|
دعاء طائر الشمال لعام 2021!
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 6776 - 2021 / 1 / 1 - 14:42
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
اللهم ازرع من جديد الشجاعة في قلوب المصريين؛ وحصّنها بالإيمان بأن الوطن مِلـْـكٌ لهم، واجعل الحاكمَ، أيَّ حاكمٍ، يخاف منهم وليس العكس كما يحدث الآن!
اللهم ضع في قلب الحاكم ضميرا يظل مستيقظا طوال سنوات حُكْمه؛ فيفرج عن المظلومين، ويرفع يده من على أنفاس رعيته، ويسمح، واجبا وليس تفضُّلا، بالاحتجاج السلمي!
اللهم اجعل ضميرَه يوقظه، ويقرعه، ويؤنبه فيتوقف عن بناء القصور والاستراحات لنفسه بأموال شعبه.
اللهم أعد لجيش مصر، أبناء أبطال العبور، مشاعر الكرامة وتفَهُّم معنى الدفاع عن كل ذرة تراب، فيجبر الحاكم على إلغاء عقد التنازل عن مصرية تيران وصنافير، فكل حبة تراب يبيعها أو يتنازل عنها هي جمرة نار تحرقه في جهنم.
اللهم استبدل بدين الشيوخ والمهووسين والدواعش والحمقى دينَك ورسالتك الإلهية السامية والمتسامحة والعقلانية.
اللهم إنَّ عدالة القضاء تبدأ في قصر الرئاسة، فقضاة مصر ومستشاروها الذين هُم في خدمة الحاكم ينبغي أن يعودوا لاستتباب العدالة!
اللهم لقد صنع الحاكم بالتخويف والتهديد والوعيد وإغلاق أبواب الرزق الحلال المواطن الأرنب، والمسؤول الفأر، والإعلامي التافه، والوزير الجبان، والضابط الخادم لسيد القصر، فلتُعِدْ، يا قاهر الطغاة، للمصريين مكانهم تحت الشمس في بلد الخمسة آلاف عام حضارة.
اللهم لقد أضاع أربعة حُكّام شريان الحياة في نهرها الخالد، ولم تكن لهم كلمة مسموعة لدى أصغر موظف إثيوبي طوال أربعين عاما، فتم بناء سد النهضة توطئة لسدود أخرى حتى يعطش المصري ونباته وأرضه وحيواناته ، فقد سلـّم المصريون وجيشهم وشرطتهم ومثقفوهم وإعلاميوهم لرجل واحد في كل مرة شؤون نيلهم فأنالهم الله الخُسران المبين، فانزع مصر من الحاكم ليأخذها الشعب كما كانت طوال تاريخها.
اللهم لقد أتى مصرَ حاكمٌ مغرور، وجاهل، وفظ غليظ القلب، وسلفي الهوى، وطائفي النوازع ففتح الباب على مصراعيه لتهُب على وادي النيل رياح مسمومة قادمة من جوف التخلف والرجعية فاعتقد المصريون أنها من صميم دينهم الحنيف فإذا هي ثعابين تلدغ فيظنها المهووس تُحيي وتُنعش وتُكبّر باسم الله، وقفز على المنبر والشارع ومكبر الصوت والتلفزيون والإنترنيت مغول جُدُد أعادوا صياغة العقل المصري فعنعنوه بحكايات خرافية صنعها مخابيل فورثها مصريون بعد مئة عام من عصر النهضة فعادوا بها أو عادت بهم إلى كهوف يخجل منها الديناصور!
اللهم لقد قتل التطرف مشاعر التسامح لدى المصريين، وأصبح لكل مصري منبر يحث من فوقه أو من تحته بالمصريين لدخول معارك ضد الآخرين، وشركاء الوطن، وضد أهلهم وأصدقائهم وزملائهم، ثم ضد أنفسهم فقد تمّتْ عملية غسل أدمغتهم فاستبدلوا بدينهم العظيم حكايات قصّها كاذبون عن متخلفين، وجاهلون على أميين فتدعوش الوطن الذي يحكمه من لا يفهم في استنارة الخطاب الديني.
اللهم لقد صنع الحاكمُ المواطن المخبر، والمرشد، والمتعاون، والواشي فأضحى كل مصري في حالة رعب لئلا ينقل أخوه أو جاره أو زميله أو ابن بلده خلجات نفسه المكتومة إلى سلطات شرطية أو عسكرية أو استخباراتية؛ لديها تعليمات أن لا ترحم مصريا سقط تحت حذائها.
اللهم أنت تعلم أن القضاة في مصر من نسل الشياطين، وأن لديهم أوامر بالظلم والتنكيل بمن لا ترضى عنهم السلطة، فيفرج القضاء عن اللصوص والفاسدين والمهربين وكلاب القصر، ويُحاكم الشرفاء وعاشقي الوطن والشباب المعترض على ديكتاتور حكم ثلاثين عاما بالخوف والسوط والسجن والاغتصاب والسرقة، فلما ثار الصغار ضد صمت الكبار وخلعوا اللص الطاغية، عاقبهم أربعة رؤساء جاءوا بعد المخلوع وجَحَروهم كالفئران في سجون لا آدمية.
اللهم لقد نجحتْ عملية غسيل مخ المصري فأصبح يكره الفنون الراقية والآداب والجمال والحرية والمرأة والعلوم والقراءة والكتاب واكتفى بكتب حكايات الأقدمين غير الموثوق بأكثرها ليصنع منها مستقبلا هشّا، قائما على فكر رجعي، سلفي، داعشي، بوكوحرامي، طالباني، كل هذا لأن فكر الحاكم الجاهل لم يخرج عن هذه الدائرة.
اللهم لقد تبّلد المصريون، وتجمّدوا، وتثلـّـجوا، وتخشّبوا عند نقطة الصفر وكأنهم عادوا إلى التاريخ القديم رافضين تطور مصر، فأصبحت كل بيانات الحكومة أكاذيب وأباطيل وخداعا وغشا وتدليسا، وسط دفاع مستميت من مصريين مصنوعيين تحت المنبر وتحت حذاء العسكر.
اللهم أنت تعلم أن الرعية التي تُلقي أحمالها على عاتق حاكم واحد، تجعله مستبدا، وطاغية، ولصا، فإذا فكّر لها في مأكلها ومشربها وخيراتها واستكانت هي للأدعية والمعابد فقد أحكمت على نفسها عقدة العبودية الطوعية، وفي مصر لم يعد المواطن قادرا على التنفس أو التحدث أو التفكير أو الصراخ أو البكاء دون أن يتأكد أنه لن يُغضب الحاكم.
كما أن الحاكم، طبيب الفلاسفة، يؤكد للرعية أنه الوحيد الذي يفهم في كل شيء، فقد مرضت الرعية بنفس المرض وأصبح المصري داعية وفيلسوفا وحكيما وطبيبا ومحللا سياسيا ومفسرا لحوادث الدنيا حتى لو كان يفُكّ الخط بشق الأنفس، فخسرت مصر كما لم تخسر من قبل، ولا يلتقي مصريان إلا على خطّين: الدين إذا توافقا، والتطبيل للحاكم إذا ارتعشا.
اللهم إن مصر الحضارة لم تعش أقتم وأظلم وأعفن وأنتن وأقذر سنوات تاريخها الإعلامي كما هي الآن، فالإعلامي المصري مطلوب منه أن يُكبّر الحاكم أكثر من تكبيره للواحد القهار، ويشترطون على رزقه الحرام أن يمتدح، ويتحدث عن توجيهات فخامة الحاكم وعبقريته في الهزائم، حتى أن المصريين يشعرون بالغثيان منهم، ولكن لا بديل عنهم، فهُم صناعة القصر والمال.
اللهم إنني حزين على جيش مصر الذي يفقد منذ سبع سنوات خيرة شبابه الجنود الطيبين في معارك ضد حزمة من ألفين أو ثلاثة آلاف ارهابي، فيعودون في نعوش من سيناء إلى قراهم وأمهاتهم، وممنوع على المصري أن يتحدث عن قاتليهم، فالكلمة الأولى للحاكم.
اللهم لقد أذل الحاكم جيش مصر وشرطتها واستخباراتها الوطنية العظيمة وجعلهم جميعا في خدمته، ورهن إشارته، وبائعين ومشترين وعقاريين وبزنسيين ومُعذبين لأبناء الشعب، فصمتوا، وبلعوا كرامتهم، فحتى أبناء جيش العبور وكبار الضباط وأحفاد رأفت الهجان أنساهم الحاكم أنهم خدم للشعب وليسوا خدما له.
اللهم لقد شاهدتَ أكبر لصوص مصر وطغاتها ومعذبيها طوال ثلاثين عاما حتى كاد يُفرّغ وابناه خزائن الوطن، فلما غضب أنبياء يناير وخلعوه، أصبح في حماية القضاء الشيطاني، وفساد أربعة رؤساء جاؤوا من بعده فأخفوا جرائمه، وأخفى أمواله، ولما انكشف تواطؤ القضاة على تبرئته نظير ومقابل الله أعلم به، أفرجت المحكمة الأوروبية عن أموال المصريين المسروقة لورثة اللص بعدما خرج الحاكم الحالي في جنازته العسكرية متعمدا إهانة الجيش الصامت على التنازل عن الجزيرتين.
اللهم أنت تعلم أن دعائي هذا لو استرسلت فيه لبلغ الجبال طويلا، وخرق الأرض غضبا، وناح العُمر نوُحا و..نَوْحا، فلابد أن أتوقف، ولابد أن أتمنى على كل من يؤمن بتمنياتي تلك أو ببعضها أو بأقلها أن يعيد إرسالـَها إلى من يهمه أمر أرض الكنانة لعل أنبياء الثورة يُسقطون عليها زهورًا من السماء تحملها ملائكة صمتت عشر سنوات حتى يستيقظ الشعب. اللهم إن هذا أصغر ما في تمنياتي لمصر لعام 2021 فهل يتحقق منها شيء؟ طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين أوسلو في الأول من يناير 2021
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل صحيح أن هناك كفارًا و.. مؤمنين؟
-
غباء أنجيلا ميركل وذكاء السيسي!
-
صناعة المُسلم الأفيوني!
-
الحلُّ السعوديُ لأزماتــِنا!
-
مبروك للمغفلين فالأموال عادتْ للصوص!
-
طائر على طُرق كثيرة!
-
تلك هي هزائمي!
-
لكنهم لا يصدّقون أنَّ اللهَ أكبر!
-
بورتـُريه للمسلم الحديث!
-
أمراض.. أمراض.. أمراض!
-
ماذا نكتب إذا فقد القاريءُ دهشة المعرفة؟
-
معذرة، فليس لديَ وقتٌ أنْ أتعلم!
-
التراشق بالمواعظ!
-
عشر خطوات للدفاع عن رسول الله!
-
لماذا ترفض أن يغتصب أو يختطف المنتقب طفلك؟
-
استعلاء الداخل على الخارج!
-
مفاهيم ليست من إسلامي!
-
لماذا تهاجم الإسلام؟
-
لهذا أكره تغطية وجه المرأة!
-
هل من حق الكاتبِ أنْ يتملكه اليأس؟
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|