أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء هادي الحطاب - إسقاط القدوة














المزيد.....

إسقاط القدوة


علاء هادي الحطاب

الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول عالم الاجتماع المغربي المفكر الدكتور مهدي المنجرة ( 1933-2014) نقلاً عن أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث: اهدم الأسرة – اهدم التعليم – اسقط القدوة. ولكي تهدم الأسرة عليك بتغييب دور الأم، اجعلها تخجل من وصفها بـ “ربة بيت”، ولكي تهدم التعليم عليك بالمعلم، لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه، ولكي تسقط القدوات عليك بالعلماء، اطعن فيهم، شكك فيهم، قلل من شأنهم، حتى لا يُسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد، فإذا اختفت الأم الواعية واختفى المعلم المخلص وسقطت القدوة والمرجعية فمن يربي النشء على القيم؟ – انتهى الاقتباس-.
هذه المقولة تبين بوضوح دور القدوة في المجتمع بالحفاظ على قيمِهِ بعدّه قائداً وملهماً لمن يلتفون حوله، سواء أكان هذا القدوة داخل الأسرة ممثلا بالأب والأم والجد والجدة وكبير البيت، أو كبيرته، أم خارجها في المدرسة أو الجامعة أو الوظيفة أو العمل. فإذا سقط هذا القائد والملهم و “كبير الشأن” أمام المتعلقين به، تسقط معه قيمية القدوة وما تتضمنها من معارف وعلوم وأخلاقيات وسلوك تضبط إيقاع الحركة الاجتماعية في بيئة القدوة ومحيطها. نفهم من النص أعلاه أن الأم والمعلم كلاهما قدوة، فالأم أنموذج قدوة لأسرتها في تربيتهم ونشأتهم أخلاقياً وتربوياً وسلوكياً، والمعلم أنموذج قدوة لطلابه في تعليمهم وإنضاجهم فكرياً ومعرفياً، وكلاهما مربٍّ، يعتمد الجيل على ما يقدمانه كنماذج قدوة في المجتمع، فمن تحت عباءتيهما يخرج الموظف والتاجر والمثقف والبائع والفنان والرياضي والطبيب وكل مواطن فعال في مجتمعه، فإذا صلحت القدوة صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد، ولهذا فإن لمكانة القدوة دوراً مهماً في المجتمع.
اليوم تجري محاولات أجد أغلبها مقصود ومدروس وممنهج لإسقاط القدوة بطرق شتى، تساهم بذلك وسائل عديدة، إعلامية وغير إعلامية، فبعد أن كانت الأم تمثل العنصر الفعال في منزلها وداخل أسرتها، أصبحت اليوم معنية فقط بالطبخ والغسل وإكمال حاجيات البيت فلا يسمع قولها من وصل إلى مرحلة المراهقة صعوداً، بل وفي بعض الأحيان تصبح متابعتها لهم مصدر إزعاج وتذمر. والمعلم بعد أن كان “سيد قومه” يشار إليه بالبنان، يخشاه طلابه وغيرهم حتى بعد انتهاء دوام المدرسة أثناء لعبهم، بات اليوم يُسوّق على أنه مرتشٍ لا يفهم، غير كفء وغير مجد في عمله، ليتم احتقاره من قبل طلابه ومن ثم المجتمع فلا يستمع لقوله أحد، مع أن المعلم هو الذي وصفه أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله ( قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا- كاد المعلم أن يكون رسولا- أعلمت أشرف أو أجلّ من الذي يبني وينشئ أنفساً وعقولا)، فإذا سقط هذا القائد الملهم حتماً ستسقط معه قيمية التربية والتعليم في أهم مراحل التنشئة لدى الأفراد.
الأب، رجل الدين، الفنان، المثقف، الرياضي، المحامي، الصحفي، كبير العشيرة ورئيسها، وجيه القوم في مدينته، الطبيب، رجل الأمن والنظام وغيرهم، كلهم قدوات في مجتمعاتهم، فإذا سقطوا سقطت معهم كل القيم والمبادئ التي نشأت عليها مجتمعاهم.
محاولات هدم وإسقاط القدوة تستدعي بديلاً عنها بالضرورة تصدر اللاقدوة كاللانظام واللامعرفة والفوضى، وبالتالي تنعدم أية ضابطة تضبط حركة المجتمع لإنتاج مواطن فاعل وفعّال.
لذا لا مناص في سبيل الوصول إلى استقرار مجتمعي تسوده مجموعة من قيم الخير أن ننمّي دور القدوة ونحافظ عليه ونقف بوجه محاولات إسقاطه، لأن إسقاطه يعني غياب القائد والملهم والموجِّه في بيئته التي ستتحول إلى غابة لا ضوابط تحكمها، سواء داخل الأسرة أم خارجها في المجتمع عموماً.



#علاء_هادي_الحطاب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دينياً
- الأمل.. صناعة
- البصرة خبز العراق... الغاز (1)
- تجار الازمات
- ثقافياً.. فكرياً.. معرفياً
- اقتصاديا
- سياسياً
- يوم انتصرنا
- اجتماعيا
- الإيجابي والسلبي
- نازحون في شتاء ممطر
- ننتظر حلولاً لا بكاء
- الإصلاح المؤسسي
- رؤوس الفساد
- وأد الفتنة
- وعي.. وعي
- مخيمات الايواء – المعالجات
- مخيمات الايواء – المشكلة
- المگرودان الطبيب والمرور
- كفالة المواطن


المزيد.....




- بعد انقطاع واسع للكهرباء.. فيديو يُظهر فوضى عارمة بوسائل الن ...
- خلال اجتماع السيسي والبرهان.. رفض مصري - سوداني لإجراءات إثي ...
- -لم يعد كافيًا-.. إيران: لن نوقع اتفاقًا نوويًا مع أمريكا مم ...
- تونس: مصرع 8 أشخاص وإنقاذ 29 آخرين بعد غرق قارب مهاجرين قبال ...
- الكرملين: بوتين يعلن عن هدنة لوقف إطلاق النار في أيام عيد ال ...
- من هو حسين الشيخ، نائب رئيس السلطة الفلسطينية الجديد؟
- -إيران تفقد السيطرة- بعد سقوط نظام الأسد والتغيرات السياسية ...
- المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية: باريس تدعو تل أبيب إلى وقف - ...
- وسائل الإعلام العالمية تتناول إعلان روسيا وقف إطلاق النار في ...
- ضابط استخبارات أوكراني: النزاع مع روسيا بلغ أسوأ مراحله


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء هادي الحطاب - إسقاط القدوة