عقيل الواجدي
الحوار المتمدن-العدد: 6785 - 2021 / 1 / 11 - 00:41
المحور:
الادب والفن
لم تحفظ ذاكرة التاريخ اعمقَ من الشعر بل اكاد اجزم انه – الشعر – هو من حفظ للتاريخ ديمومته ، فكان العين التي رأت كل شيء ، هما عينا كلكامش وأول الحروف التي افاضت على الكون سِعَةً وعلى الحياة جمالاً . لازال الشعراء سَدَنَةَ الجمال ونبضه الذي لايتوقف ، اَرومة اناقة الحرف ، السابحون في ملكوت الخيال يقتنصون مايعجز سواهم عن ادراكه .
الشاعرة اللبنانية ( كاميليا ) هي احدى زهرات ربيع الشعر التي لاتحتاج لكثير حتى تكتشف نضج تجربتها الشعرية من خلال امتلاكها كل مقومات الشعر الاّ فرصة تقديم نفسها كشاعرة بنتاجات مطبوعة تزدان بها المكتبة الأدبية وتضاف قامة مثقفة الى قامات الادب النسوي .
ان شاعرتنا تنحى في أسلوب كتابتها أساليب الكبار المتمرسين في فهم وادراك حقيقة ( قصيدة النثر ) التي توهَم الكثيرون في ان مايكتبونه هو قصيدة نثر معتمدين رَصَّ المفردات غير قادرين على ايقاد جذوتها وفك ( شفرة ) معرفتها ، على عكس مانجده عند القلائل ممن يكتبها فياخذ بك الى عوالم من الجمال بأسلوب مُتقن وتطويعٍ للمفردة يَصلُ بك حد الدهشة ، وشاعرتنا احد هؤلاء الذين يحيلونك بعمق كتاباتهم الى ادراك ان الصدفة لاماكن لها في عالم الشعر ، وان الشعر نورٌ لاتجود به الأرواح المعتمة .
الجمال الذي يفرد جناحيه في نصوص شاعرتنا يُفصحُ عن نفسه من خلال معالجة افكارها برسم خطوط متصلة يبلور في ذهنية المتلقي مساحة سينمائية بكل اُطرها الفنية ، فهي رسامة بارعة لا تتداخل الألوان في لوحاتها ، نص ( غريبة انا ) احد النصوص التي اخذتنا فيه الشاعرة الى مشهدين متوازيين استطاعت ان تضع لهما نقطة تلاق هي ( الدهشة ) على عكس كل متوازيين لايلتقيان
( غريبة أنا
لا مكان يتسع لانتمائي
أسكب الفرح وأختنق بعبارات أطول من خيالي لحظة استرسال
غريبة الملامح حين أفكر فيك).
(غريب أنت مثلي
تشحذ ألسنة أفكارك
تقسم بالحب أنّ الوَلَهَ حقيقة
وتعود عن سابق اصرارك
تطعن حضورك بالغياب ).
اما النص الاخر ( في صباحي سحابة ) فلا تملك الا ان تقف عنده كثيرا تتأمل هذا الفيض الحالم الذي سكبته الشاعرة في حروفها ، مموسقة إياها باحساسها ، مضمنة بكل حرفنة المشهور من اغنية ( كوكب الشرق ) متناغمة به ذلك الإحساس الذي صدحت به ( العظيمة ام كلثوم ) بحنجرتها الماسية ( انت عمري ) .
ولاشك ان هذا التناغم لايجيد توظيفه الا من امتلك سحر الحرف والاحساس واناقة المفردة ، وكلها جليّة الحضور عند شاعرتنا .
في صباحي سحابة
وألف خيط للشمس يرتق أجنحتي
يعدّل ضيق الصدر ويفتح للزفير طاقة
في صباحي قلب
وناي وشجن
وأنت عمري الي ابتدا بنورك صباحو
إنت إنت
....
من أنت ؟
....
في صباحي ألف أغنية دندنتها
فأفقدتني الطيران
وأسراب طيور هاجرت دوني
ك فنجان قهوة شاركتني به قصيدة
كتبتها لك أنت
يا أنت .
#عقيل_الواجدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟