أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - أنجيلا ميركل الدرس الذي لم نستفد منه














المزيد.....

أنجيلا ميركل الدرس الذي لم نستفد منه


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6782 - 2021 / 1 / 8 - 20:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تودع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منصبها وتنهي حياتها السياسية الحافلة بالمنجزات العظيمة دون أن يتظاهر الناس لإسقاطها أو يقول لها أحد "إرحلي".
انتخبها الألمان فقادت البلد لمدة تقرب من عقدين عرفت خلالهما ألمانيا تحديات عظمى، واستطاعت ميركل أن تواجه تلك التحديات بهدوء وحكمة ورصانة وعقلانية قل نظيرها، وخلال مدة حكمها لم يسبق أن اعتبرت نفسها أسمى من القانون أو عاشت فضيحة إدارية أو مالية، أو خرقت التعاقد الديمقراطي الذي يربطها بالألمان.
لم تقم ميركل خلال هذه المدة كلها باستغلال إمكانيات الدولة لمصالحها الشخصية أو لخدمة أقاربها، ولم تجعل عملها ونجاحاتها ركيزة لعبادة شخصها، ولم تبحث عمن يؤلف أغان وطنية في مدحها، ولم تعمل على إرشاء صحفيين لتتبع خطواتها والتنويه بها بمناسبة وبدونها، ولم تحتل نشرات الأخبار لمدة ساعة ونصف، ولم تعتبر نفسها ذات شرعية مستمدة من السماء، ولم تعتقل معارضيها أو تنظم لهم محاكمات صورية للانتقام منهم، كانت تستمع إليهم بإمعان وصمت وبرودة أعصاب مثالية، وتتصرف بعد ذلك وفق القانون وبرنامجها السياسي، وحسب ما يمليه عليها ضميرها، ولم تجمع ثروة خلال توليها لمنصبها، بل إنها ستعود لحياتها السابقة البسيطة، مع جيرانها السابقين.
تركت ميركل موقعها السياسي بعد أن جعلت من ألمانيا القوة الأولى في الاتحاد الأوروبي. ولم يعتبر الشعب الألماني أن ما فعلته ميركل مِنة منها أو صدقة، بل اعتبروا أنها لم تقم إلا بواجبها الذي من أجلها انتخبت، والذين انتخبوها لم يقولوا إنها امرأة قد تغلب عليها العاطفة وأنها ناقصة عقل وأنهم قد لا يفلحون إذا ولوها أمورهم،. بل نظروا إلى كفاءتها وحنكتها ودهائها، لأنهم يفكرون انطلاقا من الواقع لا من نصوص جامدة أو فقه قديم.
وعندما انهارت سوريا تحت ضربات الإرهاب والفتنة الطائفية وتشرد شعبها في المنافي، استقبلت مليون سوري، واجهت بسببهم حملات شعواء من اليمين المتطرف، ووقفت بصرامة وحسّ إنساني عال مع اللاجئين رغم أنها كان بإمكانها أن تقوم بنفس ما قامت به الدول المجاورة لها، لم تسأل اللاجئين عن عقائدهم أو أنسابهم وشجراتهم العائلية، ولم تنظر إلى ألوانهم، لكنها خصّصت ميزانيات هائلة لاستقبالهم وتعلميهم وإيوائهم وتشغيلهم وتربية أبنائهم أحسن تربية، فاستفادت ألمانيا الزيادة في نسبة سكانها الذين يعانون من مستوى خصوبة متدن، واستفاد اللاجئون الأمان والأمن والشغل ومستقبل أبنائهم في بلد العلم والحضارة.
سيرة ميركل صفعة لكل الحكام والشعوب البئيسة التي تعيش بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ودرسٌ لا أعتقد أن أحدا سيستفيد منه من أبناء هذه البلدان التي تعدّ جحيما للمرأة في الإحصائيات والأرقام العالمية، حتى صار من ثوابت الثقافة السائدة في بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط احتقار النساء وتبخيس أدوارهن والحرص على جعلهن يبقين تحت الوصاية.
على كل العرب والمسلمين أن ينحنوا احتراما لهذه السيدة العظيمة ويطهروا مرجعياتهم الثقافية والدينية من كل نصوص تحقير النساء والاستهانة بذكائهن وكفاءتهن.
وبهذه المناسبة، على الذين أزعجهم تفوق الإناث في الامتحانات بالمغرب أن يتقبلوا الهزيمة ويخجلوا من كسلهم وتبلدهم الذهني.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا فشل العقل العربي في حلّ القضية الفلسطينية
- مساجد الجزائر أماكن عبادة أم تصفية حسابات ؟
- عن التطبيع وتهديد الاستقرار
- المغاربة بين الصحراء وفلسطين
- من قال إن المسلمين ليسوا في أزمة ؟
- محنة عباقرة العالم مع المسلمين
- أسئلة حول -مبادرة النقد والتقييم- داخل حزب العدالة والتنمية
- الداخلون إلى الإسلام والخارجون منه
- حزب النهج الديمقراطي بين الاجماع والحق في الاختلاف
- حجاب الطفلات وصاية قهرية وليس اختيارا حرا
- هل تعمل أوروبا على تغيير قوانينها بسبب الإسلام الراديكالي ؟
- رسالتان من صديقين جزائريين
- عناصر لفهم معضلة المسلمين في السياق الغربي
- -آلية التبرير- في النقاش العمومي
- ما أغفله النقاش حول -آيا صوفيا-
- رد لطيف على كلام عنيف (من أجل تجاوز الماضي والعودة إلى الراه ...
- في معنى النزاهة، ومعنى الشفافية
- ظاهرة تخريب الآثار وإحراق المكتبات في تاريخ المسلمين
- بين الواجب والصدقة
- هوية البطاقة وهوية المواطنين


المزيد.....




- ديوك رومية تهاجم ساعي بريد خلال إيصال طرد ليتحول المشهد لمعر ...
- السعودية.. ضبط مصري تحرش بفتاة وكشف اسمه كاملا.. وفيديو شخص ...
- نتنياهو يمثل للمرة الـ21 أمام المحكمة بتهم فساد
- الجيش الإسرائيلي يبرر عملياته في جباليا باستهداف بنية تحتية ...
- قمر روسي جديد يبدأ بتقديم خدمات استشعار الأرض عن بعد
- الجيش الإسرائيلي يعلن توسيع عملياته البرية في رفح ويرسل الفر ...
- سكان غزة لا طاقة لهم على النزوح مع إصدار إسرائيل مجددا أوامر ...
- الحل بين يديك.. هكذا يتم التجسس على محادثات -واتساب-!
- الدفاع الروسية: قوات كييف استهدفت مجددا محطة كهرباء في خرق ج ...
- إيران تدين القصف الإسرائيلي الأخير للضاحية الجنوبية في بيروت ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - أنجيلا ميركل الدرس الذي لم نستفد منه