أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - الليالي العشر...روح للمستقبل والمرح والخير














المزيد.....

الليالي العشر...روح للمستقبل والمرح والخير


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6772 - 2020 / 12 / 27 - 23:33
المحور: الادب والفن
    


يقول الأديب : أنا أبدع دنياي ، جنون الأقمار ملعبي والرؤى غنائي الأبدي. أنا للجمال للحرف المزغرد أرهن ذاتي وثيابي . أنا حرية العصفور وعطر الزهور أرقص في ظلال الغابات وعلى خدود الصبايا دمعة فرح . أجمع الأقمار وألهو بما خلف النهود . شخوصي ينتمون إلى ما وراء الخيال ، أصوغها ، أجمّلها ، أحييها ، أمحوها ، ألهو بها كيف أشاء ، وأسامرها متى أشعر بالملل.
رجال الأدب و العلماء والباحثون يستفيضون في شرح مزايا وأفكار ورؤى عصر النهضة الأوروبية بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر ويروون لنا الحكايات عن تدهور السلطات الروحية ورجال الدين والكنيسة وجمود السلطة الفكرية وتصاعد القلق الديني وظهور الروايات والقصائد والقصص التي تنتقد الوضع القائم كما تروي لنا القصص عن الحروب والجمال والدوقات وعمليات الإصلاح في الكنيسة والمعتقدات وانتشار الطباعة وشيوع الاكتشافات الجغرافية .
ومن بين دنيا واسعة من الأسماء يذكر الباحثون عددا من الأسماء اللامعة في الفلسفة والعلوم والأدب والفن وعلى رأسهم بيكون وغاليلو وكوبرنيكوس ومايكل أنجلو ودافنتشي وسرفانتس وبوكاشيو الايطالي . يمثل كل علم من هؤلاء الأعلام جانبا من روح عصر النهضة الأوروبية لكن ربما كان أقلهم شهرة ولمعانا على مسرح الأدب العالمي الأديب الرائع بوكاشيو فأنت إذا راجعت هذا الاسم وما يحيط به من معلومات وحكايات ستجد نفسك وسط حديقة جميلة غناء فيها ألف نوع من الزهور والرياحين وستجد نفسك وسط حديقة ايطالية لفحت زهورها أشعة الشمس فأضفت عليه جمالا ورونقا خالية من التكلف والصنعة الأدبية والبهرجة الفنية . وربما كانت أجمل القصص التي كتبها مجموعة " الليالي العشر " حيث يعبر فيها عن الروح الإنسانية بأجمل صورها وحالاتها
تبدأ قصص " الليالي العشر " بحكاية وباء الطاعون الذي انتشر في فلورنسا وعموم المدن الايطالية عام 1348 م حيث انتشر الموت في الشوارع وشاعت الأنانية والتحلل من كل فضيلة وبدأ الناس يسيئون لبعضهم البعض ويهربون من المدينة إلى الريف وقد صور بوكاشيو المشهد من خلال سبع سيدات وثلاثة فرسان يهربون مثل كل الناس إلى الريف الايطالي تجنبا للموت فيقيمون حفلة تنكرية يتسلون بها لتمضية الوقت الثقيل . لم يفكر هؤلاء الفتية في مساعدة الناس . كان شعارهم الساخر ليكن ما يكون المهم أنا ومن بعدي الطوفان . لقد كان الطاعون رمزا للأوضاع السياسية والاقتصادية المسيطرة على فلورنسا وعموم ايطاليا في ذلك الوقت . رأت أكثرهن جمالا أن يروي كل واحد من الفتية حكايته كل ليلة وكان عدد الحكايات مئة حكاية في ليال عشر . كان شعار الشخصيات العامة في هذه الحكايات :عش ودع غيرك يعيش .
لقد أراد بوكاشيو من خلال هذه الحكايات إماطة اللثام عن عيوب المجتمع المادي وإزاحة الأقنعة وأن يعري حقيقة الناس أمام أنفسهم . أراد أن ينتقد القلوب السوداء والتعصب الأعمى الذي كان سائدا في عموم ايطاليا . أراد بوكاشيو أن يخلص الناس من هاجس الخوف من الخطيئة الأولى والسقطة الأولى التي امتدت تبعاتها لتغطي الأديان والمعتقدات وتصادر حرية الناس وطوحاتهم في العيش بسلام جسدي وروحي . يريد أيضا أن يخلص الناس من الماضي الذي يحتل مستقبلهم وأن يتسلوا فقط بذكريات الأمس . حكايات يمكن روايتها للناس وتسليتهم بها .
تروي إحدى الحكايات أنه في يوم من الأيام أراد الاسكندر المقدوني أن يحتل العالم وفي أحد الأيام التقى الفيلسوف ديوجين فسأله عن رأيه في حكم العالم . هز ديوجين رأسه ولامه على طموحه الأحمق ثم سأله :
ماذا ستفعل بعد أن تحتل أثينا ؟
قال : سأحتل فارس .
سأله : وماذا بعد فارس ؟
قال : مصر .
سأله : وماذا بعد مصر؟
قال : قال باقي العالم ؟
سأله : وماذا بعد أن تحتل العالم ؟
قال : أجلس وأستريح
هز الفيلسوف رأسه وقال ساخرا : ولم لا تجلس وتستريح مستمتعا بالحياة الجميلة الآن ؟
سأله الاسكندر قائلا : هل من خدمة أقدمها لك يا صديقي ؟
أجاب الفيلسوف : نعم . أريد أن تبتعد عن طريقي لأنك تحجب نور الشمس عني .
كتاب " الليالي العشر " لا يُنسى لأنه سلسلة من الابتسامات الجميلة التي لا تنتهي وأنت تقرأ حكاياته الضاحكة والحزينة على حد سواء .
يقولون في كتب الأدب : يكتب فولتير ليضحك الناس ويخفي دموعه .
أما بوكاشيو فيكتب ليذرف الدموع ويمتعك بالابتسامات وأنت تقرأ سطوره الجميلة .
يريد بوكاشيو في كتابه أن يقدم فكرة الحب والتسامح بحلة جديدة التسامح الواسع الذي يشمل كل مناحي الحياة من خلال حكاية لها رمزيتها فقد أتاه دوق مونت كارلو الجشع وقال له اقترح لي نقشا لمنزلي الجديد ....فأجابه بدون تردد انقش على منزلك رسم التسامح لأنه أثمن ما في الوجود .
اليوم سورية وطني الجميل الذي تعرض لكل صنوف الاهانات من أبناء شعبه ذاتهم ما أحوجه للنسيان والتسامح والمحبة. وعلينا جميعا أن نقف أمام أنفسنا بخشوع أن نسأل أنفسنا السؤال الأوحد : ألا يكفي كل هذا النزيف من الدماء ألا يجب أن يعود الوعي للسوريين ويدركوا أن سورية هي أغنى بلد في العالم وأجمل بقعة في هذه الدنيا وعلينا أن نحافظ عليها وعلى تعدديتها الثقافية والدينية ؟



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيطان ثم ملاك
- الاقتصاد بعد عقد من الزمن العقد
- العناق تجربة وأي تجربة
- سورية وأولويات الإدارة الأمريكية الجديدة
- التعليم عن بعد بين الايجابيات والسلبيات
- طريق الحرير و استراتيجية البحار الأربعة في سورية
- على طريق الغفران
- الأنظمة الاقتصادية الدولية وأنواعها
- سأحبك أكثر...للشاعرة اللبنانية مادونا عسكر
- الظهور الثاني The Second Coming للشاعر وليم بتلر ييتس WILLIA ...
- هذي الحياة..للشاعرة اللبنانية مادونا عسكر
- التنبؤات الاقتصادية العالمية لعام 2021
- مفاهيم اقتصادية
- الرئيس جو بايدن والشرق الأوسط
- النجاح ومعانيه
- أغنية لشجرة الزيتون
- الاقتصاد الموازي في الميزان
- كأني إذ مدحتك قد هذيت
- نحو حب غير مشروط
- رسائل -قلب الظلام-


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - الليالي العشر...روح للمستقبل والمرح والخير