|
من قتل فائزة … ؟ ( قصة قصيرة )
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6772 - 2020 / 12 / 27 - 15:17
المحور:
الادب والفن
فائزة امرأة غادرها ربيع العمر ، واوشك جمالها الذي يسابق الزمن على الافول ، ولم يبقى منه الا بصيص ذبالة تحتضر .. لكن الباقي منه كان كافيا لآخر مغامرة في العمر المزدحم بصخب الحياة ، ونزقها … كانت طفلة متاخرة لابوين ثريين ، عاشت في كنفهما في عز ، ودلال … عندما شبت كرست حياتها ، وثروة ابيها الطائلة لحياة مترعةً باللهو ، والعبث .. فكانت تتنقل من حضن لآخر ، ومن مغامرة فاشلة لأخرى حتى ملت ، وشبعت من حياة السهر ، والمجون ، فقررت بعد الحاح من الاهل ، والاصدقاء ان تستقر ، وتبدء حياة جديدة … لم تجد من يقبل بها زوجةً ، ويطمئن على نفسه ، ومستقبله من هفواتها ، واستهتارها .. الا شابا عاطلا كسولا .. سمينا رخواً استطاعت الخاطبة اقناعه بسهولة فاثمر زواجهما الممل عن بنين ، وبنات … اكبرهم اسامة في الثانوية يخطو في الحياة خطوات ناجحة ، ويتخطى مراحل الدراسة قفزا … الزوج خانع مطيع لا يخرج عن طوعها ، وامرها .. مع ذلك فقد كانت تشكو الرتابة ، والضجر ، وعدم الشبع بسبب عجزه عن اشباع نهم جسدها الفوار ، وتوعز ذلك الى كسله ، وسمنته المفرطة ! حتى جاء يوم جمعتها الصدفة فيه بشعبان … رجل على جانب كبير من الاناقة ، والوسامة ، والرجولة .. يصغرها بسنوات ، ومن اللحظة الاولى احست بدبيب شئ مجهول يتسلل الى اعماقها لم تشعر به من قبل ، لا مع عشاقها السابقين ، ولا مع زوجها المسكين الراكن في البيت كخرقة بالية ، والذي استسلم لها ، وذاب في ارادتها منذ زمن بعيد ، هانئاً مطمئناً بعد ان تصور ان العمر قد فات على جنوح ، يُفسد حياتهم التي عمها الهدوء ، والاستقرار . عشقت هذا الرجل بجنون … وبدءت على الفور طوافها حوله لايقاعه في شراكها بذلك الحس ، والدهاء النسائي الماكر … غيرت هيئتها ، واحسنت منها ، واستعدت للقائه بعد ان عرفت بانه يعمل سمساراً ، فعرضت عليه ملكا قديما لها للبيع … تكررت الزيارات ، وتعانقت النظرات ، وتلامست الايدي ، فطلب منها يوما ان تريه العقار ليكون على بينة من تفاصيله … كان البيت فارغا مهملا ، فتم التفاهم بين رجل لم تقترب منه امرأة من هذا النوع النادر ، الى هذا الحد طوال حياته ، وامرأة جسدها مازال متفجرا بشوق عارم للحياة ، وفي اقصى درجة من درجات الجوع … يفح نارا ، ورغبة … فتوحدت رغباتهما معا ! أفردت فائزة شقة صغيرة من املاكها ، واثثتها اثاثاً جديدا ، وحديثا ، لتكون عشا لشهوتهما ، وانهمكت في مجريات حياتها الجديدة غير مبالية ، كأن الدنيا كانت نائمة عنها .. كان شعبان سكيرا يكثر من الشرب ، ولا يرتوي ظمأه كأنه بئر بلا قاع .. لا يمنعه شئ من ضربها عندما يشتد عليه السكر … ومع هذا لا تتورع من قضاء جزء من الليل معه ، واحيانا كله غائبة عن كل ما حولها ، في ليالٍ حمراء تذكّرها بالماضي البعيد ! كانت تشعر بانه رجلها الذي ملأ عليها الدنيا ، والذي بحثت عنه في مخيلتها طويلا … يدفعها جنونها احيانا الى ان تعود الى بيتها مبللة بعصارة جسده ، وبقايا عرقه .. دون ان تعير اي اهمية لزوجها الذي بدء يشعر بان ما كان يخافه قد حدث .. عادت يوما فوجدت صورتها ممزقة … وكأن من مزقها اراد ان يقطِّع اوصال ملامحها ، ويقتل ابتسامة البراءة الزائفة التي كانت ترتسم على محياها ! سرعان ما تحول الحلم الدافئ الى كابوس … اخذ شعبان يبتزها كلما حانت الفرصة لذلك ، بعد ان عرف انها فاحشة الثراء … ثم اخذ يتهرب منها بعد ان اخذ نصيبه كاملا من جسدها ، وأطفأ جوعه اليها … اما هي فلم تشبع ، ولم تخبُ عاطفتها بعد ، وكأنها قد عادت بالحياة القهقرى الى ايامها الاولى … تدرك بانها تستطيع الحصول على ما تحتاجه مادامت تملك ثمن ما تريد ، فكل شئ بثمن ! كثرت المشاكل بينها وبين زوجها ، وتحول البيت الى جحيم لا يحتمل ، ولاول مرة بدء يشكو من حياته معها ، متبرما مما سماها بالحياة المهينة ، حتى توسل اليها يوما ان ترحمه من الفضيحة ، وذكّرها بسنها ، ومسؤولياتها تجاهه ، واتجاه اولادها الذين كبروا ، وامام الناس ان تثوب الى رشدها ، وان تقتلع هذا الجنون من رأسها ، ولعن اليوم الذي رآها فيه .. لقد وجد نفسه امام شئ لا يمكن منعه ، وان لا جدوى من الكلام ، فاخذ ينظر اليها بعينين ممتلئتين بغضا ! حتى ابنها شعر بتغيبها المستمر ، وخروجها الغير مبرر بمناسبة ، ودون مناسبة ، فواجهها يوما … موجها اليها كلمات كالخناجر لم تعتدها منه سابقا … لقد أثر هذا الجو الملوث على مستواه الدراسي ، فتراجعت درجاته بعد ان كانت في اعلى مستوياتها ! ادعت … كأنها تقرر حقيقة واقعة ، بانها تراعي مصالحها ، واملاكها التي يعيشون جميعا عيشة ملوك على عوائدها ، وان المال الذي يسيل فيضانا تحت اقدامهم لن يكون من دون هذه العوائد … يئس الاب ، والابن كما يبدو من اصلاح اعوجاجها ، فاستسلما في النهاية للهزيمة ، ثم هدئا ، واستكانا … كانت تؤمن بان دخول شعبان الى حياتها قدراً لا يمكن منعه ، رغم علمها باستغلاله لها مستفيداً من نقطة ضعفها ، ومتكأً على فحولته سلاحا فعالا .. مستخدما كل طاقة الحياة الكامنة في جسده لتحقيق ما يصبو اليه .. ! حتى كان يوما وجدوها فيه مقتولة مجللةً بعارها ، ومرميةً في العراء ، في مكان لا يبعد كثيرا عن بيتها ، وقد طُعنت عدة طعنات اودت بحياتها … توصلت الشرطة الى ان قاتلها كان معروفا لها .. لانها كما يبدو من تحليل الشرطة لم تبدي اي نوع من المقاومة ! ترى من قتل فائزة ، ام هي قتلت نفسها بتصرفاتها … ؟
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الظاهرة الترامبية العابرة … !
-
انتفاضة تشرين … مخاض أملٍ جديد ! ( قصة قصيرة )
-
غرباء في هذا العالم … ! ( قصة قصيرة )
-
حُلمٌ … مخجِّل ! ( قصة قصيرة )
-
من هنا مرّت فاطمة … ! ( قصة قصيرة )
-
القمار ، وعواقبه … ! ( قصة قصيرة )
-
التطبيع خيار سلام … ام مشروع فتنة ؟!
-
جنون ، وضياع … ! ( قصة قصيرة )
-
الشعوب العربية … آخر من يعلم ، وآخر من يهتم !
-
المصالحة الفلسطينية … الحلم !
-
هل اصبحت الحرب مع ايران قدرا … لا مفر منه ؟
-
عودٌ على بدء … !
-
هل يمكن ان يعيد التاريخ نفسه في 2024 ، ويفوز ترامب !
-
هل يمكن ان تكون الانتخابات الأمريكية … مزورة ؟
-
هل يمكن ان تأمن لصداقة قوم … الخير فيهم هو الاستثناء ؟!
-
آمنت لك يا دهر … ورجعت خنتني !
-
باي باي … ومع الف شبشب !
-
هل اصبح الاسلام ، والمسلمون شوكة في حلق الغرب ؟
-
الاديان … بين نصف العقل ، واللاعقل !
-
رد الفعل الفرنسي الانثوي سيكون وبالا على فرنسا !!
المزيد.....
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
-
إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|