أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل ميرشم - قصة قصيرة بعنوان: الجندي الذي قتلته الزغاريد!














المزيد.....

قصة قصيرة بعنوان: الجندي الذي قتلته الزغاريد!


اسماعيل ميرشم

الحوار المتمدن-العدد: 6791 - 2021 / 1 / 18 - 15:56
المحور: الادب والفن
    


بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الجيش العراقي!
عاد في المساء من الجامعة الى البيت منهكًا بعد يوم طويل وثقيل بالمحاضرات النظرية والممارسة الحقلية، مستقلًا الباص المتوجِّه الى المنطقة السكنية التي كان قد استأجر فيها غرفة واحدة في بيت قديم يسكنه عدد من الأسر المهمَّشة في منطقة باب الشيخ في قلب بغداد على جانب الرصافة. يسكن معه في الغرفة صديقه وزميله في الجامعة، كانا يذهبان معًا بسيارة الطلبة في الصباح الى الجامعة ويعودان في المساء على مرحلتين بالسيارة وثم الباص. عندما أقترب بهم الباص من منطقة باب الشيخ، شاهد من خلال النافذة وهو جالس في الطابق العلوي من الباص، مجموعات بشرية تتلاشى . يبدو أنهم كانوا متجمعين كما الغيوم التي تتبعثر بعد تجمعها . استغرب المنظر و تشاءم منه، فتجمعات تلك الأيام في فترة الحرب كانت إما بسبب قيام الفرقة الحزبية بحملة عشوائية في المنطقة لإلقاء القبض على الشباب وإرسالهم الى الجبهة ضمن قواطع الجيش الشعبي، مما يجبر أمهاتهم أو أخواتهم على التجمع أمام الفرقة الحزبية، في محاولة لفكِّ أسرهم بأيَّة وسيلة ممكنة. أو تكون نتيجة إعادة جثة جندي - فقد حياته في جبهة القتال - لأحدى الأسر في المنطقة. بعدما وصل الى البيت، بادرت بنت جارتهم بالتحدث والدموع في عينيها والحشرجة في صوتها عن ما جرى عصرذلك اليوم في منطقتهم، حيث قامت الفرقة الحزبية بطرق الأبواب، وطلبوا من الناس التجمع في الساحة الترابية التي حوَّلها الأطفال الى ملعب لكرة القدم والقريبة من مرقد الشيخ عبدالقادر الكيلاني باتجاه مبنى أمانة العاصمة لحضور "حفل"عملية إعدام جندي هارب من الخدمة العسكرية. فذهبت مع جيرانها الى الساحة كي يشاهدوا المسؤول الحزبي في المنطقة . كان يلقي كلمات حماسية بمكبِّر صوت يدوي يمجِّد الرئيس القائد وينعت الجندي الهارب، بشتى الأوصاف الوضيعة. وبين فينة وأخرى تطلق مكبرات الصوت المثبَّتة على سيارة بيك آب كانت مركونة في الساحة عنانها لأناشيد القادسية الحماسية ومنها "تعب حتى الحديد وما تعبتوا"و"دك يالهاون دك" وغيرها التي تمجد المجاهد الفارس والحرب وتتحدث عن الانتصارات في جبهات القتال المقدسة! تقول جارتنا، بعد عدة دقائق من وصولنا الى الساحة ويبدو بعد أن تأكدت الفرقة الحزبية من تجمع أهالي المنطقة بالكامل في الساحة وبعد إثارة عواطفهم وحشد هممهم بأنَّهم سيقومون بمعاقبة شخص جبان هرب من جبهة القتال بما يستحق من عقوبة على فعلته الشنيعة . وبعد أن زغردت بعض النساء بين الحشود، وصفَّق الكثيرون لكلمات المسؤول الحزبي وخاصة كلَّما ورد اسم الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله ورعاه في فحوى خطاباته الحماسية. تقول جارتنا أنَّها لم تصفِّق كما فعلت النساء الاخريات ، رغم خوفها الشديد ،لأنها عرفت من الاسم ذلك الشاب المسكين الذي سيطلق عليه الرصاص عصر ذلك اليوم في نهاية الحفل الجماهيري المهيب، فهو الابن الوحيد لأسرة فقيرة الحال من أهل المنطقة الشعبية، لذلك لم تصفِّق مع النساء، وعندما سألتها جارتنا الأخرى عن سبب امتناعها عن التصفيق كما يفعلن مجبورات : " ألا تخافين العقوبة لو لمحوك جماعة الفرقة الحزبية وأنت لاتصفقين؟ " قالت لجارتنا : " أصابعي جريحة بسبب كسر استكانة الشاي عند غسلي المواعين صباح اليوم". تقول جارتنا بعد عشرين دقيقة الى نصف ساعة من وجودهم في الساحة وصلت الى المكان سيارة إسعاف وجيب قيادة عسكرية خرج منها عدد من الجنود ذوو البيريات الحمر و بأيديهم بنادق رشَّاشة أوتوماتيكية . أخرجوا من سيارتهم الشاب الذي كان يبدو لي للوهلة الأولى وكأنه ليس الشخص الذي كنت قد عرفته من اسمه، لربط عصابة على عينيه ولهزاله الشديد . أوصل جنديان الشاب وقد كان يتعثر ماسكًا بكلتا يديه بعمودين خشبيين كانوا قد نصبوهما في الساحة أمام تلة ترابية صغيرة اقاموها بواسطة جاروف آلي لهذا الغرض بالذات . ربطوه بأحدى الخشبتين، وبدأ الرفيق الحزبي يقرأ من ورقة بيده قرار حكم المحكمة العسكرية في إعدام الجندي الهارب . كان بعض النسوة يطلقن العنان لحناجرهنَّ بالزغاريد والتغريدات وكثير منهنَّ يصفِّقن لكلمات الرفيق الحزبي الحماسية والتي كانت تشّتد بمرور الوقت . وبينما ثلاثة جنود مسلحين اتخذوا في هذه الأثناء مواقعهم أمام الشاب مباشرة وبمسافة لا تزيد على عدة امتار، وقام الجنود بحشو بنادقهم واستعدوا لأطلاق الرصاص منتظرين الأوامر من ضابط عسكري كان واقفًا بين الجنود الثلاثة والحشد النسائي. بعد انتهاء الرفيق الحزبي من تلاوة ورقته، أصدر الضابط أمر الرمي لجنوده، فلم يبطئ الجنود وأطلقوا جميعًا النار على الشاب، لم يسقط الشاب فورًا ، لكونه كان قد ربط من الخلف بالخشبة المنصوبة، لكنَّه بقي منتصبًا واقفًا لبعض الوقت، بينما أحد الطلقات أصابت جانبًا من العصابة المربوطة على عينيه، فقطعتها .وفي هذه الاثناء بان لنظر الشاب مرأى الجماهير والنساء المحتشدات، بعد أن سمع زغاريدهنَّ وصيحاتهنَّ وتغريداتهنَّ، حينها مات من المشهد ؛ لم تقتله الطلقات التي اخترقت جسده، بل قتلته الزغاريد!!!



#اسماعيل_ميرشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بعنوان: الألم والثلوج والزمن
- مخاض الربيع العربي وتدشين دولة الخلافة في العراق والشام
- ما المانع من استبدال الفاشليين من الزعماء السياسيين في العرا ...
- أثناء فترة وجودي بين اهلي ومع اصدقائي في خانقين وفي كردستان- ...
- في العراق قبل وبعد 2003
- معوقات امام التحول السياسي في العراق وفي المنطقة
- ايهما اولى مشروعية المواطن وحقوقه ام المنظمات الدولية ومواقف ...
- التغيير بين الحاجة في الواقع و رفعها كشعار لمرحلة !!!
- بروز الطائفية السياسية وعرقلة التحول السياسي في العراق
- في كل عام كلما تحل نوروز
- مقتطفات من كتاب فنر حداد بعنوان- الطائفية في العراق-
- هل بقاء العراق موحدا لمصلحة العراقيين على المدى البعيد؟
- لماذا بروز وازدهار الطائفية بدلا من انتشار وترسيخ الديمقراطي ...
- هل بالامكان ترسيخ الديمقراطية في العراق ؟
- الحل في المزيد من الديمقراطية ام باعادة الدكتاتورية؟
- متى المواطن تتمتع بحقوقه في العراق الجديد؟
- هل بامكان الجمع بين الديمقراطية والفدرالية في الشرق الاوسط؟
- ميراث الانظمة الاستبدادية وتحرر الشعوب
- الالوان
- المواقف من الانقلاب-الثوره التي حصلت في مصرمبدئيه ام انتهازي ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماعيل ميرشم - قصة قصيرة بعنوان: الجندي الذي قتلته الزغاريد!