انتخابات خلال ستة أشهر، أي في النصف الأول من عام 2019. الجديد، أن حركتي فتح وحماس الحاكمتين قد توصلتا لاتفاق لإجراء الانتخابات مع الاستمرار بنهج المحاصصة وتقاسم "السلطة" خاصة أن الحركتين قد اتفقتا على أجراء الانتخابات التشريعية القادمة حسب نظام الانتخاب النسبي الكامل وأن هناك اقتراحاً بأن تخوضا الانتخابات التشريعية بقائمة واحدة. ولم نسمع إجابات وتفسيرات مقنعة عن قرار إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدين مختلفين!! بالرغم من ان أغلبية (55%) المواطنين يعارضون الفصل بينهما حسب استطلاع للرأي العام في الشهر الماضي. ولماذا أيضاَ لم تطالب حركة حماس بإعادة تفعيل المجلس التشريعي المنحل إلى حين إجراء الانتخابات التشريعية القادمة؟! إذا تم اجراء انتخابات تشريعية جديدة فستكون الانتخاباث الثالثة بعد انتخابات 1996 و2006 خلال 27 عاماً من تأسيس السلطة. الملاحظ أن كل واحدة من هذه الانتخابات جرت وستجري حسب نظام انتخابي مختلف عن الأخرى. ففي انتخابات عام 1996 جرى انتخاب الأعضاء ال88 حسب نظام الأغلبية في 16 دائرة انتخابية. أما في انتخابات عام 2006 فقد جرى انتخاب 132 عضواً حسب النظام الانتخابي المختلط مناصفة بين نظام الأغلبية النسبية (الدوائر) و نظام التمثيل النسبي (القوائم). أما الانتخابات الثالثة في 22 أيار/مايو 2021 (إن جرت)، فستكون بنظام مختلف عن الانتخابات السابقة وذلك حسب نظام التميل النسبي الكامل (القوائم). وأعتقد جازماً بأنه لم يحدث في تاريخ أي من الدول أن تقوم بتغيير نظام انتخاباتها في كل دورة، وهذا دليل على إرتجال خالٍ من أي مسؤولية ودليل على هيمنة الأحزاب الحاكمة على القوانين والأنظمة وتجييرها لمصالحها الضيقة. يُعبّر التقارب والاتفاق الحمساوي-الفتحاوي عن عمق الأزمة التي وصلت اليها الحركتان في قطاع غزة والضفة الغربية اللتين تحكمهما الحركتان بحكم الأمر الواقع، ولا يعبر عن الوحدة المزعومة لمواجهة التحديات التي يواجهها الفلسطينيون. عٌمق أزمة حركة حماس يمكن التدليل عليه بموافقتها على مشروع حركة فتح القائم على حل الدولتين على حدود 1967 في الوقت الذي أصبحت فيه حركة فتح ذاتها ترى بأن هذا الحل قد بات مستحيلاً بل وقد شبع موتاَ من جهة، وتراجع وحصر مقاومتها المسلحة من كونها استراتيجية إلى مجرد تكتيك من جهة أخرى. في المقابل، أزمة حركة فتح تبدو أكثر عمقاً وتعقيداً وعلى وشك التشظي بعد فشلها المدوي على مدار أكثر من ربع قرن في تحقيق برنامجها القائم على حل الدولتين، وفشلها كذلك في بناء مؤسسات قابلة لأن تكون نواة لمشروع الدولة، ليأتي التطبيع العربي-الإسرائيلي ويضعها في زاوية المناورة المحدودة والرضوخ أو الثورة التي لم تعُد مؤهلة لها. وهنا لابد من الإشارة إلى أنه حسب استطلاعات المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، فإن برنامج الحل القائم على حل الدولتين قد تراجع تأييد الفلسطينيين له من 55% عام 2011 إلى 39% فقط في 2020 ، رغم تأييد كل الأحزاب والحركات الفلسطينية له (بما فيها حركة حماس وعدم معارضة الجهاد الإسلامي). في المقابل ارتفع تأييد حل الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية بحقوق متساوية لكل مواطنيها من 27% عام 2011 إلى 37% في 2020 بالرغم من عدم تبني أي حزب أو حركة فلسطينية لهذا الحل. إن الثنائية الحمساوية-الفتحاوية المقيتة القائمة على المحاصصة والمصالح الحزبية وثقافة التكسُب غير المشروع غالباً وبأي ثمن، والتي نسيت أو تناست أنها حركات تحرر وطني، ليست ثنائية حقيقية ولكنها ستبقى كذلك في غياب قوة ثالثة حقيقية. الفلسطينيون اليوم متعطشون لحزب أو حركة قادرة على استنهاض طاقاتهم وآمالهم بمخاطبة عقولهم وتقديم رؤى وبرامج ثورية وواقعية في آن. في شهر أيلول الماضي، أجرى المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية استطلاعاً للرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. تقول نتائج الاستطلاع إلى أنه لو جرت انتخابات تشريعية جديدة بمشاركة كافة القوى السياسية فإن 61% يقولون بأنهم سيشاركون فيها، ومن بين هؤلاء المشاركين تحصل قائمة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس على 34%، وفتح على 38%، وتحصل كافة القوائم الأخرى التي شاركت في انتخابات عام 2006 مجتمعة على 8%، وتقول نسبة من 20% أنها لم تقرر بعد لمن ستصوت. وفي التفاصيل، يُلاحظ أن 3 كتل (منها كتلتان تمثل 4 أحزاب/حركات) من الكتل التي اجتازت نسبة الحسم في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، يُلاحظ أنها لن تستطيع اجتياز نسبة الحسم لو جرت انتخابات تشريعية اليوم مع مراعاة نسبة الخطأ +/-3%. في المقابل، قالت نسبة من 39% بأنها لن تشارك في الانتخابات. كما يُستدل من نتائج الاستطلاع المذكور، فإن أحزاب وحركات ما يُسمى "اليسار الفلسطيني" قد تخسر نصف مقاعدها التي حصلت عليها مجتمعة في الانتخابات التشريعية عام 2006 وقد كانت 9 مقاعد فقط من أصل 132 مقعد. هذه الخسارة المتوقعة ناتجة عن فشل تلك الأحزاب والحركات بالوفاء لمبادئها وبرامجها وقواعدها الجماهيرية، ورغم تنبهها إلى ذلك ومحاولتها تشكيل جسم يعبرعن الحد الأدنى من وحدتها لتشكيل قوة ثالثة مثل "التجمع الديمقراطي" ما بين أيلول/سبتمبر 2018 وكانون الثاني/يناير 2019، إلى أن حسابات المصالح الضيقة خاصة لقيادات تلك الأحزاب والحركات جعلتها تخسر الفرصة الأخيرة لحمايتها من الاندثار والخروج من المشهد السياسي الفلسطيني غير مأسوف عليها. بعد جمع نسبة الذين لن يُشاركوا في الانتخابات (39%) ونسبة الذين لم يقرروا بَعد لمن سيصوتون (20%من نسبة 61% الذين قالوا بأنهم سيشاركون) تكون نسبتهم 51% من مُجمل الفلسطينيين الذين يحق لهم الانتخاب. إذن، هناك فرصة حقيقية لحزب أو تيار أو حركة جديدة لإقناع 39% عن العدول عن قرارهم بعدم المشاركة حيث يُعتقد أن السبب الرئيسي في عدم رغبتهم بالمشاركة هو عدم ثقتهم بالأحزاب والحركات الموجودة اليوم وربما أيضاً عدم قناعتها ببرامجها. وكذلك هناك فرصة لإقناع 20% من الذين قالوا بأنهم سيشاركون في الانتخابات ولكنهم لم يقرروا بعد لمن سيصوتوا، وحتى هناك فرصة للتنافس أيضاً على أصوات الذين قرروا لمن سيعطوا أصواتهم إذا ما كان الحزب أو الحركة الجديدة قادرة على تقديم برنامج جديد ومختلف وربما ثوري من حيث البرنامج والأدوات، وبذلك قد تصل نسبة الذين يمكن اقناعهم إلى أكثر من 60% من مُجمل الفلسطينيين الذين يحق لهم الانتخاب. الفرصة سانحة ومُلحة وحقيقية وتاريخية خاصة إذا كانت قائمة على قيادة شابة ثورية جديدة لم تتلطخ بفساد السلطة والأحزاب. وهذه دعوة إلى كل شباب وشابات فلسطين -الذين تزيد نسبتهم عن أكثر من 60% من مجمل أصحاب حق التصويت من الفئة العمرية 18-39 سنة- بأن يثقوا بأنفسهم وعدم التردد من تقديم رؤى وبرامج تحررية نضالية جديدة تخاطب عقول الجماهير ليس على الطريقة "البراغماتية" الاستسلامية أو العسكرية المدمِرة، بل على طريقة الإيمان بأن إرادة ووحدة الجماهير الملتحمة والتي تثق بقيادتها قادرة على صُنع المعجزات.
#حمادة_جبر (هاشتاغ)
Hamada_Jaber#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى الاتحاد الأوروبي ودوله: كفى مراوغة!
-
المشهد السياسي الفلسطيني: ما بين التصفية والبديل الثوري
-
الانتخابات الفلسطينية: لا لنظام التمثيل النسبي الكامل
-
دولة واحدة أو دولتان: الطريق واحد
-
في المقهى..
-
إن كان لابد من بقاء السلطة وإجراء انتخابات
-
الفلسطينيون في موقع المبادرة: حل السلطة وتبني استراتيجية حل
...
-
وزير الحب!!
-
أتريد بأن تكون نفساً؟؟!!
-
بلاهة مصطنعة!!
-
لمن يريد الخلود!!
-
شظايا قلب!!
-
سوء مطابقة !؟
-
محطات سماوية !!
-
حوار بين حبيبين
-
خاطرة
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|