المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي
(Almothanna Alchekh Atiah)
الحوار المتمدن-العدد: 6776 - 2021 / 1 / 1 - 17:13
المحور:
الادب والفن
لا أملك مفتاحاً سحرياً يفتح لي أكوانَ عوالم تتوازى مع كون طريقي
من مترو سان غراسيان إلى ميدان حقوق الإنسان بباريس،
إلى حيث السوريّون أتوا من كونٍ آخر بالأعلام وصور الشهداء...
لا أملك معرفةً تخبرني أين يعيش الشهداء،
ولا أملك كشفَ مواطن جنّاتٍ تحصر من يسكنها فيمن آمن بإله واحد،
لا أملك خارطة طريق دخول الفايكنغ الوثنيين إلى "فالهالا"،
بُغية نيل الشرف، وإن أغراني الكأسُ، بكأسٍ مع أودِن
لا أملك زورق هجرات الموتى بزوارق نحو حياة الأبدية،
لا أملك إلا حكمة شعبي في إنزال الجدّة عشتار خريفاً بدهاليز الكون السفليّ
لإحضار ربيع السوريين "آدون" المغدور بناب الأسد المِسخ بصورة خنزيرٍ برّي أرعن،
وأراها تبحث عنه الآن لكي يفتح جنّة عدن،
لا أملك كوناً تنهي هذي الأبيات بحضن حدائقه رحلتها...
لا أملك مفتاحاً سحرياً يفتح لي باب الكون الحائر داخل نفسي
في ميدان حقوق الإنسان بباريس،
لم أسمع غير حفيف الأوراق المتداخلة بخطوات الجدّة،
غير صرير الأنياب المتصاهلة بلحمي،
غير هسيس اللبلاب المستفحل في إطلاق جروحي،
في ميدان حقوق الإنسان بباريس
لم أر أدونيس،
كان هنالك طفلٌ يدعى حمزه خطيب،
لم أعرف من ركّب في عقل أبيه الباكي أن الاسم سيمنحه الجرأةَ
في تهريب حليبٍ للأطفال الباكينَ ينابيع ضروعٍ جفّت،
بحصار مسوخٍ شهرت أنياب التجويع لصلب الأطفال عليها
لا أملك كوناً، تنهي هذي الأبياتُ بحضن حدائقه رحلتها
لا أملك معرفةً تُخبرني أيّ الأمكنةِ هي الجنّة تحتضن الشهداء،
وأيّ حدائق تحتضن المخطوفين، المعتقلين، المصلوبينَ...
شعوبٌ تتوالى إثر شعوبٍ،
جناتٌ تتوالد من جناتٍ،
وخريفٌ يتوالى إثر خريفٍ،
ديناصورات، بشرٌ، فيروسات
في هذي الأوراق المتمازجة الألوان، المتلامعة، المتباهتة، المتراقصة
على الأشجار، على الأرض، على الأسوار،
على الكون الحائر فيما تشهد روحي من أكوانٍ تتفتحُ يا للدهشة...
هل تتراءى لي خطواتُ غياب رزان الزيتونة
في الكون السفليّ لإحضار الطفل الغائب من بين الأشلاء،
وهل هي ذي تتجلّى لي حاضرةً مثل سماء،
ليست مفردةً هذي المرّة
هل هي ذي تتشكّل شجرة زيتونٍ، وتضيء الشرق، الغرب، وهل هو ذا الطفل الخارج من لوحة دولاكروا، هل هو ذا حمزة في قبّعةِ صليب، هل هذا عبد القادر صالح يفتح مارع للحجاج، وهل ذا إبراهيم القاشوش بشطح الأفلاك، وذا عبد الباسط ساروت يلاعب أقدام الأقدار، وهل هذا فائق ابن المير، عْميم الأحرار، وذا أحمد ابن الشيخ عطية بين تلاميذ الفصل يغطّون الساحة منعتقين نجوماً من حبل الطابور، وهل هذا وجه أبِ الحرية باولو، هل هي ذي الشمس ببسمة وجه سميره خليل، وهل هذا المطر غياثٌ في يده الأولى وردٌ جوريّ، في الثانية زجاجة ماء، هل ذاك فراس الحاجْ صالح، هذا، ذاك، وتلك، هما، هذي؟ عشرات، ومئات، آلاف الأوراق تمازج لوني، تفتح لي أكواناً متوازيةً متفاتحةً مع كوني؟ لا أمكنة، ولا أزمنة، ولا طوفان، ولا صلبان، ولا جنّة، لا نار، ولا أشرار، ولا أخيار...
أهذا ما شاءتْ يدكِ الحانية على خدّي أن تفتح لي من أسرار؟
هل هذا ما شاءتْ صورتك بأن تُظهر لي من صُوَري؟
هل هذا ما شاءت أكوانك أيتها الجدة عشتار المتجليةُ بصُوَري؟
هل هذا قدري أن تُنهي أبياتي الحائرة بصوري رحلتها بالدمع؟
13 نوفمبر 2020
#المثنى_الشيخ_عطية (هاشتاغ)
Almothanna_Alchekh_Atiah#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟