أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - استثمار التطرف التركي – الايراني؟















المزيد.....

استثمار التطرف التركي – الايراني؟


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6770 - 2020 / 12 / 24 - 17:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التطرف يلازم أغلب المجتمعات، لكن يبدو انه عبر التاريخ كانت المجتمعات التي تلقت أمطارا من الأيديولوجيا، وخاصة تلك التي سقطت من السماء وحفزت مجتمعاتها على التوهم بتلقي واكتشاف الحقيقة المطلقة، كالمجتمعات الدينية على سبيل المثال، التي تظل مجتمعاتا أكثر قابلية للسلوك المتطرف، سواء على الصعيد الاجتماعي، أو السياسي العام. لذلك لا تخلو جذور دولتي تركيا وايران الراهنتين من التطرف، فقد تأسس نظام الحكم فيهما على أرضية قومية – دينية اسلامية، وذلك بدرجات من المبالغة والتشدد المتباينتين، بحسب مستلزمات الحروب والصراعات التي أنتجت هاتين الدولتين وأسست لهما، وكذلك يترابط سلوك حكامها المتطرف بدرجة التوترات التي كانت تحيط بأنظمة الحكم فيهما.
تركيا وايران دولتان تأسستا على أرضية التخندق وثقافة التطرف منذ أمد بعيد، ومازالت ثقافة التطرف تفرض حضورها الثقيل بدءا برموز علم البلدين، وانتهاءا بتصدر شخصيات سياسية وعسكرية متشددة الخط الأمامي في الجبهتين السياسية والعسكرية، اذ تمارس هذه الشخصيات تطرفا فكريا وسياسيا لتحقيق منجزات مؤقتة، ولتمرير برامج وايديولوجية محددة. قبل سنوات قليلة ساهمت ادارة الديمقراطيين بقيادة أوباما بعد عام 2008 في التشجيع على الانعطافة الإسلامية لكلتا السلطتين، وإن جاءت أمريكياً وأوربياً تحت عنوان ملتبس هو التشجيع على (الإعتدال الاسلامي ولإفساح المجال أما أحزاب وتيارات الاسلام السياسي لترسيخ مواقعها في سلطة البلدين).
وعلى الرغم من اشكالية هذا التوجه، فلم تحقق سلطات البلدين توقعات بعض منظري السياسة الأمريكيين والأوربيين، إذ لم تمارس سلطات انقرة وطهران أي اعتدال سياسي تحت رداء الاسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني، بل سعت الأوساط النافذة في طهران وأنقرة لتعزيز مواقع المنظمات الاسلامية التابعة لها ضمن ساحات الصراع مع الجهات الأخرى، حتى بات من البديهيات أن سلطات انقرة وطهران تدعم عشرات الجماعات المتشددة والمسلحة في كافة ارجاء العالم.
هل حدث ذلك مصادفةً؟ لا بالتأكيد، ولكنه لم يكن مخططا محكما ولا مؤامرة متقنة، سوى أنها محاولة لتوظيف سلطات غير شرعية، ودكتاتوريات تجتر مشروعيتها من الماض القومي حينا، ومن التمثيل المذهبي الاسلامي حينا آخر. لقد بينت التجارب في عالمنا المعاصر أن الدول التي تأسست على المشروعية القومية تسبب معضلات مزمنة لمجتمعاتها و للجوار، كما أن تلك التي تتبنى المشروعية الدينية تظل معضلة عالمية، فصلب مشكلة العالم المعاصر مع سلطات طهران وأنقرة في هذه المرحلة تكمن في أنهما يمزجان المشروعيتين والخطابين الديني والقومي، وهذا الاستثناء يشكل مدخلا لتفجير المزيد المشكلات، وحتى الحروب مع العديد من الشعوب والدول القريبة والبعيدة من جغرافيتهما، وما حرب تركيا عبر دعمها لأذربيجان ضد أرمينيا، واحتلالها لمساحات واسعة من شمال سوريا، إلا مقدمة مشجعه لها على خوض حروب قادمة.
من المتوقع لنظامين سياسيين يخلطان خرافات الماضي بالسياسات المعاصرة، وتتداخل عندها عمليات تخصيب اليورانيوم بالمهدي المنتظر، وكذلك العثمانوية الاستبدادية الميتة بالطموحات الكولونيالية التركية الجديدة، لذلك من المفترض والمتوقع لكل هذا الكوكتيل الأيديولوجي والسياسي المتنافر التركي - الايراني أن يكون مقدمة لنتائج متفجرة وكارثية على العديد من المجتمعات الاسلامية والساحات الاقليمية. فقد دفعت ضريبتها وستدفع العديد من الدول والمناطق كوارثا وتناحرا.
وما الانهيار في النظام العربي، والاستسلام المريب للإرادة الاسرائيلية والأمريكية بدءا من الامارات، و وصولا الى المغرب، إلا أحد هذه النتائج، فضلا عن أن هذه السياسات القلقة قد تسببت في حصد الملايين من الضحايا، سواء كجرحى ومعوقين، أو قتلى ومشردين في المجتمعات العربية، و حتى في العديد من المناطق والدول الاسلامية البعيدة عن بؤر الصراع في الشرق الأدنى.
ما يمكن التكهن به في قراءة مستقبلية واستشراف أولي، أنه لن تبقى ايران وتركيا بمعزل عن تأثيرات السياسات المتطرفة لحكامها، لا شك ان مجتمعات تركيا وايران دفعت أيضا ضريبة هذه السياسات المتشددة البعيدة عن مطالب واحتياجات جماهيرها وابناء شعوب المنطقة، لكن قد تسبب الشحنات الأكثر تطرفا للحكام الشعبويين في ايران وتركيا ضررا بالغا ومباشرا على شعوبها، وقد نشهد أحداثا تؤثر سلبا على الحكام انفسهم وانظمة الحكم في انقرة وطهران لن تبقى بعيدة عن التصادم المباشر بينهما، اذ جاءت تصريحات وأشعار اردوغان القومية الحماسية في العرض العسكري الذي جرى في باكو يوم الجمعة 11/12 /2020، والذي تغنى بصيغة أو أخرى بمجد الشعب الآذري التركي، وحرض على الوحدة بين اذربيجان المستقلة حاليا واذربيجان الداخلة ضمن حدود ايران وتكوينها السياسي الراهن.
لقد سببت أشعار وفيض أحلام أردوغان القوموية أزمة دبلوماسية بين البلدين وردود فعل سياسية ونخبوية حادة في ايران، لدرجة أن جاءت عناوين الصحف الايرانية في اليوم التالي قوية وتحريضية ضد أردوغان وتركيا، فضلا عن استدعاء كل منهما لسفير الدولة الأخرى.
قد يكون هذا الحدث سحابة عابرة كما وصفها العديد من المحللين، لكن يمكن الافتراض بأن التطرف الدافع لقوة سلطة كل من أنقرة وطهران، قد تسبب تصادما بينهما بعد أن وزعوا عنفهم وجيوشهم وحروبهم، ووجهوا نيران أسلحتهم على رقعة واسعة من دول المنطقة، "فالنار قد تأكل بعضه إن لم تجد ما تأكله" كما قيل سابقا.
هل هذه الحكمة هي التي تكبل الاوربيين والأمريكيين؟ وحتى الروس، ويتنظرون أن تأكل نيران تركيا وايران أجساد حكامها، أم أن توظيف التطرف القومي والمذهبي لدى الحكومتين مازال قيد الاستثمار، وفي منتصف الطريق؟ حيث نجحت كل من اسرائيل وبعض الدول في الغرب الأوروأمريكي تماما في الاستثمار ضمن سياسات التطرف لكلا البلدين. وحققت ما تريد في العالمين العربي والاسلامي بشكل فاق التوقعات.
صحيح أنه قد هز بيت شعر واحد عرش طهران، وعم الاضطراب الكيان الايراني، فردة فعل حكام طهران على أردوغان أكبر وأبعد من قصيدة شعر، أنه تعبير عن الهشاشة المفرطة والقلق المزمن. لكن تركيا ليست حصنا منيعا في الطرف المقابل.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (2)
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (1)
- ابداعات وعقد ليوناردو دافنشي
- الحاجة للخديعة والحنين للحماقات
- عبثية الحروب في رواية كهرمان
- غرق مدينة أم تدمير حضارة
- الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء
- متى تستغني الجبال عن السلاح؟
- نحو رسم ملامح المدرسة المعمارية السورية
- دولة المجاز والجماجم ...من ماردين الى عفرين
- مقاربة جديدة لمسألة الهوية والخصوصية في العمارة السورية
- هل ولد الكتاب المقدس في بابل؟
- لماذا تنعطف أمريكا نحو اليسار؟
- الحرب الأمريكية الإيرانية المؤجلة
- بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات
- المطلوب نقد ومراجعة لدور الحركة الكوردية في سوريا
- لماذا حلف أردوغان يشكل العدو الأول لشعوب المنطقة؟
- منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!
- إئتلافيّون أم أنفاليّون جدد في عفرين؟
- غصن الزيتون أم شجرة الاستيطان؟


المزيد.....




- إغلاق المخابز يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ومقتل وإصابة أل ...
- هل يهدد التعاون العسكري التركي مع سوريا أمن إسرائيل؟
- مسؤول إسرائيلي: مصر توسع أرصفة الموانئ ومدارج المطارات بسينا ...
- وزارة الطاقة السورية: انقطاع الكهرباء عن كافة أنحاء سوريا
- زاخاروفا تذكر كيشيناو بواجبات الدبلوماسيين الروس في كيشيناو ...
- إعلام: الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات صارمة على السفن التي ...
- الولايات المتحدة.. والدة زعيم عصابة خطيرة تنفجر غضبا على الص ...
- وفاة مدير سابق في شركة -بلومبرغ- وأفراد من أسرته الثرية في ج ...
- لافروف يبحث آفاق التسوية الأوكرانية مع وانغ يي
- البيت الأبيض: ترامب يشارك شخصيا في عملية حل النزاع الأوكراني ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - استثمار التطرف التركي – الايراني؟