سعيد أولاد الصغير
كاتب من المغرب
(Said Ouladsghir)
الحوار المتمدن-العدد: 6772 - 2020 / 12 / 27 - 20:50
المحور:
الادب والفن
همـس أبي في أذني مرّة وقـال: « دارَ الزّمن يا ولـدي وأنا العـليـل... فـلم يَبق من العمر سوى القـليـل...! ». دوّى رعـدٌ بداخلي ونطـق... أمطر بأعماقـي خوفٌ وقلق. أحبَبتُ أن أخفّـفَ عنه قـليلا، فمازحته سائلا: « أمولانا حكـمْ...!؟ أم شيخنا زعـمْ... !؟ ». ارتسمتْ على ثـغـره بسمةٌ كالعسل... وردّ على الفـور: « أيْ نعـم...! ». نزل عَـرقٌ من جبينه... حـدّق في عيـنيّ بهـدوء كبير وقـال: « شفّـاف هذا الحجاب... بوُسع الكتاب أن يكشف لك الحساب... ». لحظتها، فهمتُ أبراج الكلام... ولمْ أفـش سِرّه للأنام... وقـبل أن يخلُـد أبي للسّلام، تجـوّل ببصره طـويلاً فـي وجهي، ثـم أوصاني، بعد أن اشتدّ به الكَـرْبُ: « لا تركُـنْ يا ولدي للدّنـيا... وكـنْ للعهـد راعياً... فإن صرت لي ناعياً... فخُـذ كـفّـاً من تُراب، وارْم به على قبري... وادعُ لـي إن كنتَ داعياً...! ». خذلني صبري وجـفّ حلقي... بكيتُ بحرقـة وقـلتُ متحـيّراً: « أبتاه، أمخذولٌ أنت يا عمري أم تـعِـبْ...!؟ إنّي سألتُ الغُراب يوماً عن أسرار الدّفـن... فاحتارَ ولم يُـجـبْ... فكيف أرمي التّراب على قبـر مَن أحـبْ...!؟ ».
#سعيد_أولاد_الصغير (هاشتاغ)
Said_Ouladsghir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟