أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين مروة - أيغضبهم محو -إسرائيل- من -لاروس-.. ولا يغضبهم محو المعرفة والحرية والكرامة من لبنان؟ *















المزيد.....

أيغضبهم محو -إسرائيل- من -لاروس-.. ولا يغضبهم محو المعرفة والحرية والكرامة من لبنان؟ *


حسين مروة

الحوار المتمدن-العدد: 6774 - 2020 / 12 / 29 - 13:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عددٌ من الصحف، وعددٌ من الأقلام، في لبنان، يضجُّ ضجيجاً متواصلاً، منذ نحو أسبوعيْن، في غضبٍ ثائرٍ هائجٍ مُزبِد، لمجرد أنّ رقابةَ المطبوعات في وزارةِ الأنباء والإرشاد "مسحتْ" خريطةَ "إسرائيل" أو اسمها من القاموس الفرنسي "لاروس"!..


والغاضبون هؤلاء قد أَلبسوا القضيةَ لباساً نسجوه ـ فيما زعموا ـ عن حرصهم على "حرية المعرفة" في لبنان.. فهم قد غضبوا غضبتَهم تلك، إذن، لأنّ مراقبةَ "لاروس" ومحوَ "إسرائيل" من إحدى صفحاته، كانت ـ في دعواهُم ـ نوعاً من الرقابة على "المعرفة" في لبنان!..
فهل هم يغضبون، حقاً، من الرقابة على المعرفة في لبنان؟..
نحبُّ أن نصدِّقَ ذلك، ونحبُّ أن نتجاهلَ السؤالَ الذي يُلحُّ على كثيرٍ من الأذهان في لبنان.. السؤال الذي يقول:
ـ تُرى، أكان يغضبُ هؤلاء كلَّ هذا الغضب، ويضجّون كلَّ هذا الضجيج، لو أنّ "الرقابةَ على المعرفة" هذه المرة نالتْ كتاباً غيرَ "لاروس"، أو نالتْ "معرفةً " غيرَ هذه " المعرفةِ " التي جاءتْ في "لاروس"؟ ...
قلت: نُحبُّ أن نتجاهلَ هذا السؤالَ الآن، لأننا نًحبُّ أن نُصدِّقَ دعوى الغاضبين بأنهم غضِبوا لأمرٍ واحد، هو مجرّد "الرقابة على المعرفة " في لبنان ...
فإذا صدّقنا الدعوى هكذا، صحَّ لنا أن نسألَ الذين هاج بهم الغضب حتى أثاروا هذه الضجةَ العريضة:
أهذه أولُّ رقابةٍ على المعرفةِ في لبنان تبلغُ أسماعَكم أيها الأخوان؟ .. أما بلغتْ أسماعَكم وأذهانَكم، قبل هذه المدة وبعدها، أعمالٌ وتصرفاتٌ من رقابةِ المطبوعات في وزارةِ الأنباء والإرشاد، ومِن أجهزةٍ أخرى، كجهازِ الأمن العام مثلاً، قد صادرت المعرفة، وصادرت حريةَ الفكرِ والرأيِ والقراءة، وصادرت حريةَ الإنسان في كرامته من حيثُ هو مواطنٌ لبناني، ومن حيثُ هو إنسان؟..
عجباً أيها الأخوان! ..
أتراكم تحصرون حرمةَ المعرفة، وقداسةَ الحرية، وكرامةَ الإنسان، في أمرِ كتابٍ واحد اسمُه "لاروس" أو ما هو مِن قبيلهِ في المصدر، وفي أمرِ معرفةٍ واحدة، وحريةٍ واحدة، وكرامةٍ واحدة، تتّصلُ بهذا النوعِ من "المعرفة "، أو هذا النوعِ من "الحرية" أو هذا النوعِ من كرامةِ الإنسانِ القارئ في لبنان؟..
كم مرة أُصلِتَ سيفُ الرقابةِ، أو المنع، أو التمزيق، أو المصادرة من الأسواقِ ومن البيوتِ مع انتهاكِ حرماتِ الفكرِ والناسِ والمساكن ـ كم مرة أُصلِتَ هذا السيف، اعتباطاً، على العديدِ من الكتبِ والصحفِ العلميةِ والأدبيةِ والفكريةِ والفنية في حين أنّ معظمَ هذه الكتب والصحف يجيءُ إلى لبنان من بلدانَ صديقةٍ للبنان، ويحملُ إلى الفكرِ اللبناني صنوفاً من العلمِ والمعرفة والخبرة والتجارب الحضاريةِ التي يزعمُ الزاعمون أنّ لبنان يشرعُ أبوابَه لاستقبالها من أيِّ مكانٍ جاءت، ويفتحُ آفاقَه جميعاً للاستفادةِ منها أو الاطّلاعِ عليها ـ بالأقل ـ ليأخذَ منها ما يصلحُ له وينبُذَ ما لا يُصلح؟ ..
كم مجزرةٍ للكتبِ والفكرِ حدثت في لبنان، وكان سيفُ رقابةِ المطبوعات، أو سيفُ جهازِ الأمن العام، هو الذي يوقعُ المجزرة، أو المجازرَ العديدة.. وكان الضحايا الحقيقية لهذه المجازر: الفكرُ اللبناني، والإشعاعُ اللبناني، وحريةُ المعرفةِ في لبنان، وكرامةُ الإنسان في لبنان؟..
ولكن، كم مرةٍ غضبَ لهذا كلِّه، أو لشيءٍ من هذا كلِّه، أولئكم الذين هاج غضبُهم وهزَّ أعصابَهم، هذه المرَة، محوَ خريطةِ "إسرائيل" أو اسمها من إحدى صفحاتِ "لاروس"؟ ..
ومِن عجَب أنه، حتى حين كان غبارُ الغضبِ والضجيجِ من أجلِ "لاروس" يملأُ خياشمَ قرّاءِ بعض الصحفِ وبعض الأقلام، كان رجال الأمن العام في لبنان يُغيرون على المنازلِ في محلّةِ الطريق الجديدة من العاصمةِ اللبنانية، مدينةِ النور، فيعتقلون شباناً لبنانيين متعلّمين من مستقرِّ حُرُماتِهم المنزلية، ويعتقلون كتبَ المعرفةِ والثقافاتِ الإنسانيةِ الحضاريةِ من مكتباتهم، ثم يقذفون بالإنسان وحريته وكرامته وبكتبِ المعرفةِ وحُرُماتها إلى دهاليزِ الامتهانِ والاحتقار، من غيرِ مسوِّغٍ قانونيّ، ومن غيرِ استنادٍ إلى حق، ومن غيرِ اعتبارٍ لأعرافِ القضاءِ اللبناني ..
من عجب أنّ هذا قد حدث، فعلاً، حين كان غبارُ الغضبِ والضجيجِ من أجلِ "لاروس" يثورُ في جوِّ العاصمةِ اللبنانية، دون أن يُثيرَ عصَباً واحداً من أعصابِ الغاضبينَ الضّاجينَ الهائجينَ من أجلِ ما سمَّوْه "رقابة على المعرفة " في "لاروس"!..
أريدُ أن أسألَ، أخيراً، أولئك الحريصينَ على حريةِ المعرفةِ في لبنان، الغاضبين "لرقابةِ المعرفةِ " في لبنان:
ـ أيُّ الأمريْن أجدرُ بحرصكم وبغضبكم أيها الأخوان: محوُ "إسرائيل" من بعض الصفحات في "لاروس".. أم تلك الأعمال والتصرفات الاعتباطية من لدن جهاز الأمن العام التي تحاولُ محوَ المعرفةِ والحريةِ وكرامةَ الإنسان من لبنان؟..
لعلكم تُجيبون سرّاً أو علانية:
ـ تلك قضيةٌ أخرى.. تلك قضيةٌ تتّصلُ بالشيوعيين، وبالمعرفةِ "الشيوعية"! ...
إذا كان هذا جوابكم، كان لنا أن نسألكم ثانية:
ـ أولاً، هل علمتم أنّ مجازرَ الكتبِ والمعرفةِ والحريةِ الفكرية والإنسانية التي تحدثُ في لبنان دائماً، وفي هذه الأيامِ بنوعٍ خاص، لم تكن قط وليستْ هي اليوم منحصرةً في "الشيوعيين"، ولا في المعرفةِ "الشيوعية"؟..
ـ وثانياً، من هم الشيوعيون اللبنانيون، وما هي المعرفة "الشيوعية"؟..
هل الشيوعيون اللبنانيون سوى فريقٌ من الوطنيين الذين وقفوا حياتَهم وجهدَهم ومعارفَهم وأقلامَهم للدفاع عن استقلال لبنان وكيانِه وحرياتِه وثقافتِه ومطامحِ شعبه الوطنية والديمقراطية والتقدمية.. وهل مَن يتحدّى هذا القول منكراً على الشيوعيين اللبنانيين هذا الواقع الذي يشهدُ له تاريخٌ كفاحي يرجع إلى أكثرَ من ثلاثين عاماً.. فكيف لا تكونُ قضيةُ الحرية والكرامة الإنسانية في لبنان، إذن، قضيةَ الشيوعيين اللبنانيين، لأنها قضيةُ كلِّ الوطنيين اللبنانيين، ولأنها قضيةُ الوطنِ اللبناني المستقل الحريص على استقلاله الذي قوامُه الحرية والديمقراطية ..
ثم، هل ما تسمّونها المعرفة "الشيوعية" سوى قطاعٌ كبيرٌ عريضٌ خصيب من قطاعاتِ المعرفةِ الإنسانية في عصرنا؟.. بل هل هي سوى القطاعُ العلمي والحضاري الذي يؤدّي في عصرنا دورَ الفاعلِ المحرِّكِ لقوى التطوّر والتقدّم والتحرّر، والعاملُ الأكبر، أو الأوحد، في تقريبِ عصر السلام الثابت الدائم على الأرض؟..
فإذا أغلقتم آفاقَ لبنان، وآفاقَ الفكرِ اللبناني والمعرفةِ اللبنانية عن هذه المعرفة التي تسمّونها "الشيوعية" فقد أغلقتم لبنانَ كلَّه، إذن، عن حضارةِ العصر، وكانت دعوى الإشعاع والانفتاح في لبنان، مهزلةَ الدعاوى وأضحوكةَ الزمان ...
إذا كنتم صادقين في حرصِكم على حرية لبنان، وحرية المعرفة في لبنان، فاعرفوا، إذن، أنّ كلتا الحرّيتيْن اليوم في خطر غيرِ "خطر" محو "إسرائيل" من إحدى صفّحاتِ "لاروس"!..

* نُشرتْ هذه المقالة للشهيد المفكر حسين مروة في جريدة "النداء" بتاريخ 14 / 11 / 1962، العدد 1165



#حسين_مروة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء مع -النداء- - 26 تشرين الأول 1980
- في ذكرى الشهيد الخالد فرج الله الحلو .. ما ليس يمحوه الأسيد ...
- الحماسة الصامتة *
- شعوبية، وشعوبيون...
- ليس بالخبز وحده... - تحية إلى ذكرى ثورة 7 أوكتوبر –
- الفَرِحون في العيد ...*
- من قلب، شيكاغو!.
- مقتطفات بمناسبة عيد العمال العالمي
- الموقف والفكر -مهدي عامل-
- ميلاد ... وميلاد
- هذه الشعوب المزعومة ...
- مقتطفات عن -وعد بلفور- المشؤوم
- مجانين ... القدس
- لمن هذه...؟
- الرحلة إلى لبنان الجديد..
- أطفالنا وشكل الوطن!*
- كلمات بسيطة... إلى أمهات المقاتلين


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين مروة - أيغضبهم محو -إسرائيل- من -لاروس-.. ولا يغضبهم محو المعرفة والحرية والكرامة من لبنان؟ *